ملخص
يواجه الرئيس التنفيذي الجديد للشركة الأميركية كيلي أورتبرغ، الذي تولى مهام منصبه الأسبوع الماضي، مهمة شبه مستحيلة لإعادة "بوينغ" إلى موقع الريادة
عززت الصفقات التي أعلنت في معرض "فانبوره" للطيران في بريطانيا نهاية يوليو (تموز) الماضي مكانة شركة "إيرباص" الأوروبية لصناعة الطائرات في سوق الطيران المدني على حساب منافستها الأميركية "بوينغ".
واحتلت الشركة الأوروبية الريادة في السوق بعدد طائرات في الخدمة من صنعها منذ أكثر من أربع سنوات، ومنذ ذلك الحين فشلت كل محاولات نظيرتها الأميركية اللحاق بها.
وفي الأعوام الأخيرة منيت "بوينغ" بسلسلة من الكوارث المتعلقة بالسلامة جعلت إمكانية عودة حصتها من السوق في غاية الصعوبة، إذ كانت الشركة الأميركية تتقدم على نظيرتها الأوروبية من قبل.
ويواجه الرئيس التنفيذي الجديد للشركة الأميركية كيلي أورتبرغ، الذي تولى مهام منصبه الأسبوع الماضي، مهمة شبه مستحيلة لإعادة "بوينغ" إلى موقع الريادة كما خلص تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، التي قالت "سيتعين على الرئيس الجديد أولاً العمل على استعادة الثقة في الشركة بعد سلسلة من حوادث الطائرات من إنتاجها، منها ما أدى إلى مئات الضحايا ومنها من لم يؤد إلى ضحايا لكنه كشف عن أخطاء صناعة كارثية".
إلى ذلك تحتكر شركتا "إيرباص" و"بوينغ" صناعة طائرات الركاب في العالم، إذ إن آلاف الطائرات التي تسيرها شركات الطيران حول العالم من صناعة إحدى الشركتين في الغالب الأعم.
وتواجه الشركتان حالياً صعوبة في تلبية الطلب الصاعد على الطائرات نتيجة اضطرابات سلاسل الإمداد، إذ قالت المحللة في شركة أبحاث السهم "ألفا فاليو" سايما حسين إن شركة "بوينغ" في وضع أكثر صعوبة من "إيرباص"، مضيفة أنه "في وقت تزيد فيه ’إيرباص‘ حصتها في السوق تحاول ’بوينغ‘ بصعوبة أن تتعافى".
كوارث وأخطاء
منذ عام 2019 أصبحت "إيرباص" للمرة الأولى في مقدمة سوق توريد طائرات الركاب حول العالم مزيحة "بوينغ" عن تلك المكانة التي احتلتها لزمن طويل، إذ أنتجت الشركة الأوروبية وسلمت لعملائها منذ ذلك الحين 3800 طائرة ركاب من طرز مختلفة، بينما أنتجت "بوينغ" وسلمت نحو 2100 طائرة.
وتفاقمت مشكلات الشركة الأميركية مع كارثتي تحطم طائراتها عامي 2018 و2019 بمن عليها من ركاب، وأدى ذلك إلى حظر تسيير طائرات الشركة "737 ماكس" في أنحاء العالم لمدة عامين، ثم في مطلع هذا العام وتحديداً في يناير (كانون الثاني) الماضي، انفصل جزء من جسم طائرة "ماكس" وهي تحلق على ارتفاع 16 ألف قدم.
ومع أن تلك الحادثة الأخيرة لم تسفر عن وقوع ضحايا فإنها كشفت عن عيوب وأخطاء صناعة جعلت سلطات الرقابة والجودة في الولايات المتحدة تفرض قيوداً على الشركة وتطالبها بإعادة النظر في معايير التصنيع، ودفع ذلك الشركة إلى تغيير قيادتها العليا بما فيها الرئيس التنفيذي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي يومه الأول من العمل في الأسبوع الماضي أرسل أوتبرغ رسالة لكل العاملين في الشركة قال فيها "بينما ما زال علينا القيام بعمل كثير من أجل استعادة الثقة، إلا أنني واثق من أنه بالعمل معاً سنعيد الشركة إلى موقع الريادة في هذه الصناعة كما نتوقع كلنا".
في مقابل كوارث وأخطاء "بوينغ" شهد معرض الطيران في "فانبوره" إعلان الشركة الأوروبية موافقة سلطات الطيران الأوروبية على طراز جديد للشركة، الطائرة "أي 321 إكس أل آر".
كانت "بوينغ" تعمل على تطوير طراز مماثل لطائرة جديدة من إنتاجها، لكنها اضطرت إلى وقف المشروع بعد الكوارث والأخطاء المتلاحقة.
وتلقت "إيرباص" بالفعل حجز طلبيات لأكثر من 500 طائرة من هذا الطراز الكبير الجديد. وقال المحلل في البنك الاستثماري "تي دي كوين" كايفون رمور إن "هذا العدد هو نجاح أكبر من المتوقع ومما كان يمكن التفكير فيه"، مستدركاً "ليس لدى ’بوينغ‘ ما تفعله للأسف".
زيادة الطلب
ومنذ تعافي قطاع السفر الجوي في أعقاب إغلاقات أزمة وباء كورونا، زاد طلب شركات الطيران حول العالم على الطائرات الجديدة لمواجهة الزيادة في أعداد المسافرين، ففي يوليو الماضي تلقت "إيرباص" طلبيات لنحو 386 طائرة من طرز مختلفة، بينما تلقت "بوينغ" طلبيات لنحو 228 طائرة.
في ندوة على هامش معرض "فانبوره" الشهر الماضي، طرح الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية الهندية (إير إنديا) كامبل ويلسون سؤالاً قائلاً "هل الوضع مثير للإحباط؟"، ليجيب "نعم بالطبع فنحن نحتاج إلى مزيد من الطائرات وبسرعة، وبكل تأكيد كلنا في المركب نفسه، وكلنا نعاني". لكن الشركتين الرائدتين عالمياً في قطاع صناعة طائرات الركاب تواجهان صعوبات في تلبية ذلك الطلب المتزايد على الطائرات الجديدة مع انتعاش السفر الجوي.
وخلص تحقيق "نيويورك تايمز" إلى أن مصائب "بيونغ" ليست بالضرورة فوائد لمنافستها "إيرباص"، إذ إن سلاسل الإمدادات للشركتين متداخلة، وهناك كثير من الشركات المنتجة لأجزاء الطائرات ومحركاتها تورد للشركتين العملاقتين معاً، لذا حين تتدهور إحداهما تعاني الأخرى أيضاً اختناقات سلاسل التوريد. فعلى سبيل المثال تشهد عمليات الإنتاج في "إيرباص" تأخيراً بسبب تأخر حصولها على المحركات من شركة "سي أف أم"، وهي شركة مشتركة بين "جنرال إلكتريك" الأميركية و"سافران" الفرنسية لمحركات الطائرات، هذا فضلاً عن تأخر أيضاً في توريد معدات الهبوط وبعض مقاعد الطائرات. أما "بوينغ" فبسبب مشكلاتها المتراكمة في السنوات الأخيرة فهي تشهد باستمرار تأخيراً، وأحياناً إلغاء طلبيات، ويقدر التقرير أن الشركة الأميركية ربما كانت في حاجة إلى نحو 10 سنوات في الأقل قبل أن تستعيد عافيتها، فضلاً عن منافسة نظيرتها الأوروبية.