ملخص
تمكن الجيش الجزائري خلال عام 2023 من توقيف 2723 تاجر مخدرات وإحباط محاولات إدخال 573 قنطاراً من الكيف المعالج عبر الحدود وحجز أكثر من 86 كيلوغراماً من الكوكايين و11.6 مليون قرص مهلوس.
باتت ظواهر ترويج واستهلاك والاتجار بالمخدرات والمهلوسات تطبع المشهد في الجزائر بصورة مخيفة، الوضع الذي حرك جميع المصالح الأمنية والجهات الرسمية والمجتمع المدني لمواجهتها.
وتبقى حالات الوفيات التي نُشرت على مختلف وسائط التواصل الاجتماعي إضافة إلى الكميات الضخمة من المخدرات تثير جدلاً واسعاً حول المستقبل.
أرقام صادمة
وكشفت المديرية العامة للأمن الوطني في الجزائر أن عناصر مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات تمكنت من ضبط كميات من الهيروين والكوكايين وأكثر من 7 ملايين قرص مهلوس، وطن و869 كلغم من القنب الهندي، خلال الأربعة أشهر الأولى من عام 2024.
وأضافت المديرية في بيان أنه جرى خلال عام 2023 حجز أكثر من سبعة أطنان من القنب الهندي، و169 كلغم من الكوكايين، مقارنة بعام 2022 حين ضُبطت كميات ضخمة تقدر بـ5100 كلغم من القنب الهندي و25.6 كلغم من الكوكايين و8.5 كلغم من الهرويين و7 ملايين قرص مهلوس.
من جانبها قالت وزارة الدفاع الجزائري إن وحدات الجيش تمكنت خلال الأسبوعين الأخيرين فقط من مايو (أيار) الماضي، اعتقال 78 تاجر مخدرات وحجز 904 كيلوغرامات من الكيف المعالج عبر الحدود الغربية و117 غراماً من مادة الكوكايين وأكثر من 498 ألف قرص مهلوس.
بينما تمكن الجيش خلال عام 2023 من توقيف 2723 تاجر مخدرات وإحباط محاولات إدخال 573 قنطاراً من الكيف المعالج عبر الحدود وحجز أكثر من 86 كيلوغراماً من مادة الكوكايين و11.6 مليون قرص مهلوس.
تحذير عسكري من المنحى التصاعدي
الأرقام التي يتم تداولها تشير إلى ما يتم حجزه وضبطه، لكن يبقى ما يُمرر من طرف الشبكات الإجرامية وتنجح في ترويجه يثير مخاوف الجميع، لا سيما أمام الارتفاع الملحوظ في ترويج واستهلاك المخدرات الصلبة، مثل الكوكايين والهيروين وذلك ما دفع رئيس أركان الجيش السعيد شنقريحة إلى التشديد على أن القوات ستبقى بالمرصاد لكل من يقف وراء ظاهرة تهريب المخدرات والمهلوسات إلى الجزائر، معتبراً هذه الأعمال الإجرامية "ضمن المؤامرات الدنيئة التي تحاك ضد بلاده".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذر شنقريحة من "المنحى التصاعدي المريب والخطر لظاهرة تهريب المهلوسات بكل أنواعها إلى بلادنا". وقال إن "من بين أخطر التهديدات التي تواجهها بلادنا اليوم هي تلك المحاولات الدنيئة لإغراقها بجميع أنواع المخدرات والمهلوسات من أجل الإضرار بالصحة الجسدية والنفسية للقوى الحية للأمة، المتمثلة في شبابها ومحاولة إحباط معنوياتهم ودفعهم إلى الإدمان والجريمة".
وأضاف، "نولي أهمية خاصة لمحاربة هذه الظاهرة الخطرة التي لن نتسامح أبداً مع باروناتها وسنبقى بالمرصاد لمن يقف وراءها أو يمولها أو يدعمها، كما سنظل على استعداد دائم للتصدي لها من خلال تعزيز تشكيلاتنا العسكرية والأمنية على طول حدودنا".
ارتفاع الكوكايين 200 في المئة
وفي السياق قالت مديرة الوقاية في الديوان الجزائري لمكافحة المخدرات وإدمانها غنية مقداش في تصريح للإذاعة الجزائرية إن تعاطي الكوكايين في البلاد ارتفع 200 في المئة منذ عام 2022، فيما زادت نسبة استهلاك المهلوسات الأخرى 100 في المئة، موضحة أن تحقيقات ميدانية أكدت أن الاستهلاك صار باكراً إذ جرى ضبط مؤثرات عقلية في المدارس الابتدائية.
وأشارت مقداش إلى أن الإدمان صار تهديداً للأمن والصحة العمومية، داعية إلى الوقاية وضرورة تحصين المراهقين وتحلي العائلات بالفطنة واليقظة، مع حرص السلطات الحكومية على حماية محيط الأطفال والفتيان.
عوامل متداخلة
من جانبه يرى الحقوقي آدم مقراني في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن الظاهرة تعود لعوامل عدة متداخلة إذ تلعب الأسباب الاقتصادية والاجتماعية دوراً محورياً، إذ تفاقمت معدلات البطالة والفقر مما دفع الشباب نحو البحث عن مصادر دخل بديلة، وللأسف قد يجد البعض في تجارة المخدرات مخرجاً مربحاً، مضيفاً أن العوامل الجغرافية والسياسية تسهم أيضاً في تسهيل الاتجار بالمخدرات، إذ تقع الجزائر في منطقة استراتيجية تربط بين أفريقيا وأوروبا، مما يجعلها نقطة عبور رئيسة لشبكات التهريب.
ومن الناحية الاجتماعية ترتبط زيادة تعاطي المخدرات بتفكك الروابط الأسرية والاجتماعية، إذ أصبح الشباب أقل ارتباطاً بالقيم التقليدية وأكثر عرضة للتأثر بالثقافات الغربية التي قد تروج للتحرر من القيود بما في ذلك تجربة المواد المخدرة يوضح مقراني، مشيراً إلى أن النقص في البرامج التعليمية والتوعوية الفعالة حول أخطار المخدرات يسهم في استمرار هذه المشكلة.
أما بالنسبة إلى الآثار على المجتمع، فهي متعددة وخطرة إذ يؤدي ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات إلى تزايد الجرائم، بما في ذلك العنف والسرقات، كذلك تسهم المخدرات في تدهور الصحة العامة، إذ تزيد من حالات الإصابة بأمراض مزمنة وتفاقم من معدلات الوفيات المبكرة، مشدداً على أن الخطوة التي تشكلها المخدرات على النسيج الاجتماعي، يقوض الاستقرار ويعوق التنمية المستدامة للمجتمع.
معالجة شاملة
ويواصل الحقوقي أن الوضع يتطلب معالجة شاملة تشمل الأبعاد الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية لضمان تحقيق نتائج فعالة ومستدامة، ومن بين الحلول تشديد الرقابة على الحدود وتكثيف الجهود لتفكيك شبكات التهريب والاتجار بالمخدرات، مع تحسين التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة هذه الشبكات، مضيفاً أن المعالجة الاقتصادية مهمة مثل توفير فرص عمل للشباب ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بالتالي تقليل العوامل التي قد تدفع بعض الشباب نحو تجارة أو تعاطي المخدرات.
كما أن تنفيذ برامج توعوية في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام لتثقيف الشباب حول أخطار المخدرات والمهلوسات على الصحة والحياة الاجتماعية، في شأنه التقليل من الظاهرة، إضافة إلى اعتماد شهادات المتعافين للتشجيع على تطليق دائرة الاستهلاك.
وأوضح مقراني أن تفعيل دور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، وكذلك المشاركة في رصد وتقييم السياسات الحكومية في هذا المجال ضروري إلى جانب مراجعة القوانين باتجاه التوازن بين الردع والعلاج.
نسبة نسائية
وكشفت دراسة أجراها الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان أن أكثر من 3 ملايين جزائري يستهلكون ويتعاطون المخدرات، بما في ذلك الأدوية ذات التأثير العقلي 3 في المئة منهم نساء.
كما أشارت أرقام المنظمة الوطنية لرعاية الشباب إلى أن عدد المدمنين على المهلوسات بمراكز العلاج تجاوز 700 ألف، لكن العدد الحقيقي قد يصل مليون شخص، والفئة الأكثر استخداماً لهذه السموم تراوح أعمارها بين 20 و30 سنة.