Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسلسلات رمضان... جدل البدايات وما قبلها

بعضها أحدث بلبلة حتى قبل عرضه من خلال فيديوات تسويقية جذابة أجاد صناع الدراما حبكها للفت أنظار الجمهور

يحتل المسلسل المصري "الحشاشين" المرتبة الأولى في مصر على مستوى المتابعة  (إنستغرام)

ملخص

يحتل المسلسل المصري "الحشاشين" المرتبة الأولى في مصر والدول العربية على مستوى المتابعة وإثارة الجدل، وينقل المسلسل المغربي "بين لقصور" المشاهد إلى أزقة الحي المحمدي الذي شهد نشأة نخبة من المشاهير

في ظل تراجع واضح للأعمال المشتركة، فرضت الدراما المحلية نفسها في خريطة الدراما الرمضانية وسجلت حضوراً لافتاً على مستوى المشاهدة، حتى أن البعض منها أثار الجدل قبل عرضه من خلال فيديوات تسويقية جذابة وبراقة أجاد صناع الدراما حبكها بشكل دقيق ومحكم للفت أنظار الجمهور إليها. ويمكن القول إن هناك نوعين من إثارة الجدل ترافقان دراما رمضان 2024، الأول مقصود من خلال نشر دعاية ترويجية ذكية للمسلسل على مواقع التواصل الاجتماعي لخلق حالة من التفاعل بين الناس وحثهم على متابعته، والثاني يعتمد على العمل نفسه خصوصاً عندما تتوافر فيه كل العناصر المهمة: قصة وآداء وتمثيلاً وإخراجاً، علماً أن بعض الأعمال الدرامية جمعت بين النوعين معاً وجاء مضمونها عند العرض متطابقاً لدعايتها، وهذا الأمر تحقق في الموسم الرمضاني الحالي من خلال مجموعة من الأعمال وبعد عرض الحلقات الأولى منها.

فكيف رصد النقاد وصناع الدراما الأعمال الأكثر إثارة للجدل في الموسم الرمضاني الحالي؟ وكيف يتحدثون عنها؟

يحتل المسلسل المصري "الحشاشين" المرتبة الأولى في مصر والدول العربية على مستوى المتابعة وإثارة الجدل، حتى أنه تصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشر الإعلان الترويجي الخاص به كما بعد مرور دقائق قليلة على عرض أولى حلقاته، ويمكن القول إنه عمل متكامل على مستوى القصة والإنتاج والإخراج والتمثيل. فقصته حقيقية كتبها عبدالرحيم كمال، وتدور أحداثها حول إحدى أخطر الجماعات الدموية التي تم تأسيسها في القرن الـ 11 على يد حسن الصباح، يعمل أعضاؤها على تحقيق أهدافه السياسية من خلال الاغتيالات. أما إنتاجه فيتميّز بالضخامة وتعادل موازنته موازنة مسلسليْن، وبطله هو كريم عبدالعزيز الذي يُشهد له بالنجاح والكفاءة والموهبة، ومخرجه هو المتميّز بيتر ميمي. إلا أن هذا العمل لم يسلم من الانتقادات، فالبعض رأى أنه مسلسل تاريخي ويفترض أن يكون باللغة الفصحى وليس باللهجة المصرية، ليرد آخرون بأن اللغة المصرية قرّبته من الناس وأبعدت عنه سمة النخبوية، في حين رأت شريحة أخرى أنه يتضمن أخطاء تاريخية وهفوات مختلفة. لكن رد الفعل الأعنف عليه جاء من جماعة "الإخوان المسلمين"، الذين اعتبروا أن العمل موجه ضدهم ويهدف إلى النيل منهم وتشويه صورتهم، وشنوا هجوماً عليه وعلى صنّاعه معتبرين أنه حاول التصويب عليهم والتلميح بأنهم ينتهجون نهج جماعة الحشاشين، وبأن حسن الصباح مؤسس تلك الجماعة وحسن البنا مؤسس جماعة "الإخوان المسلمين" يحملان الأفكار نفسها، وبأن مبدأ السمع والطاعة هو المعتمد عند الجماعتين.

في هذا الإطار، يشير الناقد خالد شاهين لـ "اندبندنت عربية" إلى أن "فرقة الحشاشين هي من أوائل الفرق التي قامت بالتصفيات والاغتيالات مع أن البعض يعتبر أنها جماعة مناضلة، وآخرون يرون أنها فرقة إرهابية، خصوصاً أن قائدها حسن الصباح هو من أكثر الأشخاص دموية في التاريخ الإسلامي، لذا كان من الطبيعي أن تثير قصته الجدل. عدا أنه عمل تاريخي ومصر لم تنتج منذ فترة طويلة أعمالاً تاريخية لأنها تحتاج إلى موازنات ضخمة وظروف تصوير ملائمة، لذا استغرق التحضير له عاماً كاملاً واستمر تصويره منذ منتصف العام الماضي حتى فترة قصيرة من بدء عرضه.

والعمل الثاني الذي أثار الجدل هو "المداح" بجزئه الرابع لأنه يسلط الضوء على عالم الجن والعفاريت والسحر والمسّ، وهناك شريحة كبيرة من الناس تؤمن بهذه المعتقدات بمن فيهم بعض الفنانات اللواتي يتحدثن عن السحر والحسد والعين. ولا شك أن نجاح الجزء الأول من هذا المسلسل دفع صناعه إلى إنتاج أجزاء لاحقة منه، مع أنه كان مقرراً أن يكون من جزء واحد فقط تم تصويره بإنتاج متواضع جداً. والعمل الثالث هو "أعلى نسبة مشاهدة"، الذي يتحدث عن قصة حقيقية لفتاة اسمها مودة الأدهم تحولت قضتيها إلى قضية رأي عام، وهي "تيكتوكر" شهيرة دخلت السجن قبل بضعة أشهر بقضية "نشر الفجور والرذيلة"، وأحداث المسلسل تضيء على تجربة الفتيات في العالم العربي اللواتي يلجأن إلى "تيك توك" من أجل المال والشهرة".

"نعمة الأفوكاتو"

في المقابل، توقع شاهين أن يكون مسلسل "نعمة الأفوكاتو" في مرمى الانتقادات وإثارة الجدل لأنه يجمع بين مي عمر وزوجها المخرج محمد سامي بعد سنوات عدة من الفراق الفني، ويوضح "حصل الفراق بينهما بعد مسلسل (نسل الأغراب) الذي تسبب بحصول خلافات بين المخرج والممثليْن أحمد السقا وأمير كرارة والشركة المنتجة للعمل، لأن محمد سامي منح زوجته اهتماماً في المسلسل على حساب السقا وكرارة مع أنه من بطولتهما وليس من بطولتها. وهناك من يترقب ما إذا كان سامي سوف يكرر الخطأ نفسه ويعطي زوجته في العمل الجديد أكثر من حقها، على رغم أنه يضم نجوماً كباراً من بينهم كمال أبو ريا، وأروى جودة، وأحمد زاهر، عدا عن أن سامي ككاتب ينتمي إلى مدرسة المبالغة في الأحداث وفي رسم الشخصيات، فهو يقدم زوجته مي في مسلسل "نعمة الأفوكاتو" بشخصية الزوجة المضحية والساذجة والمغلوب على أمرها مع أنها تلعب دور المحامية، لذلك بدأ الناس ينتقدون العمل ويقولون إن هذه الشخصية لا تمت إلى الواقع بصلة".

وعلى مستوى الدراما السورية، يبدو الجمهور السوري منحازاً لمسلسل "أغمض عينيك" الذي يحظى بنسبة مشاهدة عالية، كما يرى فيه البعض عملاً مثيراً للجدل لأنه يظهر التفاوت الطبقي في التعاطي مع المرض. وفي هذا الإطار، يقول الصحافي والناقد خلدون عليا "هذا العمل الذي يحمل توقيع المخرج مؤمن الملا، تصدر مواقع التواصل الاجتماعي وأثار الكثير من الجدل لأنه يضيء على كيفية تعامل الأهل مع أولادهم المصابين بمرض التوحد".

ومع أن الدراما السورية تتميز هذا العام بتفوقها وجودتها شكلاً ومضموناً وبتصدرها لنسب المشاهدة عربياً ومن بينها "أولاد بديعة"، إلا أن البعض انتقده بشدة لأنه تعمّد إثارة الجدل بمشاهده الساخنة والجريئة في شهر الصوم، حتى إن أحد المتابعين نشر مقطعاً من مشهد جريء وقال إنه كان من الأفضل أن يعرض هذا العمل بعد انقضاء شهر رمضان أو على "نتفليكس"، وإنه يشعر بالخجل عند مشاهدة بعض الأعمال السورية بوجود أهله لأنها مخصصة لمن هم فوق الـ18، علماً أن "أولاد بديعة" كان قد أثار الجدل بعد الكشف عن شخصياته وطبيعة أدوارها، إذ تدور قصته حول أربعة أشقاء هم سلافة معمار، ومحمود نصر، وسامر إسماعيل، ويامن الحجلي، وتجسد الممثلة إمارات رزق دور والدتهم بديعة، لذا لم يرق لرواد مواقع التواصل الاجتماعي كيف تجسد رزق دور الوالدة وهي الممثلة الأصغر سناً بين الممثلين، وتبيّن لاحقاً أنه يتناول حقبتين زمنيتين، وما لبث أن تكرر الجدل عندما نشرت بطلة العمل سلافة معمار البرومو الدعائي الخاص به حين ظهرت ببدلة وترقص في ملهى ليلي وتصدر اسمها الترند على السوشيال ميديا. لكن عليا يرى أن "إثارة الجدل تختلف بين جمهور وآخر وفي النظرة إلى المسلسل الرمضاني". ويؤكد أن "هناك إجماعاً على مسلسلات (أولاد بديعة) و(العربجي) و(مال القبان) و(تاج)"، علماً أن مسلسل (تاج) كان قد أثار الجدل هو أيضاً بعد نشر البوستر الدعائي الخاص به، لأنه أظهر تيم حسن متصدراً الصورة على حساب شريكه في البطولة بسام كوسا، صاحب التاريخ الفني الكبير. كذلك يلفت عليا إلى "أن حضور الراحل محمد قنوع في (مال القبان) أثار جدلاً إيجابياً لأنه كان آخر عمل له قبل وفاته، لذلك أهداه صناع العمل إلى روحه. كما أثارت ثنائية تيم حسن وبسام كوسا جدلاً مماثلاً لأنها جاءت بعد مرور 11 عاماً على آخر عمل لهما، وخلقت نقاشاً حول أي منهما سوف يتفوق على الآخر تمثيلاً".

الأعمال المغربية

في المقابل، كانت للأعمال المغربية حصتها في إثارة الجدل من بينها مسلسل "جو وجوه"، حتى أن الجمهور طالب بمقاطعته بعد انطلاق حملته الترويجية، واتهم صناعه بتناول موضوعات مثيرة للجدل كالشذوذ الجنسي، لكن الشركة المنتجة أوضحت من خلال بيان رسمي، أن المقطع المثير للجدل الذي تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي أُخرج من سياقه بشكل كامل، ولا يتطرق إلى موضوع المثلية الجنسية بل يهدف إلى تسليط الضوء على قضايا اجتماعية ملحة كالفقر والتسول والتحديات التي تواجهها النساء في بعض الأوساط. أما المسلسل الثاني الذي أثار الجدل قبل عرضه فهو "بين لقصور" الذي ينقل المشاهد إلى أزقة الحي المحمدي الذي شهد نشأة نخبة من مشاهير المغرب من بينهم فنانون وسياسيون ورجال أعمال أداروا وجوههم له بعد أن تحسنت ظروفهم المعيشية، ليتحول إلى حي للعصابات وترويج المخدرات. كاتبة المسلسل بشرى مالك ترى أنه أثار الجدل لأنه من نوع "الأكشن" وهذا النوع غير موجود في الدراما المغربية، وتابعت "أعمال الإثارة والتشويق والحركة تطلب موازنات ضخمة ليست متوافرة في الدراما المغربية، ولذلك أحدث مسلسل (بين لقصور) تفاعلاً بين الناس وأقبلوا على مشاهدته، وهذا ما لمسته شخصياً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

والمسلسل حظي بإعجاب الناس بدءاً بالشارة والأغنيات بصوت الفنانة بلقيس، كما بسبب مشاركة مجموعة من ممثلي جيل الرواد، والجيل الشاب فيه بهدف ضخ دم جديد في الدراما المغربية لتجنيبها التكرار في الوجوه". وتردف "المسلسل يتضمن كل المواصفات التي تضمن نجاحه كالرومانسية والأكشن والقصص الإنسانية، كما أن فيه الكثير من التقلبات وقصة خاصة بكل ممثل لا بد وأن يكون لها وقع عند الناس الذين سيشاهدون أنفسهم فيها. (بين لقصور) دعوة صريحة لعدم التنكر للأصل، وهي ناحية مهمة جداً لكل الناس لأننا إذا كنا لا نعرف من أين نأتي فلن نعرف إلى أين نذهب، ورجوع الشخصيات المهمة إلى تلك الأحياء لا بد وأن يمنح الشباب الأمل من منطلق أنها كانت تعيش فيها قبل أن تصل إلى مراتب مرموقة في الفن أو السياسة أو عالم الأعمال، وهذا الأمر يشكل حافزاً مهماً لهم ويجعلهم يعرفون من أين كانت بداية هؤلاء". كما توقعت أن تتضاعف إثارة الجدل في المسلسل مع استمرار عرض الحلقات، موضحة "العمل يدق ناقوس الخطر لأحيائنا الجميلة التي تموت، وهو بمثابة دعوة للشخصيات المعروفة للالتفات إليها. فكم من برلماني حصل على الأصوات من حي شعبي ثم رحل عنه وسكن في فيلات وقصور!".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون