Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عصام شرف... رئيس وزراء مصري بدأ وانتهى من ميدان التحرير

رئيس حكومة ثورة يناير لم يدم في المنصب 9 أشهر بسبب الاحتجاجات المتتالية

عودة عصام شرف إلى المشهد السياسي كانت من بوابة ميدان التحرير (أ ف ب)

ملخص

عودة عصام شرف إلى المشهد السياسي كانت من بوابة ميدان التحرير، فكان من الوزراء السابقين القلائل الذين أيدوا ثورة يناير في أيامها الأولى، وشارك في مسيرة لأساتذة الجامعة تحركت من جامعة القاهرة حتى الميدان.

عمره في المنصب كان قصيراً لكن توقيت توليه المسؤولية أدخله التاريخ، هو رئيس الوزراء المصري الأسبق عصام شرف الذي اعتبر رئيس حكومة ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، بعد أن أجبرت الاحتجاجات الشعبية سلفه أحمد شفيق على الاستقالة في مارس (آذار) بعد ثلاثة أسابيع من إطاحة الرئيس حسني مبارك الذي تولى حكم مصر 30 عاماً.

أستاذ هندسة الطرق عبَّد طريقه نحو كرسي الحكومة ثوار ميدان التحرير، لكنهم أيضاً قطعوا طريق استمراره فأجبروه على الاستقالة بعد تسعة أشهر فقط من توليه منصبه، بعد احتجاجات دامية راح ضحيتها أكثر من 40 قتيلاً.

شرف المولود في محافظة الجيزة عام 1952، تخرج في كلية الهندسة جامعة القاهرة وعين أستاذاً بها، ونال درجة الدكتوراه في إحدى جامعات الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، في تخصص هندسة الطرق وإدارتها، وهو المجال الذي أصبح من أهم الخبراء العرب فيه لاحقاً.

وإلى جانب عمله الأكاديمي في جامعة القاهرة، أمضى سنوات في التدريس بجامعات أميركية وسعودية. وحظي بعديد من الجوائز تقديراً لتفوقه العلمي، مثل جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الهندسية عامي 1987 و1997، ونوط الامتياز من الطبقة الأولى عام 1995.

من بوابة الحزب الوطني الديمقراطي، حزب الرئيس والغالبية في عهد مبارك، دخل شرف العمل السياسي، حيث كان عضواً في المكتب الفني للجنة النقل بالحزب الوطني حتى عام 2002، وعضواً في المجلس الأعلى للسياسات بالحزب الوطني.

وزارة النقل

ثنائية النبوغ العلمي والانتماء الحزبي أهلت عصام شرف ليتم اختياره وزيراً للنقل في حكومة أحمد نظيف في يوليو (تموز) 2004، لكن تمت إطاحته بتعديل وزاري في ديسمبر (كانون الأول) 2005، من دون إعلان أسباب.

لكن تقارير صحافية محلية ذكرت أن شرف كان دائم الاعتراض على غياب الإرادة السياسية لتنفيذ حلول جذرية لمشكلات قطاع النقل بخاصة السكك الحديد، فيما أشارت بعض الصحف إلى أن رئيس ديوان رئيس الجمهورية زكريا عزمي كان وراء إقالة شرف، بسبب عدم استجابته لتوصية بالتأثير في تحقيقات في واقعة اصطدام ناقلة نفط قبرصية بعبارة مملوكة لرجل الأعمال ممدوح إسماعيل، الذي كان يقال إنه صديق عزمي، كما ذكرت صحيفة "الأهرام" عام 2011 أن شرف تقدم باستقالته من وزارة النقل ثلاث مرات قبل التعديل الوزاري الذي أطاحه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أفكار شرف المناصرة للقطاع العام يبدو أنها لم تكن متوافقة مع الخط العام لحكومة نظيف التي أطلق عليها "حكومة رجال الأعمال"، ففي تصريح تلفزيوني عام 2010 أوضح أن خلافه مع رئيس الوزراء كان حول "بعض الأولويات والأيديولوجيا"، نافياً أن يكون "شيوعياً" بسبب تحمسه للقطاع العام أكثر من الخاص، مؤكداً أن بابه كان مفتوحاً أيضاً للقطاع الخاص "لكن الخدمة العامة يجب أن تسبق كل شيء".

بعد الخروج من الوزارة اتجه شرف إلى دولة الإمارات مستشاراً بمجال تخطيط الطرق، ثم عين رئيساً للجنة تسيير الأعمال في نقابة المهندسين التي كانت مجمدة بحكم قضائي في ذلك الوقت، وبعد محاولات لإنهاء التجميد وإجراء الانتخابات لم تلق استجابة حكومية، استقال شرف من اللجنة.

من الميدان وإليه

عودة عصام شرف إلى المشهد السياسي كانت من بوابة ميدان التحرير، فكان من الوزراء السابقين القلائل الذين أيدوا ثورة يناير في أيامها الأولى، وشارك في مسيرة لأساتذة الجامعة تحركت من جامعة القاهرة حتى الميدان الذي كان مركز ورمز الحركة الشعبية للإطاحة بمبارك، وبعد تولي المجلس العسكري حكم البلاد ظل شرف على تواصل مع "شباب الثورة"، مما جعله الخيار الأنسب لإرضاء الشارع، الذي لم يكن راضياً عن بقاء أحمد شفيق رئيساً للحكومة، على رغم إطاحة مبارك الذي أتى به إلى المنصب.

محمولاً على الأعناق دخل شرف ميدان التحرير في الرابع من مارس 2011، ليس ثائراً هذه المرة وإنما بعد تكليفه من المجلس العسكري لرئاسة الحكومة، حيث ألقى خطاباً للمعتصمين أكد فيه أنه جاء للميدان كي يستمد شرعيته منهم، متعهداً بتحقيق ما سماه "أهداف الثورة".

محاربة الفساد كان من بين تعهدات شرف، مما دفعه إلى مراجعة جميع عقود تصدير البترول والغاز الطبيعي التي وقعتها مصر مع الدول الأخرى بما فيها إسرائيل، كما أقرت حكومته مشروع قانون لإنشاء لجنة لاسترداد الأموال المهربة بالخارج في عهد مبارك، كما لم ينس شباب الثورة الذين أوصلوه لمنصبه فقرر تخصيص مكتب لهم داخل رئاسة مجلس الوزراء، فيما قرر تمكين المصريين بالخارج من التصويت في الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

 

أمواج الثورة التي تقلبت فيها مصر، مثلما رفعت سفينة عصام شرف هوت بها خلال نحو 260 يوماً، فالتظاهرات الأسبوعية ومطالب القوى السياسية تخطفته من كل جانب، بدءاً من اعتراضات بعض الثوار على وجود المجلس العسكري والمطالبة بتشكيل مجلس رئاسي، والجدل في شأن أسبقية الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية، مروراً بأوضاع اقتصادية متردية في بلد انشغل بالسياسة فتراجعت الاستثمارات الأجنبية بنسبة 93 في المئة وانخفض الاحتياط النقدي بنسبة 44 في المئة خلال عام 2011، وانتهاء بأحداث دامية من العنف بين الأمن ومتظاهرين مثل أحداث ماسبيرو في أكتوبر (تشرين الأول)، التي راح ضحيتها نحو 30 شخصاً، وفق تقديرات إعلامية.

الاستقالة

الفصل الأخير لحكومة عصام شرف دارت أحداثه أيضاً في ميدان التحرير، أو ما عرف بأحداث محمد محمود التي أعقبت تظاهرات مطالبة بتسليم المجلس العسكري الحكم لمدنيين، صاحبها عنف من قوات الأمن تجاه المتظاهرين أسفر عن ضحايا ومصابين، وتعالت الدعوات لإقالة الحكومة، وبالفعل في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) تقدم عصام شرف باستقالة حكومته إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

بعد الخروج من الحكومة لم يعد إلى المناصب الرسمية سوى لفترة قصيرة كرئيس الهيئة الاستشارية لتنمية قناة السويس في أبريل (نيسان) 2013، خلال عهد الرئيس السابق محمد مرسي، لكنه سرعان ما اعتذر عن المنصب.

ولم يترك عصام شرف العمل العام فهو دائم المشاركة في ندوات ولقاءات فكرية، إضافة لمعارض لها صلة بتخصصه الهندسي، إلى جانب رئاسة شركته للاستشارات الهندسية.

آخر الأدوار التي ظهر فيها عصام شرف هي دعم السودانيين في مصر، حيث دشن مبادرة "إسناد السودانيين المتأثرين بالحرب"، وعقد لقاءات عدة مع مسؤولين مصريين لتقديم مساعدات إنسانية ودورات توعية للسودانيين الفارين من الحرب في بلادهم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير