Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حصانة الشرطة في استعمال السلاح تثير جدلا برلمانيا بالجزائر

تضمنت التعديلات على مسودة قانون العقوبات إجراءات قاسية ضد "كل من أهان أحد رجال القوة العمومية"

اقترحت اللجنة المكلفة بإعداد وصياغة التعديلات إدراج الفقرة 24 من المادة 149 لتكريس الحماية القانونية لأفراد القوة العمومية خلال أداء مهماتهم (مواقع التواصل)

ملخص

جاء في التعديلات عقوبة السجن من سنة إلى ثلاث سنوات ضد أي شخص "أساء إلى صورة الأجهزة الأمنية أو منتسبيها بالكتابة، أو الرسم أو بأية آلية لبث الصوت والصورة"

أثارت تعديلات أدخلت على مسودة قانون العقوبات الجزائري جدلاً داخل البرلمان، إذ أبدى قسم من النواب تحفظات على بعض المواد، خصوصاً ما يتعلق بـ"حصانة رجال الشرطة في استعمال السلاح"، وطالبوا بإعادة صياغة المادة 149 فقرة 24 المتعلقة بـ"شرعنة استعمال السلاح من أفراد القوة العمومية في المواجهات".
ومباشرة بعد عرض وزير العدل الجزائري عبدالرشيد طبي مشروع تعديل قانون العقوبات أمام أعضاء المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان)، يوم الخميس الأول من فبراير (شباط) الجاري، أمطره النواب بوابل من الملاحظات تركزت على المادة 149 وتحديداً الفقرة 24 منها، واعتبروا أنها تمنح مزيداً من الصلاحيات لرجال الأمن وقد "تطلق أيديهم في المجتمع".

مخاوف

وأدرج النواب الجزائريون 50 تعديلاً على نص مشروع قانون العقوبات الجديد، منها سبعة تعديلات لمواد أثارت جدلاً، على غرار المادة 75 المتضمنة عقوبات ضد الأشخاص المتورطين في "إضعاف معنويات الجيش" والمادة 149 المتعلقة بصلاحيات استعمال السلاح من أفراد القوة العمومية.
وطالب نواب بإلغاء المادة 149 والفقرة 24 الجديدة، معتبرين أنها "بررت الأفعال التي قد يرتكبها رجال الأمن في المواجهات بحال أفضت تحقيقات السلطة القضائية إلى وجود حال دفاع مشروع عن النفس".
واقترحت اللجنة المكلفة بإعداد وصياغة التعديلات إدراج الفقرة 24 من المادة 149 لتكريس الحماية القانونية لأفراد القوة العمومية خلال أداء مهماتهم.
وتنص الفقرة الـ24 من المادة 149 على أنه "تعد مبررة الأفعال التي يرتكبها أفراد القوة العمومية أثناء أو بمناسبة ممارسة مهماتهم، لوضع حد للجريمة، إذا أفضت التحقيقات التي تباشرها السلطة القضائية إلى إثبات قيام عناصر الدفاع المشروع وفقا لأحكام المادتين 39 و40 من هذا القانون".
وجاء في التعديلات أيضاً، عقوبة السجن من سنة إلى ثلاث سنوات ضد أي شخص "أساء إلى صورة الأجهزة الأمنية أو منتسبيها بالكتابة، أو الرسم أو بأية آلية لبث الصوت والصورة أو بأية وسيلة أخرى"، والسجن من عامين إلى خمسة أعوام بحق من "اقتحم مقر الأمن أو حرض على اقتحامه"، أما إذا ثبت وجود "خطة مدبرة للهجوم على مقر الأمن من طرف أكثر من ثلاثة أشخاص"، فتشدد العقوبة إلى 15 سنة سجناً.
وتضمنت التعديلات الجديدة عقوبات قاسية ضد "كل من أهان أحد رجال القوة العمومية بالقول أو الإشارة أو التهديد، أو بإرسال أو تسليم أي شيء إليهم، أو بالكتابة أو الرسم غير العلنيين في أثناء تأدية وظائفهم".

وقال النائب رشيد زين "إن المادة 149 مكرر 24 من قانون العقوبات عبارة عن نص ملطف يهدف إلى التقليل من الهلع والرعب الذي قد ينتاب المواطن لدى اطلاعه على الترخيص الممنوح لرجال الأمن في استعمال السلاح أثناء تأدية مهماتهم". وانتقد النائب في حديث لـ"اندبندنت عربية" لجوء الحكومة إلى تخصيص نص للصلاحيات والتراخيص الممنوحة لرجال الأمن لاستعمال السلاح، وهو ما يفتح باب التأويلات وتعدد التفسيرات لنص المادة". وأضاف المتحدث بأن "المادتين 39 و40 من قانون العقوبات تتضمنان أحكاماً كافية لشرح حدود وضوابط استخدام السلاح من طرف رجال الأمن ضمن مبدأ الدفاع عن النفس وتضمن حق المواطن في معاملة لائقة، وبالتالي لا يوجد داع لإضافة مادة جديدة تمنع مساءلتهم عن أفعال في حال شابتها تجاوزات في حق الأشخاص".

تطمينات

وبعد جلسات نقاش ساخنة، رد وزير العدل عبد الرشيد طبي على النواب المتحفظين على المادة المثيرة للجدل، محاولاً تبديد مخاوفهم مما اعتبروه "فتح المجال لتعسف رجال الأمن"، مؤكداً أن "التعديلات الواردة على المادة جاءت بعد تسجيل ارتفاع كبير في حالات الاعتداءات على أفراد الشرطة أثناء تأدية مهماتهم".
وعن مبررات تخصيص مادة مستقلة لحالة الدفاع المشروع لأفراد القوة العمومية في المادة المثيرة للجدل وضمانات التطبيق السليم لها، أكد الوزير أنها راجعة إلى "الارتفاع المذهل وغير المسبوق للاعتداءات الواقعة على أفراد القوة العمومية أثناء مباشرة مهماتهم التي ترتب عليها في بعض الحالات وفيات"، لافتاً إلى تسجيل في عام 2022، على مستوى الجهات القضائية، 998 قضية و1475 في السداسي الأول لعام 2023". وقال إن هذا النوع من الجرائم دفع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى "إسداء تعليمات بضرورة تقديم الحماية اللازمة لأفراد القوة العمومية خلال تأدية وظيفتهم"، لا سيما عن طريق توفير الآليات التي تمكن أفراد القوة العمومية من العمل ومن أهمها تأمين الحماية القانونية لهم".
وأشار إلى أن "الممارسة القضائية في هذا المجال غالباً ما تدين أفراد القوة العمومية الذين يستعملون القوة لرد الاعتداءات الواقعة عليهم أو على الغير التي تلجأ إلى تطبيق أحكام الدفاع المشروع إلا استثناء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ضوابط

في السياق أشار وزير العدل الجزائري إلى أن "هذه المادة وضعت ضوابط لتطبيق أحكام الدفاع المشروع لأفراد القوة العمومية ومن أهمها "إعطاء السلطة القضائية بصفة حصرية إثبات وجود حالات الدفاع المشروع من خلال التحقيقات التي تجريها، التي تتمتع من أجل ذلك بسلطات واسعة للبحث عن الحقيقة"، مضيفاً أن "التحقيق القضائي مستقل تماماً عن التحقيق الابتدائي الذي يجريه ضباط الشرطة القضائية".

كشف الوزير عبدالرشيد طبي عن أن الحكومة تعكف حالياً على "وضع الإطار القانوني والتنظيمي للكاميرات الجسدية" التي أثبتت على حد قوله، "نجاعتها في الدول المطبقة فيها"، إذ تمكن هذه الكاميرات من "إثبات التجاوزات الصادرة سواء من طرف أفراد القوة العمومية أو المجرمين بصورة حقيقية وشفافة".
وقال الوزير إن الجزائر "تنخرط بصفة كلية بهذا بمشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 66-156 المتضمن قانون العقوبات، في مجهودات المجتمع الدولي الرامية إلى محاربة كل أشكال الإجرام الخطر وخصوصاً الجريمة المنظمة والإرهاب والفساد والتخريب الاقتصادي والتخابر مع الخارج".
ويرى المحامي الجزائري نجيب بيطام أن "الضمانات الواردة في المادة 149 والفقرة 49 المثيرة للجدل لا تخرج عن سياق الإطار القانوني العالمي المتعلق بالدفاع المشروع عن النفس في حال تعرض أفراد الضبطية القضائية أثناء تأديتهم لواجبهم في التحري عن الجنايات أو محاولة ضبط الأشخاص الملاحقين قضائياً أو في التحقيقات حول الجرائم".
وقال بيطام إن "القانون يجيز لأفراد الشرطة الذين قد يتعرضون إلى اعتداءات أو رد فعل من المشتبه بهم، إذ يشكل رد الفعل هذا خطراً محدقاً على أرواحهم أو على حياتهم أو على أرواح زملائهم، وبالتالي يمكنهم استعمال السلاح لرد هذا الخطر المحدق".
وأوضح أن "المشرع أسس لهذا النص القانوني الجديد وراعى توافق حالة الدفاع الشرعي على مقتضيات أحكام المادتين 39 و40 من قانون العقوبات الجزائري"، مشيراً إلى "أهم شرط وضعه المشرع لتحديد مفهوم الدفاع عن النفس من طرف رجال الأمن وهو أن تتناسب وسيلة الدفاع مع وسيلة الاعتداء". وأضاف أن "هذا النص موجود في كل الأنظمة القانونية العالمية، وقبل استحداثه في القانون الجزائري كان أفراد الضبطية القضائية في بعض الحالات يترددون في استعمال الأسلحة في حال تعرضهم لخطر محدق، وأفاد نجيب بيطام بأنه "خلال السنوات الأخيرة تعرض عناصر الضبطية القضائية إلى اعتداءات بأسلحة بيضاء أدت إلى وفيات وإصابات عدة في صفوفهم".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير