Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

داوود أوغلو خارج حزب أردوغان... "العدالة والتنمية" أمام اختبار الانشقاقات

مجلس تأديبي يبت في فصل رئيس الوزراء السابق من الحزب لانتقاداته الرئيس التركي

رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو (رويترز)

لا يزال حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يعيش أجواء الهزيمة الثقيلة لمرشحه بن علي يلدريم في الانتخابات البلدية بإسطنبول يونيو (حزيران) الماضي، إذ تصاعدت حدة الخلافات بين صفوفه وظهرت إلى العلن، بعد أن عمّقتها استقالات لأبرز أعمدته، كانت آخرها قبل يومين مع تنحي وزراء العدل والداخلية والصناعة والتجارة الخارجية السابقين في حكومة رجب طيب أردوغان، فيما ذكرت وسائل إعلام تركية، "أن الحزب الذي يتزعمه الرئيس التركي يسعى لفصل أحد أبرز حلفائه السابقين، هو رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو، وثلاثة مشرعين آخرين من عضويته"، لتتعمق معها محنة الحزب الحاكم منذ 18 عاما.

وبخروج داوود أوغلو المرتقب من العدالة والتنمية، يكون بذلك انضم الحليف السابق لأردوغان، إلى قائمة ممن باتوا معارضين له من أبرز حلفائه، وكذلك مؤسسي الحزب وعلى رأسهم الرئيس السابق عبد الله غول، ونائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان، الذي أعلن اعتزامه تشكيل حزب مناوئ لسياسات الرئيس التركي، بسبب ما قاله عنه في مطلع يوليو (تموز) "التباينات العميقة" والحاجة إلى "رؤية جديدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حليف جديد خارج سطوة الحزب

وبحسب تصريح مسؤول كبير لـ"رويترز"، "فإن حزب العدالة والتنمية يسعى لفصل رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو، وثلاثة مشرعين آخرين من عضويته"، موضحاً "أن اللجنة التنفيذية المركزية للحزب طلبت في اجتماع أمس الاثنين فصل أربعة من الحزب بينهم داوود أوغلو"، ومن المتوقع أن يصدق مجلس التأديب بالحزب على ذلك خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأفادت وسائل إعلام تركية اليوم الثلاثاء، أن أحمد داوود أوغلو، مهندس السياسة الخارجية لتركيا في بداية وصول العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002، تمت إحالته إلى اللجنة التأديبية، تمهيداً لطرده من صفوف الحزب.

ووفقما ذكرت صحيفة "حرييت" القريبة من الحكومة "فإنّ اللجنة التنفيذية خلصت إلى هذا القرار في ختام اجتماع استغرق خمس ساعات".

ويعتبر داوود أوغلو من أبرز شخصيات الحزب الحاكم، وقد تقلّد مناصب حزبية وحكومية عديدة، بينها وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء. وعندما غادر رئاسة الوزراء في 2016 بعد نحو عامين من توليه هذا المنصب تعهّد داوود أوغلو عدم انتقاد أردوغان علناً، لكنّه أجرى أخيراً مقابلة صحافية مطوّلة أظهر فيها "أنّه لن يلتزم الصمت بعد اليوم بشأن ما يعتبره أوجه قصور في حزب العدالة والتنمية".

ففي الأول من أغسطس (آب) الماضي، اعتبر داوود أوغلو، "أن حزب العدالة والتنمية في تركيا، مصاب بحالة من اليأس وسط تزايد خلافات داخلية"، وقال لصحيفة "فاينانشال تايمز"، "إن انحراف الحزب عن قيمه الأساسية يثير استياء عميقا، بدءا من صفوفه السفلى وصولا إلى نخبته الأعلى".

وفي نظر داوود أوغلو "فإنّ الحزب الذي شارك في تأسيسه في 2001 ينحرف عن أهدافه، علماً بأن رئيس الوزراء الأسبق انتقد علناً الطعن الذي قدّمه حزبه بفوز مرشّح المعارضة برئاسة بلدية إسطنبول بفارق ضئيل وإصراره على إجراء انتخابات جديدة مني فيها مرشّح الحزب بن علي يلدريم في يونيو (حزيران) بهزيمة نكراء.

كما انتقد داوود أوغلو بشدّة القرار الذي صدر في 19 أغسطس (آب) وقضى بإقالة رؤساء بلديات ثلاث مدن في شرق البلاد هي ديار بكر وماردين وفان وجميعهم أعضاء في حزب الشعب الديموقراطي المؤيّد للأكراد بتهمة ارتباطهم بناشطين أكراد.

وتأتي إحالة داوود أوغلو إلى اللجنة التأديبية تمهيداً لفصله من الحزب في الوقت، الذي نأت فيه شخصيات حزبية أخرى بارزة مثل الرئيس السابق عبد الله غول ونائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان، وكلاهما من الأعضاء المؤسسين لحزب العدالة والتنمية، بأنفسهم عن أردوغان.

وكان باباجان نائب رئيس الوزراء الأسبق أعلن في مطلع يوليو (تموز) استقالته من الحزب، بسبب "تباينات عميقة" والحاجة إلى "رؤية جديدة".

ويتداول الإعلام التركي أنّ باباجان الذي تسلّم في السابق وزارتي الاقتصاد والخارجية قبل أن يصبح نائباً لرئيس الوزراء حتى عام 2015، يتحضّر لتأسيس حزب سياسي جديد في الخريف المقبل مع الرئيس السابق عبدالله غول. حيث يحظى باباجان باحترام شديد في الأوساط الاقتصادية وإليه يرجع الفضل في النجاح الاقتصادي لحزب العدالة والتنمية في العقد الأول من حكمه.

لم يكن الخروج الأول

لم يكن الحديث عن خروج داوود أوغلو من العدالة والتنمية الأول خلال الأيام الأخيرة، ففي نهاية الشهر الماضي، عمّقت استقالات جديدة لثلاثة وزراء كانوا يعدون من أعمدة الحزب أزمته التي يشهدها إثر انشقاقات متواصلة تكاد تعصف بمكانته التي احتلها في سدة الحكم على مدى 18 عاماً، حيث أعلن تنحي وزراء العدل والداخلية والصناعة والتجارة الخارجية السابقين في حكومة أردوغان، سعد الدين أرجين وبشير أطالاي ونهاد أرجون، من الحزب.

وبحسب تقارير تركية، تحدث في الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي، "فإنه من المتوقع أن يشغل الوزراء المستقيلون مناصب في الحزب الذي يسعى لتأسيسه علي باباجان، الذي استقال في 8 يوليو (تموز) الماضي، لطرح بدائل للحزب الحاكم. وجاءت الاستقالات بعد أيام من إعلان ثلاثة رؤساء بلديات منتخبين عزلهم أردوغان من مناصبهم، نقل معركتهم معه إلى القضاء، معتبرين أن عزلهم بمثابة "انقلاب سياسي" على إرادة الناخبين.

وكان رئيس بلدية ديار بكر عنان سلجوق ميزراكلي، ورئيس بلدية ماردين أحمد تورك، ورئيسة بلدية فان، بديعة أوزغوكتشي أرتان، الذين ينتمون إلى حزب الشعوب الديموقراطي المعارض (مؤيد لحقوق الأكراد) عزلوا في 19 أغسطس (آب) الحالي بقرار من الحكومة بتهمة القيام "بأنشطة إرهابية".

 

أي مستقبل ينتظره العدالة والتنمية؟

وفق إجماع مراقبين فإن أردوغان يواجه تحدياً يتمثّل في انشقاق حلفائه القدامى، ما يمثل أكبر تصدع في الحزب الحاكم من سيطرته على السلطة قبل 18 عاما، تأتي في أعقاب الانتخابات البلدية التي مني فيها الحزب بخسارة إسطنبول، تلك المدينة التي كان يرأسها أردوغان في بدايات بزوغ نجمه السياسي.

وبحسب ليسل هينتز، من جامعة جون هوبكينز الأميركية، فإن الرئيس التركي يحارب "كل ما يرى فيه تهديدا للهيمنة التي يجسدها"، مدللة بذلك على مثال احتجاز زعيم حزب الشعوب الديموقراطي صلاح الدين دميرتاش منذ 2016، المعارض بشدة لأردوغان والموالي للأكراد، والذي أمرت محكمة تركية أمس بالإفراج المؤقت عنه، لكنه يُفترض أن يبقى في السجن لقضاء عقوبة بموجب حكم سابق.

وتوضح هينتز "أن المواجهة الناجعة تتركز في نجاح باباجان وحزبه، المتوقع إطلاقه قريبا، لمواجهة العدالة والتنمية، وتقديم خطط ملموسة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والفوارق الاجتماعية"، معتبرة "أن أمام باباجان فرصة في تعبئة يمين الوسط التركي، بالاعتماد خصوصاً على الاستياء العام من الإثراء الشخصي لقادة حزب العدالة والتنمية، بينما الاقتصاد التركي يغرق في أزمة"، وفقا للإذاعة الألمانية.

ومع بلوغ التضخّم في تركيا نسبة 15.7% والانكماش 2.6% والبطالة 13% في الربع الأول من عام 2019، يرى العديد من الأتراك أنّ باباجان هو الرجل القادر على إيجاد الحلول لمشكلات البلاد، ويعتبرونه البديل المناسب لأردوغان الذي تنتهي ولايته الحالية في 2023.

من جانبه، اعتبر بشير عبد الفتاح، المختص في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، "أن ما يحدث في العدالة والتنمية هو نذر تشظي الحزب إلى أكثر من كيان سياسي". معتبرا أن انشقاقات بثقل أحمد داوود أوغلو وغيره ستمثل بلا شك تأثيرا على حزب أردوغان".

وخلال الانتخابات البلدية الأخيرة، انتقد داوود أوغلو، في عدة تغريدات على "تويتر"، التحالف الذي أقامه حزبه في الانتخابات مع الحركة القومية، ورأى فيه "ضررا للحزب سواء من حيث مستويات الناخبين، أو الهوية الحزبية". كما انتقد داوود أوغلو السياسات الاقتصادية، وقال، "إن زيادة النفقات العامة، غير المفيدة، ومحاولة إنقاذ العجز لمرة واحدة، يقوض الثقة"، مشددا على ضرورة تحقيق الشفافية والمساءلة، في النفقات العامة بأقوى الطرق".

وبحسب "جمهورييت"، "فإن الحزب المزمع إطلاقه في تركيا بزعامة باباجان، يمتلك نقاط قوة كبيرة، أبرزها دعم مؤسسيه للديموقراطية، والانطباع السائد لدى الكثيرين بأن البلاد كانت ستتفادى الأزمة الاقتصادية الراهنة، إذا طبق أردوغان رؤية باباجان إبان تولي الأخير وزارة الاقتصاد في 2010".

ومنذ هزيمة حزب العدالة والتنمية للمرة الثانية في الانتخابات البلدية بإسطنبول، 23 يونيو (حزيران) الماضي، تزايدت التقارير عن انشقاقات داخله، وسط حالة من عدم الرضا عن السياسة التي يتبعها زعيمه رجب طيب أردوغان.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة