ملخص
المركزي البريطاني تحت الضغوط لخفض أسعار الفائدة بعد الهبوط المفاجئ في نسب التضخم
يواجه بنك انجلترا [مصرف بريطانيا المركزي] ضغطاً متزايداً لخفض معدلات الفائدة بهدف مساعدة مالكي المنازل [بالقروض الإسكانية] بعد أن قدم التراجع المفاجئ في التضخم "هدية عيد ميلاد مبكرة" للمستهلكين.
وساعد تراجع أسعار النفط في كبح التضخم إلى 3.9 في المئة، وهي أدنى نسبة خلال عامين وأقل بكثير من الهدف الذي وضعه ريشي سوناك والمتمثل في نسبة خمسة في المئة بحلول نهاية العام.
ولكن اقتصاديين رائدين قالوا للـ"اندبندنت" إنه على رغم أن "التضخم شق طريقه بصعوبة" فإن غالبية الفوائد السهلة المنال" جرى حصدها بالفعل وسيكافح البنك المركزي لبلوغ هدفه الطويل الأمد والمتمثل في الوصول إلى نسبة اثنين في المئة [لسعر الفائدة].
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذروا بأن كثيراً من مالكي المنازل الذين تعافوا للتو من المعدلات الثابتة يواجهون حالياً "عالماً مختلفاً للغاية" في وقت يعني فيه التباطؤ الاقتصادي وتكاليف الرهن العقاري المرتفعة في بريطانيا بأن معايير الحياة "ستبقى سيئة جداً".
وفي الإشارة إلى تغيير في الاتجاه السياسي، قال وزير العمل والرواتب التقاعدية ميل سترايد إن بوسع تراجع التضخم أن يتيح للمصرف المركزي تخفيف معدلات الفائدة ومساعدة الذين يعانون مع تكاليف الرهن العقاري. وتوقع كثير من الاقتصاديين انخفاضاً [نسبة التضخم] إلى 4.3 في المئة الشهر الماضي.
وفي وقت شدد الوزير في الحكومة على استقلالية هذا الحدث، قال إن الانخفاض الأسرع من المتوقع في التضخم "يزيل بعض الضغط عن البنك المركزي في ما يتعلق بإبقاء معدلات الفائدة مرتفعة التي من جهتها تؤثر في معدلات الرهن العقاري".
وساعد انخفاض أسعار النفط إلى الدفع بالتضخم نحو تراجع مفاجئ، وهو أمر أشاد به رئيس الحكومة واصفاً إياه "بالأخبار الجيدة للجميع في هذه البلاد".
كما تباطأ التضخم على سلع كالطعام والطيران وكلفة السيارات المستعملة.
وقبيل أيام من حلول عيد الميلاد، قال سيمون بيتاواي كبير الاقتصاديين في مؤسسة "ريزوليوشن فاوندايشن" Resolution Foundation إنه "بوسع السياسيين والشعب الابتهاج بهذه المفاجأة التي تتزامن مع الاحتفال بالأعياد".
بيد أن التضخم المستفحل للسنوات القليلة الماضية يعني بأن الاسعار سجلت ارتفاعاً بحوالى 20 في المئة مقارنة بما كانت عليه عام 2020، في وقت حذر فيه الاقتصادي ليث خلف من شركة "أي جي بيل" AJ Bell بأن التضخم في أسعار الأغذية يستمر في تسجيل "معدل مقلق" يبلغ تسعة في المئة.
وعلى رغم من الأرقام الأخيرة، حذر خلف بأن المستهلكين في المملكة المتحدة ما زالوا "يرزحون تحت ضغط هائل" إذ سيواجه أصحاب الرهون العقارية الذين تنتهي اتفاقات قروضهم ذات النسب الثابتة العام المقبل "عالماً مختلفاً للغاية".
وقال لـ"اندبندنت"، "يشبه الأمر مرحلة أخرى من أزمة الكلفة المعيشية. بدأ الامر مع أسعار النفط والتدفئة وامتد إلى السلع الغذائية. تشهد معدلات الفائدة ارتفاعاً ولا تنسوا الضرائب أيضاً حيث من المتوقع أن يرتفع العبء الضريبي خلال السنوات الخمس المقبلة ليسجل أعلى مستوياته منذ الحرب العالمية الثانية".
وفي هذا السياق، قال سورين ثيرو مدير العلوم الاقتصادية في معهد المحاسبين القانونيين Institute of Chartered Accountants بأن التراجع "الدراماتيكي" في التضخم أظهر وجود بعض الضوء في نهاية النفق. ولكنه أضاف بأن "معايير الحياة ستبقى بائسة لأن هذا الدفع يقابله ضغط على المداخيل جراء ارتفاع تكاليف الرهن العقاري وتباطؤ الاقتصاد".
وفي سياق متصل، حذر حزب العمال بأن أكثر من مليون مواطن يواجهون زيادة في أقساط الرهن العقاري "بعد أن قام حزب المحافظين بسحق الاقتصاد".
وعقب القرار الذي اتخذه بنك إنجلترا الأسبوع الماضي الذي قضى بإبقاء أسعار الفائدة الرئيسة من دون تغيير عند معدل 5.25 في المئة، أشار الاقتصاديون بأن الأسواق تسعر على أساس أن أسعار الفائدة ستشهد خفضاً بحلول شهر مايو (أيار) وربما قبل مارس (آذار) مع تكثف الضغط على البنك المركزي.
وفي هذا الصدد، قال ماثيو راين من شركة الخدمات المالية "إيبوري" Ebury بأن "خفض سعر الفائدة الرئيس بمقدار 25 نقطة أساس أمراً متوقعاً بالكامل لاجتماع مايو الذي يعقده البنك المركزي مع احتمال كبير ببدء هذا الاقتطاع في مارس". ويقول جيمس سميث من بنك "أي أن جي" ING بأن "الأسواق محقة في تسعير عدد من التخفيضات في أسعار الفائدة لعام 2024 بدءاً من شهر مايو".
وصرح يائل سلفين كبير الاقتصاديين في مجموعة "كي بي أم جي" KPMG الاقتصادية للـ"اندبندنت" أنه فيما تشكل أرقام التضخم أخباراً سارة "فإن بنك انجلترا سيكون على الأرجح حذراً للغاية في خفض أسعار الفائدة".
ومتفقاً مع هذه المخاوف، أشار روب مورغان كبير المحللين في شركة "تشارلز ستانلي" إلى ارتفاع الأسعار في السنوات القليلة الماضية قائلاً: "نشهد نوعاً ما المقلب الآخر من التضخم المرتفع ولهذا تمكن التضخم من شق طريقه. يتمثل قلقنا في أنكم حققتم مكاسب سهلة لأن فواتير الطاقة كانت تنخفض وأسعار النفط أيضاً بشكل ملحوظ"، مضيفاً "يصعب تكرار هذا النوع من تراجع التضخم في المستقبل".
وفي الإشارة إلى الزيادة التي تلوح في الأفق في أجور المعيشة الوطنية والرواتب التقاعدية الحكومية وبداية تراجع تكاليف القروض ومعدلات الرهن العقاري، قال مورغان: "يصعب إخراج هذا الجزء الأخير من التضخم من النظام. لقد جرت الاستفادة فعلاً من الفوائد السهلة المنال الناتجة من بنك إنجلترا".
وتعليقاً على نسب التضخم، قال وزير الخزانة جيريمي هانت إن الاقتصاد عاد للطريق الصحيح "نحو النمو السليم والمستدام". ولكنه أقر بأن "عديداً من العائلات ما زالت تعاني جراء ارتفاع الأسعار ولهذا سنستمر في منح الأولوية للتدابير التي تساعد في تخفيف الضغط عن الكلفة المعيشية".
ومن جهتها قالت وزيرة الخزانة في حكومة الظل رايتشل ريفز إن التراجع الحاصل في التضخم يشكل "ارتياحاً" للعائلات "ولكن بعد 13 عاماً من الإخفاق الاقتصادي في ظل حكم حزب المحافظين، لا يزال وضع العمال أسوأ".
وأضافت "لا تزال الأسعار ترتفع في المتاجر وفي فواتير المنازل ويواجه أكثر من مليون شخص مدفوعات أعلى في أقساط الرهن العقاري العام المقبل بعد أن سحق المحافظون الاقتصاد".
© The Independent