Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تتسكع في عرض البحر"... إلى أي وجهة سترسو ناقلة النفط الإيرانية؟

غموض حول مصيرها بين موانئ لبنان وتركيا وسوريا... وواشنطن تتوعد مَن يستقبلها

ناقلة النفط الإيرانية "أدريان داريا" كانت تعرف سابقًا باسم "جريس 1" (أ.ف.ب)

منذ الإفراج عنها في منتصف أغسطس (آب) بعد احتجازها لنحو 5 أسابيع من قبل سلطات جبل طارق، لا يزال الغموض يلف مصير ناقلة النفط الإيرانية "أدريان داريا" التي تبحر في مياه البحر المتوسط، دون وجهة نهائية بعد، في وقت فرضت واشنطن عقوبات جديدة على الناقلة وسط تحذيرات أميركية من مغبة استقبالها.

وخلال اليومين الأخيرين، تضاربت الأنباء حول مصير الناقلة الإيرانية التي تجوب مياه المتوسط، بين ما إذا كانت تنوي الرسو في ميناء الإسكندرون التركي أو في لبنان، وفق تأكيد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، وهو ما سارعت بيروت في نفيه لاحقاً. فيما تحدث وزير الخارجية الأميركي عن معلومات موثوقة باتجاه الناقلة "المثيرة للخلاف بين طهران وواشنطن"، نحو ميناء طرطوس السوري، ليتحدث مراقبون أن تصاعد الناقلة الإيرانية من صفحات التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تضارب وغموض

في أول معلومات، اعتبرها مراقبون "شبه نهائية"، أعلنت أنقرة، الجمعة، "أن ناقلة النفط الإيرانية أدريان داريا، التي غيرت اسمها من (غريس 1)، تتجه إلى المياه اللبنانية بعدما غيرت مسارها عدة مرات"، بينما قالت بيروت "إنها لم تتلق إخطارا بذلك".

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، "إنه على الرغم من بيانات التعقب فإن الناقلة ليست متجهة لموانئ تركية بكل تأكيد ولكن إلى المياه اللبنانية".

وكان الوزير قال لرويترز في وقت سابق، "إن الناقلة تتجه إلى الميناء الرئيس في لبنان"، لكنه قال للصحافيين لاحقا خلال مؤتمر في أوسلو "لم أقصد أن هذه الناقلة تتجه إلى ميناء لبناني، لكن وفقا لمعلومات الإحداثيات فإنها تتجه إلى المياه الإقليمية للبلاد". وأضاف "هذا لا يعني أنها ستصل إلى ميناء لبناني، ونحن نراقب الموقف عن كثب".

في المقابل، ردت بيروت على تصريحات أوغلو بالنفي، وقال وزير المال اللبناني علي حسن خليل إنه لم يتم إبلاغ لبنان بأن الناقلة الإيرانية تبحر متجهة لأحد الموانئ اللبنانية. وسط تحذيرات أميركية من مغبة استقبالها.

كما أفادت وزيرة الطاقة اللبنانية ندى البستاني، بالتصريح ذاته وأن لبنان لم يتلق طلباً لدخول الناقلة إلى موانئه. وكتبت الوزيرة في تغريدة على "تويتر"، "إن وزارة الطاقة لا تشتري النفط الخام من أي بلد، ولبنان لا يملك مصفاة للنفط الخام". وأضافت "كما لا يوجد أي طلب لدخول ناقلة النفط (أدريان داريا 1) إلى لبنان".

وكانت بيانات ريفينيتيف لتعقب حركة السفن، ذكرت "أن أدريان داريا (غريس 1 سابقا)، التي تحمل أكثر من مليوني برميل نفط، غيرت مسارها مرة أخرى أمس الجمعة، واتجهت إلى ميناء الإسكندرون التركي على بعد نحو 200 كيلومتر شمالي مصفاة بانياس في سوريا التي يعتقد أنها كانت المقصد الأصلي للناقلة".

وجاء تلك البيانات، فيما كان لا يزال الغموض يخيم على الوجهة النهائية لناقلة النفط ومصير حمولتها منذ مغادرتها جبل طارق في 18 أغسطس. إذ يثير كل تغيير في اتجاه السفينة الضخمة التي تنقل 2.1 مليون برميل بقيمة نحو 140 مليون دولار، تكهنات عدة.

وأظهرت مراقبة الحركة البحرية "أن آخر وجهات أدريان داريا المدرجة، وهي ليست بالضرورة الميناء الموافق عليه، كانت في تركيا. بعد أن أظهرت مواقع التتبع مرسيين كوجهة لها، تحولت بعد ذلك إلى إسكندرون". وسمحت المحكمة العليا في جبل طارق في 15 أغسطس للناقلة بالمغادرة بعدما أكدت طهران بأن الحمولة لن تسلّم إلى سوريا.

وفي حين نفت إيران أن تكون سوريا وجهة شحنة النفط، فإن الخبراء قالوا "إن الفرضية المحتملة هي نقل الشحنة الى سفن أخرى على أن تكون سوريا الوجهة الأخيرة. ولسوريا موانئ على البحر الأبيض المتوسط تخضع أيضا لعقوبات أميركية وأوروبية بسبب النزاع المستمر منذ ثماني سنوات".

والاثنين الماضي، أعلنت إيران أنها "باعت النفط" المحمل على الناقلة وأن المالك سيقرر وجهتها. لكنها لم تحدد هوية المشتري، أو ما إذا كانت باعت النفط قبل أو بعد احتجاز الناقلة في مضيق جبل طارق، على الطرف الجنوبي لإسبانيا. كما قالت إيران إنها لا تستطيع تسمية الوجهة الفعلية بسبب "الإرهاب الاقتصادي" للولايات المتحدة وعقوباتها على مبيعات النفط الإيرانية.

وكانت "أدريان داريا 1" أبحرت باتجاه شرق البحر المتوسط بعد ثلاثة أيام من الإفراج عنها. وأكدت مواقع متخصصة بمراقبة حركة النقل البحري أن الناقلة الضخمة غيرت اتجاهها عدة مرات، دون أي منطق واضح.

عقوبات أميركية

وبين الرسو في إحدى الموانئ التركية أو اللبنانية أو حتى السورية كوجهة نهائية لـ"أدريان داريا"، تصاعدت اللهجة الأميركية خلال الساعات الأخيرة ضد الناقلة الإيرانية، التي وصفها تطبيق "تانكتراكزر" على وسائل التواصل الاجتماعي الجمعة بأنها "تتسكع بلا هدف في البحر المتوسط"، حيث فرضت واشنطن عقوبات على الناقلة، وأكدت أن لديها "معلومات موثوقة" بـأنها تنقل النفط إلى سوريا في تحد لعقوبات واسعة مفروضة على نظام الرئيس بشار الأسد.

وكتب وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو مساء أمس الجمعة في تغريدة "لدينا معلومات موثوقة بأن الناقلة في طريقها إلى طرطوس، بسوريا".

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن السفينة "ملكيّةً مصادرة" وفقاً لقرار يتعلق بمكافحة الإرهاب و"كل من يقدم الدعم لأدريان داريا 1 يواجه خطر فرض عقوبات عليه". وبحسب القرار فإن قبطان الناقلة أخيليش كومار مستهدف أيضا بهذه العقوبات.

وقالت وزارة الخزانة في بيان "أدريان داريا 1 تُعتبر ملكيّةً محظورة وفقاً لقرار تنفيذي يستهدف الإرهابيين وأولئك الذين يدعمون الإرهابيين أو الأعمال الإرهابية". وقالت الإدارة الأميركيّة إنّ الناقلة "تحمل 2.1 مليون برميل من النفط الخام الإيراني الذي يستفيد منه بنهاية المطاف فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني"، الذي تصنفه واشنطن "إرهابياً".

كما قالت سيغال ماندلكير، مساعدة وزير الخزانة والمكلّفة مكافحة تمويل الإرهاب، إنّ "سفناً مثل أدريان داريا 1 تُموّل الأنشطة الضارة للنظام وتنشر الإرهاب". وأضافت "أيّ شخص يُقدّم الدعم (للناقلة) يواجه خطر فرض عقوبات عليه".

صفحة جديدة من التوتر

على وقع الغموض الذي يلف مصير ناقلة النفط الإيرانية، الذي يعد أحد صفحات التوتر المتصاعد بين طهران وواشنطن في المنطقة منذ عدة أشهر، يرجح مراقبون "ألا تنتهي أزمة الناقلة في القريب العاجل، بل ستزيد من صفحات التوتر بين الولايات المتحدة وإيران".

وأرجع سايمون هاندرسون، مدير "برنامج برنستاين لشئون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن، ما يحدث في المتوسط بين الأميركيين والإيرانيين، وناقلة النفط، إلى "التوتر المتصاعد في مياه الخليج العربي".

وفي مقال له بعنوان "الشجار الأميركي ـــ الإيراني حول سفينة هو عرض جانبي للأحداث في الخليج" أشار هاندرسون إلى "أن هنالك الكثير وراء الكواليس، وإن فصلا جديدا من الدراما سوف يبدأ، وسينتج عن ذلك أحد أمرين؛ إما زيادة العزلة الاقتصادية والسياسية لإيران، أو نكسة محرجة لسياسة العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران". مؤكداً "أن التطورات المستقبلية في الخليج أكثر أهمية بسبب أولوية الخليج في إمدادات النفط العالمية، وتصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن الممرات المائية لن تكون آمنة كالسابق إذا تعرضت صادرات إيران النفطية للتهديد".

وبحسب هاندرسون، "فإن التكتيك الأميركي في الوقت الراهن يتمثّل في الحركة القديمة المفضلة لدى واشنطن، وهي التحدي القانوني في ملاحقة السفينة".

في المقابل، وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، "فإن واشنطن وسعت مواجهتها مع إيران في ميدان آخر، متمثل في الحرب السيبرانية بين البلدين، وتدمير قواعد البيانات الإيرانية التي تستخدم في التخطيط للهجمات على ناقلات النفط".

ووفقما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين بارزين، لم تسمهم، "فإن الولايات المتحدة شنت هجوما سيبرانيا سريا ضد إيران، أسفر عن حذف قاعدة بيانات مهمة تستخدمها الذراع شبه العسكرية لطهران في التخطيط لهجمات على ناقلات النفط. كما تسبب الهجوم في شل قدرات قاعدة البيانات على استهداف حركة الشحن في الخليج العربي، بصفة مؤقتة على الأقل".

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول استخباراتي أميركي سابق، قوله "إن العملية السيبرانية الأميركية تستهدف تغيير السلوك الإيراني من دون الشروع في صراع أوسع نطاقا أو التسبب في رد انتقامي، مشيرا إلى أن الضربات الإلكترونية تشبه كثيرا العمليات السرية".

وتصاعدت حدة التوتر في الخليج منذ الانسحاب الأميركي في 2018 من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض عقوبات أميركية قاسية على إيران.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة