ملخص
ما أبعاد الدفع بنائب الرئيس سفيراً لليمن لدى القاهرة؟
عينت اليمن السياسي المخضرم خالد محفوظ بحاح سفيراً لها لدى القاهرة خلفاً لمحمد مارم في إطار مساعي الرئاسة اليمنية دفع شخصية ذات ثقل سياسي بهدف ترميم العلاقة بين البلدين وإنعاشها، خصوصاً أن مصر تمثل الوجهة الرئيسة الأولى لمئات آلاف اليمنيين للعلاج والدراسة والسياحة والاستثمار ورحلات العبور نحو العالم.
وأمس الأربعاء، أدى بحاح القسم الجمهوري أمام رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الذي "حثه على الاضطلاع بمسؤولياته الكاملة والعمل على رعاية مصالح اليمن وخدمة رعاياه المقيمين والوافدين إلى جمهورية مصر العربية بما يجسد العلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات"، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية "سبأ".
أهمية تاريخية
ونظراً إلى ما تمثله مصر من أهمية كبرى لدى اليمنيين منذ ما قبل دعمها لثورتهم التحررية مطلع الستينيات وتضحياتها الكبرى هناك كأول بلد يعترف بـ"الجمهورية العربية اليمنية" الوليدة عام 1962 وإشرافها على بناء مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، كان اسم بحاح ذي السيرة الحكومية الرفيعة بمثابة الاختيار الموضوعي لرجل يتمتع برصيد سياسي حافل لدى بلد يحتل أهمية إقليمية ودولية بارزة.
واكتسب بحاح تلك السيرة خلال تسلمه مناصب قيادية بدأت بوزارة النفط والمعادن ورئيساً للوزراء قبل أن يستقيل جراء مضايقات الحوثيين الذين حاصروا منزله في صنعاء ومنزل الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي نهاية عام 2014 ثم تعيينه نائباً لهادي في أبريل (نيسان) 2015، قبل أن يقال من منصبه في الشهر ذاته من عام 2016 في أوج حرب الشرعية ضد ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
وفي بلد يعيش حالاً من الاحتراب الدامي، تقف أمام ابن حضرموت مهمات عدة تتعلق برعاية جالية كبيرة تنتشر في مناطق مصرية عدة عقب الجور الذي يعيشه اليمن تحت سطوة ميليشيات الحوثي وتمتعهم بتسهيلات في الإقامة والدراسة والاستثمار قوبلت بإشادات رسمية وشعبية يمنية، إضافة إلى التنسيق المشترك في مختلف المجالات، ومنها أعمال اللجنة العليا المشتركة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال الفترة الأخيرة عقدت لقاءات عسكرية رفيعة توجت بزيارات متبادلة لقادة وزارتي الدفاع في البلدين تترجم في إطار مساعي الحكومة الشرعية تعزيز قدرات قواتها المسلحة التي تخوض حرباً مع ميليشيات الحوثي منذ تسعة أعوام، إضافة إلى الأمن الدولي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وما يتصل بمنح التبادل العسكري في الكليات والأكاديميات المصرية وهي جوانب تشكل أهمية لليمن ينتظر من السفير الجديد مواصلة تفعيلها.
سيرة مزدحمة
ولد خالد محفوظ بحاح عام 1965 في منطقة الديس الشرقية التابعة لمحافظة حضرموت (شرق اليمن) وحصل على شهادة الماجستير تخصص تجارة وإدارة أعمال من جامعة بونا في الهند عام 1992، وتولى مناصب قيادية عدة في مجال النفط ولذلك جاء تعيينه وزيراً للنفط في 2006.
يتردد في اليمن أنه اصطدم مع شخصيات نافذة مقربة من الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، فأقيل قبل أن يعينه سفيراً لليمن لدى كندا عام 2008 ثم مندوباً للبلاد لدى الأمم المتحدة في 2014.
وعلى وقع انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة صنعاء، عاد بحاح لواجهة الأحداث السياسية بعدما كلفه الرئيس هادي في الـ13 من أكتوبر (تشرين الأول) 2014 تشكيل حكومة كفاءات باسم "حكومة السلم والشراكة الوطنية"، عقب استقالة حكومة محمد سالم باسندوة بضغط من جماعة الحوثي إثر احتلالهم عدداً من المؤسسات السيادية المهمة للدولة في العاصمة صنعاء في الـ21 من سبتمبر (أيلول) 2014، في محاولة لاحتواء الموقف ومنع نشوء حرب أهلية، لكن الجماعة الحوثية واصلت مشروع سيطرتها الكامل على مؤسسات الدولة ومفاصلها، مما تسبب في توقف الحكومة عن أداء مهماتها المعتادة.
ونتيجة لهذه الحال، أعلن بحاح في الـ22 من يناير (كانون الثاني) 2015 استقالته من رئاسة الحكومة، وقال "حتى لا نكون طرفاً في ما يحدث ولا نتحمل مسؤولية ما يقوم به غيرنا أمام الله وأمام الشعب"، لتقابل جماعة الحوثي نص الاستقالة بفرض الإقامة الجبرية عليه وعلى عدد من وزراء حكومته ومحاصرة منازلهم ومعهم الرئيس هادي الذي أعلن وصوله إلى عدن بصورة مفاجئة وتمكنه من تجاوز الحصار الحوثي.
ولم ترفع الميليشيات إجراءات الإقامة الجبرية عن بحاح ومن معه إلا في الـ16 من مارس (آذار) 2015، وقال حينها في بيان نشره على صفحته على "فيسبوك"، إن الخطوة جاءت "بادرة حسن نية صادقة من قيادات الحوثيين بهدف الدفع إيجاباً بالعملية السياسية الجارية حالياً برعاية الأمم المتحدة".
عقب ذلك، توجه بحاح إلى مسقط رأسه حضرموت ومنها إلى خارج البلاد.
وفي الـ12 من أبريل (نيسان) 2015 أصدر هادي قراراً بتعيينه نائباً لرئيس الجمهورية، إضافة إلى مهماته رئيساً للوزراء ثم إقالته بعد عام وتعيينه مستشاراً للرئيس، فيما عُيّن علي محسن الأحمر خلفاً له وأحمد عبيد بن دغر رئيساً للحكومة.