Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تيك توك يجدد علاقة جيل الألفية بالكتاب

أشرطته الترويجية تغير طرق النشر والتوزيع

من قال إن الكتب ماتت فهو حتماً لم يقض الكثير من الوقت على "تيك توك" ولا في المكتبات التي لديها الآن عروض ترويجية تقول: "كما شوهد على ’ تيك توك’" (أ ب)

ملخص

يعد تصوير القراء لأنفسهم وهم ينهون كتاباً في يوم واحد وخلفهم على الرفوف مئات الكتب الأخرى جزءاً لا يتجزأ من العرض على المنصة

في أحد الفيديوهات على منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة "تيك توك" TikTok، تقوم الكاميرا بعرض ثمانية كتب تحوي على المئات من علامات التبويب اللاصقة، لتتباهى صاحبة الفيديو بالقول إنها قامت بقراءة جميع هذه الكتب. وبعد ذلك، تظهر تسمية توضيحية على الشاشة تقول: "الكتب التي سأضحي بأي شيء من أجل إعادة قراءتها من جديد". وبينما يبلغ الإيقاع الموسيقي المرافق مداه، تمتد يد بأظافر مشذبة ومطلية لتكشف عن أغلفة هذه الكتب، وتعرض مؤلفين بارزين مثل سيمون دي بوفوار، وإيلينا فيرانتي، وسالي روني.

مستخدمة "تيك توك"، والتي تدعى "buryme.withmybooks" أو (أدفني مع كتبي)، لا توضح سبب إعجابها بهذه الكتب، لكن هذا لا يهم فالمبالغة هي الأمر السائد في عالم وسائل التواصل الاجتماعي. شاهدَ الفيديو ما يقرب من 9.3 مليون شخص، فيما قام حوالى 400 ألف آخرين بحفظه للرجوع إليه في المستقبل.

بحسب صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية فإن "تيك توك"، الذي يضم أكثر من مليار مستخدم منتظم، بدأ يترك تأثيراً كبيراً في عالم النشر. جزء كبير من هذا التأثير نابع من تطبيق هو من بين الأضخم على الموقع يدعى "بوك توك" BookTok، المجتمع الذي يضم مستخدمين يشاركون تجاربهم في قراءة الكتب والتعليق على محتواها. شوهدت الفيديوهات التي حملت وسم Booktok# أكثر من 179 مليار مرة، أي أكثر من ضعف عدد مشاهدات BeautyTok  (المختص بعالم الجمال والموضة على المنصة). وإذا ما أضفنا وسوم كل من #القراءة و #الكتب و #الأدب فإن عدد المشاهدات سيرتفع إلى أكثر من 240 مليار. من قال إن الكتب ماتت فهو حتماً لم يقض الكثير من الوقت على "تيك توك"، ولا في المكتبات التي لديها الآن عروض ترويجية تقول: "كما شوهد على ’ تيك توك’".

وبحسب الصحيفة، كان واحد من بين كل أربعة من مشتري الكتب العام الماضي في بريطانيا مستخدماً لتطبيق "تيك توك". على رغم أن شريحة المبيعات المنسوبة مباشرة إلى التطبيق لا تزال صغيرة حيث إن ما تروج له منصات الفيديو مثل "تيك توك" و"يوتيوب" مسؤولة عن حوالى 3 في المئة فقط من المبيعات في ذلك العام وفقاً لشركة Nielsen للأبحاث، إلا أن تأثير "تيك توك" في ارتفاع مضطرد. فبحسب إحصاءات الشركة، من المرجح أن تستخدم المجموعة الأكبر من مشتري الكتب - النساء بعمر 54 سنة أو أقل - التطبيق أكثر من أقرانهن الذكور. وهنا يأتي دور التوصيات التي ينشرها "تيك توك" على مشترياتهم، والذي بحسب "ذي إيكونوميست" سيؤدي إلى خلق نجوم أدبيين جدد أو حتى إعادة اكتشاف نجوم لم يكونوا معروفين في السابق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"تيك توك" ليس أول منصة على الإنترنت تقوم بتغيير النظرة نحو أساليب النشر والتواصل مع القراء. فلقد ساعد موقع يدعى Wattpad، وهو شركة نشر تأسست عام 2006، الكتّاب على نشر القصص والوصول إلى القراء عبر الإنترنت. ومنذ سنوات طويلة سمحت مواقع مثل "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تويتر" للمؤلفين بالتواصل مع القراء، وأحياناً توقيع كتاب معهم.

لكن الأمر مختلف قليلاً هنا مع "تيك توك". فإحدى الطرق التي يمكن النظر فيها لـ BookTok هو اعتباره نادياً للكتب في عصر الإنترنت. فكما يمكن لنجوم مثل أوبرا وينفري وباراك أوباما أن يتسببوا في نفاد نسخ كتب من أرفف المكتبات لمجرد تحديثهم قوائم قراءاتهم التي يوصون بها، فإن BookTok يفعل شيئاً مشابهاً تماماً. لكن متذوقي ومروجي الكتب هنا ليسوا عادةً من المشاهير، بل أشخاص عاديون، فتيات جذابات ربما، ممن يقمن بتحديات القراءة، غالباً في غرف نوم مضاءة بشكل رائع.

من نواحٍ عدة، أصبح BookTok نوعاً فنياً متميزاً يمجد المشاعر تجاه الشخصيات والقصص، وهذا يتناقض مع نقاد الأدب التقليديين، الذين غالباً ما يُنظر إليهم على أنهم أكثر تحفظاً وأقل ميلاً إلى مشاركة استجاباتهم العاطفية الشخصية تجاه الكتب.

قد يشكك بعض محبي الكتب القديمة في أن BookTok لا يتعلق بالكتب بقدر اهتمامه بالأشخاص الذين يسعون إلى الاهتمام من خلال الترويج لها. لكن الكتب التي تُروج هناك هي من بين الكتب الأكثر مبيعاً بالفعل. وقد حظيت الروايات المصنفة على أنها "رومانسية" بأكبر حصة من الدعم وهو ما يذكرنا بالتغيرات التي رافقت التحولات التكنولوجية السابقة كظهور الكتب الإلكترونية.

على سبيل المثال، انتشرت رواية It Ends With Us لكولين هوفر بشكل واسع على "تيك توك" في أوائل عام 2022 لتباع بعدها أكثر من مليون نسخة ورقية في بريطانيا. كما أن ستة من الكتب العشرة الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة العام الماضي هي من قام بكتابتها أيضاً.

لكن العناوين المفضلة بالنسبة لـ BookTok غالباً ما تكون الإصدارات الأقدم، والتي كُتبت قبل اختراع التطبيق. على سبيل المثال، لفتت الجمالية المعروفة باسم "الأكاديمية المظلمة"، التي تضفي سحراً على الجامعات ذات الطراز القوطي والأدب الكلاسيكي، الانتباه إلى رواية مؤلفة من 544 صفحة نُشرت في عام 1992 بعنوان "التاريخ السري" للكاتبة دونا تارت.

كما أدى عرض منصة "نتفليكس" للمسلسل الشهير Bridgerton- الذي اكتسب شعبية في المقام الأول بسبب أزياء ممثليه الجذابة بصرياً والنابضة بالحياة لكن مع قصة ضحلة نسبياً - إلى خلق معجبين جدد للرومانسية التاريخية، وفي المقابل، ألهم القراء الشباب لإعادة اكتشاف الكتب الكلاسيكية مثل Pride and Prejudice.

نظراً لأن "تيك توك" هو منصة تعنى بالأشياء المرئية للغاية، فإن التطبيق له تأثير كبير على مبيعات الكتب الورقية على وجه الخصوص، وهو أمر لا توفره الكتب الإلكترونية. وفقاً لاستطلاع شركة Nielsen، فإن 80 في المئة من البريطانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و25 سنة يفضلون الكتب المطبوعة التي يستطيعون من خلالها وعبر مجتمع BookTok عرض تعليقاتهم التوضيحية على صفحات الكتاب وكذلك تصفح أوراقه. كما ويعد تصوير أنفسهم وهم ينهون كتاباً في يوم واحد وخلفهم على الرفوف مئات الكتب الأخرى جزءاً لا يتجزأ من العرض. سيشعر المشاهدون بمزيد من الإعجاب إذا بدا الكتاب سميكاً.

يستفيد بعض الناشرين من مراقبة مقاطع الفيديو على BookTok حول الكتب المقبلة التي يمكن أن تحقق شهرة وانتشاراً واسعين ليحصلوا بعدها على حقوق النشر. وهو ما قامت به أيضاً سارة بينتون، المديرة التنفيذية السابقة في دار أوريون للنشر عندما علمت أن فيلم الإثارة "المريض الصامت" The Silent Patient الذي نشرته الشركة منذ عامين، شهد ارتفاعاً غير متوقع في شعبيته، قامت بتعديل استراتيجيتها التسويقية وأخبرت دور الكتب بضرورة تسليط الضوء على النجاح الذي حققه الفيلم على BookTok. سرعان ما أصبحت مثل هذه الاستراتيجيات ممارسة معيارية.

قد يجد الناشرون أن "تيك توك" لا يعني المزيد من القراء الجدد فحسب، بل يعني أيضاً المزيد من المنافسة. فبحسب "ذي أيكونوميست" أيضاً، تخطط شركة ByteDance الصينية التي تمتلك التطبيق، لإطلاق ناشر كتب خاص بها ويقال إنها تجري مناقشات للتعاقد مع كتاب القصص الرومانسية. إن حقيقة امتلاك إحدى الشركات الصينية لواحدة من أهم المنصات لحرية التعبير للشباب في الغرب – ومنبراً ضخماً لتوصيات الكتب وما تحمله من رمزية لتعزيز الحرية الفكرية - هي عبارة عن حبكة تصلح للخيال، ختمت الصحيفة.

المزيد من منوعات