ابتسم دونالد ترمب لدى انضمامه خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي إلى حفلة عرس لم يُدعَ لحضورها في نادي الغولف الحصري الذي يملكه في ولاية نيو جيرسي، غداة نشر مسلّح بياناً مطولاً معادياً للمهاجرين على شبكة الانترنت قبل أن يسارع إلى قتل 22 شخصاً داخل متجر وولمارت في ولاية تكساس.
بدا الرئيس سعيداً فيما لوّح بيديه للحضور المبتهج وصفّق للعروسين. ولم يُعرف إن كان قد أحيط علماً قبل ذلك بالمجزرة التي وقعت قبل ساعات قليلة فقط من إقدام مسلّح آخر على إطلاق النار في شارع مزدحم من مدينة دايتون في ولاية أوهايو.
لكن غياب ترمب عن واشنطن وانتشار صور له وهو يحتفل في ناديه خلال عطلة نهاية الأسبوع التي تخللتها حوادث إطلاق نار خلّفت 31 قتيلاً في أقل تقدير، اللذين ذاعت أنباؤهما على نطاق واسع، أثارا انتقادات سريعة من أميركيين طالبوا سياسيّ بلادهم " باتخاذ إجراءات فعلية" حيال جرائم إطلاق النار.
أما بالنسبة لزيارته مدينة بدمنستر في ولاية نيو جيرسي خلال نهاية الأسبوع، في بداية عطلة مطوّلة فهي ليست بالحدث الجديد. غالباً ما يترك الرئيس البيت الأبيض ويسافر إلى منتجعاته الخاصة ونوادي الغولف الحصرية التي يملكها. وهو يقضي حالياً إجازة لعشرة أيام يُتوقع أن يلعب خلالها الغولف. لكن أسهم ترمب بزياراته المتكررة لمنتجعاته الخاصة في إثارة فضيحة كبيرة، وهي التكلفة الضخمة والآخذة بالارتفاع لاجازاته التي يقضيها في لعب الغولف، التي تأتي من جيوب دافعي الضرائب.
أنفق جهاز الخدمة السرية الأميركي حتى الآن ما يزيد على مليون دولار أميركي لحماية الرئيس خلال لعبه الغولف في نواديه الخاصة في ولايات فلوريدا وواشنطن ونيو جيرسي، حسبما تفيد معلومات "أميريكان بريدج توينتي فرست سنتشوري" وهي مجموعة بحثية ترصد الإنفاق الحكومي داخل ممتلكات ترمب، أطلعت الاندبندنت على نتائج استقصاءاتها.
ويبلغ الرقم تحديداً 1.123.305 دولار أميركي من ضمنه 529.265 دولار أنفقتها الوكالة لاستئجار عربات الغولف، و579.440 دولاراً ثمناً للحمامات والمكاتب المتنقلة والسقالات والزجاج المضاد للرصاص.
ربما يبدو مفاجئاً تخصيص الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة كل هذا الوقت من أجل لعب الغولف منذ توليه منصبه. فحين كان باراك أوباما في البيت الأبيض، دأب ترمب على انتقاده بسبب لعبه الغولف ملمّحاً إلى أنه على الرئيس تخصيص وقته لشؤون الدولة الأهم بدل اللعب.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2014، غرّد ترمب قائلاً "هل تصدّقون بأنه مع كل المشاكل والمصاعب التي تواجهها الولايات المتحدة، قضى الرئيس أوباما اليوم بلعب الغولف. هو حتى أسوأ من كارتر".
وفي اليوم التالي تابع بقوله "ندفع ثمن الرحلات التي يسافر فيها أوباما كي يجمع الملايين من أموال التبرعات كي يترشّح الديمقراطيون للانتخابات عبر الأكاذيب. وفوق ذلك، ندفع أيضاً تكلفة لعبه الغولف".
وفي عام 2016 خاطب حشداً انتخابياً قائلاً "أحب لعب الغولف ولكن إن كنت أنا في البيت الأبيض لا أظن أنني سأرى منتجع تورنبيري أو نادي دورال مجدداً. لا أعتقد أنني سأرى أي شيء مجدداً. جلّ ما أريده هو البقاء في البيت الأبيض والعمل حتى الإنهاك".
لكن يظهر أنه منذ انتخابه، تبخر حرصه الشديد على الابتعاد عن الملعب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال جيب فاين، مدير الاتصالات في مجموعة أميريكان بريدج توينتي فرست سنتشوري لـ "اندبندت" إن "تعهّد دونالد ترمب بعدم لعب الغولف على الإطلاق والانكباب على العمل، هو على الأرجح ذروة الوعود التي نكث بها دونالد ترمب وهناك لائحة طويلة من هذه الوعود. من حق دافعي الضرائب أن يعرفوا كيف يموّل تكاسله على ملعب الغولف.. وتبدو الأرقام لدى احتسابها مذهلة للغاية".
و بحسب التقديرات الأخيرة، قضى ترمب 202 يوماً من رئاسته على الأقل في لعب الغولف قبل توجهه لقضاء عطلته الأخيرة.
ووصلت التكلفة الأجمالية لرحلات الغولف التي تمتع بها الرئيس إلى نحو 107 مليون دولار أميركي تقريباً موّلها دافعو الضرائب، وأظهر تحليل قام به موقع "هاف بوست" أنّ كل واحدة من رحلاته إلى مدينة بيدمنستر كلّفت 1.1 مليون دولار.
ولدى مقارنتها بإجازات رؤساء سابقين، مثل أوباما الذي لعب الغولف 306 مرة فقط خلال 8 سنوات قضاها في سدة الرئاسة، تبرز بقوة رحلات اترمب المتكررة بعيداً عن البيت الأبيض. وتتركز زيارات الرئيس بشكل أساسي على ممتلكاته الخاصة رغم إشارة منتقديه إلى أنه يستفيد من موقعه كقائد أعلى.
حاول البيت الأبيض سابقاً الدفاع عن ترمب ونفقات لعب الغولف التي راكمها في نيو جيرسي، فقال إن الرئيس يزور ناديه في بدمنستر لتجنب دفع كلفة أعلى تترتّب على نزوله في برج ترمب في نيو يورك أي في منزله السابق.
بعد اطلاعه على رد البيت الأبيض السابق علّق فاين بقوله "يا للمهزلة. لا يصدّق أي انسان على الإطلاق أن ترمب يزور نوادي الغولف التي يملكها، ويكلّف دافعي الضرائب الملايين بداعي الإيثار أو لشعوره بالمسؤولية المالية".
© The Independent