Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بروتوكول الصيد بين المغرب وأوروبا يفتح "باب الندية"

انتهى العمل به في الشهر الجاري والرباط تسعى إلى تأكيد مبادئها السيادية وتجاوز فكرة "المقابل المالي" إلى شراكة بـ"قيمة مضافة"

المغرب يسعى إلى الاستفادة من الصيد في مياهه الإقليمية (أ ف ب)

ملخص

الرباط تسعى إلى تجديد البروتوكول وفق تصوراتها الجديدة التي تأخذ بعين الاعتبار مبادئها السيادية وسياستها العمومية، إضافة إلى الجانب العلمي بعيداً من الاستنزاف الخطير وغير المسؤول للثروات الطبيعية.

إثر انتهاء البروتوكول الملحق لاتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يسعى الأخير إلى تجديده، بينما تفرض الرباط شروطاً لاستمرار الشراكة بين الطرفين منها تحديد موقف الاتحاد من نزاع الصحراء، في حين يتحدث مراقبون عن سعي المغرب إلى تغيير النظرة الأوروبية لشكل العلاقة بين الجانبين.

وكان الاتحاد الأوروبي أبرم اتفاق شراكة مع المملكة عام 1996، دخل حيز التنفيذ في 2000 وتمتد الشراكة بين الطرفين في مجال الصيد البحري منذ عام 1988 بتوقيع اتفاقات وبروتوكولات تنفيذية عدة تسمح لأسطول سفن من بعض الدول الأوروبية بالصيد في جانب من المياه المغربية مقابل استفادة المملكة من تعويضات مالية والإسهام في تطوير قطاع صيدها البحري.

بروتوكول لم يجدد

اعتمد الاتحاد الأوروبي والمغرب بروتوكولاً تنفيذياً يمتد على مدى أربعة أعوام (2019-2023) يحدد تفاصيل عمل سفن الاتحاد الأوروبي، وكذلك التعويض المالي الذي يستفيد منه المغرب والذي حدد بـ208 ملايين يورو، وبالموازاة مع البروتوكول اعتمد الطرفان اتفاقاً يسمح بالصيد لـ128 سفينة تابعة لـ10 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي هي إسبانيا والبرتغال وفرنسا وألمانيا وليتوانيا وهولندا وإيرلندا وبولندا وإيطاليا.

ومع انتهاء صلاحية البروتوكول الأخير أول من أمس الإثنين، تطرح تساؤلات حول تأخر تجديده في وقت يطالب المغرب الاتحاد الأوروبي بضرورة تحديد موقفه من نزاع الصحراء كشرط لاستمرار شراكتهما، إذ أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن بلاده تدرس مستقبل بروتوكول الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، موضحاً أن الشراكة الخاصة بمجال صيد السمك بمقابل مادي أصبحت متجاوزة لأن المغرب يرغب في شراكة "بها ندية ولها قيمة مضافة"، وأردف أن اتفاق الصيد البحري بين الطرفين الموقع عام 2019 ما زال ساري المفعول وأن البروتوكول الملحق بالاتفاق هو الذي انتهى في يوليو (تموز) الجاري.

من جهته قال وزير الفلاحة والصيد البحري والأغذية الإسباني لويس بلاناس بوشادس إن "موقف إسبانيا واضح للغاية بهذا الخصوص لأنها تدعم الاتحاد الأوروبي والمغرب في إبرام بروتوكول جديد للأعوام الأربعة المقبلة".

وشهدت الدورة الخامسة للجنة المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي المكلفة تتبع اتفاق الشراكة في مجال الصيد البحري المستدام التي انعقدت الخميس الماضي ببروكسل تعثر تجديد البروتوكول المذكور، وعقب الاجتماع "اتفق المغرب والاتحاد الأوروبي على مواصلة تعاونهما على النحو المنصوص عليه في اتفاق الشراكة في مجال الصيد البحري المستدام الذي لا يزال ساري المفعول، وذلك بهدف تعميق الشراكة الثنائية في الجوانب الأساسية مثل الحملات العلمية والتعاون التقني ومكافحة الصيد غير القانوني والإدماج الاقتصادي للفاعلين وتدابير السلامة في البحر، وكذلك تحسين ظروف العمل وحماية البحارة".

أسباب تعثر التجديد

الباحث في العلاقات الدولية هشام معتضد يشير إلى وجود إكراهات مرتبطة بتجديد ذلك البروتوكول، منها ما هو سياسي محض وأخرى مرتبطة بالأمور التقنية والعلمية والاستراتيجية، معتبراً أن "القادة الأوروبيين غير قادرين بعد على استيعاب تطور الفكر السياسي المغربي ورؤيته الاستراتيجية بخصوص البناء المشترك بينهما"، ومنوهاً بأن "الاتحاد الأوروبي يسعى إلى الإبقاء على مقاربة البائع والزبون في تدبير هذا الاتفاق".

وأضاف أن الرباط تسعى إلى تجديد البروتوكول وفق تصوراتها الجديدة التي تأخذ في الاعتبار مبادئها السيادية وسياستها العمومية، إضافة إلى الجانب العلمي بعيداً من الاستنزاف الخطر وغير المسؤول للثروات الطبيعية.

وتابع معتضد أن "إسبانيا التي تترأس حالياً الاتحاد الأوروبي ستعمل على إيجاد منصة للحوار الإيجابي بين الطرفين وستستغل علاقتها الدبلوماسية الممتازة في الوقت الحالي مع الرباط من أجل دفع المحادثات إلى إيجاد أرضية مشتركة بهدف تجديد هذا البروتوكول الاستراتيجي لقطاع الصيد البحري الأوروبي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورجح أن "يضطر الاتحاد الأوروبي في الأخير إلى الاختيار بين فهم الرؤية السياسية المغربية واحترامها من أجل بناء مشترك يستجيب لتطلعات شعوب المنطقة، وبين تشبثه بمنظوره التقليدي ومحاولته اللعب على وتر الوقت والمال من أجل تجديد يستجيب لرؤيته السياسية"، معتبراً أن على أوروبا اتخاذ موقف واضح تجاه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية واحترام رؤية الرباط الاستراتيجية بخصوص تدبير قطاع الصيد البحري وأخذ الخلاصات العلمية حول تدبير الثروات السمكية في الاعتبار.

ويرى محللون أن عدم تجديد بروتوكول الصيد البحري بين الرباط وبروكسل لن يضر المغرب بالنظر إلى الخيارات المتاحة أمامه، وذلك في إطار تنويع الشراكات التي اعتمدها أخيراً، إذ أوضح الباحث الاقتصادي بدر زاهر الأزرق أن "بإمكان المغرب إطلاق شراكات عدة في مجال الصيد البحري مع دول أخرى غير أوروبية، كما هي الحال مع اليابان والصين، إضافة إلى نهج تطوير قطاع الصيد البحري وربطه بالصناعات التحويلية، وهو ما يمكنه الإسهام في رفع القيمة المضافة لصادرات المنتجات البحرية المغربية".

صراع على النفوذ

قضت محكمة العدل الأوروبية في سبتمبر (أيلول) من عام 2021 بإلغاء اتفاقي الصيد البحري والمنتجات الزراعية المبرمين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بدعوى أنهما يشملان منطقة الصحراء عقب دعوى أقامتها جبهة "بوليساريو" التي تتنازع السيادة على تلك المنطقة مع المملكة منذ سبعينيات القرن الماضي، فعللت المحكمة قرارها بأن الاتفاقين "لم يراعيا ضرورة الحصول على موافقة شعب الصحراء الغربية باعتباره طرفاً معنياً بهما"، وأنهما "لا يمنحانه حقوقاً بل يفرضان عليه واجبات"، فيما استأنفت المفوضية الأوروبية الحكم، ومن المتوقع أن يستغرق بت القضية أشهراً عدة.

من جهتها، أعلنت جبهة "بوليساريو" في الثامن من يوليو الجاري أنها اقترحت الشروع في منح تراخيص صيد مباشرة لمدة عام واحد للصيادين الإسبان، في حين أشار ممثل الجبهة في إسبانيا عبدالله العرابي إلى أنه على دول الاتحاد الأوروبي إما أن "تواصل العمل مع المغرب في انتهاك صريح للقانون الدولي وقرارات المحكمة الأوروبية الصادرة في هذا الشأن، أو أن تختار الشرعية والتفاوض مع جبهة بوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي المالك الحصري لهذه الثروات"، بينما رد وزير الفلاحة والصيد البحري والغذاء الإسباني على عرض الجبهة، قائلاً "لا أعطي أهمية لهذا العرض، أي اتفاق صيد فهو بين الرباط وبروكسل".

واعتبر الباحث هشام معتضد أن جبهة "بوليساريو" لم تتمكن من تعطيل البروتوكول، لكن مدته الزمنية انتهت قانونياً ولم يتم تجديدها سياسياً بعد، موضحاً أن "قيادة الجبهة حاولت استخدام عدم تجديده من أجل تمرير بروباغندا إعلامية ومغالطات سياسية بهدف التمويه على رأيها العام الداخلي والإيحاء بأنها أثرت في القادة الأوروبيين لعرقلة تجديد الاتفاق، بل أنجزت مسرحية وهمية بعرض تفاهم مع أطراف خارجية لإنجاز اتفاق للصيد البحري، بقيت حبيسة الأوراق والاستهلاك الإعلامي"، على حد تعبيره.

المزيد من تقارير