Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سياحة الاستكشاف... "العالم الخطر" في عيون الأثرياء المغامرين

دفع مبالغ خيالية مقابل رحلات جسورة ليس جديداً بل يعكس هوس النخبة باستكشاف الزوايا الأبعد

كانت "أي-اكس-1" أول مهمة رائد فضاء خاصة إلى محطة الفضاء الدولية  (غيتي)

ملخص

ظاهرة قيام أثرياء العالم بمغامرات سياحية خطرة ليست جديدة، فما هي الكلف والأماكن والأخطار التي يختبرونها؟

فيما انشغل العالم بالأخبار الصادمة لموت هاميش هاردينغ وزملائه الأربعة المسافرين في غواصة "تيتان" بأعماق المحيط إثر انبجار غواصتهم [انفجارها من الداخل]، فإن القدر الذي واجهه هؤلاء منح سياحاً آخرين من أمثالهم، هائمين في سفوح الجبال ومستقلين طوافات ويخوتاً ضمن حملات استكشاف باذخة، فرصة لإعادة النظر في الأمر، إذ حتى في سياق الوسائل والخدمات المفرطة في عالم سفريات الاستكشاف المخصصة لفاحشي الثراء، لا يمكن للمال على الدوام أن يقي الأفراد من تسديد أرواحهم ثمناً نهائياً لمغامراتهم.

وتاريخياً في هذا الإطار تفخر بريطانيا بماضٍ مفعم بالحيوية لأغنياء و"سادة مستكشفين"، من الطبقة الأرستقراطية غالباً، أنفقوا الأموال بسخاء على رحلات مغامرات جسورة. فقد توجه ويليام ويندهام وريتشارد بوكوك مثلاً، عام 1741، إلى القمة الجليدية "مير دو غلاس" Mer de Glace التي منحاها اسمها في منطقة شاموني Chamonix. وهما كانا يسعيان خلف النبيذ والأزياء الشرقية البراقة.

أو سير رانولف فيني العظيم الذي أكد أن مهمته الأسطورية عام 2003 تتمثل في إتمام سبعة مراثونات في سبعة أيام وسبع قارات مختلفة، بعد أربعة أشهر من تجاوزه عملية جراحية في القلب للشريان التاجي المزدوج. وحصل سير رانولف آنذاك على موافقة جراحه للقيام بمغامرته بشرط ألا يتجاوز معدل نبضات قلبه الـ130 نبضة في الدقيقة (إلا أنه اعترف في ما بعد بأنه نسي أن يأخذ معه في حقيبته جهاز قياس معدل نبضات القلب).

وبفضل مغامرات أولئك المستكشفين الأوائل، ثم ظهور تقنية صور الأقمار الاصطناعية، بات من المستحيل إلى حد ما اكتشاف نواحٍ وعوالم جديدة على كوكب الأرض، إذ باستثناء استكشافات الفضاء وأعماق المحيطات، باتت مغامرات الاستكشاف الحديثة بالدرجة الأولى متمحورة حول خيارات تسجيل أرقام قياسية في مجال السرعة ومعدلات أعمار [المستكشفين – المغامرين] وتجميع الإنجازات ومساعدة الأبحاث العلمية وتوثيق البيئات الهشة [المعرضة للخطر] للأجيال التالية. أو تحقيق مآثر أكثر جنوناً مما سبق.

وهذا الصنف الأخير من المغامرات هو ما جذب من يعتبرون أنفسهم "السادة المغامرين" gentlemen adventurers، في "نادي الرياضات الخطرة" Dangerous Sports Club – D.S.C. وكان هذا النادي الذي تأسس في أواخر السبعينيات على يد مجموعة أفراد معظمهم من طلاب جامعة أوكسفورد، خصص لمغامرات تتحدى الموت، وتترافق في العادة مع ارتداء المغامرين للمعاطف، وحملهم قوارير الشمبانيا.

 

 

وإذ اعتبروا "كريستا ران" Cresta Run [مرتفع لتسلق الجليد والرياضات الشتوية] في جبل سانت موريتز St. Moritz مكاناً مثيراً لكن غير خطر في الحقيقة، اختاروا بدلاً منه مغامرات التزلج هبوطاً في المنحدرات على سطح بيانو كبير، وعلى طاقم أطباق لويس الـ14. كما ابتكروا ألعاب القفز بالحبال (قفز البانجي) وريادة الطيران الشراعي المعلق والقفز من القاعدة.

هاميش هاردينغ من جهته، ووفق كل المعايير، كان مستكشفاً ملتزماً وليس هاوي مغامرات. فهو صاحب ثلاثة أرقام قياسية في موسوعة "غينيس"، وأول بريطاني يسافر ضمن مهمة "بلو أوريجن" Blue Origin الفضائية التي حملت بشراً. وبصفته زائراً دورياً للقطب الجنوبي، تعاون هاردينغ مع باتريك وودهيد، صاحب ثلاثة أرقام قياسية أيضاً متعلقة بالقطب، لإطلاق خدمات جوية منتظمة من فئة "الأعمال" إلى القطب الجنوبي عام 2017.

وودهيد الذي أسس في 2005 شركة "وايت ديزرت" White Desert للمغامرات في القطب الجنوبي، استضاف مستكشفين أغنياء، منهم هاردينغ وصديقاه رائدا الفضاء باز ألدرين وتيري فيرتس وذلك في مجموعة من خيم عادية. ويتضمن السجل المطول لإنجازات وودهيد رحلة لثمانية أيام إلى معكسر "إيكو كامب" Echo Camp الجديد الذي هو عبارة عن مجموعة من "حجرات زجاجية" فاخرة، مصنوعة من الزجاج الليفي (الفيبرغلاس)، ومزدانة بصور للقطب الجنوبي التقطها [رائد الفضاء الأميركي تيري] فيرتس من الفضاء الخارجي. وتتضمن تسعيرة الـ 104 آلاف دولار للشخص الواحد للقيام بهذه الرحلة، أنشطة مختلفة مثل التسلق على الجليد والتزلج وركوب عربات الجليد (سيارات الثلج).

وقام ثلاثة أشخاص، استلهاماً من صور فيرتس ربما، بتحمل كلفة 50 مليون دولار، لكل منهم، بغية شراء تذكرة سفر إلى محطة الفضاء الدولية العام الماضي، فرفعوا العدد الإجمالي لسواح الفضاء إلى 13. وتضمنت تلك المهمة التي دامت 10 أيام واستضافتها شركة "آكسيوم سبايس"، 15 أسبوعاً من التدريب. كما بيعت بطاقاتها حصرياً من قبل "رومان وإريكا" Roman & Erica، شركة السفر المعروفة باسم مالكيها الزوجين والشريكين النيويوركيين رومان تشيبوروخا وإريكا جاكوفيتز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن موقعهما كـمصممي "لايف ستايل" [الذي يبيع أسلوب حياة لا يعيشه بنفسه] يعمل رومان وإريكا لمساعدة الأشخاص الراغبين "في عيش الصيغة الأفضل من الحياة التي يحلمون بها"، في تحقيق ذلك مقابل أتعاب تدفع مقدماً تبلغ 100 ألف دولار في العام، كما يقال. وإضافة إلى بيع بطاقات سفر إلى الفضاء، يعمل الشريكان (رومان وإريكا) مع شركة "إيوس للرحلات الاستكشافية" EYOS Expeditions كي يؤمنا للزبائن، مقابل مبلغ 750 ألف دولار للشخص الواحد، فرصة استكشاف "خندق ماريانا" الذي يعتقد بأنه أعمق نقطة في محيطات العالم، وذلك عن طريق إرسالهم إليه فراداً في أعماق المياه بواسطة غواصة صغيرة.

فتشيبوروخا مقتنع تماماً بأنه في النهاية يمكن تحويل رحلات الفضاء وأعماق المحيطات إلى رحلات تجارية بالطريقة ذاتها التي حصلت بالنسبة إلى السفر الجوي. فيقول في السياق "من المهم دعم الأشخاص الذين يسافرون إلى الفضاء ويعبدون الطريق لأنهم رواد في هذا المضمار. أجل، اليوم سيسافرون مقابل مبلغ يتراوح بين 50 و55 مليون دولار. [لكن] يؤمل في أن يتمكن أولادنا بعد 10 أعوام أو 20 عاماً، من القيام بذلك مقابل 50 ألف دولار أو 5 آلاف دولار".

تسليع هذا السفر الأقصى إلى الفضاء وفي أعماق المحيطات سيمثل إرثاً جديراً بالاهتمام يتركه خلفهم أغنى أغنياء العالم. لكن رغباتهم الجامحة في استكشاف العالم ربما تكون أبسط من ذلك بكثير في الحقيقة، إذ كما كتب أنطوان دو سانت إيكزوبيري، المؤلف الفرنسي والطيار الذي اختفى بظروف غامضة عام 1944 خلال تحليقه فوق البحر المتوسط، وبكلمات بطله "الأمير الصغير": "لا أحد منا أبداً راضٍ عن المكان الذي هو فيه".

تجارب قصوى... قمة العالم

حمل "المتاع" والصعود إلى قمة إيفرست يبقيان في أعلى لائحة الأمنيات الكبرى بالنسبة إلى أغنى أغنياء العالم. فدفع مبلغ 92 ألف دولار إضافة إلى كلف السفر من أجل رحلة استكشافية مخصصة مع شركة "آر أم آي إكسبيديشنس" RMI Expeditions، يتيح للمسافرين امتحان عزائمهم في منحدرات إيفرست المهيبة، وذلك برفقة 800 شخص آخرين من المتسلقين السنويين الذين سيدفع 10 في المئة منهم تقريباً حياتهم على مذبح هذا الجبل.

البحار السبعة

أما رحلات الاستكشاف في اليخوت الفخمة، فهي تبقى الخيار الأساسي الأمثل لأصحاب المليارات، وتعد شركة "إيوس إكسبيدشنس" المنظم الذي يعتمده أولئك الأثرياء من أجل مغامرات جسورة يخوضونها على متون اليخوت. وتعاونت الشركة مع "سي أكسبلورير" SeaXplorer لتطوير اليخت الفاخر "لا داتشا" La Datcha الذي يضم ستة أجنحة (فندقية) فخمة وهو مجهز بمهجعين للهليكوبتر ومركز غوص وحجرة ضغط، ويحمل معه غواصة صغيرة ودراجتين مائيتين وعربتي جليد. ويمكن للنزلاء والضيوف على متنه أن يركبوا غواصة "لا داتشا" للقيام بجولة في ميكرونيسيا، أو ركوب مروحية من أجل التزلج من على البراكين الخامدة في أقصى الشرق الروسي، أو بلوغ أطراف ألاسكا المسننة، وذلك مقابل مليون يورو في الأسبوع.

اللانهاية وما بعدها   

بطاقتان للسفر في رحلة على متن صاروخ "نيو شيبارد" New Shepard الخاص بشركة "بلو أوريجن التي سافر بها هاردينغ عام 2022 فبلغت ارتفاع 351 ألف قدم (107 كيلومترات) فوق سطح الأرض، كلفتا، كما قيل، 2.5 مليون دولار. في المقابل فإن بطاقات شركة "فيرجين غالاكتيك" Virgin Galactic التي يملكها سير ريتشارد برانسون، تمثل سعراً معقولاً: 450 ألف دولار ستؤمن للمرء فرصة للطيران على ارتفاع 260 ألف قدم (80 كيلومتراً) فوق سطح الأرض، حيث سيختبر انعدام الجاذبية لبضع دقائق.      

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات