ملخص
يحظى حقل "الدرة" بأهمية استراتيجية كبيرة على المستويين الاقتصادي والسياسي منذ اكتشافه في عام 1960.
ادعاءات إيرانية في شأن أحقيتها في حقل الدرة للغاز، مما دفع الكويت إلى الإسراع في الدفاع عن حقوقها بالحقل الذي اكتشف قبل 63 عاماً ولكن لم يستثمر حتى الآن.
وقال محللون ومتخصصون بشؤون الطاقة، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، إن تهديد طهران ببدء عمليات الحفر والتنقيب في الحقل يتنافى مع أبسط قواعد العلاقات الدولية لذلك لا بد أن يكون الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والسعودية وإيران.
وأكد المحللون أن تصرف طهران الأخير يأتي بعد أكثر من عام من اتفاق الكويت والسعودية على بدء تطوير الحقل، ويعتبر حلقة جديدة في سلسلة الاعتراضات الإيرانية التي تمتد منذ بدء الكويت في تطوير الحقل مع شركة "شل" العالمية مطلع ستينيات القرن الماضي.
في الوقت ذاته يؤكد المحللون أن طهران تبحث عن مكاسب "نفطية فحسب" في ظل تفاقم أزمتها الاقتصادية الحالية.
رفض كويتي "جملة وتفصيلاً"
في غضون ذلك أكد وزير النفط الكويتي سعد البراك رفض بلاده جملة وتفصيلاً "الادعاءات والإجراءات الإيرانية" حيال حقل الدرة البحري للغاز، قائلاً في بیان نشرته وكالة الأنباء الكويتية "كونا"، إن "حقل الدرة ثروة طبيعة كويتية - سعودية وليس لأي طرف آخر أي حقوق فيه حتى حسم أمر ترسيم الحدود البحرية".
رد الفعل الكويتي جاء بعد أن هددت طهران ببدء عمليات الحفر والتنقيب في حقل الدرة للغاز، الذي يقع في المنطقة المغمورة المشتركة بين الكويت والسعودية، وتدعي طهران أن جزءاً منه يقع في مياهها الإقليمية غير المرسمة مع الكويت.
وأضاف البراك "تفاجأنا بالادعاءات والنوايا الإيرانية حول حقل الدرة التي تتنافى مع أبسط قواعد العلاقات الدولية"، مشدداً على أن "الطرفين الكويتي والسعودي متفقان تماماً كطرف تفاوضي واحد"، داعیاً "إیران إلى الالتزام أولاً بترسيم الحدود الدولية البحرية قبل أن يكون لھا أي حق في حقل الدرة".
تهديدات إيران محاولة للتفاوض
المتخصص بشؤون الطاقة كامل الحرمي اعتبر تهديدات إيران في شأن حقل الدرة للغاز باطلة، مشيراً إلى أنها قد تكون تمهيداً لبدء التفاوض مع السعودية والكويت كطرف واحد.
وقال الحرمي إن "تصرف طهران الأخير يأتي بعد أكثر من عام من توقيع اتفاق الكويت والسعودية على بدء تطوير الحقل، ويعتبر حلقة جديدة في سلسلة الاعتراضات الإيرانية التي تمتد منذ بدء الكويت في تطوير الحقل مع شركة (شل) العالمية مطلع ستينيات القرن الماضي".
وأضاف الحرمي أن "الكويت بدأت مع السعودية في حفر آبار استكشافية، تحديداً في الجزء الجنوبي من حقل الدرة، وعملت طهران الشيء نفسه في الجزء الشمالي الشرقي منه"، مستدركاً "إلا أن العمليات توقفت في 2015 مع تطبيق العقوبات الأميركية عليها".
وتابع "في الوقت ذاته أصبحت الرياض جزءاً في ملكية الحقل بعد توقيع اتفاق في عام 2000 بين الكويت والسعودية في شأن تحديد الحدود البحرية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال إنه مع بدء صفحة جديدة من تطوير حقل الدرة، لما فيه من مصلحة مشتركة للطرفين، ظهر اعتراض إيران على الاتفاق الكويتي - السعودي، وتعلن طهران استعدادها للتفاوض بعد انقطاع لأكثر من 10 سنوات، لكن عليها أيضاً أن تواجه ترسيم الجرف القاري، بحسب المفاهيم والتقاليد، وفي إطار القوانين الدولية، تحت مظلة الأمم المتحدة، أو بوجود طرف محايد من الدول الخمس الكبرى ومحل ثقة الأطراف الثلاثة وعلاقات تجارية طويلة المدى كالصين.
وأضاف الحرمي، "في الوقت نفسه على السعودية والكويت البدء في الاستثمار والبحث عن الغاز ومتابعة العمل في الجزء الجنوبي الغربي"، مؤكداً أنه "في غضون ثلاث سنوات من الآن سيبدأ إنتاج الغاز المشترك من حقل الدرة".
اللجوء إلى التحكيم الدولي
من جهته قال المحلل النفطي الكويتي خالد بودي إن "الكويت ترى أن حقل الدرة مشترك بينها وبين السعودية فحسب من دون إيران التي تطالب بحصة من إنتاج الغاز من الحقل"، قائلاً "هذه المطالبة لا يدعمها أي أساس قانوني"، مضيفاً أنه "من الصعب أن تؤدي المفاوضات المباشرة إلى الخلاف مع طهران، لذلك لا بد من اللجوء إلى التحكيم الدولي".
وأشار بودي إلى أن "تهديد طهران ببدء عمليات الحفر والتنقيب في حقل الدرة يتنافى مع أبسط قواعد العلاقات الدولي، لذلك لا بد أن يكون الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين الكويت وإيران ليتبين موقع هذا الحقل".
وفي السياق ذاته أكدت وزارة الخارجية الكويتية في وقت سابق أن المنطقة الواقع بها حقل الدرة تقع في المناطق البحرية لدولة الكويت، وأن الثروات الطبيعية فيها مشتركة مع السعودية، وأن لهما وحدهما حقوقاً خالصة في الثروة الطبيعية في حقل "الدرة".
في غضون ذلك قال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية إن بلاده تجدد دعوتها إيران إلى البدء في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع الجانبين الكويتي والسعودي كطرف تفاوضي واحد في مقابل الجانب الإيراني، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الكويتية.
اتفاق كويتي سعودي
وكانت الكويت وقعت وثيقة مع السعودية في الـ21 من مارس (آذار) 2022 لتطوير حقل "الدرة"، لاستغلال الحقل الغني بالغاز لإنتاج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يومياً و84 ألف برميل من المكثفات يومياً، تتقاسمها البلدان.
ونصت الوثيقة على أن تقوم شركة عمليات الخفجي المشتركة، وهي مشروع مشترك بين "أرامكو لأعمال الخليج" والشركة "الكويتية لنفط الخليج"، بالاتفاق على اختيار استشاري يقوم بإجراء الدراسات الهندسية اللازمة لتطوير الحقل، وفقاً لأفضل الأساليب والتقنيات الحديثة والممارسات التي تراعي السلامة والصحة والحفاظ على البيئة، فضلاً عن وضع التصاميم الهندسية الأكثر كفاءة وفاعلية من الناحيتين الرأسمالية والتشغيلية.
وتعترض إيران على الوثيقة الخاصة بتطوير حقل "الدرة" بين السعودية والكويت وتزعم بأنها "غير قانونية"، لأن طهران تشارك في الحقل وطالبت بالانضمام لأي إجراء لتشغيله وتطويره.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية آنذاك إن "هناك أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت".
وعلى رغم أن حقل الغاز الواقع بين البلدين اكتشف في ستينيات القرن الماضي في مياه الخليج العربي، إلا أن أول اتفاقات الاستفادة من مخزونه كانت بين الكويت والسعودية في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019، بعدما وقع الطرفان مذكرة تفاهم نصت على العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل "الدرة".
كما نصت مذكرة التفاهم الأولى على تسهيل عمليات الدخول والخروج إلى المنطقة البرية، للوصول إلى المنشآت النفطية والحقول والآبار من الجانبين، وذلك في أعقاب اجتماع اللجنة المشتركة الدائمة الكويتية - السعودية.
خطة استراتيجية لزيادة الإنتاج
وتعمل غرفة العمليات المشتركة بين البلدين من خلال خطة استراتيجية على زيادة إنتاج النفط والغاز، وتذليل مختلف التحديات التي تواجه عمليات الاستكشاف والإنتاج والتصدير.
ولحقل "الدرة" أهمية استراتيجية كبيرة، ليس على المستوى الاقتصادي بحسب، بل كذلك على المستوى السياسي فمنذ اكتشافه في عام 1960 بدأت إيران بالمطالبة بأحقيتها في استغلال مخزونه، إذ اعترضت على توقيع مذكرات تفاهم بين الرياض والكويت لتطويره، كان آخرها في مارس الماضي.
وفي مطلع أبريل (نيسان) 2022 جددت السعودية والكويت في بيان مشترك نشر في وكالتي الأنباء الرسميتين للبلدين دعوة إيران إلى عقد مفاوضات حول تعيين الحد الشرقي من المنطقة المغمورة في الخليج.
وقال البيان "إن السعودية والكويت سبق أن وجهتا الدعوات إلى إيران للتفاوض حول تعيين الحد الشرقي للمنطقة المغمورة ولم تلب تلك الدعوات"، وأضاف البيان "تجدد كل من السعودية والكويت كطرف تفاوضي واحد دعوتهما إيران إلى عقد هذه المفاوضات".