Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرهان على قوة ألمانيا ضمن تحولات متسارعة

البداية من رصد 100 مليار دولار لزيادة الإنفاق العسكري برعاية أميركا وحماسة الشركاء الأوروبيين

أولاف شولتز يخطط لأن تصبح ألمانيا أقوى قوة برية في أوروبا (أ ف ب)

ملخص

روسيا ليست محصنة من التغيير، ولا الغرب يمكن أن يحقق ما يسميه "إلحاق هزيمة استراتيجية" بموسكو من دون أن يقدم الثمن الذي يتطلبه الانتصار.

الدلالات كثيرة بالنسبة إلى ألمانيا في أمر عادي في أي بلد: صدور استراتيجية أمن قومي. استراتيجية تركز على أخطار السياسة الصينية، وتعتبر أن الصين "شريك منافس وخصم منهجي زاد في المدة الأخيرة من عناصر الخصومة". وتحلل مشكلة أوروبا مع روسيا "ثأرية وتوسعية"، فأوروبا عانت طويلاً مشكلة اسمها الخوف على ألمانيا ضعيفة بعد الخوف من ألمانيا قوية.

المنتصرون في الحرب العالمية الأولى أذلوا ألمانيا المهزومة وأضعفوها كثيراً، بحيث سمح ذلك لهتلر الرقيب النمسوي الذي خدم في الجيش الألماني المهزوم بأن يلعب ورقة التفوق العرقي الألماني. وهو صار الزعيم الذي بنى قوة عسكرية هائلة اجتاحت أوروبا في الحرب العالمية الثانية. ولولا مشاركة أميركا في الحرب ومغامرة هتلر في غزو الاتحاد السوفياتي لما خسر الحرب، لكن المستشار أديناور تمكن بالتعاون مع أميركا وفرنسا وبريطانيا من النهوض بألمانيا الغربية. والمستشار كول زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي تمكن من إقناع روسيا وفرنسا وبريطانيا بتوحيد شطري ألمانيا الشرقي والغربي بعد انهيار جدار برلين.

المستشارة أنغيلا ميركل زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي نفسه وربيبة كول جعلت ألمانيا الضعيفة أكبر قوة اقتصادية في أوروبا. والمستشار أولاف شولتز زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي يخطط لأن تصبح ألمانيا القوية اقتصادياً "أقوى قوة برية في أوروبا". والبداية من رصد 100 مليار دولار لزيادة الإنفاق العسكري وهذا ما يحدث برعاية أميركا وحماسة الشركاء الأوروبيين في "الناتو".

وليس أمراً عادياً أن يصبح الخوف من ألمانيا قوية نوعاً من الرهان على ألمانيا قوية. والفضل بالطبع لحرب روسيا على أوكرانيا وطموحات الرئيس فلاديمير بوتين لإبعاد "الناتو" عن حدوده وتوسيع الاتحاد الروسي عبر ضم ما يسميها "روسيا الجديدة" ليكون قطباً مقابل الغرب الأميركي والأوروبي. والنتيجة حتى الآن مختلفة: انضمام فنلندا والسويد إلى دول أوروبا الشرقية التي وجدت في "الناتو" ضمانها من أي غزو روسي، وتوحيد الموقف بين أميركا وأوروبا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شولتز طرح على شعبه وحلفائه سؤالاً مهماً "كيف نستطيع كأوروبيين في اتحاد أوروبي أن نبقى مستقلين في عالم متعدد الأقطاب؟". وجوابه انطلق من دور ألمانيا الجديد المتضمن "ثقافة استراتيجية جديدة تعكس استراتيجية الأمن القومي". فما تصورته فرنسا مع الرئيس ماكرون وقبله، وألمانيا مع شولتز، ودول شرق أوروبا الأعضاء الجدد في الناتو بدا مثل السراب: أن تكون روسيا جزءاً من الغرب بما يؤدي إلى تخفيف الموازنات العسكرية وعدم الحاجة إلى نصف مليون جندي ألماني إذا صار "جيراننا أصدقاء وحلفاء"، وصارت أوروبا تعتمد على استيراد الطاقة من روسيا.

لكن بوتين بدلاً من أن يرى في سقوط الاتحاد السوفياتي فرصة لعالم مختلف بلا حرب باردة ولا حروب حارة، أعلن أن السقوط كان "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين"، لا بل تحدث بصراحة في مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2008 عن "عالم ما بعد الغرب والأحادية على القمة"، ثم بدأ حرباً في جورجيا وشرق أوكرانيا بعد ضم القرم.

وهكذا كان على ألمانيا أن تقدم أكبر المساهمات الأوروبية لمساعدة أوكرانيا في مواجهة الهجوم الروسي، كما أنها رأت أنها "في حاجة إلى اللاجئين وهم في حاجة إليها". وبالطبع في حاجة إلى "جيش قادر وجاهز لردع الأعداء والدفاع عن نفسه وعن حلفائه". ولذلك انضم إلى مشروع "درع السماء الأوروبية" 14 بلداً. وبقي الرئيس الفرنسي ماكرون يتحدث عن "استقلال أوروبي استراتيجي" في إطار "الناتو"، وظلت أوروبا في حاجة إلى المظلة الأميركية. وما يجري حالياً هو تحولات تاريخية متسارعة، فلا روسيا محصنة من التغيير، ولا الغرب يمكن أن يحقق ما يسميه "إلحاق هزيمة استراتيجية" بروسيا من دون أن يقدم الثمن الذي يتطلبه الانتصار. والعالم يواجه أكبر نزف مالي واقتصادي جراء حرب أوكرانيا ومفاعيلها خارج أرض المعارك، حيث ارتفاع الأسعار والزيادة الفلكية في نسبة التضخم. وإذا كان شولتز يرى "نهاية مرحلة استثنائية من العولمة" فإن "أقلمة" الأزمات والتسويات صارت "أمر اليوم".

وأبرز ما يراه برانكو ميلانوفيتش هو "كلنا رأسماليون، لكن الفارق كبير بين رأسمالية تدار بالحرية وأخرى تدار بالسلطوية".

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل