Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل اعتقال زعيمته السابقة كان الضربة القاضية للحزب القومي الاسكتلندي؟

حتى قبل الفضيحة المالية الراهنة، واجه الحزب صعوبات في التعامل مع مجموعة متنوعة من القضايا السياسية - لكن السؤال الآن ما هو التأثير الذي سيحدثه اعتقال نيكولا ستورجن في المؤسسة الحزبية؟

ورث حمزة يوسف تركة سياسية ثقيلة كثالث وزير أول في اسكتلندا ينتمي إلى "الحزب القومي الاسكتلندي" (غيتي)

ملخص

الانقسامات والفوضى داخل الحزب القومي الاسكتلندي يمكن أن تضعف قضية استقلال اسكتلندا وتدفعها في الاتجاه الخاطئ

ألقت الشرطة القبض على وزيرة اسكتلندا الأولى سابقاً نيكولا ستورجن، ليطلق سراحها بع ذلك من دون توجيه أي تهم إليها، وبات يتعين على حزبها التعامل مع العواقب المترتبة على ذلك. فقد خضعت الزعيمة السابقة لـ"الحزب القومي الاسكتلندي" SNP - التي كانت تنحت عن منصبها في مارس (آذار) الفائت، بعد نحو ثمانية أعوام في السلطة - لاستجواب أجراه مسؤولو إنفاذ القانون على مدى العامين الأخيرين، للتحقيق في مصير أكثر من 600 ألف جنيه استرليني (756 ألف دولار أميركي) قدمها ناشطون مؤيدون لاستقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، على شكل تبرعات للحزب.

ماذا بعد؟

سيحدث تطور ما، لكنه من غير المرجح أنه سيرفع من أسهم "الحزب القومي الاسكتلندي" الذي يواجه تحديات مالية فعلية. وما دامت التحقيقات التي تجريها الشرطة وأي إجراءات قانونية أخرى مستمرة، فإنها ستتسبب في تشتيت انتباه الحزب ووزرائه داخل الحكومة الاسكتلندية.

حتى قبل الفضيحة الراهنة، كان الحزب في الواقع يواجه صعوبات في التعامل مع مجموعة واسعة من القضايا السياسية، بدءاً من الخدمات العامة المتدنية، مروراً بمشكلات العبارات ومخطط إعادة تدوير حاويات المشروبات وحقوق المتحولين جنسياً، وصولاً إلى التكتيكات التي اعتمدها الحزب في شأن إجراء استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا، أو ما يعرف بـ "إندي ريف 2"  indyref2. وتأتي فوق كل تلك المآزق انتخابات قيادة الحزب المثيرة للجدل والشخصية، بعد الاستقالة المفاجئة لستورجن التي كانت نوعاً ما بمثابة كارثة كبيرة. فخلفُها حمزة يوسف ورث تركة مليئة بالتحديات، باعتباره ثالث وزير أول من "الحزب القومي الاسكتلندي" بعد ستورجن وأليكس ساموند.

هل سيتم فصل قضية الاستقلال عن موضوع "الحزب القومي الاسكتلندي"؟

هناك في الواقع سبب وجيه لافتراض ذلك. فقضية استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة تشكل - على نحو ملحوظ - نمطاً ثابتاً ومستقراً نسبياً في ردود المستجوبين في استطلاعات الرأي، في حين أن مواقفهم حيال "الحزب القومي الاسكتلندي" ربما تكون أكثر اختلافاً وتقلباً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي النسب المئوية لاستطلاعات استخدمت السؤال الذي كان وجهه استفتاء عام 2014: "نعم أم لا لاسكتلندا دولة مستقلة؟"، عادة ما أتى التصويت بـ"نعم" من جانب الأفراد الذين هم في منتصف الأربعينيات من العمر وما دون، وبـ "كلا" من جانب الأشخاص الذين هم في منتصف الأربعينيات وما فوق، في مقابل نحو 10 في المئة أجابوا أنهم لا يعرفون. ويمكن في بعض الأحيان لأحداث إخبارية - مثل رفض برلمان وستمنستر الموافقة على "مشروع قانون الاعتراف بالنوع الاجتماعي للأفراد" Gender Recognition Bill، وقرار "المحكمة العليا" المتعلق بشرعية الاستفتاء من جانب واحد على استقلال اسكتلندا - أن يكون لها تأثير في الرأي العام، وأن تجعله يميل أكثر نحو تأييد الاستقلال الاسكتلندي - لكن هذه المفاعيل تميل إلى الانحسار مع مرور الوقت.

وفي أحدث استطلاعات الرأي، أدت المشكلات التي يواجهها الحزب إلى تراجع طفيف في التأييد للاستقلال، لكن ليس بشكل كبير. بعبارة أخرى، بدا أن الناخبين الاسكتلنديين يتمتعون بقدرة كاملة على التمييز بين الموضوعين - "الحزب القومي الاسكتلندي" والاستقلال - ويوازنون بالضبط ما يعنيه لهم في أي لحظة.

وبما أن الحكومة البريطانية التي يتولاها حزب "المحافظين" هي على وشك الانهيار، وفرص إجراء استفتاء في اسكتلندا في ظل حكم حزب "العمال" تبدو ضئيلة، فإن إحساس الاسكتلنديين بوجوب دعم حزبهم القومي هو أقل إلحاحاً الآن مما كان عليه في الأعوام المضطربة التي قادت إلى استفتاء عام 2014 على الاستقلال، وحال الغضب التي سادت بعد تصويت البريطانيين على مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي عام 2016 (عندما صوتت اسكتلندا بقوة لمصلحة البقاء في الكتلة).

ربما يبدل مؤيدو الاستقلال الأكثر تشدداً الذين يشعرون بخيبة أمل من "الحزب القومي الاسكتلندي"، ولاءهم إلى أحزاب أخرى تؤيد الاستقلال، مثل "حزب الخضر الاسكتلندي" Scottish Greens أو حزب "ألبا" Alba الأكثر تشدداً بقيادة أليكس ساموند.

هل تسبب أزمة "الحزب القومي الاسكتلندي" انتكاسة لقضية الاستقلال؟

من الصعب رؤية ذلك لأن الدافع إلى الاستقلال قديم ومتجذر كما سبق النقاش فيه، ومن المستحيل أن نتصور أنه سيتلاشى ويذوب. من ناحية أخرى، وبما أن القادة الذين تعاقبوا على زعامة "الحزب القومي الاسكتلندي" تعلموا الدرس، فلا فائدة من إجراء استفتاء لمجرد خسارته، وهناك حاجة لمستوى مستدام من الدعم للاستقلال بنسبة 60 في المئة، للتصدي بفاعلية لأي تنامٍ في مشاعر التأييد للبقاء ضمن المملكة المتحدة، في حملة (من أجل الاستقلال) يمكن أن تشهد تقلبات في مواقف الرأي العام. وعلى رغم عدم وجود ترابط بشكل مباشر، إلا أن الانقسامات والفوضى داخل الحزب يمكن أن تضعف القضية بعض الشيء، وتدفعها في الاتجاه الخاطئ.

من هو المستفيد من تراجع الدعم لـ "الحزب القومي الاسكتلندي"؟

بشكل أساسي حزب "العمال" الذي كان ذات مرة أكثر نفوذاً في اسكتلندا عما هو عليه اليوم "الحزب القومي". وستكون الانتخابات الفرعية في دائرة راذرغلين (التي تُجرى بعد تعليق عضوية مارغريت فيرير في "مجلس العموم" البريطاني وهي نائبة سابقة في "الحزب القومي الاسكتلندي") مؤشراً مبكراً على حجم انتعاش حزب "العمال" في معاقله القديمة في "الحزام المركزي" (المنطقة ذات الكثافة السكانية الأعلى).

وقد يخسر "الحزب القومي الاسكتلندي" 12 مقعداً أو أكثر لمصلحة حزب "العمال" في الانتخابات العامة المقبلة، وستؤدي هذه النتيجة إلى فقدان الحزب جزءاً صغيراً من سلطته السابقة وتأثيره في البرلمان.

ومن المفارقة أن حزب "المحافظين" قد يستفيد هو الآخر من تراجع التأييد ـلـ"الحزب القومي الاسكتلندي" في الانتخابات العامة التي تجرى عام 2024، ففي وقت ستشهد شعبيته أكبر انهيار في البلاد، إلا أن اسكتلندا ربما تكون هي الجزء الوحيد الذي يمكن أن يحقق فيه "المحافظون" بعض المكاسب. أما "الديمقراطيون الأحرار" فقد ينتزعون مكسباً. والأمر يعتمد كثيراً أيضاً على فاعلية التصويت التكتيكي الذي سيقوم به الناخبون المؤيدون للبقاء ضمن المملكة المتحدة.

ماذا سيحصل إذا فاز حزب "العمال" في الانتخابات العامة لبرلمان وستمنستر العام المقبل؟

الأمر يعتمد على الحسابات البرلمانية. فإذا كانت هناك حكومة "عمالية" في برلمان معلق Hang Parliament (منقسم إلى حد ما بين الحزبين الكبيرين) أو ذي غالبية ضئيلة، فإن "الحزب القومي الاسكتلندي" سيستخدم بلا شك أي نفوذ قد يكون لديه للضغط من أجل إجراء استفتاء آخر على استقلال اسكتلندا. من جانب آخر، استبعد زعيم "العمال" كير ستارمر مراراً إجراء استفتاء آخر. ولا تشير في الواقع بيانات الاستطلاعات إلى وجود رغبة قوية في الاستقلال. إضافة إلى ذلك، استبعد حمزة يوسف الزعيم الراهن لـ "الحزب القومي الاسكتلندي" والوزير الأول لاسكتلندا، الاصطفاف إلى جانب حزب "المحافظين" لدعم بقائهم في السلطة.

وإذا ما حقق ستارمر نصراً ساحقاً وتمكن من انتزاع عدد كبير من المقاعد من "الحزب القومي الاسكتلندي"، سيتسنى له التعامل مع مطالب "الحزب القومي الاسكتلندي" بمزيد من الثقة والمرونة - لكنه سيظل بحاجة لأخذ حاجات اسكتلندا في الحسبان، خشية خسارة الإنجاز القيم الذي سيحققه حزب "العمال" المتمثل في نجاحه باستعادة نفوذه السياسي وشعبيته في اسكتلندا. وبطبيعة الحال، فإن وجود رئيس وزراء "عمالي" في "بيوت هاوس" Bute House (المقر الرسمي لرئيس الوزراء الاسكتلندي) من شأنه أن يعزز الرغبة في تلبية حاجات اسكتلندا.

هل يمكن أن يصل الأمر إلى تولي حزب "العمال" زمام حكومة اسكتلندية في المرة المقبلة؟

الانتخابات المقبلة لاختيار أعضاء برلمان هوليرود ستجرى عام 2026، وهي ما زالت بعيدة نوعاً ما. ولا يزال "الحزب القومي الاسكتلندي"، على رغم المشكلات التي يواجهها، هو الحزب الأكثر تأثيراً في السياسات الاسكتلندية. وفي كل من برلماني وستمنستر وهوليرود، يمكن أن يعتبر التصويت لمصلحة "الحزب القومي الاسكتلندي"، بمثابة تمكين لمجموعة ضغط وطنية ومنحها مزيد من الثقل، للفوز بحصة عادلة من الموارد للدولة التي يمثلها الحزب. كما يمكن لحزب "العمال" أن يدافع بشكل أقوى الآن عن فكرة أن وزيراً أول لاسكتلندا من صفوفه سيحصل على تجاوب أقوى من حكومة يتولاها حزب "العمال" في وستمنستر.

في الحالين، المسألة طويلة. ولا يزال "الحزب القومي الاسكتلندي" يحظى بتقدم بنحو سبعة في المئة على حزب "العمال"، على رغم أن النسبة تُعد متواضعة في المعايير التاريخية الحديثة. ففي انتخابات هوليرود الأخيرة عام 2021، حل حزب "العمال" ثالثاً في الترتيب، وفاز عليه "الحزب القومي الاسكتلندي" بنحو اثنين إلى واحد. من هنا فإن التأرجح كبير، لكن المسارات الراهنة تشير إلى أنه ممكن.

هل يتخطى "الحزب القومي الاسكتلندي" مأزقه وينجو؟

بالتأكيد. إن هذا الوضع مستمر منذ عام 1936، وازدهر أيضاً منذ نقل السلطة إلى حكومة اسكتلندا. إنه أمر مثير للسخرية إلى حد ما، لا بل يتعارض مع توقعات أولئك الذين روجوا لنقل السلطة، لأنه كان من المفترض أن يسهم في تخفيف الضغوط التي تسببت بها حتماً فترات حكم حزب "المحافظين"، وحماية اسكتلندا من أسوأ سياساتهم وتجاوزاتهم، بالتالي تحصينها في وجه الحركات الانفصالية عن المملكة المتحدة.

وجرى تصميم النظام الانتخابي النسبي أيضاً لمنع هيمنة الحزب الواحد وتحكمه بالسلطة. إلا أن قوة "الحزب القومي الاسكتلندي" مكنته من الحكم بشكل مستقل أو كشريك ائتلاف مهيمن منذ عام 2007.  ونظراً إلى تمتعه بقاعدة قوية على جميع مستويات الحكومة، وحفاظه المستمر على ولاء الناخبين ودعمهم له، فإن الحزب لن يتلاشى. ومع ذلك، فإن فترة تعافٍ يكون فيها الحزب على مقاعد المعارضة، باتت أكثر احتمالاً بشكل متزايد.

© The Independent

المزيد من تحلیل