ملخص
تأجير منطقة "حديقة البقر" في الحي الأرمني بالقدس لمدة 99 عاماً لمنظمة استيطانية يثير غضب السكان
تسببت قضية تأجير ربع مساحة حي الأرمن في البلدة القديمة للقدس إلى إسرائيل في تحصن بطريرك الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية نورهان مانوغيان في دير الأرمن، ولجوء مسؤول العقارات في الكنيسة إلى ولاية كاليفورنيا الأميركية.
وبموجب العقد الموقع بين البطريركة الأرمنية ورجل الأعمال الإسرائيلي - الأسترالي داني روثمان، يمنح الأخير الحق في تطوير قطعة أرض وعقارات تقع على نحو 25 في المئة من الحي الواقع فوق جبل صهيون.
ومع أن القضية تعود إلى نحو ثلاث سنوات إلا أنها خرجت إلى العلن قبل أسابيع مع وصول المحاولات كافة مع البطريرك مانوغيان لإلغاء عقد التأجير، إلى طريق مسدود.
ودفع رفض البطريرك إلغاء عقد الإيجار إلى تجميد فلسطين والأردن "اعترافهما" به.
تبادل اتهامات
وفي موقف مشترك للدولتين، أشار بيان صادر عنهما إلى أن "تصرفات مانوغيان جاءت من دون توافق وتشاور مع الأطراف ذات الصلة، ومن دون إشراك (السنودس) والهيئة العامة لأخوية مار يعقوب كما يقتضي القانون والأنظمة الكنسية".
وتمتد تلك الأراضي والعقارات من باب النبي داوود أحد أبواب البلدة القديمة للقدس وحتى باب الخليل.
ويشكل الحي الأرمني جزءاً من البلدة القديمة للقدس التي صنفتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" ضمن قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.
ومع أن البطريرك مانوغيان حمل مسؤول العقارات في البطريركية باريت يريتسيان مسؤولية ذلك، إلا أن الأخير شدد على أنه تصرف وفق تعليمات مانوغيان الذي كان "منخرطاً بشكل كامل في المفاوضات طويلة الأمد، ووقع شخصياً على العقد".
في حين أكد البطريرك الأرمني أن يريتسيان "فصل من الكنيسة، ومارس الخداع والاحتيال لإتمام صفقة التأجير"، مضيفاً أنها حدثت من دون علمه".
هذا واستنكر 12 كاهناً من بطريركية الأرمن في القدس، تأجير أراض في الحي الأرمني، مشيرين إلى أن النظام الأساسي للكنيسة يمنع التفرد بتوقيع عقود إيجار طويلة المدى.
تحرك الأرمن
وفي ظل حال من الغضب حاصر مئات من الأرمن الدير الذي يتحصن بداخله البطريرك، وهم يهتفون بكلمة "خائن" للمطالبة بالكشف عن تفاصيل عقد الإيجار وإلغائه.
وبالنسبة إلى الجدل القائم حول تأجير رجل الأعمال الإسرائيلي - الأسترالي داني روثمان أراض في حي الأرمن، قال يريتسيان إنها "دعاية تستند فقط إلى هوية روثمان اليهودية".
وأوضح أن "نية روثمان لم تكن أبداً تهويد المكان"، مؤكداً أن "ليست لديه أجندة سياسية".
لكن بريتسيان رفض خلال وجوده في كاليفورنيا التي لجأ إليها بعد هجوم الأرمن عليه، تقديم تفاصيل حول عقد الإيجار سوى أنه ينتهي بعد قرن.
ويعش في الحي نحو 2000 أرمني، تتعامل معهم إسرائيل كالفلسطينيين في القدس الشرقية عبر منحهم هويات إقامة دائمة وليس الجنسية الإسرائيلية.
وجاء الأرمن إلى القدس منذ القرن الثالث ميلادي، قبل أن تأتي موجة أخرى خلال الحرب العالمية الأولى هرباً من الجيش العثماني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تداعيات عقد التأجير
هذا وتعهد الشاب الأرمني هاكوب دجيرنازيان "بالقتال" من أجل حماية الأراضي والممتلكات الأرمنية في الحي الذي يقع في الجهة الغربية من البلدة القديمة للقدس.
"هذا الجزء من القدس هو كل شيء بالنسبة إلي"، أضاف دجيرنازيان خلال التظاهرة الأسبوعية التي بدأ الأرمن تنظيمها أمام الدير منذ شهر.
"إذا باعوا هذا المكان، فإنهم يبيعون قلبي"، أوضح جارو نالبانديان المصور الصحافي الأرمني البالغ من العمر 80 سنة.
هذا ووصف مستشار اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين مانويل حساسيان، تأجير أراض في حي الأرمن، "بالضربة الموجهة للوجود الأرمني في البلدة القديمة للقدس، ولمفاوضات الحل النهائي حول القدس".
ورأى أن تداعيات صفقة التأجير "ستكون وخيمة إذا لم تلغ، لأن ذلك سيؤدي إلى قطع التواصل الجغرافي والديمغرافي للبلدة القديمة وسيزرع المستوطنين في وسطها".
"لن نصمت هذه المرة"، قال حساسيان، مؤكداً "استمرار الحراك الشعبي والقانوني حتى إلغاء العقد".
خطوة غير مسبوقة
وترأس حساسيان قبل 20 سنة دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، وشارك في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 التي كان حي الأرمن أحد أسباب فشلها.
وقال حساسيان إن الأردن وفلسطين اضطرا إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة بسحب الاعتراف من البطريرك مانوغيان بعد رفضه إلغاء عقد الإيجار.
ورفض حساسيان ادعاءات البطريرك بعدم معرفته بصفقة الإيجار، مشيراً إلى أنه ما زال يقاوم الضغوط كافة لتجنب إلغاء العقد.
وأوضح أن سحب الاعتراف من البطريرك "خطوة أولى فقط"، مشيراً إلى تشكيل لجنة ثلاثية من فلسطين والأردن وأرمينيا للبحث في سبل إلغاء العقد.
وأشار إلى تشكيل فرق قانونية من محامين أرمن موجودين في عدد من دول العالم للبحث في سبل إلغاء العقد، مشدداً على أن فلسطين والأردن وأرمينيا مستعدة لدفع التكاليف المالية للإلغاء بحسب شروط العقد الجزائية.
وأضاف أن الأرمن في البلدة القديمة "تخلصوا من خوف قيام البطريرك بإخراجهم من منازلهم التي تمتكلها البطريركية في حال اجتجاجهم على العقد".
هذا واعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان أن قضية تأجير أراض في حي الأرمن "تعود للأرمن أنفسهم"، مشيراً إلى وجود تيارين: الأول يعمل على تجديد الحي وإقامة مبان جديدة فيه، والثاني يحاول الحفاظ على الوضع التاريخي القائم.
ويتكون حي الأرمن من مجموعة منازل كانت في السابق مأوى للحجاج، وأصبحت لاحقاً بيوتاً مؤجرة للأرمن، إضافة إلى دير الأرمن المكون من مكان للعبادة ومدرسة ومتحف وعيادة طبية.