أفادت مصادر لـ "اندبندنت عربية" أن جهة "سيادية" جزائرية فتحت استشارة مع أكاديميين، في شأن إعادة فتح الحدود البرية المغلقة مع المغرب منذ 1994، وتتوقع المصادر تقدم النقاش في ظل مؤشرات "إيجابية" من المغرب.
ومنذ بضعة أسابيع، أي في فترة الحراك الشعبي في الجزائر، نزعت السلطات المغربية إلى خطاب إيجابي خال من لغة الخصام المعهودة بين الدولتين الجارتين.
وسرعان ما انتقلت الإيجابية إلى الحدود البرية الفاصلة بين البلدين، ضمن ما سمي "الحراك الرياضي"، حيث شهدت الحدود احتفالات مشتركة بعد فوز المنتخب الجزائري في مباريات كأس إفريقيا التي أقيمت في مصر، وانتهى الأمر برسالة تهنئة رسمية من الملك المغربي يصف فيها تتويج الجزائر "كأنه تتويج للمغرب".
حان الوقت ولكن
يقول الصحافي المتابع للعلاقات الجزائرية المغربية، رضا شنوف، إن "الوقت قد حان لإعادة النظر في طريقة معالجة الملف"، لكنه يستبعد أن تكون الجزائر قد تجاوزت الشروط التي تقدمها منذ عقود".
ولا يعتقد شنوف بأن جمود ملف الحدود البرية المغلقة على علاقة بشخص الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، "لا أظن أن مشكلة الحدود متعلقة بنظام بوتفليقة وستحل بذهابه، لأن الإشكال قائم قبل مجيئه".
يضيف "حل مسألة الحدود بين الجزائر والمغرب مطلب شعبي قبل أن يكون مطلباً سياسياً، فالشعبان يريدان التواصل من دون عوائق، ولاحظنا كيف كانت الأجواء على الحدود خلال مباريات كأس إفريقيا".
وتضع الجزائر منذ ثلاثة عقود شروطاً قبل دراسة ملف الحدود. ويشير شنوف إلى أن "الجزائر تتمسك بمطالبة الرباط بوضع خطة لمحاربة تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية".
في انتظار الرئيس
تفيد مصادر لـ "اندبندنت عربية" بأن جهة سيادية باشرت باستشارة أكاديميين واختصاصيين في شأن "الطريقة الأنجع لفتح الحدود البرية بوجود قضايا خلافية عالقة"، ومن بين الآراء الموجودة في مقترحات أكاديميين شاركوا في "الاستشارة" البدء بـ "ملف تنقل الأشخاص وتأليف لجان مشتركة من وزارات عدة في البلدين"، مع تأجيل "تنقل البضائع والحركة التجارية فترة زمنية تخصّص لمتابعة مدى تقدم ملف حركة المسافرين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومعلوم أن البلدين تبادلا إلغاء التأشيرة، بعد فرضها من طرف الرباط عام 1994، وردّت الجزائر حينها بالمثل وقررت إغلاق الحدود، بعد اتهام الجزائر بالوقوف وراء هجوم مسلح داخل الأراضي المغربية.
وتعتقد جهات جزائرية، أن الفصل في ملف الحدود المشتركة بين البلدين، مؤجل إلى غاية انتخاب رئيس شرعي للجزائر بحكم صلاحياته في الدستور، أي أنه المسؤول الأول عن السياسة الخارجية للدولة، وهذا لا يمنع، وفق المصادر نفسها، إعداد "تصورات" بعيدة من أي حسابات "سياسية غير موضوعية" قد تعيق تقدم هذا الملف الحيوي.
الشروط الجزائرية قائمة
منذ إغلاق الحدود البرية، لم تشهد الأخيرة أي عبور "رسمي" لأشخاص، إلا مرة واحدة عام 2009، أثناء مرور قافلة إنسانية بريطانية، وأعلنت الجزائر تزامناً مع عبور القافلة أن حدودها ستظل مغلقة "ما لم يتم الاتفاق على نقاط معينة بين الجزائر والمغرب: التعاون الأمني والتهريب والمخدرات والهجرة السرية".
وشهدت العلاقات الثنائية مسار "تطبيع" غير مسبوق ما بين 2011 و2013، إذ تمكن البلدان من توقيع اتفاق يقضي بـ "تبادل الزيارات الرسمية في قطاعات الزراعة والبيئة وغيرهما"، تأهباً للجان مشتركة في المجال الأمني والسياسي، بيد أن تلك الجهود تعثرت في خريف 2013، إثر حادثة اقتحام فناء قنصلية الجزائر في الدار البيضاء وتنكيس العلم الجزائري.
جداران
ومنذ ذلك التاريخ، خفضت الجزائر من تمثيلها الدبلوماسي في اللقاءات الثنائية أو متعددة الأطراف التي تحتضنها الرباط، بعدما شككت في رواية "الفعل المعزول". وترتب على ذلك الحدث بدء الجزائر أشغال بناء جدار عازل على حدودها مع المغرب على مسافة 271 كلم انطلاقاً من ولاية تلمسان. ويمكن في منطقة حدودية بالمحافظة، ملاحظة الجدار الإسمنتي الذي نصبته الجزائر دعامة لخندق سابق تقول السلطات الجزائرية إنه لم يحد من ظاهرة التهريب بين البلدين.
وبناء الجدار الجزائري جاء بعد أشهر من بناء جدار مغربي مماثل، يتجاوز طوله 100 كلم، بمبرر محاربة الجريمة المنظمة ومنع "تسلل مقاتلين ينشطون في جماعات متطرفة من الجزائر إلى المغرب".