Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تحيي الجزائر قانون "تجريم الاستعمار" للضغط على فرنسا؟

اتهام جهات فرنسية باستخدام "عملاء" في الداخل لوقف مسيرة "التحرير من مستعمر الأمس"

الأمانة العامة للمنظمة الجزائرية للمجاهدين تشمل شخصيات عدة (وكالة الأنباء الجزائرية)

فور تنصيب رئيس جديد للبرلمان من "الأقلية المعارضة"، طالبت جمعية ثورية ذات رمزية ونفوذ كبيرين في القرار الجزائري، برفع الحجر عن مقترح تجريم الاستعمار الفرنسي"، الذي تقدم به نائب سابق من جبهة "التحرير الوطني"، ورُفض من قبل رئاسة الجمهورية في فترة الرئيس السابق لـ "دواع دبلوماسية". إلا أنه من غير المعلوم إن كان طلب المنظمة الثورية، اختباراً لرئيس البرلمان الجديد أم رغبة في تأكيد التباعد الرسمي بين الجزائر وباريس، بعد الحراك.

وبعد عشر سنوات من إغلاق الجزائر "الرسمية" ملف مقترح قانوني أثار الجدل بينها وبين باريس، عادت المنظمة الجزائرية للمجاهدين، لإثارة مطلب إحياء "مقترح قانون تجريم الاستعمار"، في سياق ظروف تعتقد أنها تشجع على فتح ملف "الذاكرة" المشترك مع السلطات الفرنسية.

ودعا الأمين العام لمنظمة المجاهدين، محند واعمر بن الحاج، ورئيس المجلس الشعبي الوطني سليمان شنين،  "إلى التحرك ورفع الحجر عن ملف تجريم الاستعمار والمطالبة  بحق الجزائريين في التعويض عن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الفرنسي".

إعادة فتح الملف

وقال المجاهد محند واعمر بن حاج، في تسجيل مصور، مخاطباً رئيس المجلس الشعبي الوطني، سليمان شنين "يجب إعادة فتح الملف من جديد من أجل مواجهة قانون البرلمان الفرنسي الذي يمجد الاستعمار والذي صُدّق عليه في العام 2005، وذلك من خلال قانون يقابله من طرف البرلمان، يبرز استبداد الاستعمار الفرنسي والجرائم المرتبكة بحق الشعب الجزائري".

المنظمة الجزائرية للمجاهدين، صاحبة نفوذ كبير في صناعة القرار الرسمي، لا سيما في ملف "الذاكرة"، وحتى وقت قريب كان لها رأي مهم في "تزكية" الرؤساء المقترحين لقيادة الجزائر.

وكشف محند واعمر بن حاج، عن أن أعضاء الأمانة الوطنية برئاسة الراحل سعيد عبادو، زاروا مجلس الأمة في وقت سابق، وأكد في هذا السياق، أمام رئيس الدولة الذي كان يترأس وقتها الغرفة التشريعية العليا، أن "البرلمان عاجز أمام ما حدث في باريس ومن واجبه إصدار قانون جزائري، حول دور الاستعمار الفرنسي بجيوشه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 اختبار للإسلاميين أم استغلال لظرف سياسي

منذ العام 2009 لم تثر المنظمة الجزائرية للمجاهدين، ضرورة إحياء هذا المقترح، على الرغم من إبقائها على الموقف المتشدد ذاته في التعاطي مع ملفات مشتركة مع فرنسا الرسمية. والتاريخ المذكور يشير إلى تدخل "محتمل" من رئاسة الجمهورية، لوأد مقترح قانوني في "مهده" قبل وصوله إلى اللجنة القانونية للبرلمان في تلك الفترة.

ويروي حسين خلدون، رئيس اللجنة القانونية للبرلمان في الفترة المذكورة لـ "اندبندنت عربية"، أن "المقترح الذي تقدم به النائب موسى عبدي عن جبهة التحرير الوطني يومها، لم يغادر مكتب رئيس البرلمان السابق عبد العزيز زياري". ويذكر خلدون، القيادي الكبير في جبهة "التحرير الوطني"، أن "اللجنة القانونية لم تستقبل أصلاً هذا المقترح وإلا كان سيتحول إلى مشروع قانون".

ويعطي الدستور البرلمان الجزائري، صلاحية التشريع عبر مقترح قانوني يستوجب في تلك الفترة توقيع 20 نائباً على الأقل. وكان ذلك المقترح هو الوحيد، الذي حاول نواب تشريعه في السنوات الـ 20 الأخيرة، إذ احتكر الجهاز التنفيذي صلاحية إرسال مشاريع قوانين إلى البرلمان.

وكان إسلاميون في البرلمان تلك الفترة، يدعمون المقترح بقوة، بل فيهم من حاول تبني المقترح بدلاً من النائب موسى عبدي، وربما لهذا السبب تحاول المنظمة الوطنية للمجاهدين "اختبار" رئيس المجلس الجديد سليمان شنين، وهو نائب إسلامي عن "حركة البناء الوطني" التي تشارك في "أقلية معارضة" داخل البرلمان.

كما يحتمل مطلب منظمة المجاهدين محاولة "استغلال ظرف سياسي" تشهد فيه علاقات الجزائر بباريس توتراً كبيراً بدأت معالمه تظهر منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وتعادي باريس السلطة القائمة حالياً في الجزائر بشكل واضح، كما تعبر بشكل غير مباشر عن "عدائها" لرئيس الأركان الحالي الفريق أحمد قايد صالح، وهو بدوره "مجاهد" في الثورة التحريرية، وينقل عنه خصومته الكبيرة ضد "الإرث الاستعماري" ما بعد الاستقلال.

استخدام ورقة رابحة

بين أعوام 2007 و 2012، استعملت فرنسا أوراقها كلها مع نظام بوتفليقة، لوضع حد لـ "انفعال" نواب برلمانيين من حزب الغالبية "جبهة التحرير"، وهم يدافعون عن مقترح "تجريم الاستعمار". واستطاعت فرنسا فعلياً، توقيف المقترح وتجميده نهائياً، ما دفع برئاسة الجمهورية إلى أن تطلب من رئيس البرلمان السابق، عبد العزيز زياري "الدوس على القانون الداخلي" والإبقاء على المقترح في مكتبه.

ويروي مصدر عايش تلك الأزمة من قرب لـ "اندبندنت عربية" أن "رئيس الحكومة السابق أحمد أويحي، أبلغ زياري رسمياً بضرورة وقف المقترح، فنفذ من دون اعتراض، بل وأعلن لاحقاً انعدام فرص قانون تجريم الاستعمار من المرور أمام نواب هيئته أو مجرد الموافقة عليه، ورمى زياري بعيداً بالحرج الذي سببه له القانون، وعلق الأمر على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة مباشرة لاعتبارات ديبلوماسية ودولية وقانونية".

وكان تمرير مشروع القانون ينتظر تجاوز عقبة وحيدة، هي موافقة الحكومة الجزائرية عليه. وأشارت مصادر متعددة إلى أن الحكومة كانت تتعلّل بالتزامات ديبلوماسية وقانونية تحول دون الذهاب بعيداً بالمشروع، الذي وُلد باقتراح من نواب مستائين من خطوة نيابية فرنسية، بإصدار قانون يشيد بما قام به المستعمرون الفرنسيون.

بنود المشروع

واحتوى مشروع القانون، بنوداً تطالب فرنسا بالاعتذار وتحمّل مؤسسات الدولة الجزائرية مسؤولية تحصيل حقوق الجزائريين التاريخية والسياسية والمالية من الدولة الفرنسية.

ولأن الجزائر تدرك حساسية هذا الملف بالنسبة إلى باريس، لا سيما قضية "التعويضات" المادية، فربما يكون مقترح منظمة المجاهدين، ورقة ضغط على فرنسا في الفترة الراهنة لـ "كف يدها" عن التدخل في الشأن الجزائري، وفق ما تعتقد السلطات الجزائرية.

وتتهم الأخيرة، جهات فرنسية، باستخدام "عملاء" في الداخل، لوقف مسيرة "التحرير من مستعمر الأمس"، وتتسرب معطيات عدة عن خطوات في هذا السياق، خصوصاً مع بدء وزارة التعليم، استشارة الجزائريين عبر موقع إلكتروني، حول نية تعميم اللغة الإنجليزية بدل الفرنسية، وقبل انتهاء آجال التصويت الإلكتروني، صوت نحو 99 في المئة من الجزائريين بـ "نعم" لصالح اللغة الإنجليزية.

الاتفاقيات السرية  لـ "إيفيان"

لحوالى ستة عقود، احتكمت علاقة الجزائر بباريس، بخصوص ملف "الذاكرة"، إلى بنود غير معلنة في اتفاقيات "إيفيان" التي مهدت لاستقلال الجزائر في العام 1962. ويشير بعض الخبراء إلى احتمال أن تستعمل باريس اتفاقيات "غير معلنة" كاتفاقية "إيفيان"، لا سيما الشق الخاص بـ "العفو الشامل" الذي أُقرّ بموجبها. ويعتقد أن مقابل ذلك كان تعهد بعدم المطالبة بفتح ملف "الذاكرة" نهائياً، وهي معطيات لم تؤكدها كما لم تنفِها، أي جهة رسمية في السابق.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي