Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تدير ظهرها لمواطنين أفغان تلاحقهم "طالبان" بسبب عملهم سابقا معها

حصري: فضيحة تعرض أولئك الذين عملوا مع الجيش البريطاني في بلادهم لخطر الإعدام من قبل النظام الحالي لأننا رفضنا السماح لهم بالمجيء إلى المملكة المتحدة

 يقول زملاء وأفراد أسر مواطنين أفغان مستهدفين إن هؤلاء عرضة بشكل خاص لهجمات انتقامية تنفذها عناصر محلية تابعة لحركة "طالبان"، بعدما جُندوا محلياً للخدمة إلى جانب القوات البريطانية (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

فضيحة تعرض أولئك الذين عملوا مع الجيش البريطاني في بلادهم لخطر الإعدام من قبل النظام الحالي لأننا رفضنا السماح لهم بالمجيء إلى المملكة المتحدة

خلص تحقيق أجرته "اندبندنت" إلى أن مواطنين أفغان عملوا لدى الجيش البريطاني في بلادهم، حرموا من ملاذ آمن في المملكة المتحدة على رغم مواجهتهم خطر الإعدام على يد حركة "طالبان".

وكان ميكانيكيون وعمال وطهاة من بين أولئك الذين رفضت طلباتهم التي قدموها بموجب مخطط إعادة توطين الأفغان الذي تديره وزارة الدفاع البريطانية، والمعروف اختصاراً باسم (أراب) "سياسة نقل ومساعدة الأفغان" Afghan Relocations and Assistance Policy (Arap).

يذكر أن هذا البرنامج صُمم في الأساس لتلبية حاجات الأفراد الذين قدموا مساعدتهم للقوات البريطانية خلال الحرب.

ويعيش هؤلاء في حال قلق بالغ على حياتهم، وعلى رغم خطر تعرضهم للاضطهاد من جانب "طالبان" بسبب عملهم في "وحدة دعم العمال"  Labour Support Unit في الجيش البريطاني، فإن وزارة الدفاع البريطانية تقول إنهم غير مؤهلين للاستفادة من المخطط لأنهم لم يتولوا أدواراً على خطوط المواجهة الأمامية.

لكن في المقابل، يؤكد زملاء هؤلاء الأشخاص وأفراد أسرهم أنهم معرضون بشكل خاص لخطر هجمات انتقامية من قبل مسلحين محليين تابعين لحركة "طالبان"، نظراً إلى أن تجنيدهم للعمل إلى جانب القوات البريطانية كان قد جرى على المستوى المحلي وبالتالي هم معروفون لعناصر الحركة.

 

الرفض البريطاني الأخير جاء في وقت تقوم فيه "اندبندنت" بحملة تطالب الحكومة بمنح الأفغان الذين عملوا إلى جانب القوات المسلحة البريطانية ملاذاً آمناً في المملكة المتحدة، وذلك بعدما كشفنا عن أن أحد المحاربين القدامى في القوات الجوية الأفغانية الموجود في بريطانيا مهدد بالترحيل إلى رواندا.

ووصف إحدى أعضاء البرلمان المعاملة التي يتلقاها المواطنون الأفغان الذين عملوا مع القوات البريطانية في بلادهم بأنها "دليل على الفشل المستمر" من جانب الحكومة، وفي الوقت نفسه طالبت جمعيات خيرية وزارة الدفاع البريطانية بمنح هؤلاء الأشخاص الحق في اللجوء، قائلة إن "مساعدتهم كانت ضرورية للمهمة التي قامت بها المملكة المتحدة في بلادهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

النائب عن حزب "المحافظين" ورئيس لجنة الدفاع البرلمانية توباياس إلوود أكد أن العمال الأفغان لا يزالون موضع ملاحقة من جانب "طالبان"، محذراً من أن إرهابييها لا "يمتلكون المعايير نفسها" المعتمدة من جانب صانعي القرار في الحكومة البريطانية.

بعض الموظفين الأفغان الذين كانوا يعملون في الجيش البريطاني وفروا إلى المملكة المتحدة، قاموا بإعداد قائمة تضم 44 موظفاً تم رفض مساعدتهم، ليتم طرح معاناتهم على وزير القوات المسلحة جيمس هيبي في أبريل (نيسان) الفائت من قبل النائبة في حزب "العمال" المعارض جيسيكا موردن، لكن هيبي رد بأنه لا توجد نية لتوسيع معايير مخطط "أراب" الذي اعتبره "أكثر شمولاً في الواقع مقارنة ببرامج إعادة توطين الأفغان السابقة".

ضمن هذا المخطط، وفي يونيو (حزيران) من العام 2022، رُفض طلب فني أفغاني عمل لمصلحة الجيش البريطاني، وهو يسعى الآن إلى الطعن في قرار رفضه أمام المحكمة من خلال مراجعة قضائية، كان هذا الشخص مسؤولاً عن إصلاح ناقلات جند وعربات مدرعة بريطانية، لكنه سُرح من عمله عندما انسحبت القوات البريطانية من مقاطعة هلمند، ليعمل لاحقاً في منظمات غير حكومية ومقاولاً عسكرياً خاصاً مع البريطانيين إلى حين استيلاء حركة "طالبان" على العاصمة الأفغانية كابل عام 2021.

مستشار أفغاني سابق للجيش البريطاني جاء إلى المملكة المتحدة بموجب مخطط "سياسة نقل ومساعدة الأفغان" عام 2016، تحدث عن محاولته مساعدة زميله الميكانيكي قائلاً "نحاول أن نبذل قصارى جهدنا لمساعدته وعائلته، لكنه يعيش في وضع مأسوي حقاً، فكثير من الأفغان يختفون مما يجعله يقضي وقته محاولاً الاختباء، نظراً إلى أن كثيرين يعلمون أنه كان يعمل مع الجيش البريطاني".

وأضاف، "فيما قُبلت طلبات كثيرين يواجهون الوضع نفسه بموجب مخطط ’أراب‘، لا أعرف حقيقة لماذا رُفض ملفه للتو".

 

وقال زميل آخر له، وهو مترجم أُعيد توطينه في المملكة المتحدة من خلال مخطط "سياسة نقل ومساعدة الأفغان"، إن الفني كان ينتقل من مقاطعة أفغانية إلى أخرى ويعيش في حال خوف من أن تقبض عليه "طالبان".

محامية الفني، ستيفاني ألبان، أكدت أنها لقيت صعوبات في سعيها إلى إعادة النظر في قضيته بشكل عاجل، نظراً إلى وضعه الخطر وغير المستقر، وقالت إن "حياته مهددة وقد اعتقدتُ أنهم سيتعاملون مع القضية خلال أيام وليس أسابيع. إنه مختبئ ويواصل الانتقال من مكان إلى آخر تجنباً للوقوع في قبضة ’طالبان‘".

وأضافت ألبان أن "الناس في المنطقة المحلية تلك في أفغانستان يعلمون أنه كان يعمل لدى البريطانيين، وبما أن اسمه مدرج في السجلات فسيسعون إلى البحث عنه واستهدافه". وقالت، "يبدو أن هؤلاء الموظفين في ’وحدة دعم العمال‘ قد ذهبوا في طي النسيان، وينبغي ألا تكون هناك حاجة إلى إجراء مراجعات قضائية لمجرد الحصول على قرار بسيط في شأن قضية واضحة جداً كهذه".

وفي قضية أخرى رفض أيضاً مخطط "أراب" طلب أحد الحراس الذين كانوا يوفرون الأمن لمعسكر للجيش البريطاني في أفغانستان، وقد وصف في مناشدته اليائسة لمراجعة القرار كيف تعرض إلى إطلاق نار أثناء محاولته مساعدة مصابين خلال هجوم إرهابي على القاعدة البريطانية، وقال إنه تلقى رسالة تهديد من "طالبان" تشير إلى العمل الذي قام به في القاعدة البريطانية، كما تلقى أيضاً تهديدات من تنظيم "داعش"، وهو مضطر إلى مواصلة الانتقال من أماكن إقامته بانتظام بسبب التهديدات المتكررة التي تستهدف أسرته.

وجاء في طلب المراجعة الذي تقدم به، "لقد وُظفت مباشرة من جانب مكتب ’وحدة دعم العمال‘ ومن ثم من جانب الحكومة البريطانية، وكان الدور خطراً ومكشوفاً بحيث كنت عرضة لخطر لهجمات ’طالبان‘ وغيرها".

 

وأشار إلى أن "الأمن في المعسكر كان مسألة حيوية لضمان سلامة البريطانيين وجنود حلف الأطلسي (ناتو) الآخرين، وبالتالي فإن المعسكر والعمليات العسكرية التي نفذت انطلاقاً منه لم تكن لتنجح لولا وجود حراس أمن مثلي".

جمال براك، الذي عمل مترجماً فورياً مع القوات البريطانية، أكد أن مخطط "أراب" رفض طلب اثنين من أعمامه كانا عملا طاهيَين لدى الجيش البريطاني، وهما الآن مختبئان في أفغانستان، وعللت وزارة الدفاع البريطانية سبب الرفض في إحدى الرسائل بالقول إن "توظيفك لم يتسبب بخطر كبير ووشيك يهدد حياتك".

وأوضح براك أنه "بالنسبة إلى حركة ’طالبان‘ لا يهم إن كنت مترجماً أو طاهياً، فنحن جميعاً بالنسبة إليها سواسية، ويعتقد أفرادها أننا جميعاً عملنا ضد الدين والعقيدة الخاصة بها وضد النظام، وإذا ما دخل أي شخص إلى المعسكر وعمل لمصلحة الجيش البريطاني فحاله حال الجميع".

وأضاف أن "وزير الدفاع البريطاني قدم تأكيدات في ذلك الوقت بالوقوف إلى جانب الأفغان، لكن للأسف تبين أن تلك الوعود كانت كاذبة ولم يجري الوفاء بأي منها".

مترجم سابق آخر جاء إلى المملكة المتحدة عام 2015 بموجب مخطط "سياسة نقل ومساعدة الأفغان"، أفاد بأن وزارة الدفاع البريطانية لم تقم بمساعدة شقيقه الذي يعيش في حال من الخوف داخل أفغانستان، وكان الاثنان عملا معاً في "معسكر باستيون" Camp Bastion للجيش البريطاني هناك، إذ كان شقيقه عاملاً داخل القاعدة لمدة عامين ونصف العام قبل أن يُسرح عندما انسحبت القوات البريطانية.

وفي وصف لوضع شقيقه قال المترجم إنه "مختبئ وإن أحداً لا يعلم بمكانه، ونادراً ما يتسنى لي الاتصال به لكنه يتواصل معي بين حين وآخر. إنه معرض للأخطار نفسها التي تعرضت لها أنا. ليس مكتوباً على وجهه أنه كان مجرد عامل وليس مترجماً. لقد عملنا جميعنا مع الجيش البريطاني وبالتالي فإن الجميع سواسية في نظر ’طالبان‘".

 

وأضاف، "لقد قتلوا أحد أشقائنا الآخرين أمام منزل أسرتنا عام 2020، فهو كان يعمل في مساعدة القوات الأميركية والبريطانية، وقد تعرفوا عليه وأطلقوا النار عليه".

ورداً على سؤال عن الحالات ومعايير وزارة الدفاع للأفراد الذين "ليسوا في مواقع عالية الخطورة أو مكشوفة"، قال النائب من حزب "المحافظين" توباياس إلوود "لا أعتقد أن ’طالبان‘ تشاركنا المعايير نفسها، فلقد تمكنت الحركة من الوصول إلى قواعد البيانات التي تحوي معلومات عن جميع الأفغان المحليين الذين كانوا يساعدون ’قوة المساعدة الأمنية الدولية‘ (أيساف) International Security Assistance Force (ISAF)، فيما يواصل مسلحوها المحليون مطاردة هؤلاء بهدف إعدامهم، ويتعين (في الطلبات المقدمة) تقييم كل حال بناء على الظروف الخاصة المحيطة بها".

العضوة في البرلمان عن حزب "العمال" جيسيكا موردن طرحت المسألة أمام وزير الدفاع البريطاني نيابة عن أحد الناخبين قائلة "إن جميع هؤلاء الأفراد الشجعان الذين قدموا تضحيات كبيرة لدعم قواتنا المسلحة في جميع المجالات في أفغانستان يستحقون أعلى درجات الاحترام، ويتعين على حكومتنا أن تظهر لهم ذلك".

واستطردت قائلة، "مع ذلك يعد تعامل هذه الحكومة مع المواطنين الأفغان الذين عملوا جنباً إلى جنب مع قواتنا المسلحة دليلاً على الفشل المستمر في أدائها، كما توضح هذه الأمثلة".

البارونة جين كوسينز التي كانت عضوة في لجنة ضمان المدنيين الذين وُظفوا محلياً، التابعة لوزارة الدفاع البريطانية، رأت أنه فيما كانت مخططات إعادة توطين المترجمين الفوريين شمولية نسبياً، إلا أن مواطنين أفغاناً آخرين لم يحالفهم الحظ.

وأضافت، "من الواضح أن المترجمين الفوريين هم مجموعة من المدنيين الذين عملوا محلياً في أدوار مكشوفة وعالية الأخطار، لكنني أود الإشارة إلى أن كثيرين آخرين مثل السائقين والطهاة والعمال، وغيرهم من الذين عملوا لمصلحة القوات المسلحة أو ’المجلس الثقافي البريطاني‘  British Council - قد يكونون معرضين لكشف أمرهم من جانب ’طالبان‘ مما يجعلهم تالياً يستحقون أن يعاملوا بالدرجة نفسها من السخاء، وأن يزودوا بالدعم والمساعدة الكاملين أسوة بالمترجمين".

الدكتورة ساره دو يونغ، المؤسسة المشاركة لجمعية "صلحة ألاينس" الخيرية Sulha Alliance  التي تدافع عن المترجمين الأفغان السابقين وتقدم لهم الدعم، عبرت عن استيائها الشديد من حرمان الأفغان الذين قدموا خدماتهم المباشرة إلى الجيش البريطاني في أدوار دعم أساس من الحصول على فرصة إعادة التوطين بسبب عدم عملهم مترجمين فوريين، وقد عمل بعضهم لمصلحة المملكة المتحدة لأكثر من 15 عاماً، لكن مطالبهم بالحصول على المساعدة قوبلت بالصمت.

وأكدت أن هؤلاء الأفغان هم "بالأهمية نفسها بالنسبة إلى بريطانيا، خصوصاً أن غالبيتهم جرى تجنيدهم محلياً ويواجهون الآن تهديداً جدياً بسبب انكشافهم أمام عناصر محلية تابعة لحركة ’طالبان‘".

وقالت المستشارة الأفغانية لمنظمة "غلوبال ويتنس"  Global Witness غير الحكومية (التي تُعنى بدعم ضحايا النزاعات وحقوق الإنسان) ساره فينبي ديكسون، إن "مخطط ’سياسة نقل ومساعدة الأفغان‘ تخلى عن مئات الأشخاص الذين خدموا إلى جانب القوات البريطانية بشجاعة وفخر، وإن ’طالبان‘ لا تحتاج إلى الاطلاع على السيرة الذاتية لهؤلاء لمعرفة ماضيهم، وهي تدرك جيداً ارتباطهم بالقوات البريطانية وتحالفهم معها".

وفي تعليق على ما تقدم، قال أخيراً متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية، "نحن ندين بالامتنان لأولئك المترجمين الفوريين وغيرهم من الموظفين من خلال مخطط ’أراب‘ بعدما عملوا من أجل القوات البريطانية في أفغانستان أو معها في أدوار مكشوفة، وتتركز أولويتنا المطلقة على دعم انتقال الأشخاص المؤهلين إلى خارج أفغانستان، وقمنا حتى الآن بنقل أكثر من 12200 فرد إلى المملكة المتحدة بموجب مخطط ’سياسة نقل ومساعدة الأفغان‘".

© The Independent

المزيد من متابعات