Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيلم عن معاناة المترجمين الأفغان مع الجيش الأميركي

من إخراج البريطاني غاي ريتشي وبطولة جيك جيلنهال ودار سليم

جيك جلينهال ودار سليم في مشهد من الفيلم (موقع الفيلم)

ملخص

يعيد المخرج في هذا العمل، فتح  ملف المترجمين الأفغان الذين ساعدوا الجيش الأميركي في أفغانستان، وكيف تخلت الولايات المتحدة عن قسم كبير منهم.

بعد كارثة الـ11 من سبتمبر (أيلول)، أصدر الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش قراراً في نهاية 2001 بإرسال قوات أميركية إلى أفغانستان لمحاربة تنظيم "القاعدة" وحركة "طالبان" ومواجهة الإرهاب والقضاء عليه في أسرع وقت ممكن.

هذا الدخول كلف الولايات المتحدة أطول حرب خاضتها في تاريخها وخسائر مادية وبشرية كبيرة، إضافة إلى الانقسام السياسي في ما بعد حول جدوى هذه الحرب، والأهم أن القوات الأميركية انسحبت في أغسطس (آب) 2021 من أفغانستان من دون القضاء على حركة "طالبان".
خلال 20 عاماً من الحرب أنتجت أفلام سينمائية عدة حولها وبرز منها ما انتقد بشدة الخطوة التي اتخذها الرئيس الأميركي الأسبق ومنها على سبيل المثال لا الحصر، فيلم المخرج مايكل مور "فاهرينهايت" (2004) و"أسود مقابل حملان" (2007) للمخرج روبرت ريدفورد و"عداء الطائرة الورقية" (2007) لمارك فورستر، المأخوذ عن رواية الأفغاني خالد حسيني.
 
رواية جديدة
 
في فيلمه الجديد "العهد – غاي ريتشي" (Guy Ritchie's The Covenant)، يروي لنا المخرج البريطاني غاي ريتشي قصة جديدة من قصص الحرب الأميركية في أفغانستان. بعد مقتل مترجم أفغاني يعمل مع مجموعة من الجنود، تبدأ الفرقة البحث عن مترجم جديد ويقع الخيار على أحمد (الممثل دار سليم) المطلع بدقة على سير الأمور والراغب في هذا العمل بعدما قتلت "طالبان" ابنه.
تنشأ علاقة متوترة ما بين أحمد والرقيب المسؤول عن الفرقة جون كينلي (جيك جيلنهال)، لكنها سرعان ما تتحول إلى صداقة اضطرارية، بعد مقتل كل أعضاء الفرقة خلال مداهمة لمصنع إعداد قنابل يدوية وهروب كل من أحمد وجون للاختباء. 
 

 

لم يترك المترجم الأفغاني الرقيب بعد إصابته، بل حمله وقطع به الجبال وصولاً إلى القاعدة الأميركية، ومنها أعادته القيادة العسكرية إلى بلده وإختفى أحمد. بعد شهر من الحادثة يستيقظ الأميركي ويتذكر ما حدث له وكيف ضحى المترجم بحياته لإنقاذه، وهنا تلاحقه عقدة الذنب، فيفعل المستحيل لإحضار أحمد وعائلته الى الولايات المتحدة وينجح في ذلك.

 
المترجمون الأفغان
 
يعيد المخرج في هذا العمل فتح ملف المترجمين الأفغان الذين ساعدوا الجيش الأميركي في أفغانستان وكيف تخلت الولايات المتحدة عن قسم كبير منهم، تاركة مصيرهم في أيدي "طالبان"، بخاصة أنهم في نظر الحركة خونة، فأعدمت كثيراً ممن لم يستطيعوا الهرب.
ووعد الرئيس الأميركي جو بايدن بإجلاء المترجمين الفوريين وعمل ما يصل إلى 50 ألف مترجم فوري مع الجيش الأميركي. ومنذ عام 2008 انتقل مترجمون وعائلاتهم إلى الولايات المتحدة بموجب تأشيرة هجرة خاصة منحت مقابل خدماتهم، لكن ما زال هناك حوالى 20 ألف مترجم فوري وعائلاتهم يبحثون عن مخرج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وهؤلاء يواجهون عملية معقدة تتعلق بتأشيرات الدخول وتهديداً يتمثل في التقدم السريع لـ"طالبان" مع إنهاء الولايات المتحدة حربها التي استمرت 20 عاماً. ويعد الخطر على المترجمين الفوريين الذين عملوا لمصلحة الأميركيين جسيماً، إذ توفي ما يقدر بنحو 300 مترجم فوري منذ 2009 أثناء سعيهم إلى الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة، وهي عملية ربما تستغرق أعواماً.
 
انتقاد
 
في المقابل، ينتقد المخرج غاي ريتشي في عمله الفني السياسة التي اتبعتها الولايات المتحدة في التعامل مع المترجمين، فبعدما أنقذ أحمد الرقيب الأميركي وخاطر بحياته وبات المطلوب الأول على لائحة "طالبان"، كيف ردت له أميركا هذا الجميل؟ بكل بساطة تركته يواجه مصيره من دون أي مساعدة، ولولا تدخل جون كينلي بعد شفائه والعودة لأفغانستان لإحضار أحمد وعائلته، لما خرج المترجم من حفرة "طالبان" التي كانت تلاحقه ووضعت جائزة مالية لمن يأتي برأسه.
كما يسلط المخرج الضوء على الإجراءات الأميركية التي تأخذ وقتاً طويلاً لإصدار التأشيرات اللازمة للمترجمين، والوقت هنا ليس متاحاً لأن المتعاونين الأفغان ربما يقعون في أية لحظة بين يدي "طالبان".
 

 

لم يحاول المخرج الجديد نوعاً ما على الأفلام الحربية أن يشتت مشاهد العمل، فلم نرَ انتقادات مثلاً لتصرفات "طالبان" المتطرفة ولا رد فعل الحكومة الأفغانية، بل لاحق قصة حقيقية وأراد من خلالها توجيه النقد إلى القرارات الأميركية الخاطئة حول هذه القضية.
 
تقصير 
 
وكان للمترجمين الأفغان دور مهم للغاية مع الجيش الأميركي خلال الحرب في أفغانستان، إذ عملوا كصلة وصل بين القوات الأميركية والأفغانية وترجموا من اللغة الأفغانية إلى اللغة الإنجليزية وبالعكس وساعدوا في تسهيل التواصل والتفاهم بين الجانبين.
وقدم المترجمون الأفغان دعماً حيوياً للجيش الأميركي والقوات الدولية الأخرى في أفغانستان، فساعدوا في توجيه القوات الأميركية خلال المهمات العسكرية وفي التفاوض مع السكان المحليين والزعماء الأفغان وفي تفسير العادات والتقاليد الثقافية الأفغانية بفضل معرفتهم باللغة والثقافة المحلية، وبنوا جسوراً من التفاهم والثقة بين الجانبين.
إضافة إلى ذلك، لعب المترجمون الأفغان دوراً حيوياً في توفير المعلومات الاستخباراتية، إذ كانوا يساعدون في ترجمة المستندات والمحادثات المهمة وتفسيرها، كما قدموا الدعم الثقافي واللغوي للقوات الأميركية أثناء الاحتفالات المحلية أو الاجتماعات الثقافية.
 

 

واللافت أن الولايات الولايات المتحدة ليست وحيدة في هذا الفعل – الفضيحة، بل بريطانيا شريكة أيضاً في ما تعرض له المترجمون الأفغان، إذ نشرت صحيفة "اندبندنت" بعد خروج القوات الأميركية من كابول أن "عشرات المترجمين الأفغان الذين عملوا لمصلحة الجيش البريطاني في بلادهم، أبلغوا بأنه لن يسمح لهم بدخول المملكة المتحدة لأنهم يشكلون خطراً على الأمن القومي".
وعلى رغم أن وزارة الدفاع البريطانية كانت وافقت على انتقال هؤلاء الأفراد إلى بريطانيا بعد أعوام من الخدمة، فإنهم ومع بدء حركة "طالبان" السيطرة على أفغانستان، تلقوا هم وأسرهم رسائل من وزارة الداخلية البريطانية تبلغهم فيها بأنه لن يسمح لهم بدخول المملكة المتحدة على أساس أنهم يشكلون خطراً عليها.
في المقابل لم تقدم لهم أي إيضاحات إضافية ولم يعطوا حتى الحق في استئناف القرار، فتركوا فيما الخوف يحاصرهم من انتقام الحركة  بسبب الوقت الذي أمضوه في خدمة المصالح الغربية في بلادهم.

 

السينما والحرب
 
لطالما رافقت السينما الحروب الأميركية، من الحرب الباردة (Bridge of Spies)، إلى الحرب الكورية (The Steel Helmet)، إلى فيتنام (Full Metal Jacket)، ومن ثم في أفغانستان ((Lone Survivor) والعراق (The hurt Locker). لم تتوقف السينما عن معالجة آفة الحرب الأميركية المنتشرة في بقع مختلفة من العالم وحاولت بعض الأفلام انتقاد الإدارة السياسية والقرارات الخاطئة.
 

 

من جهة ثانية، عالجت بعض الأفلام "التروما" التي دخل فيها الجنود بعد العنف الذي عانوه أو الإصابات الجسيمة، ويبيّن المخرج غاي ريتشي ذلك في فيلمه حين يصور عقدة الذنب التي لاحقت الرقيب جيك جيلنهال وكيف أنه مدين بحياته للمترجم الذي أنقذه. هذه العقدة أو آثار ما بعد الصدمة، قدمها المخرج كلينت إيستوود في فيلمه "القناص الأميركي" الذي أنتج عام 2014. 

ويروي الفيلم القصة الحقيقية لحياة الجندي كريس كايل (برادلي كوبر)، القناص الأميركي المعروف بالجندي الأكثر فتكاً في تاريخ العسكرية الأميركية برصيد 160 قتيلاً مؤكداً باسمه، مستكشفاً الصعوبات النفسية التي واجهها كايل بعد الخدمة والتحديات التي تنشأ عن وجوده في بيئة الحرب، إضافة إلى تأثير غيابه المتكرر عن عائلته.
 
الأداء 
 
في سياق متصل، قدم المخرج البريطاني فيلم حركة رفيع المستوى فيه كثير من الرصاص والقنابل والمتفجرات، كما أن وتيرة المعارك تشعر المشاهد بأنه في قلب المعركة، وساعد في ذلك الأداء القوي من الممثل الأميركي جيك جيلنهال الذي لعب دوراً عسكرياً ممتازاً، إضافة إلى تميز الممثل الدنماركي من أصل عراقي دار سليم في دوره المساند للبطل. 
 

 

ويبدو أن الأمر لن يتوقف عند "العهد"، إذ تنطلق اليوم في مناطق مختلفة من العالم عروض فيلم "قندهار" للمخرج ريك رومان وو الذي يلعب دور البطولة فيه الممثل جيرارد بتلر، ويدور حول عميل لوكالة الاستخبارات المركزية محاصر في جزء خطر من أفغانستان مع مترجمه، ويظهر في المقطع الدعائي بتلر وهو يقول "لا أحد يأتي لينقذنا".

من جهة ثانية، يعكس "العهد" العلاقة القوية والمتينة التي نشأت ما بين المترجمين والجنود الأفغان، مما يظهر حال التململ من حكم "طالبان" والتمسك بالأميركيين ربما للهرب من الواقع المرير.

المزيد من سينما