Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوريا "العائدة" تفتش عن آثارها لرسم خريطة سياحية

تلال أثرية كثيرة تنتشر في أرض تعج بالحضارات تعرضت للنهب بأعمال حفر بدائية بينما دمرت مدن مسجلة على لوائح التراث العالمي

الجميع يعمل للمساهمة في عودة السياحة إلى سوريا (اندبندنت عربية) 

ملخص

لا يمكن الحديث عن خريطة سياحية في سوريا إلا مع وجود مشاريع ترميم للمواقع الأثرية وعودة الأهالي إليها.

قبل يوم من القمة العربية المقرر عقدها في جدة 19 مايو (أيار) يقترب السوريون من العودة إلى حياتهم الطبيعية بعد كوارث ونكبات ألمت بهم، وإذا كانت إعادة أمور إلى ما كانت عليه تبدو ممكنة، إلا أن الأمر مختلف مع الحجر، حيث كنوز أثرية تعود لحضارات ضاربة في الزمن تعرضت للتخريب والنهب والسرقة، بعمليات تنقيب ممنهجة وبأسلوب مدمر وعشوائي طال أغلب المدن التي دارت فيها الحروب.

خريطة جديدة

تلال أثرية كثيرة تنتشر في أرض تعج بالحضارات المتعاقبة نهبت بأعمال حفر بدائية، بينما دمرت مدن مسجلة على لوائح التراث العالمي كتدمر وحلب، في حين يأمل معاون المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا، الدكتور همام سعد أن يكون الانفتاح العربي بداية مهمة لتشكيل مبادرات تسعى إلى تأهيل المواقع الأثرية، والتخطيط لمشاريع مستقبلية تزامناً مع عودة العلاقات.

يراهن المسؤول السوري على ما تزخر به البلاد من التنوع والغنى الحضاري كعوامل جذب سياحي، ويعتقد في الوقت نفسه أنه لا يمكن الحديث عن خريطة سياحية إلا مع وجود مشاريع ترميم وعودة الأهالي للمواقع، وتأمين خدمات لها، فعلى سبيل المثال لا يوجد بنية تحتية في تدمر لاستقبال عدد كبير من السياح، وحتى الآن عددهم قليل".

يقول معاون المدير العام للآثار لـ"اندبندنت عربية"، "الجميع يعمل للمساهمة في عودة السياحة على المستوى الوزاري والبلديات والمجتمعات المحلية، بينما المتاحف والآثار تعمل بجهد وتحتاج إلى إمكانات كبيرة، والأمل معقود أيضاً على عودة البعثات التي توقفت عن عملها منذ عام 2011 باستثناء البعثة الهنغارية في قلعتي الحصن والمرقب، وبعثة تشيكية، في حين عادت البعثات الإيطالية إلى العمل بموقع إيبلا الأثري، وهي بعثات مشتركة سورية- إيطالية تعمل بشكل رسمي لتقييم الضرر ووضع خطة للترميم".

تخريب للحضارات

في غضون ذلك واجهت الدوائر المعنية تحديات متزايدة خلال فترة الحرب منذ عام 2011 وخروج مناطق من يد الدولة ووصول تنظيم "داعش" عام 2014 لا سيما إحكام سيطرته على مناطق في الشمال والشمال الشرقي من البلاد، وتمثلت الأضرار في ما فعتله تلك الفصائل المسلحة من تنقيب عشوائي بمواقع تعرضت للتخريب بحثاً عن الذهب والقطع الأثرية.

وهناك تحد إضافي عاناه خبراء الآثار وهي العقوبات على سوريا، فعلى رغم كونها اقتصادية في شكلها لكنها طالت الجانب الثقافي، فالبعثات الأجنبية منعت من الوصول إلى مواقعها، وأثرت على وصول المواد اللازمة التي تساعد في أعمال الترميم.

ولم تتعرض المواقع الأثرية للتنقيب بحثاً عن الذهب فحسب، بل طالها تدمير ممنهج، وبذل لأجلها خبراء وأثريون الغالي والنفيس للتصدي لأعمال التخريب تلك، منهم عالم الآثار السوري خالد الأسعد الذي قتله تنظيم "داعش" في 18 أغسطس (آب) عام 2015 حينما سيطر على مدينة تدمر الأثرية، الواقعة وسط سوريا، لرفضه إفشاء أسرار تتعلق بالمواقع الأثرية، وحكم عليه بقطع رأسه وعلقت جثته بمدخل المدينة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته يسرد معاون مدير عام الآثار، أن الخسائر جسيمة في مدينة تدمر، حيث دمر المسلحون مجموعة مبان مهمة ومعابد وأبراجاً فريدة من نوعها تتألف من خمسة طوابق ومجموعة واسعة من التماثيل الجنائزية التدمرية التي لم يكن متاح نقلها من متحف تدمر، إضافة إلى خسارة مومياوات كانت معروضة بالمتحف.

ويضيف، "عثرنا على أعمال حفر وسرقة في منطقة المدافن بلغت 200 حفرة ومن دون شك ظهرت مجموعة من الآثار التي سرقت ونهبت، وهربت خارج سوريا، أما الموقع الثاني الذي تعرض للتخريب فهو مدينة حلب القديمة، ذلك الموقع المسجل على لائحة التراث العالمي، وبعد تدمير الأسواق من قبل المسلحين، تجري أعمال ترميم حالياً من قبل المديرية العامة للآثار والأمانة السورية للتنمية وشبكة الأغاخان، وأعادوا إحياء مجموعة من الأسواق وأهمها سوق السقطية".

أعمال تنقيب بـآلات ثقيلة

لعل من المواقع التي صنفتها المديرية العامة بـ"المهمة" وتعرضت أيضاً للسرقة والتخريب "موقع ماري" ويعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، حيث اكتشفت اللجان المتخصصة قرابة ألفي حفرة باستخدام آليات ثقيلة، وهذه الأعمال العشوائية أدت إلى تخريب عدد كبير من الطبقات الأثرية وسرقة لكثير من القطع، كما هربت عبر الحدود التركية ومنها إلى الأسواق الأوروبية، والترويج لها عبر شبكات خاصة.

وذكر سعد أن السرقة شملت متاحف أيضاً كمتحف إدلب، شمال غربي سوريا، ومتحف الرقة، في الشمال الشرقي أثناء فترة استيلاء "داعش" على هذه المدن، إضافة إلى موقع "إبيلا الأثري" وهي مدينة مهمة تقع في ريف إدلب قدمت للبشرية ما يزيد على 17 ألفاً من الرقم المسمارية التي حفظت بمتحف إدلب، مشيراً إلى أن التخريب طال القصر الملكي مع استخدام آليات ثقيلة وتحويل "داعش" هذا الموقع الأثري إلى قاعدة عسكرية، وفيه مجموعة كبيرة من التحصينات.

ولم ينس سعد أن يعدد أيضاً مجموعة كبيرة من التعديات والتخريب والسرقات شملت ما يطلق عليها "المدن المنسية"، وجزء كبير منها مسجل على لائحة التراث العالمي، منوهاً بأضرار أخرى عبر إعادة استخدام هذه الحجارة في البناء الحديث ولا سيما في منطقة سمعان، في الوقت ذاته تعرض موقع حلبيا وزلبيا على نهر الفرات العائد إلى العصر الروماني للتخريب والنهب.

ويضيف، "اليوم يوجد في منطقة النبي هوري في عفرين بريف حلب، وهو موقع من العصر الروماني يسمى (سيروس) يكتسب أهمية بالغة قد تعرض لتدمير مجموعة من العناصر المعمارية فيه إضافة للتنقيب السري، وحالياً يقع تحت سيطرة الأتراك، وتوجد أعمال من السرقة والنهب بالموقع".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير