Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واجهات مهشمة وأقفال مكسورة... أسواق السودان المنهوبة

دقيق أكبر مطحنة في البلاد بات بحوزة اللصوص و19 مليوناً قد ينتهون في براثن الجوع بعد 6 أشهر

قال أحد تجار الخرطوم "تم كسر قفل المحل بعد خمسة أيام من بداية القتال ولم يتركوا لي شيئاً" (أ ف ب)

ملخص

حتى لو توقفت الحرب بين قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، فإن اقتصاد السودان، أحد أفقر بلدان العالم، منكوب منذ عقود عدة

قبل شهر، كان محسن عبدالرحمن يملك محلاً لبيع الحلي الذهبية في الخرطوم، لكنه تلقى قبل فترة وجيزة اتصالاً من جاره يبلغه فيه بتعرض متجره للنهب ككل متاجر السوق.

نتيجة ذلك اختفت 10 كيلو غرامات من الذهب كان يملكها، كما اختفت بضائع كل المحلات في السوق.

لا شيء مطلقاً

على رغم القصف الجوي والمعارك التي تدور في شمال الخرطوم، حرص الرجل على الذهاب من مسكنه في الطرف الآخر من المدينة في منطقة بحري على الضفة الأخرى للنيل، الذي يقسم العاصمة السودانية، للوقوف على ما حدث، وتأكد ما خشي منه.

يروي عبدالرحمن "نهبوا كل رأسمالي، كل الحلي الذهبية سرقت، لم يبق شيء مطلقاً"، متابعاً "أتمنى أن تتوقف الحرب حتى نحاول تدبر أمرنا ونبدأ بداية جديدة".

لكن حتى لو توقفت الحرب، المستمرة منذ 15 أبريل (نيسان) بين قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، فإن اقتصاد السودان، أحد أفقر بلدان العالم، منكوب منذ عقود عدة.

بعد 20 عاماً من العقوبات الدولية، عاد السودان إلى المجتمع الدولي على إثر سقوط عمر البشير عام 2019.

لكن انقلاب عام 2021، الذي قام به الجنرالان المتحاربان اليوم، أدى إلى وقف المساعدات الدولية البالغة ملياري دولار، التي حصلت عليها الخرطوم خلال العامين السابقين.

هكذا فقدت الدولة السودانية في يوم واحد 40 في المئة من دخلها (وهي قيمة المساعدات الدولية) في ما كانت تعاني بالفعل من الفساد ومن آثار العقوبات الدولية واستقلال جنوب السودان عام 2011، الذي أدى إلى خسارة الخرطوم تقريباً كل حقول النفط.

ولم تعلن السلطات السودانية موازنة عام 2023، ولكنها أشادت بتراجع التضخم إلى ما دون الـ100 في المئة.

ويقول المتخصصون، إن هذا التراجع لم يكن بسبب تحسن في الوضع، بل ناتج عن ركود كبير.

إمبراطورية النهب

مع ذلك، احتفظت الخرطوم قبل اندلاع الحرب بمظاهر تحسن للوضع الاقتصادي تمثل في مطاعم دولية تقدم أطباقاً صديقة للبيئة، ومتاجر مليئة بالمنتجات الأميركية الواردة إلى العاصمة السودانية غالباً من خلال طرق التهريب في دول الساحل.

اليوم، في جميع أنحاء الخرطوم التي يقطنها خمسة ملايين نسمة، باتت الأبواب الزجاجية لمعارض السيارات وواجهات محلات الأجهزة المنزلية الكهربائية المهشمة وأبواب المحلات الصغيرة التي كسرت أقفالها شاهداً على حجم عمليات النهب.

مطار الخرطوم توقف عن العمل منذ بدء المعارك، وميناء بورتسودان، الرئة الاقتصادية للبلاد على البحر الأحمر، لم تعد تصل إليها سوى السفن والطائرات التي تنقل مدنيين يفرون من الحرب أو مساعدات إنسانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم تنج من عمليات النهب لا المستشفيات ولا المنظمات الإنسانية ولا المنازل التي تركها 500 ألف من سكانها في الخرطوم بسبب القتال وفروا إلى مدن أخرى أو إلى الدول المجاورة.

نور الدين آدم، صاحب محل لبيع الهواتف النقالة في وسط الخرطوم بحري. يقول "تم كسر قفل المحل بعد خمسة أيام من بداية القتال ونهبوا كل البضاعة ولم يتركوا شيئاً".

ويضيف "صرت لا أملك أي رأسمال، بل إنني مدين لبعض التجار، ولا أعرف كيف سأسدد هذه المديونية".

وقال موظف، طالباً عدم الكشف عن هويته، إنه تم نهب كل البضائع الموجودة في محطة حاويات سوبا جنوب الخرطوم.

وأوضح أن "هذه بضائع استوردها أصحابها ولم يكملوا إجراءات تخليصها جمركياً بسبب الحرب".

جوع بعد 6 أشهر

وفي المنطقة الصناعية بالخرطوم بحري، أكد شهود عيان أن مخزن مطحنة سيقا لدقيق القمح تعرض للنهب، وهي أكبر مطحنة في البلاد، مما زاد من أزمة الخبز في بلد قد يعاني 19 مليوناً من سكانه البالغ عددهم 45 مليوناً من الجوع بعد ستة أشهر إذا استمرت الحرب.

عمر عبدالدايم لن يفتح هو الآخر محل الملابس الذي يملكه في سوق الخرطوم بحري مجدداً.

يروي عمر أنه "في ثالث أيام الحرب سقطت قذيفة في السوق واشتعلت النيران في المحلات. بعضها احترق تماماً والآخر جزئياً، لكن ما تبقى تم نهبه وهذا ما حدث لمحلي".

ويضيف "السبب ببساطة أنه لم تكن هناك حراسة من الشرطة على رغم أن رئاسة شرطة بحري مقرها داخل السوق".

المزيد من متابعات