Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحاكمية للنيل... لماذا لاذ السودانيون بمصر وإثيوبيا؟

اختيارهم للجارتين الشمالية والجنوبية تدعمه التسهيلات المقدمة ووجود أقارب لهم في القاهرة وأديس أبابا

مغادرة الأوطان شيء موجع بخاصة عندما يكون بسبب قاهر كالحرب (أ ف ب)

ملخص

تسهيلات مصرية وإثيوبية وتجمعات أسرية شكلت عاملاً بارزاً في فرار آلاف السودانيين إلى الجارتين الشمالية والجنوبية من خلال المعابر البرية الحدودية، فهل هذا هو كل شيء؟

لم يكن هرب السودانيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى من الخرطوم إلى مصر وإثيوبيا أمراً وليد الصدفة أو باعتبارهما دولتين جارتين لوطنهم فقط، بعد اندلاع المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بل لاعتبارات أخرى أهمها لم الشمل وفق معطيات وظروف أهمها وجود صلات وارتباطات أسرية ومعرفة مسبقة بأي من الجارتين.

ترتيبات المأوى والمعيشة في مصر، ولوجيستيات ترتبط بإمكانية الحصول على تأشيرة الدخول بسرعة ومن دون عوائق، شكلت عاملاً بارزاً لفرار أكثر من 70 ألف سوداني وجنسيات أخرى إلى الجارة الشمالية من خلال المعابر البرية الحدودية.

مشهد مماثل على الحدود الجنوبية، أزاحت منظمة الهجرة الدولية الستار عنه بانتقال أكثر من 12 ألف شخص، الخميس الماضي، إلى مدينة ميتينا الحدودية بين السودان وإثيوبيا منذ اندلاع المعارك، منهم سودانيون وإثيوبيون عائدون لبلادهم ورعايا دول مثل تركيا وإريتريا والصومال وكينيا وأكثر من 50 دولة أخرى.

آلام القلب

حسين عبدالمجيد (67 عاماً) مواطن سوداني اضطر إلى مغادرة الخرطوم وأسرته المكونة من الزوجة وثلاثة أبناء إلى مصر، بعد ثمانية أيام من اندلاع الحرب، بعد أن توصل إلى حقيقة جلية تقوم على أن المعارك ستدوم طويلاً نظراً إلى شراستها ودخول الطيران الحربي في القتال، وهو ما لم يعد مطمئناً، خصوصاً أنه يعاني آلاماً في القلب، وسبق أن أجرى عملية قسطرة، بالتالي لا يتحمل التوترات والضغوط النفسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يمضي عبدالمجيد في حديثه "اتفقت مع عدد من الأقارب على تأجير حافلة تنقلنا إلى وادي حلفا على الحدود السودانية المصرية، وبالفعل وصلنا إليها بعد رحلة استمرت 15 ساعة لكونها تبعد عن الخرطوم ألف كيلومتر، ولأن أبنائي الثلاثة يحتاجون إلى تأشيرة دخول إلى مصر لأنهم في سن الشباب، بقيت في هذه المدينة وهي موطني الأصلي قرابة الأسبوعين ومن ثم غادرتها إلى القاهرة التي دائماً ما أقضي فيها إجازاتي وفيها معظم الأهل والمعارف، إلى جانب ضمان متابعة الطبيب في أي وقت إذا دعت الحاجة إلى ذلك وهو الأمر المهم لي في ظل هذه الظروف".

وتابع "ما شجعني أيضاً للسفر إلى مصر أن شقيقي الأصغر الذي يعمل في إحدى دول الخليج يمتلك شقة في القاهرة ووفر لي المأوى، حيث تقيم أسرته معه في الخليج ما يجعلني أقضي فيها أطول فترة من الوقت، وهذا أمر متروك للظروف الخاصة بتوقف الحرب وعودة الحياة بشكل طبيعي كما كانت في السابق".

تشنج وهلوسة

في السياق ذاته، قال كمال الصادق (56 عاماً) "من سوء حظي أنني أسكن في حي كافوري بالخرطوم بحري، الذي شهد منذ اليوم الأول للحرب اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع، نظراً إلى وجود مقار عسكرية للجانبين، ما جعل وتيرة القتال تشتد يوماً بعد يوم لدرجة أن زوجتي وإحدى بناتي البالغة تسع سنوات أصيبت بحالة تشنج وهلوسة فما كان لدى خيار إلا مغادرة هذه المنطقة".

وأضاف "بالفعل اتجهت في اليوم الرابع من الحرب إلى منزل شقيقة زوجتي جنوب الخرطوم وسط مخاطر بالغة في الطريق، حيث وجدنا الأحوال أهدأ نوعاً ما، وبدأت حالة ابنتي تتحسن، لكن وصلت لقناعة بأنه لا مفر للعيش في أمان غير السفر إلى خارج البلاد".

وواصل "من حسن الصدف أن ابن شقيقتي يدرس في إحدى الجامعات المصرية، فتواصلت معه وقام بتأمين شقة لنا بسعر مناسب وما شجعني أيضاً للسفر إلى مصر أن لدى ابنتين بالتالي لا حاجة إلى تأشيرة للأسرة كاملة لأن السلطات المصرية تعفي النساء والرجال بعد سن الـ50 من تأشيرة الدخول، وقمت فوراً بإجراء اتصالاتي مع الأقارب والمعارف ووجدت بعضاً منهم يرغب في السفر وبالفعل تحركت بنا الحافلة مباشرة إلى معبر أرقين ومنه إلى القاهرة".

وزاد الصادق "في اللحظة التي جلست فيها على مقعد الحافلة انتابني إحساس غريب بأن مغادرة الأوطان شيء موجع بخاصة عندما يكون بسبب قاهر كالحرب، فهي أسوأ المواقف والتجارب الصعبة التي كانت مباغتة ومفاجئة، فقد ذرعت في نفوسنا وبخاصة أسرتي خوفاً وذعراً لا يمكن وصفه، لذلك فإن قرار العودة لن يكون سهلاً فمن الصعب المغامرة بحياة الأسرة مهما كلف الثمن".

إثيوبيا الخيار الأفضل

قاد حظ عبدالباقي الجيلي (44 عاماً) العاثر إلى زيارة الخرطوم برفقة أسرته التي تقيم في سلطنة عمان، وذلك قبل الحرب بأسبوع لقضاء إجازته مع أهله، إذ لم يتوقع في حياته أن يشاهد حرباً ضروساً كما حدث في الخرطوم... "أنا جئت إليها كعادتي كل عام أقضي العيد مع والدتي ووالدي المسنين، لكن اشتداد الحرب من أول يوم جعلني أفكر في العودة إلى مقر عملي، وكان لا بد أن أنقل أولاً والديا إلى خارج الخرطوم فكان الخيار بالنسبة إلي أن أسفرهما إلى مدينة القضارف، حيث يوجد عمي، ولأن هذه المدينة تقع بالقرب من الحدود الإثيوبية رأيت أن أسافر وأسرتي عبر مطار أديس أبابا، وفعلاً استأجرت مركبة أوصلتنا إلى هناك".

ورى كذلك "رغم أنني اخترت الطريق الأصعب، لكن كان همي الأول سلامتنا جميعاً من تلك الاشتباكات التي كانت تدور داخل الأحياء من دون مراعاة للمواطنين الأبرياء، فقد استغرقت الرحلة حتى القضارف سبع ساعات بدلاً عن أربع ساعات عادة بسبب كثرة التفتيش أثناء الطريق، وتوجهنا بعدها صوب الحدود الإثيوبية بواسطة سيارة خاصة قمنا بتأجيرها حتى وصلنا منطقة القلابات مع الحدود وفيها تم منحنا التأشيرة، وهناك وجدنا مئات الهاربين من الحرب معظمهم من أصول إثيوبية أو لهم أقارب هناك".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات