Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أفارقة في الخرطوم أصابتهم القارعة المزدوجة: الحرب والنسيان

الهروب بمثابة "رحلة على الجمر" والآلاف تكدسوا في الشاحنات المغادرة فأصبحوا عالقين على الحدود

حتى الأشخاص الأفضل حالاً واجهوا صعوبات جمة في الخروج من دائرة المعارك إلى بر النجاة (أ ف ب)

ملخص

من دون إنترنت أو حتى كهرباء لتشغيل هواتفهم، عانوا في السودان للتواصل مع سفارتهم أو أسرهم، فمن هم؟

كان طالب القانون النيجيري عمر يوسف يارو مسترخياً في شقته حينما سمع للمرة الأولى دوي الطلقات النارية الشهر الماضي بالحي الذي يقطنه في العاصمة السودانية الخرطوم.

على مدى الأيام التسعة التالية مكث يارو وحيداً ليتجنب الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية على أمل أن يتوقف القتال.

وفي ظل تعطّل الإنترنت لديه واقتراب نفاد مخزونه من الطعام، فتح يارو بيانات هاتفه المحمول في 24 أبريل (نيسان) الماضي، ووقعت عيناه على جملة في تطبيق "تيليغرام" أعادته إلى الحياة، وهي "ستجلي نيجيريا رعاياها" عند فجر اليوم التالي من حرم جامعة أفريقيا العالمية في العاصمة التي مزقتها الحرب.

سارع يارو بحزم حقيبتين، وتوجه إلى أقرب محطة حافلات، لكن لم تصل أية وسيلة نقل.

محنة لمجرد الهوية

وقال يارو، "ظهرت قوات الدعم السريع بأسلحتها فجأة من العدم. صوّبوا سلاحهم نحوي، ربما لإخافتي، وسألوني عن وجهتي في هذا الوقت من الليل بالحقيبتين".

وكانت تلك بداية رحلة طويلة ومروعة إلى بر الأمان.

بينما أرسلت الدول الغنية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا طائرات لإجلاء رعاياها من مطار بالقرب من الخرطوم، عانى أفارقة وأجانب آخرون من دول أقل ثراء للعثور على طريق للخروج.

تكدس الآلاف في الحافلات والشاحنات خلال الرحلة الممتدة 800 كيلومتر براً من الخرطوم إلى بورتسودان في ولاية البحر الأحمر للصعود على متن سفن، بينما توجه آخرون صوب الشمال لمسافة تبلغ 1000 كيلومتر إلى حدود مصر ليجدوا أنفسهم عالقين في صفوف انتظار تستمر لأيام قبل السماح لهم بالعبور.

لكن مع تزايد الأعداد وشح الوقود قفزت أسعار التنقل إلى مئات الدولارات لتكون بعيدة من متناول كثيرين، ومن بينهم الطلبة مثل يارو.

رصاص في كل مكان

كان يارو (24 سنة) مذعوراً إلى حد أعجزه عن الرد حينما واجهه المقاتلون، وقال "ظننت أنها ستكون نهايتي".

لكن المقاتلين ضحكوا وتركوه في محطة الحافلات، وتوسل يارو إلى رجل يركب دراجة نارية لتوصيله إلى الجامعة ليجد أكثر من 1000 نيجيري وبوركيني وتشادي وطلبة أجانب آخرين متجمعين داخلها.

في اليوم التالي لم تظهر أية حافلات، واعترى الغضب كثيرين ممن كانوا بلا طعام أو مياه أو نقود أو كهرباء.

وقال يارو لـ"رويترز" عبر تطبيق "زووم"، بينما يسمع صوت بكاء في الخلفية، "حتى ونحن نجلس هنا، يمكنكم سماع أصوات أعيرة نارية في كل مكان تقريباً. لسنا آمنين هنا".

وقالت حكومة نيجيريا إنها حاولت استئجار 250 حافلة لإجلاء نحو 5500 من رعاياها ومعظمهم من الطلبة، لكنها لم تستطع توفير إلا 40 حافلة بكلفة بلغت 1.2 مليون دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووصلت الحافلات الـ10 الأولى إلى الجامعة في 26 أبريل، لكن لم يكن بها مكان ليارو. كان عليه الانتظار أربعة أيام أخرى لنقله إلى بورتسودان في رحلة ليلية. وقال إن النيران اشتعلت في إحدى الحافلات في الطريق، لكن لم يصب أحد.

استطاع طالب نيجيري آخر هو كبير آدم (24 سنة) أن يضمن مقعده في قافلة مغادرة من جامعة الرازي في الخرطوم إلى معبر أرقين، أحد معبرين رئيسين على الحدود المصرية - السودانية، لكن آدم قال إن السلطات المصرية أعادتهم قائلة إن الحافلات غير مصرّح لها بالعبور فناموا في الحافلة تلك الليلة ثم توجهوا إلى مدينة وادي حلفا.

حينما وصلوا، قال سائق الحافلة إنه لا يملك تصريحاً لتوصيلهم إلى المعبر الحدودي وتركهم على قارعة الطريق، وأوضح آدم أنه وآخرين بينهم نساء حوامل ناموا في العراء أربع ليالٍ قبل أن يسمح لهم بدخول مصر أول من أمس الثلاثاء.

وقالت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ بنيجيريا إن مصر تسمح لرعاياها بالدخول فقط إن كانت لديهم مقاعد على متن رحلات مغادرة. وأجلت طائرة تابعة للقوات الجوية النيجيرية وطائرة مستأجرة أول 354 نيجيرياً من مدينة أسوان المصرية أمس الأربعاء.

ولم ترد وزارة الخارجية المصرية على طلب للتعليق، وذكرت أن السلطات توفر الإغاثة وخدمات الطوارئ في المعابر، وتحاول تسريع إجراءات الدخول من خلال زيادة أعداد الموظفين الحدوديين.

كان الأمر مروعاً

حتى الأشخاص الأفضل حالاً واجهوا صعوبات في الخروج، إذ قال بريده موبايوا (34 سنة)، وهو مستشار أعمال من زيمبابوي، إنه بقي مع زوجته وابنه ذي العامين في غرفة المعيشة عندما تعرض منزلهم للأعيرة النارية.

ومن دون إنترنت أو حتى كهرباء لتشغيل هواتفهم، عانوا للتواصل مع سفارتهم أو أسرتهم، وقال موبايوا إنه وزوجته كانا يدخران الطعام والشراب القليلين لابنهما.

وبعد أسبوع جاءتهم أنباء أنه ستتوافر وسيلة نقل تغادر من سفارة بلدهم إلى بورتسودان.

وشرح موبايوا أن محرك سيارته أبى أن يعمل، ولم تكن هناك سيارات أجرة، فسار وزوجته أربعة كيلومترات تفصلهم عن السفارة، وأوقف عناصر قوات الدعم السريع الأسرة في الطريق، لكنهم تركوهم يمضون في حال سبيلهم عندما قال لهم موبايوا إنه يبحث عن طعام لابنه.

ومن بورتسودان انطلقوا إلى السعودية على متن سفينة شحن.

وأكد موبايوا لدى هبوطه الأحد الماضي في مطار هاراري عاصمة زيمبابوي حيث بكى أقاربه، وهللوا "كان الأمر مروعاً، كنا ننام على الأرض، وكان الطقس قارس البرودة".

المزيد من متابعات