ملخص
الضجة المجتمعية والاضطراب الأمني الذي يحدث عند تغيير شخص ديانته عائقان رئيسان أمام تحول البعض إلى ديانة أخرى سواء للإسلام أو المسيحية أو غيرهما في #مصر
على رغم نصوص الدساتير المصرية المتعاقبة التي تؤكد أن "حرية الاعتقاد مطلقة"، بل وتزيد في مادتها الـ 64 بأن "حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق مكفول ينظمه القانون"، فإن الواقع العملي يسير في اتجاه معاكس.
تروي "ك.م" وهي مسيحية طلبت عدم الكشف عن هويتها، أنها ارتبطت عام 2012 بشاب مسلم بعد أن نشأت بينهما علاقة عاطفية انتهت بالزواج بعقد جرى توثيقة في المحكمة، لكنها لم تكن ترغب أو تسعى إلى تغيير ديانتها، مضيفة لـ "اندبندنت عربية" أن الزواج استمر أربعة أعوام ونتج منه طفلة، تبع ذلك رغبة في الانفصال بينها وزوجها، إذ جرى الطلاق بحكم قضائي أيضاً من دون وجود أي دور للكنيسة لا في الزواج أو الطلاق، بحسب تأكيدها.
وكشفت "ك.م" عن أزمة كبرى تعيشها هي وابنتها من هذه الزيجة، فابنتها ذات الـ 11 سنة عاجزة عن التأقلم في المدرسة أو المجتمع المحيط بها، فهي لا تعرف هل هي مسلمة وفقاً لديانة الأب أم مسيحية تبعاً لديانة الأم والجدة التي تقيم معهما، لافتة إلى أن إدارة المدرسة لا تعرف طريقة للتعامل مع الفتاة في مادة التربية الدينية حتى الآن، وهل تضم إلى الطلاب المسلمين أم تدرس الدين المسيحي؟
أزمة متوارثة
أزمة مزدوجة تتكرر كثيراً في المجتمع المصري وتورث الأبناء أزمات أخرى يعانونها طوال حياتهم، ولعل واقعة الطفل شنودة لن تكون الأخيرة للتدليل على عمق التضارب القانوني والشرعي في مصر، إذ تعود تفاصيلها لعام 2018 عندما عثرت سيدة قبطية تدعى آمال فكري على طفل رضيع داخل إحدى الكنائس، لتقرر مع زوجها احتضان الرضيع وتبنيه وأطلقت عليه اسم "شنودة" فاروق فوزي بولس على اسم زوجها، حتى تدخلت إحدى قريبات الزوج القبطي خشية أن يؤول ميراث الأسرة إلى الطفل الجديد ويحرم منه باقي أفراد العائلة، وتقدمت ببلاغ كشفت فيها تفاصيل العثور على الطفل خارج الكنيسة مطالبة بإيداعه دار أيتام باعتباره مجهول النسب وهو ما حدث بالفعل، وقررت النيابة المصرية إيداعه دار أيتام لحين انتهاء التحقيقات، وفي تلك الأثناء جرى تغيير اسم الطفل من "شنودة" إلى يوسف عبدالله محمد، وبات مسلماً بحكم القانون الذي يعتبر فاقد الأهلية مسلماً بالفطرة.
ولم ينصف القانون في مصر "شنودة" بقدر ما أنصفته دار الإفتاء المصرية ومشيخة الأزهر اللتان حسمتا الجدل وانتصرتا لأسرة "شنودة" بالتبني، إذ استطلعت النيابة العامة المصرية رأي مفتي الجمهورية في شأن ديانة الطفل الذي أفتى بأن الطفل يتبع ديانة الأسرة المسيحية التي وجدته وفق آراء فقهية مفصلة.
كما أكد الأزهر في فتوى رسمية أن "ديانة الطفل مجهول النسب تصبح على دين من وجده"، لتسدل النيابة المصرية الستار على هذا الملف بتسليم الطفل شنودة للسيدة التي عثرت عليه والتوجيه بإعادة تسمية الطفل لاسمه وديانته المسيحية.
واقعة الطفل "شنودة" انتهت لكن أزمات تغيير الديانة في مصر لم تنته فهي بمثابة السير عكس التيار العاتي، فالعقبات كثيرة والتغيير يسير وبسيط في اتجاه واحد من المسيحية أو أية ديانة أخرى إلى الإسلام وليس العكس.
قانونيون وباحثون تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" عن الإشكالات القانونية والاجتماعية والشرعية التي تواجه من يسعى إلى التحول عن ديانته في مصر، إذ وصفوا إجراءات اعتناق الإسلام بالسهلة والميسرة، والمستحيلة لمن يرغب في الخروج من الدين الإسلامي، والأقل سهولة لمن يرغب في العودة لديانته الأولى التي عرفها قبل إشهار إسلامه.
معوقات قانونية
يقول محامي الطفل شنودة كرم غبريال وكذلك بعض العائدين للمسيحية إن واقعة تحول مسلمين إلى ديانة أخرى حدثت في مصر مرتين فقط، الأولى لشخص يدعى ماهر الجوهري حين أعلن رغبته في التحول عن الإسلام وحصل على خطاب من كاهن يفيد باعتناقه المسيحية، لكن وزارة الداخلية رفضت تغيير الديانة وتسجيله مسيحياً، فاضطر إلى الطعن في القرار أمام المحكمة الإدارية العليا ولكن هذا الطعن لم يبت، إذ اتهم في إحدى الجلسات بالجنون وأنه غير مدرك لأفعاله، لكن المحكمة ذاتها رأت أنه شخص طبيعي لا يعاني مشكلات عقلية واضطر في سبيل قضيته إلى اللجوء للمحكمة الدستورية، لكن مساعيه لتغيير الديانة في الأوراق الرسمية باءت بالفشل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما الحالة الثانية، بحسب غبريال، فكانت لشخص يدعي محمد عبده حجازي من محافظة بورسعيد شمال شرقي القاهرة، إذ أعلن اعتناقه المسيحية ولم يستطع إثبات ذلك رسمياً للمعوقات ذاتها، بل عوقب بالسجن بتهمة ازدراء الأديان، مشيراً إلى أن أي مسيحي يرغب في اعتناق الإسلام "فالأمر في غاية البساطة، إذ يتوجه إلى مشيخة الأزهر ويقر بالشهادتين ويحصل على شهادة باعتناقه الإسلام وخطاب موجه لوزارة الداخلية ومصلحة الأحوال المدنية، وخلال أيام يتم تغيير الديانة في الأوراق الرسمية".
ويشير غبريال إلى أن هناك تحولاً نوعياً في قضايا تغيير الديانة حدثت عام 2011، عندما رفض وزير الداخلية المصري آنذاك عودة بعض المسيحيين ممن أشهروا إسلامهم لديانتهم الأصلية مرة أخرى، وجرى الطعن في قرار وزير الداخلية أمام المحكمة الإدارية لتعسفه في الموافقة على عودتهم لديانتهم المسيحية على رغم سرعة موافقته على تحولهم للإسلام، إذ قبلت المحكمة الطعن وقالت في حكمها "إنه من غير المقبول أن يكون الشخص يؤدي الصلوات ويحضر القداس كمسيحي ومدون في بطاقته أنه مسلم"، مؤكدة أن ذلك "قد يفتح الباب لخداع المجتمع بأن تكون معتقداته ودينه الحقيقي في قلبه هو المسيحية، لكنه يتزوج من أربعة نساء باعتباره في الأوراق الثبوتية يحمل الديانة الإسلامية التي تجيز له ذلك، وهو ما يفتح الباب للغش المجتمعي".
وقضت المحكمة وقتها بإلغاء قرار وزير الداخلية برفض عودتهم للمسيحية وإلغاء ما ترتب على قرار الوزير من آثار مع إلزام الوزارة بتعديل بيانات المسيحي الذي أشهر إسلامه ويرغب مرة أخرى في العودة للمسيحية، واعتبار هذا الحكم أساساً في قبول العائدين من الإسلام للمسيحية كافة، وطالب غبريال بأن تكون حرية الاعتقاد "مكفولة ليس فقط على مستوى النصوص الدستورية ولكن بالتطبيق العملي وسهولة الإجراءات".
الضغط الأسري
وفي السياق ذاته يقول المحامي المصري ماجد مجدي حنا إن "الضجة المجتمعية والاضطراب الأمني الذي يحدث عند تغيير شخص ديانته عائقان رئيسان أمام تحول بعضهم إلى ديانة أخرى بسهولة، سواء للإسلام أو المسيحية أو غيرهما، إذ يجري النظر لهذا الشخص نظرة دونية ويشعر باحتقاره من المجتمع حوله عدا الطائفة التي انضم إليها دينياً، فهي تحتفي به"، مشيراً إلى أن إجراءات الانتقال من المسيحية للإسلام "ميسرة للغاية وفي الحال المعاكسة معقدة وبالغة الصعوبة".
وعدّ حنا الأسباب التي تدفع إلى تغيير الديانة وتنتشر في فئات عمرية مختلفة، مؤكداً أن "الضغط الأسري" على الطفل لممارسة شعائره الدينية في سن باكرة تدفع بعضهم إلى البحث عن الخلاص من هذا الضغط باعتناق ديانة أخرى بمجرد سن الرشد، مدللاً على ذلك بعودة بعض المتحولين دينياً إلى ملتهم الأصلية بعد عام أو عامين من التحول، فهي لا تعدو في كثير من الأحوال سوى محاولة للهرب من مشاعر سلبية أو ضغوط تعرض لها في ديانته الأصلية.
ولفت حنا إلى أن السبب الثاني لتغيير الديانة عند عدد من المسيحيين هي "فكرة الهرب من الزواج الأبدي واعتناق الإسلام لتطليق زوجته المسيحية، إذ لا طلاق في المسيحية إلا لعلة الزنا، وهناك نص في الإنجيل يقول (فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان)، ليصبح تغيير الديانة هو أسهل طريق للطلاق أو الخلع بين المسيحيين، بخاصة بعد إلغاء باقي الأسباب التي تبيح الطلاق في المسيحية، وكانت موجودة قديماً ومنها الطلاق للسفه والجنون أو للعنة أو لاستحالة العشرة وغيرها من الأسباب التي ألغيت خلال السنوات الماضية".
وحاولت "اندبندنت عربية" الحصول على رد من أحد ممثلي الأزهر أو المتخصصين في الشأن الإسلامي إلا أنهم جميعاً فضلوا عدم التعليق.
ماذا يقول الشرع؟
في الـ 19 من يناير (كانون الثاني) 2008 أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف فتوى رسمية بناء على طلب قضائي مصري أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط القبطية بمصر، إذ طالبت الفتوى بمعاقبة من يشهر إسلامه لأغراض شخصية، مثل الزواج أو الطلاق، ثم يرتد فتطبق عليه العقوبة الشرعية.
ولم تحدد الفتوى ماهية هذه العقوبة التي حددها بعض العلماء بالإعدام، في حين قال آخرون إن الإسلام لم يحدد عقوبة دنيوية لتلك الحالة، ووصف رئيس لجنة الفتوى بالأزهر آنذاك الشيخ عبدالحميد الأطرش اتخاذ إشهار الإسلام من قبل غير المسلمين وسيلة لتحقيق أهداف وأغراض شخصية بأنها "جريمة كبرى" لا يمكن التهاون في شأنها.
وجاءت فتوى الأزهر رداً على طلب مقدم لها من محكمة مجلس الدولة التي كانت تنظر (148) دعوى قضائية لمسيحيين مرتدين عام 2006، ويطالبون بإثبات الردة للمسيحية عقب إسلامهم في أوراق الهوية الرسمية، وبعد أن استنفدوا أغراضهم من إشهار الإسلام الذي لم يخرج عن كونه بالنسبة إليهم وسيلة للزواج بمسلمة أو الطلاق ممن هي على دينه، أو التنصل من اسمه وشخصيته التي قد يلتصق بها تهم وفساد، ولما انتهت المصالح وزالت الأهداف أرادوا حذف الإسلام من أوراقهم، فاستطلعت المحكمة رأي الأزهر في ذلك.
اتجاه واحد
من جانبه يؤكد الباحث في الملف القبطي ومسؤول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إسحاق إبراهيم أن تغيير الديانة من المسيحية إلى الإسلام "متاح لأي شخص وفقاً للقانون المصري، لكن لا يمكن لأي مسلم أن يترك الإسلام وفقاً للقانون لأنه غير معترف بالردة عن الإسلام".
ويوضح إبراهيم أنه "مسموح بالتغيير في اتجاه واحد فقط، فمن الصعب الخروج من الدين الإسلامي"، مشيراً إلى أن خانة الديانة موجودة في الأوراق الثبوتية ومن الصعب تغييرها في حال اعتناق المسيحية، وهو ما يسبب أزمة "تتمثل في اعتقاد الشخص واعتناقه ديناً خلاف المثبت في أوراقه الرسمية.
وأشار الباحث في الملف القبطي إلى أن هناك عدداً من الأشخاص الذين تحولوا من الإسلام إلى المسيحية، وعلى رغم ذلك رفضت كل القضايا المقامة منهم أمام القضاء لتغيير الديانة في الأوراق الرسمية، مما يعني أن حرية الاعتقاد في مصر "منقوصة".
وأكد أن المادة (18) من العهد الدولي تنص على أن "حرية الاعتقاد وتعني حرية الاعتناق والاعتقاد في دين ما وحرية تغيير هذا الدين وممارسة الشعائر الدينية، مكفولة لكل شخص ومن بينها حرية التغيير والترك، لكن في التطبيق العملي لا أثر لتلك الحرية".
نظرة المجتمع
وحول نظرة المجتمع إلى من يغير دينه أوضح إسحاق إبراهيم أنها أشبه بـ "العار الاجتماعي، وهو عار يمتد أثره لأسرته ولكل المحيطين به، بخاصة إذا ما كان المقدم على خطوة تغيير الديانة فتاة أو امرأة وتحديداً في المجتمعات الشرقية، التي تعتبر أن الدين هو اختيار جماعي وليس حرية شخصية، وهو ما يفسر حجم الضغوط التي تمارسها الأسرة على من يرغب في التحول عن دينه".
ووصف مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية ما يحدث من معوقات بـ "الانتهاك لحقوق المواطنين من دون سند من القانون، وبما يتعارض مع حرية الاختيار التي حرصت الأديان كافة على تأكيدها".
وفي ما يخص الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى تغيير ديانتهم أكد إبراهيم أن معرفة سبب التحول يستدعي "الاطلاع على نية الشخص وهو أمر مستحيل، فلا يمكن الجزم بأن دوافع تغيير الديانة مالية أو رغبة في الانفصال عن شريك الحياة، فقد يكون الشخص يعتقد فعلاً في هذا الدين الجديد ويؤمن به".
شهادة العودة
وعن إجراءات العودة للدين المسيحي لمن تحولوا للإسلام، أكد الباحث في الملف القبطي إسحاق إبراهيم أنها تتم بالحصول على شهادة من الكنيسة التابع لها الشخص، وتفيد بعودته للمسيحية ويتوجه بها إلى وزارة الداخلية ومصلحة الأحوال المدنية، وهناك لجنة متخصصة للبت في هذه الطلبات بعد أن كان الأمر خلال السنوات السابقة يتطلب حكماً قضائياً للعودة للديانة الأصلية مرة أخرى.
وأشار إسحاق إلى أنه قديماً كانت هناك خطوة قبل الموافقة على إشهار إسلام أحد المسيحيين، وتتمثل فيما يعرف بـ "جلسة النصح والإرشاد" التي كانت موجودة سابقاً، ويتم إحضار كاهن للحديث مع من يرغب في تغيير الديانة للإسلام، لكن هذا الإجراء جرى إلغاؤه خلال السنوات الماضية.
التحول الرقمي
تقول المحامية الحقوقية هدى نصرالله، وهي صاحبة أول حكم قضائي في المساواة بالميراث بين الذكور والإناث المسيحيين، إن "التحول من الإسلام إلى أية ديانة أخرى أمر بالغ الصعوبة، والحالتين الوحيدتين فقط للخروج من الإسلام هما إذا كان الشخص غير مسلم منذ مولده"، وهي القضية المعروفة بـ ’العائدين للمسيحية‘ وهذه الحالة متكررة كثيراً"، مشيرة إلى أن هناك خمسة أحكام قضائية منذ عام 2011 تدعم حق المواطن المسيحي الذي أشهر إسلامه في العودة لديانته الأصلية مرة أخرى، وأن ذلك "حق مكفول" وليس من قبيل التلاعب بالأديان، إذ يتوجه الشخص إلى الكنيسة ويحصل على شهادة عودة ثم يتقدم لمديرية الأمن لاعتمادها، وبعدها يتقدم إلى مصلحة الأحوال المدنية لتغيير الديانة مرة أخرى، وفي حال عدم موافقة مديرية الأمن فلن يتمكن هذا الشخص من تغيير الديانة في بطاقة الهوية الشخصية.
أما الحالة الثانية هي قضية "البهائيين"، إذ حصلوا على أحكام تفيد أحقيتهم في وضع علامة (-) في خانة الديانة حال كون آبائهم وأجدادهم بهائيو الديانة رسمياً، أما من لم يكن أحد والديه أو أجداده بهائي الديانة ومدون في أوراقه الثبوتية ذلك، فليس من حقه كتابة ما يفيد أنه بهائي في أوراقه الرسمية.
وأكدت نصرالله أن الأزمة بدأت مع التحول الرقمي في إصدار الأوراق الثبوتية، إذ جرت برمجة أجهزة وزارة الداخلية والمؤسسات الرسمية على وجود ديانتين فقط "مسلم/ مسيحي"، ولم تدرج أي ديانة سماوية أو غير سماوية أخرى في النظام الخاص بالأجهزة الحكومية بخلافهما، وهو ما كان سبباً لإقامتهم دعاوى قضائية لوضع (-) في خانة الديانة أسوة بما كان مدوناً لآبائهم في أوراقهم الثبوتية القديمة.
وفي يونيو (حزيران) 2009 أكد أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عقب اجتماع ترأسه شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي أن "البهائية حركة صهيونية وأتباعها فئة ضالة كافرة لا علاقة لهم بالأديان السماوية"، مؤكدين "أن البهائية لا تمت للأديان السماوية بأية علاقة وبعيدة كل البعد عن التعاليم الدينية، ومن يتبعونها فئة ضالة لا علاقة لهم بالأديان"، مشددين على أنها حركة صهيونية تخدم المصالح والأهداف الصهيونية في العالم وتسعى إلى نشر الفساد والتخريب والرذيلة في مختلف أنحاء العالم وبخاصة في المجتمعات الإسلامية والعربية، وأن الإسلام لا يقر أية ديانة أخرى غير ما أمرنا القرآن باحترامها.
دوافع التغيير
وحول أبرز دوافع تغيير الديانة تؤكد نصرالله أن الجزء العقائدي في هذه الدوافع هو الأقل بحكم عملها كمحامية، وأن الظروف الحياتية كقصص الحب بين الشباب أو الرغبة في الطلاق أو الزواج من أخرى أو الظروف المادية هي الدافع الأهم وراء الرغبة في تغيير الديانة.
وأشارت نصرالله إلى أن من أكثر النقاط المكلفة مادياً في المسيحية تغيير الطائفة أو الملة للطلاق، إذ يستلزم ذلك الحصول على شهادة من الكنيسة وهي خطوة صعبة للغاية، بخاصة أن معظم الكنائس المصرية أصبحت لا تمنح هذه الشهادة، فيضطر بعضهم إلى الحصول عليها من كنائس خارج مصر بمبلغ يتجاوز الـ 80 ألف جنيه (2589 دولاراً أميركياً) قبل تحريك سعر صرف الجنيه أمام الدولار، أو الدخول في الإسلام بكلفة جنيهات قليلة للحصول على حكم بالخلع أو الطلاق، مشيرة إلى أنه ظهرت أخيراً سوق لسماسرة الشهادات الكنسية وبيعها للراغبين في الحصول عليها.
وأكدت نصرالله أن المجتمع المسيحي لا يعترف بالزواج خارج الكنيسة "الطقسي"، ويعتبر هذا الزواج سواء بين مسلم ومسيحية أو مسيحية ومسيحي من قبيل الزنا في شرع الكنيسة، وأن الحال الوحيدة هي تغيير الملة أو الطائفة للزوج لإثبات طلاق زوجته المسيحية، أو أن تقوم الزوجة المسيحية بتغيير ملتها لإقامة دعوى خلع على زوجها المسيحي.
خطورة المرتد
في الـ 16 من يونيو 2016 أكد شيخ الأزهر أحمد الطيب عبر لقاء تلفزيوني في برنامجه "الإمام الطيب"، أن الردة كمصطلح فقهي إسلامي هي الخروج من الإسلام بعد الدخول فيه، سواء رجع لدينه الأصلي قبل الإسلام أو لدين آخر أو أصبح لا دينياً أو ملحداً.
وأشار الطيب إلى أن "حرية الاعتقاد شيء وحرية الارتداد شيء آخر، لأن المرتد عرف الحق ودخل فيه ثم أدار ظهره له وخرج إلى شيء آخر، وهذا في حد ذاته انحراف"، مشيراً إلى أن "المرتد قد يشكل خطراً على المجتمع الإسلامي، لأن تصميمه على الخروج من عباءة الدين الذي كان عليه غالباً ما تصاحبه مشاعر عدائية ضد هذا الدين، لكن قد تكون هناك أزمات فكرية تمر ببعض الأفراد جعلته لم يعد يؤمن بهذا الدين، سواء تحت إغراءات مادية أو فكرية بدين أو مذهب آخر، واكتفى بأن يخرج من دينه ويتدين بطريقة أخرى، وهذا لا يشكل خطورة على المسلمين ولا على المجتمع الإسلامي، لكن الردة بشكل عام خطر على الإسلام و المجتمع الإسلامي".
وختم شيخ الأزهر حديثه بأن "البيئة والمنطلقات والثقافات التي أنتجت حرية الردة وحرية تغيير الدين وحرية العودة للدين وحرية اللادين تختلف تماماً مع الأرضية والثقافة التي ينشأ فيها حكم إسلامي يتعامل مع الردة، ولذلك فمن الظلم أن نتحاكم إلى حقوق إنسان نشأت في بيئة تختلف مع الآخر اختلافاً جذرياً".