Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اللغة الأمازيغية تعود لمدارس ليبيا بعد عقود من المنع

حكومة الدبيبة أعطت اهتماماً ملحوظاً بدعم مطالب الأمازيغ

يشكل الأمازيغ ما يقرب من 10 في المئة من سكان ليبيا  (أ ف ب)

ملخص

 اعتبرت خطوة تدريس #اللغة_الأمازيغية في مدارس #ليبيا ثمرة نضال أمازيغي طويل لنيل الحقوق الثقافية والسياسية منذ سقوط نظام #معمر_القذافي

بعد عقود كانت فيها اللغة الأمازيغية من المحرمات في ليبيا وكان حتى الحديث بها مجرماً في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي الذي اضطهد كثيراً مكون الأمازيغ خلال عقود حكمه الأربعة، استعادت هذه اللغة مكانها ضمن المواد الدراسية بشكل جزئي ومناطق محددة في غرب البلاد بشكل خاص.

واعتبرت هذه الخطوة نصراً جديداً لمكون الأمازيغ في معاركهم المتشعبة لنيل حقوقهم الثقافية التي يخوضونها منذ اندلاع ثورة فبراير (شباط) عام 2011، وهم الذين يعتبرون سكان البلاد الأصليين في زمن مضى والأقلية العرقية في زماننا الحالي.

خطوة في طريق طويل

وعلى رغم أن تدريس اللغة الأمازيغية يقتصر حالياً على مدارس المناطق الخاصة بالمكون الأمازيغي في مراحل التعليم الأساس من الابتدائية والمتوسطة، فإن هذا المكون احتفى كثيراً بالقرار واعتبره انتزاعاً لحق من الحقوق الثقافية لهم، خصوصاً أن الحكومة الليبية اعتمدت هذه المادة وهي من تتولى طباعة الكتب الخاصة بها.

وجاءت الخطوة لتعزز خطوات سبقتها واعتبرت سوابق تاريخية في البلاد، مثل تخريج كلية التربية بجامعة الزاوية لأول دفعة بقسم اللغة الأمازيغية العام الماضي للمرة الأولى في تاريخ البلاد منذ استقلالها، في حدث وصفته إدارة الكلية بـ "السابقة الفريدة".

وأوضحت الكلية أن "مجموعة مكونة من تسعة طلاب قدم سبعة منهم مشاريع تخرجهم أخيراً تحت إشراف أساتذة من الجزائر وبحضور عدد من المهتمين بالشأن الأمازيغي في ليبيا".

وتناولت بحوث التخرج قواعد اللغة الأمازيغية ومواضيع تاريخية وثقافية ومن بينها تحليل التركيبة الاجتماعية لمدينة زوارة التي تعتبر عاصمة الأمازيغ في ليبيا وبحث حول الوضع الاجتماعي للفتيات في المنطقة نفسها.

وأعلن افتتاح قسم اللغة الأمازيغية بكلية التربية بمدينة زوارة عام 2018، واستفاد الطلبة طوال أربع سنوات من التكوين من دروس وورش انفتحت على ما حققته الجزائر والمغرب في مجال تدريس اللغة والثقافة الأمازيغيتين.

وقالت جامعة الزاوية في بيان وقتها إن "تخريج الدفعة الأولى من طلبة الدراسات الأمازيغية يعتبر سبقاً تاريخياً على مستوى الجامعات الليبية منذ تأسيس أول جامعة ليبية عام 1955، ويحسب لثورة فبراير المجيدة التي كفلت لكل مكونات المجتمع حق التعبير والمحافظة على هويتها".

تعزيز الهوية

إحدى الخريجات من هذه الدفعة الجامعية التي تخرجت في مدينة الزاوية العام الماضي وهي أسيرم الشواشي معلمة اللغة الأمازيغية بإحدى مدارس مدينة زوارة الواقعة في شمال غربي ليبيا قرب الحدود مع تونس، والتي ترى أن تعليم اللغة الأمازيغية للأطفال في مدينتها يعزز إحساسهم بهويتهم الثقافية، وتقول إن "الأطفال يحبون هذه المادة لأنهم يجدون هويتهم وثقافتهم مكتوبة في الكتب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقول الشواشي لوكالة "الصحافة الفرنسية" إن "تعلم الأمازيغية حق طبيعي والأطفال المولدون في زمن الثورة لا يعرفون كلهم أن اللغة كانت ممنوعة بالنسبة إليهم على رغم أن اللغة حق طبيعي، ومن المستحيل أن يأتي شخص ويقول لهم إنها ممنوعة".

وعبرت عن سرورها بالتقدم الهائل الذي أحرز بالفعل "في غضون 10 سنوات فقط ونحن أنفسنا مندهشون مما تحقق حتى الآن".

ويشكل الأمازيغ ما يقرب من 10 في المئة من سكان ليبيا، وعلى رغم عدم وجود إحصاءات رسمية لأعدادهم إلا أن الأرقام تتراوح ما بين 500 و 750 ألف نسمة من أصل العدد الكلي للسكان البالغ عددهم 7 ملايين نسمة، وهم الذين يعتبرون من السكان الأصليين كما هي الحال في عدد من دول شمال أفريقيا، إذ عاش الأمازيغ في المنطقة قبل وقت طويل من الحملات اليونانية والرومانية ثم العربية في القرن السابع.

دعم حكومي

وخلال السنوات الأخيرة أعطت الحكومات الليبية اهتماماً ملحوظاً بدعم مطالب الأمازيغ، خصوصاً حق تعليم لغتهم بشكل رسمي في المدارس، وتحديداً في حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي أصدر بعد فترة من توليه منصبه تعليماته لوزارة التعليم بالعمل على جميع المتطلبات لتدريس اللغة الأمازيغية في جميع المراحل الدراسية بليبيا، وهو ما سرع ظهور مادة اللغة الأمازيغية في مدارس ليبية للمرة الأولى.

ووجه الدبيبة أيضاً مصلحة الأحوال المدنية للسماح للأمازيغ بتسجيل أبنائهم بالأسماء الأمازيغية طالما لا تخالف الشريعة الإسلامية، وهو أمر كان محرماً عليهم أيضاً في زمن القذافي، كما خصصت الحكومة قناة تلفزيونية ناطقة بالأمازيغية ضمن ما وصفته بـ "التزامها بدعم التنوع في المجتمع الليبي".

معارك أخرى

وعلى رغم الإنجازات التي تحققت بعد سنوات من النضال الأمازيغي لانتزاع الحقوق الثقافية والسياسية وعلى رأسها حق تعليم وتعلم لغتهم في المدارس، إلا أن معارك الهوية التي يخوضونها لم تنته بعد وكثير من فصولها لا يزال معلقاً ومعقداً أكثر من تعليم الأمازيغية، وأبرز المعارك الأمازيغية في هذا السياق معركة دسترة اللغة والتمثيل السياسي التي دفعهم إلى مقاطعة مشروع الدستور المعلق منذ سنوات لأنه لم يضمن لهم تنفيذ هذه المطالب.

وبثقافتهم المميزة عن الغالبية العربية في البلاد عرف مكون الأمازيغ تاريخاً من القمع، لا سيما في ظل حكم القذافي الذي اعتبرهم تهديداً انفصالياً لصياغته لسرد الوحدة العربية في المنطقة، فتم حظر لغة الأمازيغ المعروفة باسم "تمازيغت" إلى جانب منع تسمية الأطفال بأسماء غير عربية.

وفي مواجهة هذا القمع الطويل والقاسي سار النشطاء الأمازيغ على طريق محفوف بالأخطار، إذ تم سجن كثير منهم وقتلهم، بينما اتهم بعضهم بأنهم جواسيس وخلفت لديهم هذه التجارب إحساساً بالغبن وحساسية كبيرة تجاه قضايا الهوية.

المذهب الديني

ومن أخطر الصراعات التي يواجهها الأمازيغ في ليبيا خلال السنوات الماضية والتي لم يسلط عليها الضوء كثيراً الصدام مع المذاهب الدينية التي تعتنقها الغالبية العربية وجلها تتبع إما المذهب الصوفي أو المذهب السلفي، وهما من المذاهب السنيّة، بينما يتبع معظم الأمازيغ المذهب الإباضي.

وهاجمت بعض القيادات السلفية خلال السنوات الماضية المذهب الإباضي وشنت حملة كبيرة عليه وصلت حد تكفير أتباعه، مما زاد من الشعور بالتهديد والتمييز الممنهج لدى مكون الأمازيغ الذي يتفرد عرقياً وثقافياً وحتى دينياً عن بقية المكونات الأخرى، مما تسبب له بحال من العزلة الاجتماعية التي قد تتطلب وقتاً طويلاً للخروج منها حتى يعتاد المجتمع الليبي على التنوع، وينفض غبار عقود من الدعاية الممنهجة التي رسخت لديه فكرة سيادة وتميز العرق الواحد.

المزيد من متابعات