Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رأس السنة الأمازيغية… مناسبة للفرح وإثبات الوجود في تونس

يتم خلال تلك الاحتفالات تسليط الضوء مجدداً على واقع الأمازيغ في شمال أفريقيا

بالاحتفال برأس السنة الأمازيغية يتم تسليط الضوء مجدداً على واقع الأمازيغ في شمال أفريقيا (اندبندنت عربية)

يحتفل، اليوم الخميس، الأمازيغ في شمال أفريقيا والعالم برأس السنة الأمازيغية المعروفة بـ"إيض يناير" وذلك من خلال طقوس ومأكولات عدة تبرز موروثهم.
وفي دول شمال أفريقيا يختلف وضع الأمازيغ بين الاعتراف الرسمي من طرف السلطات مثلما هي الحال في المغرب والكفاح من أجل انتزاع اعتراف وتبني اللغة الأمازيغية.


نشأة الأمازيغية

ويقول مؤرخون وباحثون إن سياق نشأة رأس السنة الأمازيغية سياق فلاحي بامتياز على عكس رأس السنة الميلادية والهجرية اللتين ارتبطتا بسياق ديني بحت.
وقال المؤرخ والناشط الأمازيغي محمد خلف الله إن "في السابق كان يسمى رأس العام العجمي للتفريق بينه ورأس السنة الميلادية والهجرية بسبب محاولات طمس الهوية الأمازيغية، لكنه تقويم لتأريخ الأمازيغ".
وتابع في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن "الاحتفال قديم جداً، مذ كان الأمازيغ فلاحين في شمال أفريقيا، لكن في ستينيات القرن الماضي عندما كان الأمازيغ مقصيين، اضطر مثقفون منهم، بخاصة جزائريين، إلى الذهاب إلى فرنسا وتكوين الأكاديمية البربرية للحفاظ على اللغة الأمازيغية".
وبيّن خلف الله أن "أحد مناضلي الأكاديمية عمار نقادي فكر في وضع تقويم أمازيغي يتم الانطلاق منه لأن المسلمين ينطلقون من تاريخ هجرة الرسول والمسيحيين ينطلقون من ميلاد المسيح، فعاد إلى التاريخ ووجد حدثاً مهماً وقع 950 عاماً قبل الميلاد هو اعتلاء شيشونق الأمازيغي الليبي عرش مصر وتأسيسه الأسرة 22 كأنه حكم أمازيغي لمصر الفرعونية وهذا ما انطلق منه الأمازيغ للتأريخ لأنفسهم ونحن هذا العام نحتفل بالسنة الأمازيغية الجديدة 2973".
وبالنظر إلى الاعتبارات الفلاحية التي أحاطت بنشأة رأس السنة الأمازيغية التي تصادف في 12 يناير (كانون الثاني) من كل عام، فإن للأمازيغ تقويمهم الخاص ببعض الفترات على غرار "الليالي البيض" و"الليالي السود" و"قرة العنز" وهي فترات يهتم بها الفلاحون بشكل أكبر لحماية قطعانهم أو الزراعة أو غيرها.


أطباق مميزة

وعادة ما يتم إحياء رأس السنة الأمازيغية من خلال ارتداء ملابس ومجوهرات تعكس ثراء الموروث الثقافي الأمازيغي، علاوة على تحضير أطعمة مميزة.
وقال خلف الله، "في السابق كانت الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية مقموعة ومهمشة، لكن بعد نضالات لإثبات الذات والهوية أصبحت الاحتفالات علنية، بخاصة بعد النضالات التي تم خوضها في الجزائر والمغرب أساساً، مما أجبر السلطات على الاعتراف بالأمازيغية كلغة وهوية رسمية إلى جانب العربية"، وأضاف أن "الاحتفال بيناير يؤكد ارتباط الأمازيغ بالأرض ويتم إبراز الفرح. كما نعكس هويتنا الأمازيغية أيضاً في كتاباتنا وهندستنا مثل الوشم وغير ذلك، ويتم أيضاً تحضير الكسكسي مثلاً ويكون مزيناً بالعظم والفاكهة المجففة والحلوى ويتم تبادل التهاني استبشاراً بالعام الجديد".
وأبرز خلف الله "في القرى مثلاً يذبح الأمازيغ الخراف من أجل تحضير المأكولات وتوزيعها أيضاً على الفقراء من أجل إسعادهم وكذلك استبشاراً بالعام الجديد ليكون عام خير وبركة على الجميع".
وبحسب عدد من المؤرخين فإن الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية تشمل كذلك تحضير العصيدة بالسميد، ويتم تبادل التهاني بحلول العام الجديد بمصطلحات مثل "أسكاس أمكاس" أو "يناير أمرفو" أي عام جديد سعيد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وضع مختلف

وبالاحتفال برأس السنة الأمازيغية يتم تسليط الضوء مجدداً على واقع الأمازيغ في شمال أفريقيا حيث يختلف وضع هؤلاء من بلد إلى آخر، لكن المشترك بينهم هو السعي الدائم إلى المحافظة على موروثهم الثقافي وإبرازه.
وفي الجزائر أقرت السلطات يوم رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية ويتم الاحتفال بهذه المناسبة في أجزاء واسعة من البلاد، بخاصة منطقة القبائل والشاوية في منطقة الأوراس شرق البلاد والعاصمة.
أما في المغرب فيحتفل برأس السنة الأمازيغية في 13 يناير، لكن على رغم المطالب المتكررة بإقرار هذا اليوم عطلة رسمية لم تستجب السلطات لذلك.
ودعت 45 منظمة حقوقية مدافعة عن الموروث الثقافي الأمازيغي، الأسبوع الماضي، العاهل المغربي الملك محمد السادس في رسالة إلى اعتماد رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً.
وفي تونس وليبيا وموريتانيا يكافح الأمازيغ من أجل التعريف بموروثهم ووقف تهميش لغتهم، على رغم أن المجلس الأعلى للأمازيغ في ليبيا أعلن عام 2017 عن اعتماد اللغة الأمازيغية، لكن الصراعات السياسية والعسكرية التي تمنع انتقال البلاد من الفوضى التي تتخبط فيها حالياً إلى الاستقرار تحول دون اعتراف رسمي من السلطات بذلك.

كفاح في تونس

وتعد تونس نموذجاً لمساعي الأمازيغ لمنع طمس هويتهم، بحيث يكابد مئات الناشطين في مجالات شتى من أجل إبراز خصوصيات الأمازيغية.
في منطقة بوشوشة، الواقعة في العاصمة التونسية، يعمل الحرفي علي بن طلوبة على الترويج للأمازيغية عبر الحلي المنتشرة في البلاد وقال إن "النسوة المتقدمات في السن هن أكثر فئة تحافظ على التراث الأمازيغي، بخاصة الحلي والمجوهرات الأمازيغية، يمكن القول إنني أشكر بشكل خاص الصحافيين الذين أخذوا على عاتقهم تصوير النساء الأمازيغيات في ليبيا والجزائر وتونس في القرن 19 لأنني أستمد جزءاً كبيراً من عملي مثلاً من هذه الصور". وأضاف أن "الحلي والألبسة والمجوهرات الأمازيغية تعيش مئات الأعوام لذلك يجب الحفاظ عليها. مثلاً، لدي خلخال عمره 300 سنة وبعض القطع نجد فيها تواريخ وتفاصيل تروي قصصاً مثل انتقال تلك القطعة من قبيلة إلى أخرى من خلال انتقال ملكيتها من امرأة إلى أخرى".
ولفت بن طلوبة إلى أن "ميزة الحلي الأمازيغية أنها تبرز عملية الاندماج بين القبائل في السابق، وهناك رموز نجدها في الحلي والمجوهرات والألبسة الأمازيغية تروي تاريخ الأمازيغ وحتى الأساطير مثل طائر الأنزار الذي هو مبعوث من عند الإله أنزار".
 


ويقول المؤرخون إن طائر الأنزار يعكس أسطورة أمازيغية تقول إنه بعدما صعد أنزار إلى السماء مكسور القلب بسبب رفض فتاة طلبه للزواج، كان يرسل طائر السنونو الأسود ليستبشر الأمازيغ بنزول الأمطار.
وقال رئيس الجمعية التونسية للثقافية الأمازيغية كيلاني بوشهوة، "هذا العام ككل عام ستكون هناك احتفالات برأس السنة الأمازيغية في تونس. ففي قرية تمازريت، السبت 14 يناير، سيقام احتفال وإبراز للمأكولات الشعبية وورشة للأطفال لتعليمهم الأبجدية الأمازيغية وغيرها".
وأفاد بوشهوة بأن "تاريخ الإنسان في شمال أفريقيا أو تونس يعود إلى آلاف السنين، لكن في الواقع نجد المناهج التعليمية، بخاصة في تونس تتحدث عن كل الوافدين من بيزنطيين ورومان وفينيقيين وعرب وأتراك وفرنسيين، بينما تستثني المكون الأساسي الذي هو الأمازيغ"، مشدداً على أن "الملوك الذين تركوا بصمتهم في التاريخ مثل ماسينيسا ويوغرطة منسيين، وبقي العنصر الأمازيغي مهمشاً في تونس. وقبل تاريخ 14 يناير 2011 كان من المستحيل الانتظام في إطار جمعيات أو التعبير عن الانتماء إلى الأمازيغية، لكن بعد عام 2011 والمساحة التي أتاحتها الثورة، تكونت الجمعيات الأمازيغية وأولها كانت الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية، واليوم لدينا مطالب من أجل حقنا في الوجود واعتراف الدولة بوجودنا وثقافتنا التي هي جزء من الشخصية التونسية".
وأكد "هذا حقنا، أنا كأمازيغي ناطق، اللغة الأم بالنسبة لي هي الأمازيغية. عندما ولدت لم أسمع العامية التونسية بل اللغة الأمازيغية ولم أكتشف العربية إلا في المدرسة، لذلك نطالب بالاعتراف باللغة الأمازيغية وإدراجها في المناهج التربوية".
وفي ظل طغيان الأزمات السياسية والاقتصادية على المشهد العام في تونس كما غيرها من دول شمال أفريقيا، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت تلك الدول ستتجه نحو الاعتراف بالأمازيغية وتثمين موروثها أو لا.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات