Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يعيش ضحايا العبودية الحديثة في بريطانيا؟

يفيد بعضهم بأن "آلية الإحالة الوطنية" الحكومية عاجزة عن حمايتهم من السقوط رغماً عنهم في براثن الاستغلال مجدداً

 ماريغولد من بين 9500 ضحية محتملة تنتظر قراراً بحقها منذ أكثر من عامين (غيتي)

ملخص

أظهرت الأرقام الحكومية في #بريطانيا أن الناجين من #العبودية مضطرون إلى الانتظار لمدة قد تصل إلى 22 شهراً قبل صدور قرار يغير توصيف إقامتهم في البلاد وبالتالي إمكانية #العمل بحرية.

عندما استقدمت ماريغولد إلى المملكة المتحدة كعاملة منزل، أرغمها رب عملها على النوم على أرض غرفة الطعام، أما طعامها فكان فتات طعام العائلة، فإن لم يبق منه شيء فلن تأكل على الإطلاق.

صادر رب عملها جواز سفرها وبالتالي لم يكن بحوزتها أية أوراق ثبوتية عندما قررت الهرب من مذلتها، وفي عام 2018 جرى تصنيفها كضحية محتملة للعبودية الحديثة، وأحيلت إلى البرنامج الحكومي المصمم لمساعدة من هم في وضعها والذي يعرف باسم "آلية الإحالة الوطنية" National Referral Mechanism.

ومنذ ذلك الحين لا تزال ماريغولد بانتظار صدور قرار يحسم إن كانت الحكومة ستؤكد أنها ضحية عبودية والذي سيمنحها تالياً حق العمل، لكن في حال صدر حكم في غير مصلحتها فستكون عرضة للترحيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب بيانات حصلت عليها "اندبندنت" فماريغولد ليست سوى واحدة من نحو 9500 ضحية محتملة ممن ينتظرون صدور قرار بحقهم منذ أكثر من عامين.

أما عن برنامج "آلية الإحالة الوطنية" فقد صمم لرصد ضحايا العبودية الحديثة المحتملين ودعمهم خلال فترة التحقيق في ملفاتهم، لكن الأرقام الحكومية أظهرت أن الناجين من العبودية اليوم مضطرون إلى الانتظار لمدة قد تصل إلى 22 شهراً وسطياً قبل صدور قرار يغير توصيف إقامتهم في المملكة المتحدة، ففي عام 2019 وحين كانت فترة انتظار صدور قرار يؤكد صدقية مزاعم العبودية تبلغ بالمعدل 459 يوماً، باتت تصل في عام 2022 إلى 680 يوماً.

مسؤولون عن متابعة أمور الضحايا وضحايا أنفسهم أخبروا "اندبندنت" بأن قلة الدعم والمساعدات المالية المتوافرة للناجين عند إحالتهم إلى البرنامج الحكومي تدفع بهم نحو العودة للاستغلال مجدداً، وصدر هذا التحذير وسط انتقادات طاولت خطط رئيس الوزراء ريشي سوناك لترحيل المهاجرين القادمين على متن قوارب صغيرة، والمطروحة في "مشروع قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية" Illegal Migration Bill، وفي حال سُن القانون المذكور فسيفرض ترحيل ضحايا الاتّجار بالبشر الواصلين إلى المملكة المتحدة بطرق غير مشروعة إلى رواندا، بينما يواصل المسؤولون التحقيق في مزاعمهم.

وفي حديث مع "اندبندنت" كشفت نساء محالات إلى البرنامج الحكومي ممن يحظين بدعم من مجموعة ضغط تعرف باسم "صوت العاملات في الخدمات المنزلية" The Voice of Domestic Workers، أن انتظار القرار لسنوات لا يترك خياراً أمام الكثيرات منهن إلا العودة لتلك الأعمال الشاقة.

وفي السياق يجرى استقدام عدد من العاملات المنزليات إلى المملكة المتحدة بموجب تأشيرة عمل لفترة ستة أشهر، إذ يرغمن على العمل كعبيد في بيوت العائلات الثرية، وغالباً ما تسحب جوازات سفرهن في وقت يخبرن بقصص مرعبة لثنيهن عن الرحيل.

وبالنسبة إلى النساء اللواتي يعانين هذا الوضع فمن الضروري عند هربهن أن يسمح لهن بالعمل في المملكة المتحدة، وفي حال إحالتهن إلى البرنامج الحكومي سالف الذكر مع تأشيرة دخول سارية المفعول، فعندها يستطعن الاحتفاظ بحق العمل.

لكن في حال إحالتهن بعد انتهاء فترة صلاحية التأشيرة فقد يمضين سنوات من دون امتلاك حق العمل وبالكاد العيش من دفعات المساعدات الحكومية.

 

إلا أن بعضاً من الضحايا يواجهن صعوبات حتى مع امتلاكهن حق العمل بالنظر إلى أن أرباب العمل لا يفهمون برنامج "آلية الإحالة الوطنية" وقد يتحفظون على توظيفهن ضمن النظام.

ويندي، عاملة خدمة منزلية من الفيليبين أحيلت إلى البرنامج في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، ونجحت في الاحتفاظ بحقها في العمل لكنها واجهت المشكلة نفسها عندما حاولت العثور على عمل.

وخلال السنوات الثلاث التي اضطرت خلالها إلى انتظار قرار وقعت في العبودية مجدداً، وتقول ويندي "عندما تنتظر قراراً حاسماً فكل ما تملكه هو ورقة من وزارة الداخلية، علماً بأن أرباب العمل في معظم الأحيان لا يقبلونها".

وأضافت، "أرغمت على قبول عمل آخر عملت فيه لساعات طويلة، فكنت أعمل سبعة أيام في الأسبوع على مدى اليوم كله ولم أحصل على أية إجازة سنوية أو عطلة، لكنني بقيت أعمل لأنني لم أشأ أن أبقى بلا مأوى".

وتابعت، "عندما حصلت على القرار الإيجابي المبدئي الذي يمكنني من العمل عام 2018 بدأت أبحث عن رب عمل جديد، لكن أحداً لم يفهم "آلية الإحالة الوطنية" هذه ولم يعترف أحد بحقي في العمل، وقد تنقلت بين عدد كبير من أرباب العمل الاستغلاليين الذين إما لم يدفعوا لي أو دفعوا لي القليل".

وذكرت ويندي أنه "عندما بدأ الإغلاق العام في مارس (آذار) 2020 أصبحت من جديد وحيدة ومصدومة، وقد هددني رب عملي وقال إنني إن غادرت المنزل فلن أعود أبداً، وبالتالي لم يكن أمامي أي خيار سوى البقاء في أسرة مخدومي أو البقاء بلا عمل ومأوى، وطوال شهرين عملت من دون تلقي أي أجر، وكي أتمكن من إعالة أسرتي رحت أعمل 105 ساعات في الأسبوع بما يشمل أيام إجازتي لقاء 400 جنيه إسترليني (490 دولاراً أميركياً)، أي ما يساوي 3.80 جنيه في الساعة".

سييلو تيلان التي تعمل في "اتحاد المأوى الفيليبيني" Kanlungan Filipino Consortium، [مؤسسة خيرية تعمل من أجل رفاهية ومصالح الفلبينيين وغيرهم من مجتمعات المهاجرين في المملكة المتحدة] أن عدداً كبيراً من النساء اللواتي يحظين بدعمها تعرضن للاستغلال بعد إحالتهن إلى البرنامج الحكومي.

وشرحت قائلة "اعتبرتهن وزارة الداخلية ضحايا للعبودية الحديثة لكن إن كن ما زلن يمتلكن الحق بالعمل فهن غير مؤهلات لتلقي أية معونات حكومية، والحال أن أرباب العمل المناسبين لا يعتبروا أنهن من العاملات القانونيات وبالتالي جعلهن عرضة للاستغلال مجدداً، كما أنه لا يمكنهن التذمر أو الرفض بسبب وضعهن خشية تعرضهن للطرد أو العيش في حال من العوز والفقر".

وتضيف تيلان، "من يعطيهن دليلاً على أنهن يملكن حق العمل؟ الواقع أن كثيرات لا يحملن جوازات سفر ولا يملكن أي مستند يثبت حقهن في العمل".

جوي امرأة أخرى تدعمها مجموعة "صوت العاملات في الخدمة المنزلية" خسرت حقها في العمل بفارق أيام قليلة لأن أحداً لم يتمكن من تسلم ملفها في الوقت المناسب.

تروي جوي كيف جرى استقدامها إلى المملكة المتحدة "في يونيو (حزيران) 2022 أخبرني رب عملي بأننا ذاهبون إلى لندن فلم يكن أمامي خيار غير الإذعان، وجاءت السكرتيرة إلى منزلي وطلبت مني التوقيع على أوراق بهدف التقدم بطلب تأشيرة إلى المملكة المتحدة، ولم يسمح لي بقراءة أي من هذه المستندات بل طلب مني أن أوقعها على جناح السرعة".

قالت جوي إنه بالكاد تسنى لها الوقت لتأكل خلال يوم العمل، ولم يكن بوسعها أن ترتاح إلا عند حصولها على إذن بالذهاب إلى الكنيسة لتصلي، وأضافت "كيفما عملت ضمن هذه العائلة فتعامل أفرادها معي على أنني نكرة ومستعبدة".

بحثت جوي عمن يساعدها عبر "فيسبوك" واكتشفت مجموعة الدعم تلك، وفي يوم من أيام شهر أغسطس (آب) 2022 زعمت أنها ذاهبة إلى الكنيسة، وبدلاً من ذلك طلبت سيارة أجرة وقصدت مقر المجموعة، وبما أنها لم تكن تحمل نقوداً فقد رأت نفسها مضطرة إلى الطلب من المجموعة تسديد أجر الرحلة.

 

وفي حال امرأة أخرى تدعى غلاديس صدر القرار الأولي بحقها عن "آلية الإحالة الوطنية" عام 2019، كاشفاً وجود احتمال بأن تكون ضحية عبودية حديثة لكنها لا تزال تنتظر صدور القرار النهائي.

وتروي غلاديس، "أنتظر منذ خمس سنوات والوضع صعب جداً لأنني بحاجة إلى العمل وإلى فعل شيء ما لأجني المال، فلدي أُسرة أعيلها في الفيليبين والمال الذي يعطونني إياه لا يكفي، وبالتالي أضطر إلى الاعتماد على إحسان أصدقائي. أشعر وكأنني أعيش في سجن".

ماريسا بيغونيا من "صوت العاملات في الخدمة المنزلية" ذكرت "لماذا لا يبحثون عن المجرمين الحقيقيين؟ نحن لسنا مجرمين، نحن عاملات ولسنا ضحايا ونريد حق العمل".

المحامية كاتي شوارتزمان من مكتب المحاماة "ويلسون سوليسيتورز" Wilson Solicitors التي تقوم بمساعدة الضحايا، ذكرت أن العودة للاستغلال ليست فقط مشكلة العاملات المنزليات، لكن أيضاً مشكلة ضحايا الاتّجار بالبشر، وقالت "إن عدداً كبيراً من موكلينا هم ضحايا الاتّجار بالبشر والحكومة لا تمنحهم دعماً مناسباً، فيتم اعتقال عدد كبير منهم في ظروف تشير بقوة إلى أنهم ضحايا العبودية الحديثة والاتّجار بالبشر، لكنهم يتلقون فوراً معاملة المشتبه فيهم بدلاً من كونهم ضحايا محتملين، وبالتالي يحرمون من الحماية والدعم مع أنهم مخولون الحصول عليهما مما يدفع بهم نحو العودة لظروف الاستغلال مرة أخرى".

وتختم شوارتزمان أنه "بالاستناد إلى خبرتنا تعجز وزارة الداخلية عن حمايتهم بالطريقة المناسبة، وبالتالي يصبح عدد كبير من موكلينا على الفور في عداد المفقودين ليعثر عليهم بعد أشهر أو سنوات طويلة كضحايا اتّجار بالبشر".

ويشار إلى أن نحو 566 ضحية عبودية حديثة محتملين أو مؤكدين صنفوا على أنهم "مفقودون" بين عامي 2020 و2022، بعد أن تمت إحالتهم إلى برنامج "آلية الإحالة الوطنية"، وفقاً لما كشفت بيانات حرية الإعلام التي اطلعت عليها صحيفة "غارديان".

متحدث باسم وزارة الداخلية صرح قائلاً "إن العبودية الحديثة جريمة بربرية، ونبقي على التزامنا باستئصالها من جذورها ونوفر لآلاف الضحايا سنوياً مسكناً ودعماً مالياً ونفاذاً إلى موظفي الدعم الاجتماعي من خلال عقد رعاية ضحايا العبودية الحديثة لمساعدتهم في إعادة بناء حياتهم".

وأضاف المصدر، "على رغم ريادة المملكة المتحدة عالمياً في موضوع الاستجابة للعبودية الحديثة إلا أننا لا نزال نراجع جميع السياسات والإجراءات بما يشمل الخيارات المتوافرة للحد من معدل الوقت المطلوب حالياً لاتخاذ القرارات".

© The Independent

المزيد من تقارير