Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تيك توك" البسيط و"إنستغرام" المرفه... هل من طبقية افتراضية؟

المحتوى الأفضل تستأثر به المنصة الأميركية مقابل إمكانات محدودة ومساحة أكبر من الحرية على التطبيق الصيني

يرتبط الانتشار الأوسع لفيديوهات "تيك توك" بالمواضيع الأكثر حداثة على خلاف "إنستغرام" (اندبندنت عربية)

ملخص

فيديوهات في غاية البساطة تحصد ملايين المشاهدات على #تيك_توك فيما تطغى الرفاهية على محتوى #إنستغرام في التصوير والنشر، فهل الطبقية موجودة أيضاً في وسائل التواصل؟

الطبقية موجودة ضمن المجتمعات وعلى مستوى الدول أيضاً، ويبدو أن وسائل التواصل الاجتماعي أتت لترسخ التفاوت الطبقي بشكل أو بآخر، فإذا بفيديوهات "تيك توك" التي تصور في ظروف بغاية البساطة وبحد أدنى من الإمكانات لتحصد ملايين المشاهدات، فيما تنقل "إنستغرام" نظرة مختلفة تماماً تعكس كل معاني الرفاهية وكأنها تخص الطبقة الميسورة بما فيها من محتوى وتفاصيل في تصوير الفيديوهات والصور، وفي ظروف هي أبعد ما تيكون من البساطة، فما سر هذا التفاوت بين المنصات لجهة المحتوى والظروف التي يصنع فيها؟

شيوعية وإمبريالية

انطلق تطبيق "تيك توك" أولاً بهدف نشر الموسيقى والغناء بصوت أحد المشاهير بشكل أساسي، وفي مرحلة لاحقة، وبمواكبة التطور الحاصل في الهواتف والكاميرات، طورت "تيك توك" إلى حد كبير أسلوب التصوير وإعداد الفيديوهات فأصبح أكثر سرعة وسهولة مع خصائص جديدة من موسيقى وتأثيرات، بحسب توضيح المتخصص في التحول الرقمي والتكنولوجي فريد خليل لـ"اندبندنت عربية".

منذ بداياته، يوضح خليل، أفسح التطبيق الصيني المجال للمستخدمين للتعبير عن ذواتهم من خلال فيديوهات يصورونها بسهولة كبرى مع تأثيرات وموسيقى، وشكل مساحة أوسع للتعبير بحرية، وأسهمت الخصائص التي أضيفت لاحقاً في تحفيز الناس أكثر بعد، ومنها الـImmersal Video الذي يعد أكثر جاذبية، خصوصاً من قبل المستخدمين الأصغر سناً، إذ يستمتعون بالغناء والرقص وبتصوير فيديوهات سهلة يقلدون فيها المشاهير وتلقى رواجاً بأبسط الإمكانات، وعندما شمل من هم أكبر سناً تحول إلى مساحة لتحقيق الشهرة بحرية تامة، وتميز "تيك توك" بهذا الطابع، إذ كان مفضلاً لدى شريحة من المستخدمين.

من جهة أخرى، يؤكد خليل، أن الجهة الداعمة لـ"تيك توك" هي الحزب الشيوعي في الصين، لذلك فهو يعكس توجه الحزب بطابعه هذا الذي يدعو إلى الحرية والبساطة في التصرف والعيش، في مقابل التطور الذي تمثله الإمبريالية الأميركية وتجسده منصة "إنستغرام".

يضاف إلى ذلك أنه حتى اليوم لا تغوص شركات كبرى في عالم "تيك توك" و"إنستغرام"، فمستخدمو "تيك توك" هم من الفئات الأصغر سناً، فيما يستقطب "إنستغرام" من هم أكثر نضجاً ولهم قدرة شرائية أكبر ويمكن ترغيبهم بشكل أفضل، وهم قادرون على التمييز بين الأفضل والأسوأ، وتحرص الشركات على تقديم المحتوى الأفضل والأرقى وتتفوق في ذلك على "إنستغرام"، بما أن مستخدميه أكثر حرصاً على محتوى بمستوى أعلى، فمن البداية "إنستغرام" كانت مخصصة للصور مع حرص من قبل مستخدميها على تقديم الأفضل والأجمل، لذا حافظت على طابع يعكس الرفاهية.

بما يناسب الحرب

المحتوى "ملك" على "إنستغرام"، يعلم الكل أنه سيحقق انتشاراً أوسع مع ارتفاع معدل الإنفاق عليه، وإلا فلن يحقق الانتشار المطلوب، إنها منصة مدعومة من الولايات المتحدة، والتركيز فيها يكون على المحتوى الأفضل، وهو ما لا ينطبق على "تيك توك"، إذ يحظى أي محتوى يلقى رواجاً بالدعم ليحقق مزيداً من الانتشار في فترة معينة.

انطلاقاً من ذلك، وفي ظل الحرب الروسية الأوكرانية، تحصد فيديوهات "تيك توك" ملايين المشاهدات، إذ لا يعيش الناس برفاهية في ظل هذه الظروف الصعبة، وهذا ما يجعل "تيك توك" مساحة مناسبة لعكس الواقع وللتعبير عن الذات بأبسط الإمكانات المتاحة، وتنتشر الأخبار من خلالها سواء كانت صحيحة أم لا، وعبرها يتم تتبع ما هو أكثر تداولاً وتعطى الفيديوهات المرتبطة بالموضوع الأكثر رواجاً دفعاً أكبر، وهو الحرب في هذه الحال.

يؤكد المتخصص في التحول الرقمي فيليب أبو زيد أيضاً أن العلامات العالمية تتجه في اختياراتها التسويقية إلى "إنستغرام" بشكل أساس، بالتالي فإن صانع المحتوى هنا هو محترف، وهذا لا يعني أنه في "تيك توك" ليس محترفاً بالضرورة، إنما هو من المستخدمين العاديين، وإن كان قد اكتسب شهرة الفنانين العالميين بحركات بسيطة يقوم بها، ولـ"إنستغرام" طابع الرفاهية، ومن الطبيعي أن تختلف نوعية المحتوى في المنصة، حتى إن تركيز المؤثرين من عشاق العلامات الكبرى يكون فيها أكثر، أما "تيك توك" فاستهلاكي أكثر ويركز على الناس العاديين.

من جهة أخرى، تعمل الخوارزميات في "تيك توك" بطريقة مختلفة، فلا يعاقب المستخدم على تكرار المحتوى أو على استخدام فيديوهات أو صور معينة أو موسيقى، وهناك هامش أكبر من الحرية في صناعة المحتوى ونشره على "تيك توك"، لذا يحقق انتشاراً أوسع بين الأفراد العاديين غير المحترفين، ويضاف إلى ذلك أن لـ"تيك توك" انتشاراً عابراً للحدود والمنطقة التي يتواجد فيها المستخدم بعكس "فيسبوك" و"إنستغرام"، حيث تُعطى الأولوية للمنطقة ذاتها، ويحصل الانتشار فيها بحسب الموضوع".

ويرتبط الانتشار الأوسع لفيديوهات التطبيق الصيني، بحسب أبو زيد، بالمواضيع الأكثر حداثة، بصرف النظر عن الحدث بذاته، إذ يعمل التطبيق على أساس صيحة تحقق انتشاراً، على خلاف "إنستغرام"، وقد يكون هناك تقاطع بين "تيك توك" و"تويتر" في ذلك الشأن.

فيديوهات بسيطة وإبداع

للمتخصص في التسويق الرقمي إيلي سركيس رأي مختلف، فقد ينشر أي شخص محتوى على منصة بصرف النظر عن طبقته الاجتماعية التي ينتمي إليها، ولا يمكن الجزم بوجود طبقية معينة في وسائل التواصل الاجتماعي، قد تكون هناك اتجاهات عامة ترتبط بنمط المحتوى في كل منصة لأسباب ترتبط بها وبمستخدميها وبأهداف المحتوى، وقد يكون المحتوى على "تيك توك" أكثر بساطة وأقل كلفة في الإعداد والتصوير، مما يجعله أقرب إلى ذوي الإمكانات المحدودة، أما المحتوى على "إنستغرام" فيركز أكثر على صور تنقل أسلوب حياة تغلب عليها الرفاهية، فيتوجه أكثر إلى متابعيه من الميسورين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن هذا لا يعني، وفقاً لسركيس، أن فيديوهات "تيك توك" محصورة بطبقة معينة، علماً أن المحتوى الإبداعي لا يرتبط بالرفاهية، فقد يحقق محتوى على "تيك توك" نجاحاً كبيراً وإن كان نتاج جهد بسيط تستخدم فيه الموهبة والإبداع، لكن الفيديوهات التي تنشر فيه هي غالباً من الحياة اليومية وتظهر مواهب فريدة، أما "إنستغرام" فيروج للرفاهية والثراء والأناقة والجمال، وهذا ما عزز الانطباع العام بأن مستخدميه هم من الطبقة الغنية والمنصة تخصهم حصراً. وهذا لا يعني حكماً بأن كل من ينشر محتوى على "إنستغرام" من طبقة ميسورة، بل يمكن لأي كان أن ينشر محتوى مميزاً وجذاباً.

قد تؤثر الطريقة التي يُنشر بها المحتوى في انطباع المتلقي أياً كانت الطبقة التي ينتمي إليها، مع ضرورة التذكير بأن المحتوى قد يتأثر بعوامل عدة كالهوايات والاهتمامات والأهداف المرجوة، فالمستخدمون يمثلون مجموعة متنوعة من الأشخاص من مختلف الأعمار والثقافات والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، بالتالي الفيديوهات التي تحظى بشعبية قد تكون متنوعة ولا تعكس بالضرورة طبقة اجتماعية محددة.

لكن سركيس لا ينكر أن كل منصة تركز على الجمهور المستهدف وعلى الأسلوب الذي يجذبه، هذا ما يفسر طابع كل منصة، وأن لكل منها ميزات معينة تؤثر في نوع المحتوى الذي ينشر، كما أن الرغبة في الانتماء إلى مجموعة معينة أو العثور على شخصية مماثلة قد تلعب دوراً في نوع المحتوى، فينشر محتوى معين للتواصل مع مستخدمين يتشاركون الاهتمامات نفسها. وبشكل عام من الطبيعي أن يخرج تصميم المحتوى والاستراتيجيات التسويقية بما يتوافق مع تفضيلات الجمهور المستهدف.

المزيد من علوم