Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في يوم المرأة العالمي... إنجازات ونضالات وحقوق منتهكة

حصلت على حقوقها في دول عدة لكنها بقيت منتهكة في بلدان أخرى بسبب التشريعات المجحفة

ملخص

يعيد #يوم_المرأة_العالمي التذكير بالإنجازات التي حققتها #المرأة في مساعيها لنيل حقوقها وبالمسار الطويل الذي أمامها بعد في بعض الدول

في الثامن من مارس (آذار) من كل عام، يحتفل العالم بيوم المرأة لتتويج إنجازاتها في المجتمع والوقوف على ما حققته من مكاسب من جهة، ولرفع الصوت والمطالبة بحقوقها كافة، من جهة ثانية، بشكل أساس، يعد اليوم العالمي للمرأة مناسبة للاحتفال بالتقدم الذي أحرزته حتى اللحظة في مجال تحقيق المساواة مع الرجل وبتمكينها، وأيضاً لزيادة الزخم لتحقيق المساواة بين الجنسين على نطاق أوسع، فالإنجازات التي حققتها المرأة عبر التاريخ كثيرة وتستحق تسليط الضوء عليها، في الوقت نفسه يعلم الكل أن الطريق لا يزال طويلاً وشائكاً لتحصل المرأة على كامل حقوقها، ولا يختلف وضع المرأة في العالم العربي عما مرت به في العالم من مراحل صعبة، من تمييز وانتهاكات لحقوقها، ويبدو واضحاً أن معاناتها في المنطقة لم تنته بعد في مواجهة القيود التي يرتبط بعضها بالدين ومنها ما له علاقة بالثقافة والذهنية السائدة في المجتمعات وبعادات وتقاليد معينة، لذلك، حتى اليوم لا تزال هذه القيود تشكل عقبة في طريقها وتعيق حصول المرأة على حقوقها وحرياتها، خصوصاً أنها تنعكس على القوانين والتشريعات التي تبقى مجحفة إلى حد كبير بحقها.

في أول يوم عالمي للمرأة

بدأ الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في عام 1909، إنما الشرارة الأولى لتكريم المرأة وإنجازاتها كانت في عام 1857، حين خرجت النساء إلى شوارع نيويورك للاحتجاج على ظروف العمل القاسية، استخدم العنف لتفريقهن، لكن الحشود النسائية تمكنت من لفت أنظار المسؤولين، ووضعوا مطالبهن ضمن جدول الأعمال اليومية لمناقشتها، وبعد سنتين في الشهر نفسه، شكلت تلك النساء أول اتحاد عمالي لحماية أنفسهن والحصول على حقوقهن في أماكن العمل، وبعد تحركات نسائية متكررة للمطالبة بالحقوق في مجال العمل، خصص الحزب الاشتراكي يوم الأحد الأخير من شهر فبراير (شباط) من كل عام للاحتفال باليوم الوطني للمرأة الأميركية تكريماً لنساء عاملات لجأن إلى الإضراب احتجاجاً على ظروف العمل القاسية، ثم تحدد في عام 1909 في 28 فبراير، بعدها، بدأت بلدان أوروبية تحتفل بالمناسبة في 19 مارس، وفي عام 1913، أصبح الثامن من مارس يوماً عالمياً للمرأة في مختلف دول العالم، وحددت منظمة الأمم المتحدة عام 1975 ليكون عام الاحتفال العالمي الأول بالمرأة، ومنذ عام 2000 أصبح هذا اليوم عطلة رسمية في دول عدة.

نساء مؤثرات

طوال التاريخ الحافل للمرأة في نضالها الشاق للحصول على حقوقها وتحقيق المساواة مع الرجل، أسهمت آلاف السيدات، كل على طريقتها، في تحقيق تقدم في هذا المجال، وثمة نساء لمعت أسماؤهن عبر التاريخ وصولاً إلى اليوم، بسبب مقاومتهن باسم حرية المرأة وحقوقها في مجالات مختلفة، ومنهن:

-الصحافية الكاتبة السورية هند نوفل التي ولدت في عام 1860، وتعد أول امرأة في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنشر مجلة نسائية كاملة وهي "الفتاة" وكل كتّابها من النساء، روجت فيها للحركة النسوية والدفاع عن حقوق المرأة وإتاحة التعبير عن رأيها.

-الناشطة المصرية هدى الشعراوي، من مواليد عام 1879 من رائدات الحراك النسوي في العالم العربي، أسست جمعيات خيرية وعيادة طبية لمساعدة النساء والأطفال الفقراء، يعرف عنها نضالها من أجل تعليم الفتيات والسيدات في مصر، كما ركزت في كتب ومقالات عدة على أهمية إشراك المرأة في العمل وحول حقوق المرأة في التعليم والعمل.

-الناشطة اللبنانية أنيسة نجار، مولودة في عام 1913، عملت على تأسيس مدارس وعيادات طبية في الريف لنشر التعليم بين الفتيات وتحسين الخدمات الصحية المقدمة للنساء، في عام 1953 أنشأت جمعية "إنعاش القرية" لتعليم النساء مهارات جديدة وإتاحة الفرص ليعملن في المناطق الريفية.

-الكاتبة والمفكرة الأميركية بيتي فريدان، لها مؤلفات عدة عن الحركة النسوية ووضع النساء في المجتمع، أسست "المنظمة الوطنية للنساء" في عام 1966 للمطالبة بحقوق المرأة وشغلت منصب أول رئيس لها، نظمت "الإضراب النسوي من أجل المساواة" للمناداة بالمساواة بين الجنسين على مستوى الأجور.

-الروائية الفلسطينية سحر خليفة، ألفت حوالى 11 رواية ترجمت إلى تسع لغات وحصدت جوائز عربية وعالمية، ركزت في رواياتها على الدفاع عن المرأة وحقوقها وعلى نضال المرأة الفلسطينية ودورها في التحرير.

-الناشطة الاجتماعية الأميركية غلوريا جينز واتكينز، هي من أصول أفريقية، معروفة باسمها الأدبي بيل هوكس، لها كتب عدة تناقش فيها حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في التعليم، ودور النساء ذوات البشرة السمراء في المجتمع، وأشهر كتبها "النسوية للجميع" الذي تصحح فيه الصور المغلوطة عن الحركة النسوية وكأنها معادية للرجل.

-الكاتبة مي زيادة، طالبت في مؤلفاتها بتحرير المرأة من القيود وبمساواتها مع الرجل وأهمية التعليم للمرأة، وأقامت مؤتمراً في عام 1921 بعنوان "الهدف من الحياة" دعت من خلاله النساء العربيات إلى المطالبة بحقوقهن.

-الصحافية والمناضلة السورية نازك العابد، من أوائل النساء اللواتي قدن الحركة النسوية في بلاد الشام، شاركت في تأسيس الجمعيات النسائية والمطبوعات الخاصة بالمطالبة بحقوق المرأة.

-الكاتبة والروائية والطبيبة المصرية نوال السعداوي، كرست حياتها للدفاع عن حقوق الإنسان عامة وعن حقوق المرأة بشكل خاص وأسست جمعية "تضامن المرأة العربية" في عام 1982 للنهوض بالمرأة والدفاع عن حقوقها. واجهت بشراسة ظاهرتي العنف ضد النساء وختان الإناث وألفت نحو 40 كتاباً معظمها عن حقوق المرأة، وترجمت لأكثر من 20 لغة، سجنت بسبب آرائها السياسية، وتعرضت للانتقادات الدائمة بسبب آرائها الدينية المثيرة للجدل وأفكارها النسوية المتطرفة.

-الرسامة فريدا كاهلو، اعتمدت على عملها للتعبير عن المواضيع المحرمة كالإجهاض والرضاعة وغيرها من المواضيع التي تهم المرأة فمهدت لتناولها لاحقاً بمزيد من الجرأة.

-الكاتبة والناشطة السياسية سيمون دي بوفوار، من أكثر أعمالها تأثيراً كتاب "الجنس الثاني" الذي أسهم في إطلاق الحوار حول نشأة الحركات النسوية، وعندما أوقف الفاتيكان الكتاب واصلت الكفاح من أجل تحقيق المساواة، وفي عام 1970، أسهمت في إطلاق حركة تحرير المرأة الفرنسية بتوقيعها على البيان رقم 343 الذي يناقش حقوق الإجهاض، شاركت بتظاهرات في السبعينيات وواصلت الكتابة وإلقاء المحاضرات حول وضع المرأة.

-الناشطة ملالا يوسفزاي، حققت الفتاة الباكستانية قفزة نوعية في مجال تعليم الفتيات والمطالبة بحقوقهن، وثقت تفاصيل تجربتها تحت سلطة "حركة طالبان" وهي بعمر 11 سنة في تقرير مصور بعد تعرضها لمحاولة اغتيال من قبل مسلحي الحركة، برزت كناشطة اجتماعية ونسوية وأسست منظمة تعليمية غير ربحية باسم "صندوق ملالا" وألفت كتاباً، حازت جائزة نوبل للسلام في عام 2012 حين كانت في الـ 17 من عمرها، فأصبحت أصغر من يحصل على تلك الجائزة الرفيعة، ولا تزال تنادي بالمساواة بين الجنسين وبتعليم الفتيات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


النضال مستمر والانتهاكات أيضاً

كثيرات أسهمن بشكل أو بآخر في نيل المرأة حقوقها، ويبقى النضال مستمراً، خصوصاً في دول لا تزال تنتهك فيها حقوق المرأة بشكل صادم، ففيما استطاعت المرأة أن تحقق أهدافها، أو الجزء الأكبر منها على الأقل في دول عدة من العالم، تستمر معاناتها في دول أخرى تُبذل فيها مزيد من الجهود وترفع الأصوات التي لا تلاقي أحياناً أي صدى في ظل تشريعات مجحفة بحق المرأة.
وبحسب الناشطة النسائية اللبنانية كريمة شبّو، "يأتي هذا اليوم في كل عام كمناسبة للاحتفال بإنجازات المرأة في لبنان والعالم ولتكريمها، لكن تكثر العوائق في الطريق نحو نيل الحقوق وتحقيق المساواة، وفي لبنان نحن نقف مكاننا أو حتى نرجع إلى الوراء في هذا المجال بوجود القوانين التي تمنع المرأة من الحصول على حقوقها وتكرس النمطية والعقلية الذكورية، وهذا على رغم أنها أثبتت قدراتها العالية في استحقاقات في مختلف المجالات، كالرياضة والقضاء والأعمال في لبنان وفي الدول العربية، في حين أن الانتهاكات لحقوقها لا تعد ولا تحصى، ما يدعونا إلى التوجه برسالة إلى المسؤولين حتى لا ينتظروا هذه المناسبة لتكريمها، فليقوموا بواجباتهم في التشريع ويتوقفوا عن وضع المرأة في مرتبة دونية تقلل من شأنها".
وتتعدد القوانين التي تنتقص من حقوق المرأة في لبنان، ولم تؤت الجهود المبذولة منذ عشرات السنوات لتعديلها ثمارها، وتنتهي مشاريع القوانين في الأدراج ولا تعطى الاهتمام اللازم، فيما يستمر تطبيق القوانين البالية في ظل بروتوكولات تعرقل أي تطور، وتشير شبّو إلى أن "لبنان كان من أول دول العالم التي أعطت للمرأة حق التصويت وحق الترشح للانتخابات، فسبق الدول المتقدمة عندما كانت بيروت تعد أم الشرائع، وكأن الزمن قد توقف ولم تتمكن القوانين من مواكبة التطور الحاصل، إذ وضعت بعض القوانين في عهد الانتداب الفرنسي ومنها أيضاً ما وضع في أيام الحكم العثماني من دون تعديل يواكب التطور الحاصل في العالم، ولا تزال الطوائف هي الحكم". وأضافت "أما مشاركة المرأة في الحياة السياسية، فتبقى خجولة وتقتصر على الإطار الحزبي وقد لا تتخطى نسبة 10 في المئة، لذلك فالمطلوب وضع سياسات تلزم بنسبة معينة بمشاركة المرأة في العمل السياسي وتطبق على الأرض، كما في تونس".
ودعت الناشظة النسوية إلى "ضرورة التخلي عن مبدأ لوم المجتمع والذهنية السائدة، لأن وضع سياسات وسن قوانين واتخاذ تدابير جدية، يكفل حصول المرأة على حقوقها ويضمن الفرص المتساوية بينها وبين الرجل، فطالما أن القانون مجحف بحق المرأة فسيعيق حصولها على حقوقها".


نقطة تحول

قطعت المرأة في الدول المتقدمة أشواطاً في مسار نيل حقوقها، لكن لا يزال الطريق طويلاً بالنسبة إلى المرأة اللبنانية، فإذا كانت قد حصلت على قسم من حقوقها، بقيت صعوبات كثيرة تعيق التنفيذ، ومنها تلك المتعلقة بمشاركتها في الحياة السياسية، وذلك بحسب الناشطة في الحركة النسائية، رئيسة جمعية "مساواة-وردة بطرس" الدكتورة ماري الدبس ناصيف، التي أضافت أن "صفة المواطنة ملغاة سواء للرجل أو المرأة، لكن معاناة المرأة أهم بكثير لأنها توضع دائماً في المرتبة الثانية، ويعلم الكل ما تعانيه سواء في موضوع زواج القاصرات أو عدم المساواة في الأجر في القطاع الخاص أو في الضمانات الاجتماعية في العمل، وعلى رغم المطالبة بإعادة النظر في قانون جريمة الشرف، لا تزال آثاره موجودة بما يسمح للجاني بالإفلات من العقاب".
ويبقى الأهم هو وجود الحركة النضالية التي لم تعرف معنى التراجع طوال هذه السنوات، وعلى رغم التحديات الكثيرة، وفي هذا اليوم، تشير الدبس إلى "نضالات المرأة الفلسطينية على مختلف المستويات، كامرأة تستشهد أو كأم تستقبل أولادها الشهداء أو كمناضلة تسهم في استعادة حقوق شعبها".
أما المرأة في إيران، فقد عرفت تقلبات عدة على مستوى الحقوق التي تسعى إليها في مراحل مختلفة، في عهد محمد رضا بهلوي حصلت على حق التصويت، وعينت وزيرةً وقاضية، لكن حقوقها تقلصت كثيراً في مرحلة لاحقة بعد تسلم الخميني السلطة، فمثلاً انخفض السن القانوني للزواج وعزلت القاضيات من مناصبهن وفصل الصبيان عن البنات في المدارس. حتى أن أنماط اللباس تغيرت، وبعد هذه الحقبة تحسنت أوضاعها نسبياً وأعطت القوانين المتعلقة بالزواج والطلاق حقوقاً أكبر للمرأة، وارتفعت أعداد النساء العاملات وبدءاً من عام 2006 شكلت الفتيات نصف عدد طلبة الجامعات.
أما موضوع الحجاب، فبقي يثير جدلاً بعد أن فرض في حقبات وألغي تماماً في أخرى، إلى أن أتت نقطة التحول مع قضية مهسا أميني ومقتلها إثر توقيفها من قبل "شرطة الأخلاق" في طهران بحجة عدم التزامها ارتداء لباس محتشم ومخالفتها لقانون عمره أربعة عقود، وعلى أثر ما حصل، تصدرت المرأة الإيرانية المشهد وأصبحت في مقدمة التظاهرات الاحتجاجية، وتحول خلع الحجاب إلى رمز لمعارضة النظام الحاكم في إيران، وتشير الدبس إلى أن "ما حصل هو انتهاك للحريات الشخصية سواء في إيران أو في أي دولة أخرى، فكما يحق للمرأة التي ترغب بذلك أن تضع الحجاب، كذلك نزعها للحجاب يدخل في إطار الحرية الشخصية التي لا يحق لأحد التدخل فيها وانتهاكها، فالمرأة إنسان كامل ولولاها لما اكتمل المجتمع، وهي قادرة على التفكير والعمل وتربية أجيال وتحقيق ما تريده، ولا يمكن أن يفرض عليها لباساً أو سلوكاً أو طريقة تفكير معينة، خصوصاً في أيامنا هذه التي أثبتت فيها المرأة قدراتها في مختلف المجالات، ويجب التوصل إلى مرحلة يكون فيها احترام رغبة المرأة أياً كانت، هذه الأمور هي من الحريات الشخصية الأساسية ومن حقوقها واحترامها تشكل ركناً أساساً لقيام المجتمعات الحرة. والمطلوب التركيز في فكر المرأة وسلوكها وعملها، لا في مظهرها أو في لباسها فهذه الأمور لا تعطي الإنسان إنسانيته".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات