Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعثر المشاريع التنموية "وقود التندر" في موريتانيا

أضحت صفحات التواصل الاجتماعي ساحة لنشر النكات حول عمل الحكومة

الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني يضع حجر الأساس لمشاريع تنموية بالعاصمة (اندبندنت عربية)

في مايو (أيار) الماضي، أعلنت وزارة التجهيز والنقل الموريتانية عن فسخ عقد مع شركة صينية كانت تتولى تشييد #جسر_الحي_الساكن بالعاصمة #نواكشوط، بسبب تأخر الأشغال، إذ لم تلتزم الشركة بالشروط الموجودة بدفتر الالتزامات.

لم تقتصر المشاريع التنموية المتعثرة على جسر حي الساكن فقط، فهنالك أيضاً جسر باماكو جنوب نواكشوط العاصمة، الذي تأخرت فيه الأشغال هو الآخر، وكانت الحصيلة كثيراً من النكات التي يطلقها الموريتانيون يومياً على صفحاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي وسائل المواصلات وصالوناتهم الخاصة.

الرقيب الاجتماعي

أضحت صفحات التواصل الاجتماعي ساحة لنشر النكات حول عمل الحكومة، خصوصاً في ما يتعلق بالمشاريع التنموية الكبيرة التي يعلق عليه المواطنون آمالاً عريضة، وتحول اهتمام الجمهور بهذه المشاريع إلى عين رقيب لا تخطئ عثرات المشرفين على هذه الأعمال.

المتخصص في الاجتماعي عالي سيدي يرى أن "الجمهور ومن خلال نكاته وتندره على المشاريع التنموية المتعثرة أصبح سلطة تراقب عمل الحكومة، ويعبر عن رضاه أو سخطه من خلال ما ينشره على واجهاته الإلكترونية، وفي الغالب تكون كوميديا سوداء يسخر فيها من عدم جدية مسؤوليه ويحول خيباته إلى مادة تثير الضحك والسخرية".

ويعتبر برنامج "ردم آوليك" الساخر الذي يقدمه صانع المحتوى الموريتاني لمرابط الزين من أكثر البرامج التي يتابعها الموريتانيون ويضحكون من خلالها على عمل حكوماتهم.

وقال الزين، لـ"اندبندنت عربية"، إن الموريتانيين ليسوا وحدهم من يضحك على خيباتهم، كل المجتمعات تفعل ذلك، ونحن بطبعنا مجتمع نكتة، وهي في الحقيقة تقنية دفاعية نفسية، فكل ما ضحكت على شيء يصبح سهلاً.

وأضاف "المواطن يعرف أن برامج الحكومات في الغالب وعود، أو مبررات للصرف، وهو لا يريد أن يشغل باله بما لا يتوقع منه نتيجة على الأقل في القريب، ونحن مجتمع نكتة ووجدنا الفرصة في هذه الأشياء".

الضحك على الخيبات

تحولت السخرية من الواقع إلى سلاح بيد الموريتانيين للتعبير عن عدم رضاهم على حكوماتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الفنان التشكيلي خالد مولاي إدريس يرى أن "النكات والتندر ظاهرتان جديدتان على المجتمع الموريتاني المحافظ بطبعه، الذي لا يقبل التندر على المسؤولين لأنهم ينتمون لقبائل معينة، ويجعلهم ذلك يحجمون في العادة عن إطلاق النكات، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة ومع الثورة الإعلامية وتنامي روح المدنية أصبح الأمر مستساغاً على الأقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

وقال إدريس إن هذه الظاهرة "برزت مع الصحافة المكتوبة الساخرة منذ التسعينيات، وتحولت إلى صفحات التواصل الاجتماعي اليوم".

وعن علاقة مواضيع رسوماته بالواقع، أضاف "أنا كرسام كاريكاتور اقتص لحظات معينة من خيبات أمل الناس وأحولها إلى رسومات تعتمد في الواقع على النقد السياسي والثقافي"، وأوضح "نحاول أن تكون الأفكار بسيطة لتصل للمتلقي الرسالة، وقد مكنتنا ظروف واقع هذه المشاريع من استلهام أفكار جسدناها في رسومات، ففي الوقت الذي ينتظر فيه المواطن إنجازات يصاب بخيبة الأمل حين يكتشف أن المشروع قد تعثر".

النكتة تزعج السلطة

لا يترك أنصار السلطة مناسبة للدفاع عن الحكومة إلا وسجلوا مواقفهم وتبريرات تعثر هذه المشاريع، ويبدون انزعاجهم من تركيز النقد على هذه الجزئية.

ويضرب الناشط في حزب "الإنصاف" مولود أحمد المثل على تصيد البعض لأخطاء الحكومة بقوله "نجح نظامنا في تجسيد عديد من تعهدات الرئيس خلال الحملة الانتخابية، لكن المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي لا يتحدثون عنها".

وحول هذه الجزئية، أشار إدريس إلى أن "السلطة منزعجة من هذا النقد، لأن الأدوات المستخدمة فيه حديثة"، بينما يرى الزين أن "سلاح النكتة خطير، وهو بدرجة خطورة الثورات، فالنكتة وليدة المعاناة في الأصل وقد تعود لرحمها في أي لحظة، فدموع الفرحة هي بالضبط دموع الحزن، ما لم تقم باختبار مكوناتها".

وينتظر الموريتانيون منذ سنوات الانتهاء من جسري باماكو والحي الساكن بالعاصمة نواكشوط، اللذين بلغت تكلفتهما أكثر من مليار دولار أميركي، وتوقف استخدام الدوارين اللذين كانت تعبر من خلالهما يومياً أكثر من 20 ألف سيارة.

المزيد من تقارير