Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مجرمون اختفوا طويلا... إنما للهرب حدود

هناك حالات يكون فيها الإمساك بالهاربين مسألة حظ بغض النظر عن العمل الدؤوب والبحث الطويل الذي سبق وقوعهم في المصيدة.

لا بد من الاعتراف بأهمية التقنيات الجديدة والأفكار المبتكرة والدروس المتعلمة في القبض على الهاربين (غيتي)

ضجت الصحف الأسبوع الماضي بخبر إلقاء القبض على عراب المافيا الإيطالي ماتيو ميسينا دينارو بعد أن أمضى 33 عاماً طليقاً، على رغم لائحة التهم الطويلة الموجهة إليه وعلى رأسها قتل عدد من الأشخاص يكفي لملء مقبرة.

التمكن من أحد أكثر زعماء الكوزا نوسترا الشهيرين والمطلوبين يعد إثباتاً لمبدأ أن العدالة تتحقق ولو بعد حين (الذي قد يكون طويلاً حقاً في بعض الحالات).

سقط دينارو لما غافلته قوات الأمن بعيداً من حراسه الشخصيين أثناء وجوده في عيادة لإجراء فحص طبي على ما يبدو لعملية جراحية للسرطان.

يقول المنطق إنك إذا ارتكبت جريمة فمن المرجح أن يلقى القبض عليك، لكن هناك مجرمين أمثال دينارو لم يكن الإمساك بهم إلا مسألة حظ في الظاهر بغض النظر عن العمل الدؤوب والبحث الطويل الذي سبق وقوعهم في المصيدة. لا بد من الاعتراف بأهمية التقنيات الجديدة والأفكار المبتكرة والدروس المتعلمة في القبض على الهاربين.

نستعرض فيما يلي 10 أمثلة عن مجرمين حيروا العدالة لسنوات قبل التمكن منهم:

 

1- إدواردو رودريغيز – الولايات المتحدة الأميركية

كان إدواردو رودريغيز الرجل الثاني المسؤول في عصابة بلوس أنجليس عندما وجهت إليه تهم بأربع جرائم قتل ومحاولتي قتل وقعت أولاها في عام 2001، حيث يزعم أنه قتل أماً لثلاثة أطفال بينما كانت جالسة في سيارتها.

لم تتمكن الشرطة حتى عام 2003 من ربط رودريغيز بوفاة السيدة، لكنه بحلول ذلك الوقت كان هارباً وظل كذلك لعقد آخر من الزمان، وكان خلاله أحد أكثر المطلوبين لدى شرطة لوس أنجليس.

بعد عشر سنوات من اختفائه أعاد المحققون إشعال القضية عندما رأى أحدهم صورة حديثة لرودريغيز على صفحة "فيسبوك" الخاصة بأحد زملائه في العصابة. كان يعتقد في الأصل أن رودريغيز قد فر إلى المكسيك، لكنه في الواقع انتقل إلى منطقة ريفرسايد القريبة، حيث راح يعمل نجاراً، وخطب فتاة وذهب معها في رحلة إلى لاس فيغاس من دون أن يلاحظه أحد. تمكنت الشرطة من تعقبه عن طريق المعلومات التي حصلت عليها من خلال "فيسبوك" وألقت القبض عليه بعد 12 سنة.

2- تشين ييل - الصين

تمكنت السلطات الصينية من توجيه تهم بالفساد والاحتيال وتزوير الوثائق والجمع بين زوجين إلى المصرفية السابقة تشين ييل بعد أن قضت 25 سنة هاربة. اعترفت السيدة بجميع جرائمها وأعربت عن ندمها بعد أن تمكنت قوات الأمن من تعقبها بالتعاون مع إدارات حكومية أخرى.

تعود قضية ييل إلى عام 1997 عندما كانت موظفة في أحد فروع بنك التعمير الصيني في مدينة في يويهتشينغ الشرقية، حيث اكتشفت خللاً في النظام المصرفي يسمح بالتلاعب بالمبالغ في الحسابات المصرفية قبل عمليات سحب النقود.

سرعان ما بدأت بإضافة أرقام وهمية إلى حسابها المصرفي الخاص وسحب الأموال لاحقاً لبدء حياة جديدة لكنها لم تكتف. بعد نقلها إلى فرع آخر قريب، تسللت إلى المبنى في عطلة نهاية الأسبوع وأضافت 5.66 مليون يوان (نحو 835 ألف دولار أميركي) إلى حسابها، ثم راحت تتجول في مصارف المدينة وسحبت 3.98 مليون يوان (587 ألف دولار) نقداً. بعد السرقة خضعت لجراحات تجميلية وغيرت مظهرها لإخفاء هويتها وتضليل أجهزة الشرطة. وحصلت على بطاقة شخصية جديدة، وانتقلت للعيش وبدء حياة جديدة في الجنوب والزواج مرة أخرى وقطعت علاقاتها بالماضي تماماً.

لم تكشف السلطات عن تفاصيل اعتقالها، لكنها قالت إنها تمكنت من تعقبها في نهاية السنة الماضية، وربما يعود الفضل في ذلك إلى والدها الذي كشف عن سرقتها وأبلغ السلطات بها.

3- كلارينس ديفيد مور – الولايات المتحدة الأميركية

في أبريل (نيسان) من عام 2015 سلم شخص اسمه روني ديكنسون نفسه للسلطات وادعى أنه كان هارباً منذ نحو 40 عاماً. لم تسمع عنه الشرطة أبداً لأن اسمه في الواقع كان كلارينس ديفيد مور. ارتكب مور سلسلة من الجرائم وهرب من السجن وتمكن من تجنب الإمساك به لمدة 39 سنة لكن السبب الذي دفعه إلى تسليم نفسه كان بسيطاً جداً، فقد أراد الحصول على الرعاية الصحية المقدمة في السجن. كان مور يبلغ من العمر 66 سنة، ويعيش في فرانكفورت بولاية كنتاكي من دون أي مشكلات أو إثارة شكوك أو شبهات على الإطلاق. في الواقع كان الجيران يعرفون أنه رجل طيب ولكنه مريض بالسكري. دخل مور السجن لأول مرة في السبعينيات في ولاية كارولينا الشمالية، لكنه هرب سنة 1971 ليقبض عليه بعد ساعات. وبعد عدة محاولات هرب أخرى اختفى مور نهائياً في عام 1975 إلى أن سلم نفسه. كان قد أصيب بجلطة، مما جعل الكلام صعباً وتركه مشلولاً جزئياً. ونظراً إلى عدم توفر المال اللازم للعلاج أو امتلاكه ضماناً صحياً ساري المفعول باسمه المستعار، فقد سلم نفسه للسلطات لتلقي العلاج الذي يحتاج إليه.

4- بيتر تشادويك – المكسيك

في عام 2019 ألقي القبض على المليونير البريطاني المولد بيتر تشادويك الذي يشتبه في أنه قتل زوجته في منزلهما بكاليفورنيا.

بعد أربع سنوات من اختفائه لتجنب المثول أمام المحكمة، عثر على الرجل البالغ من العمر 55 سنة في المكسيك، بفضل بلاغ عقب الإعلان عن تقديم مكافأة بقيمة 100 ألف دولار للحصول على معلومات تساعد على اعتقاله.

في عام 2012 اتصل تشادويك بالشرطة وقال إن زوجته قتلت على يد عامل أخذه بعد ذلك كرهينة داخل منزلهما، ثم أجبره على قيادة سيارته إلى المكسيك للتخلص من الجثة.

قالت السلطات إنها تعتقد بوجود تشادويك في المكسيك منذ اختفائه واستخدامه مجموعة من الأسماء المستعارة وحصوله على بطاقات هوية جديدة. وكان المليونير والمطور العقاري يمكث في فنادق راقية، لكنه اضطر إلى الانتقال إلى أماكن أكثر تواضعاً عندما طلب منه إبراز هويته.

5- خيمي كورمين – البرازيل

في سنة 2020، وبعد مرور ستة وعشرين عاماً على عدم عودة شابة من سهرة رأس السنة إلى منزلها في بارانكويلا بكولومبيا، تم القبض على قاتلها في البرازيل حيث كان يعيش بهوية مزيفة.

كان خيمي سعادة كورمين هارباً منذ أن اغتصب السيدة وقتلها سنة 1994. وكان واحداً من عدة أشخاص مطلوبين استهدفتهم وحدة دعم التحقيقات الفارين التابعة للإنتربول كجزء من برنامج التعاون بين أوروبا وأميركا اللاتينية ضد الجريمة المنظمة، حيث شهدت العملية قيام ممثلي الشرطة من ثماني دول بإنشاء معسكر مكثف في المكتب الإقليمي للإنتربول في بوينس آيرس لمدة أربعة أيام والتركيز على بعض أكثر الهاربين شهرة. على مدى الأشهر الثلاثة التالية، استفادت الشرطة من هذا العمل، وتبادلت أكثر من 500 رسالة استخباراتية في شأن الهاربين المستهدفين. وقد مكن هذا التعاون الشرطة البرازيلية من تحديد مكان كورمين الذي كان حينها في عمر 57 سنة، إلى جانب 21 شخصاً مطلوبين في جرائم ضد الأطفال والاتجار بالمخدرات والقتل والجرائم الجنسية.

6- أندرو برينت – المملكة المتحدة

دخل أندرو برينت السجن لقضاء عقوبة مدى الحياة بعد إدانته بقتل عاملة عام 1981، لكنه تمكن من الفرار في عام 1995 خلال استراحة ليوم واحد من سجن سادبري بمقاطعة ديربشير.

بعد عامين، نشر إعلان ترويجي لبرنامج "أكثر المطلوبين للعدالة" الذي تعرضه قناة "آي تي في" في إحدى الصحف المحلية، مرفقاً بصورة برينت وتفاصيل هربه على أن البرنامج سيعرض تقريراً يتناول قضيته. أدى ذلك إلى اتصال بعض الأشخاص بخط الجريمة وتقديم معلومات تساعد في تحديد موقع برينت.

قبل ساعات من بث حلقة البرنامج على الهواء أمسية 28 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1997، ألقى ضباط يرتدون ملابس مدنية في مدينة ديفون القبض على برينت، حيث كان يعمل في إحدى صالات بيع السيارات باسم مستعار.

7- ليزلي إيزبن روغا – غواتيمالا

ما يميز قضية ليزلي إيزبن روغا هو أنه أول هارب قبض عليه عن طريق الموقع الإلكتروني لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) الذي وضعه على قائمة المطلوبين عام 1990 بعد ارتكابه أكثر من 30 عملية سطو على مصارف. فر الرجل من الولايات المتحدة بعد عامين وهدأت قضيته، لكن في عام 1996 كان مراهق يعيش في غواتيمالا يستخدم الإنترنت وتصفح موقع مكتب التحقيقات الفيدرالي من باب التسلية. نظر إلى صور المطلوبين ورأى أن أحدهم يشبه بشكل ملحوظ صديقاً للعائلة يدعى "العم بيل"، الذي ساعده على تركيب جهاز الكمبيوتر الخاص به قبل أسابيع. كان الهارب المطلوب هو روغا. بعد أن أبلغ المراهق مكتب التحقيقات الفيدرالي باكتشافه، أجبرت المطاردة والحمى الإعلامية التي اندلعت حينها المجرم الهارب على تسليم نفسه إلى السفارة الأميركية في العاصمة غواتيمالا سيتي. ساعد القبض على روغا باستخدام هذه الأداة التي كانت تعتبر مبتكرة في ذلك الوقت في إقناع مكتب التحقيقات الفيدرالي باستخدام الإنترنت أكثر. واعتبر الفضاء الإلكتروني بعدها سلاحاً دولياً فعالاً في مكافحة الجريمة.

8- دومينيك ريديك – الولايات المتحدة

عام 2003 اتهم دومينيك ريديك بقتل ضابط شرطة في أورلاندو بولاية فلوريدا، إلى جانب عدة هجمات مسلحة فاختفى. أشعل هربه مطاردة شرسة امتدت إلى ولايتين وشارك فيها مئات الضباط. بعد أشهر من البحث، ألقي القبض عليه وحبس.

لكن في عام 2005، وأثناء عملية نقل للسجناء بين سجنين في الولاية، تعطلت الشاحنة بسبب خلل ميكانيكي وأنزل السجناء منها بعد إزالة الأغلال المربوطة بكواحلهم من أجل تسهيل العملية. غافل ريديك الحراس وهرب. قامت الشرطة بعد ذلك ببحث مكثف عنه، لكنه بقي في مناطق المستنقعات قبل أن يتوجه إلى منزل شقيقه في جاكسونفيل بفلوريدا، ثم قاد الشقيق ريديك إلى منزل شخص آخر في منطقة السافانا بجورجيا. بعد نحو خمسة أيام، كانت امرأة تجلس في سيارتها في موقف تابع لأحد المتاجر عندما خرج الهارب من الغابة، ورأته ينبش في القمامة ويخرج قطعة دونات ويأكلها. اتصلت المرأة التي كانت قد سمعت بالقضية بالشرطة وتم إلقاء القبض عليه أخيراً في حالة صحية سيئة ويعاني الجوع والتهاباً رئوياً.

ألهمت قصته فيلماً وثائقياً أنتج عام 2011 بعنوان "كان عليَّ الاختباء في مستنقع" Got to Hide in a Swamp.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

9- نيل ستامر – نيبال

كان لدى نيل ستامر فرصة جيدة للهرب من جرائم التحرش بالأطفال المتهم بها، إذ كان يتقن لغات عدة وسافر كثيراً ويعرف كيف يستطيع الاختباء خارج الولايات المتحدة. على كل، تطلب إلقاء القبض عليه في عام 2014 جهوداً غير عادية من مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد اختفائه لمدة 14 سنة. كان ستامر ساحراً موهوباً وبدأ ممارسة ألعاب الخفة لما كان مراهقاً لتأمين مصروفه، وسرعان ما أصبح مشهوراً على مستوى عالمي. في سن الثانية والثلاثين كان يمتلك متجراً للسحر في نيو مكسيكو، حيث كان يخفي جانباً مظلماً من شخصيته. في عام 1999 اعتقل ستامر بتهم متعددة، بما فيها الاختطاف وجرائم جنسية مع الأطفال. أطلق سراحه بكفالة لكنه لم يحضر المحاكمة، فأصدرت ولاية نيو مكسيكو مذكرة توقيف، وتولى مكتب التحقيقات الفيدرالي المهمة، لكن الخيوط المتوفرة كانت قليلة وهدأت القضية. في عام 2014 كان وكيل خاص في خدمة الأمن الدبلوماسي يختبر برمجيات التعرف إلى الوجه من خلال الصور الموجودة على التأشيرات وجوازات السفر، أثناء ذلك قرر اختبار البرنامج على أكثر المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي. لدهشته، وجد تطابقاً لرجل يحمل اسماً مختلفاً يعيش في نيبال حيث يعمل مدرساً للغة الإنجليزية. ساعدت السلطات النيبالية في جهود مكتب التحقيقات الفيدرالي وقدم ستامر للعدالة.

10- كريس غاي – الولايات المتحدة الأميركية

كريس غاي أشهر من نار على علم بالنسبة إلى قوات الأمن. هرب من وجه العدالة 13 مرة بأكثر الطرق غرابة. على كل حال، انتهت حياته الإجرامية في عام 2007، بعد أن سرق الحافلة المرافقة لجولة المغنية كريستال غايل الغنائية. عثر عليه في اليوم التالي على طريق سريع في فلوريدا، حيث قال إنه مل من الهرب بعد 20 عاماً. بدأت مسيرته الإجرامية عندما كان صغيراً في عائلة جنوبية فقيرة، حيث كان يسرق وشقيقه الدواجن والوجبات الخفيفة من المتاجر المحلية. سرعان ما انتقلا من الأشياء الصغيرة إلى الدراجات الهوائية، ثم الدراجات رباعية العجلات، وأخيراً احترفا سرقة السيارات. كانا يفلتان من السلطات دائماً، لكن في إحدى المرات نقل غاي إلى مركز احتجاز الأحداث. في وقت لاحق، أخرجه العمدة بكفالة لكنه استمر في ارتكاب الجرائم والتهرب من السلطات إلى عام 2007 لما هرب من إحدى وسائل النقل في السجن حتى يتمكن من رؤية والدته التي كانت تحتضر بسبب مرض السرطان. بعد سرقة عدة سيارات، سطا غاي على حافلة كريستال غايل وذهب إلى حلبة دولية للدراجات النارية، حيث ادعى أنه ينقل دراجة السائق توني ستيوارت النارية. غادر بعد أن شك فيه مدير الحلبة الذي أبلغ السلطات عنه. ألقي القبض عليه عندما طلب مساعدة من عاهرة كانت عميلة للشرطة في الواقع. حاول غاي الهرب مرة أخرى في عام 2009، لكن قبض عليه بعد فترة وجيزة.

مثلما هناك ثغرات في القوانين وفي السجون المنيعة والمحصنة وشديدة الحراسة والمجهزة بتقنيات حديثة ومعقدة، هناك حدود لقدرات المجرمين مهما بلغوا من ذكاء وحرص مكنهم من الاختباء لسنين واختراق الأنظمة المعقدة والإفلات من التعقب والملاحقة.

المزيد من تحقيقات ومطولات