Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مذكرات بومبيو: الدفاع عن أميركا بالقوة لا التنازلات

ترمب قال لماكرون احكم بلدك وتوقف عن استجداء إيران وحيدر العبادي رفض دعم واشنطن خوفاً من بطش سليماني

يقدم بومبيو في كتابه الجديد روايته لأبرز الأحداث التي عايشها من لقائه السري بزعيم كوريا الشمالية إلى مقتل سليماني (أ.ف.ب)

في كتابه "لا تتزحزح عن موقفك، القتال من أجل أميركا التي أحب"، يخلع وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو قبعة الدبلوماسية، ليظهر بوضوح أكبر جانبه القوي الذي عرف عنه أثناء قيادته الـ "سي آي أي" ثم وزارة الخارجية، فمن خلال فصول الكتاب الـ 17، يفتعل بومبيو المشكلات ليس مع الأعداء فحسب، بل حتى مع أصدقاء الأمس.

يصف الكاتب الأميركي الفائز بجائزة بوليترز تيم واينر الكتاب قائلاً، إنه ليس مملاً مثل كتب الحملات الانتخابية، بل هو "أكثر تسلية وأهمية"، وهذا لأن القارئ سيدرك بعد قراءته ما استنتجه دونالد ترمب عندما قال عن بومبيو وهو أحد سواعده المخلصة، "لقد كنت لئيماً ابن العاهرة"، في أعقاب نبش تصريحات قديمة لبومبيو هاجم فيها الرئيس السابق.

يقتبس بومبيو في كتابه الصادر حديثاً ما قاله ترمب ويعتبره مديحاً، قبل أن يبدأ في تمثل تلك الصفات التي يرى أنها تعكس قوته وصراحته التي لا يتنازل عنهما في معركته من أجل أميركا، مسدداً الضربات التي تثير حنق الأقربين في واشنطن قبل البعيدين في أقاصي الشرق والغرب، فها هو هنا يكرر إسقاطاته على زميله في إدارة ترمب جون بولتون، "الخائن" على حد وصفه، وينال من زميلته السفيرة لدى الأمم المتحدة سابقاً نيكي هايلي متهماً إياها بالتواطؤ للإطاحة بنائب الرئيس مايك بنس وسرقة منصبه، والأهم من مناوشات الزملاء، يقدم وزير الخارجية السابق روايته للأحداث البارزة التي عايشها في عهد ترمب، من لقائه السري بزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون إلى توصيته باستهداف قاسم سليماني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ترمب لـ ماكرون: "احكم بلدك"

يذكر بومبيو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ظن خطأً أنه "الهامس" في أذن ترمب، فأوقع نفسه تحت سياط ردود الرئيس السابق النارية، وتحديداً عندما كرر ماكرون الساعي وقتها لإنقاذ الاتفاق النووي محاولته إقناع ترمب في عام 2019 بلقاء الرئيس الإيراني آنذاك حسن روحاني. 

يقول وزير الخارجية السابق إن ترمب تفجر غاضباً من ماكرون، قائلاً له "توقف، توقف عن الاتصال بي. توقف عن الاتصال بهم (الإيرانيين) واستجدائهم، تبدو مثل فتاة صغيرة ضعيفة! احكم بلدك أو سيقوم بذلك (أصحاب) السترات الصفراء"، في إشارة إلى الحركة المعارضة التي تطالب بخفض الضرائب، وتحسين أوضاع المعيشة في فرنسا.

العبادي عن سليماني: سيقتلني

أفرد بومبيو مساحة كبيرة في كتابه للحديث عن إيران وكواليس الغارة التي قضت على قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

يقول وزير الخارجية الأميركي السابق إن سليماني أقام شبكة سياسية واسعة في الشرق الأوسط، ويستشهد بلقائه رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي في قصره عام 2017، عندما حذره بومبيو من العقوبات الأميركية لو استمر العراق في استيراد الكهرباء من إيران، وسأله "إذا عرضت الولايات المتحدة دعماً مالياً، فهل سيتوقف العراق عن استيراد الكهرباء من إيران؟

يذكر بومبيو أن العبادي نظر إليه مباشرة وقال، "بعدما تغادر سيأتي قاسم سليماني لرؤيتي، ربما بإمكانك أخذ أموالي، لكنه سيسلب مني حياتي".

يحضر سليماني في كتاب بومبيو في مواضع أخرى، في أحدها تحدث الوزير السابق عن إرساله رسالة شديدة اللهجة إلى سليماني حذره فيها من استهداف الأميركيين، وذلك عندما كان رئيساً للاستخبارات، لكن الحدث الأهم جاء بعد سنتين من تلك الرسالة وتحديداً في ديسمبر (كانون الأول) عام 2019، عندما أوصى بومبيو الذي أصبح وزيراً للخارجية ترمب في قصره في مارالاغو رفقة وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة باستهداف سليماني.

 

قال بومبيو في تلك الجلسة لترمب، "سليماني يسافر من بيروت إلى دمشق وبغداد، يسافر في رحلات تجارية، ونحن نعرف مسار رحلته، إنه يخطط لقتل  مزيد من الأميركيين، ولدينا الأدوات اللازمة لمنعه من قيادة هذه الجهود المميتة، لقد أسقطوا طائرتين من دون طيار أميركيتين، وأطلقوا صواريخ باليستية على السعودية، وقتلوا أخيراً مواطناً أميركياً، كل ذلك بأمر الجنرال سليماني، حان الوقت لإيقاف عهده المميت، هذا هدف عسكري مشروع ".

ويسترجع اللقاء قائلاً إن "ترمب أدرك الخطر، وإن الوقت قد حان لضغط الزناد". وبعدما أطلع رئيس هيئة الأركان مارك ميلي ووزير الدفاع وقتها مارك إسبر الرئيس على الخطة المقترحة، أكد بومبيو أنه مستعد للتواصل مباشرة مع الإيرانيين بعد الضربة لتوضيح أنها لم تكن محاولة لقطع رأس النظام، على رغم أن واشنطن مستعدة للتصعيد إذا كانت هذه هي رغبتهم.

وقال المسؤول السابق إنه كان مقتنعاً بخطة قتل سليماني، التي كانت تتطلب السيطرة على المجال الجوي حول المطار لمدة خمس دقائق وتجنب سقوط مدنيين، وأضاف، "المدنيون الوحيدون المحتمل تعرضهم للأذى هم أولئك الذين كانوا على متن طائرة سليماني التجارية، كنا ننتظر أن ينزل سليماني من الطائرة ويدخل سيارته، ويبتعد قدر الإمكان من تلك الطائرة قبل مغادرة المطار".

واستذكر بأنه عندما أعطى الرئيس ترمب الضوء الأخضر للخطة، وهم الجميع بالمغادرة، انفرد بومبيو بالرئيس وقال له بعد تفكير، " تذكير آخر، سنوجه صاروخاً من مسافة ستة آلاف ميل ليضرب مطاراً دولياً، لم نقم بهذا من قبل". نظر الرئيس إليه مباشرة وأومأ برأسه، من دون أن يتفوه بكلمة، لكن عينيه بحسب بومبيو كان تصرخ محذرة من الفشل في تنفيذ العملية.

كيم لبومبيو:" كنت تحاول قتلي"

وتطرق رئيس الـ "سي آي أي" السابق إلى اجتماعه السري مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في عام 2018، وأشار إلى الترحيب الغريب الذي تلقاه في بيونغ يانغ، قائلاً إن الزعيم الكوري الشمالي رحب به قائلاً، "لم أعتقد أنك ستحضر، أعلم أنك كنت تحاول قتلي".

واستذكر بومبيو الاجتماع قائلاً، "لقد استعددت أنا وفريقي لهذه اللحظة، ولكن مزحة عن الاغتيال لم تكن على قائمة الأشياء التي قد يستخدمها للترحيب"، إلا أن الدبلوماسي الأميركي رد بالمثل وببعض الفكاهة، قائلاً، "مازلت أحاول قتلك". وبحسب رواية الكتاب، ظل كيم مبتسماً في الصورة التي التقطت بعد ثوان من هذا الترحيب الغريب، وبدا واثقاً من أن ضيفه يمزح.

"تحت رحمة الحزب الشيوعي"

وعند الحديث عن الصين، بدا بومبيو أقل حذراً من مخالفة ترمب أو روايته للأحداث، إذ ذكر أن الرئيس السابق أخبره أن يخفف من لهجته تجاه الصين، في بداية تفشي وباء كورونا، لتجنب إغضاب الرئيس شي جينبينغ، مشيراً إلى أن الأخير عبر في مكالمة مع ترمب عن انزعاجه من تصريحات بومبيو واعتبره تهديداً لاتفاق المرحلة الأولى من الاتفاقية التجارية بين الطرفين.

وبعد المكالمة مع الرئيس الصيني، تحدث ترمب لبومبيو وقال، "مايك، هذا الرجل اللعين يكرهك!"، وطلب منه التوقف عن مهاجمة الصين، مشيراً إلى أن ذلك "يعرضنا جميعاً للخطر"، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الولايات المتحدة كانت وقتها بحاجة إلى معدات صحية وقائية من الصين.

وأوضح بومبيو أنه احترم رغبة ترمب في التوقف عن انتقاد الصين، لكنه "قال الحقيقة" في شأن الوضع، وأضاف، "كنا بحاجة إلى معدات صحية وتحت رحمة الحزب الشيوعي الصيني للحصول عليها".

وبحسب تحليل نشره موقع "سيمافور" الإخباري، لم يقدم بومبيو رواية مطابقة لما يظهره ترمب علناً بأنه ذو نهج صارم مع الصين، بل صور الرئيس السابق بأنه يفضل مقاربة "أكثر ودية" مع جينبينغ، كما أعرب الوزير السابق عن امتعاضه من التغريدة التي نشرها ترمب في يناير (كانون الثاني) 2020، وشكر فيها الصين على جهودها لاحتواء فيروس كورونا، وأنهاها بعبارة "نيابة عن الشعب الأميركي، أود أن أشكر الرئيس شي".

مستعد للشهادة ضد بولتون

ومن خصوم أميركا الخارجيين إلى أعداء الدائرة المقربة من ترمب في الداخل، كرر بومبيو هجومه على مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون واتهمه بالخيانة والتآمر ضد أجندة إدارة ترمب، داعياً إلى محاكمته بتهمة "إفشاء معلومات سرية"، وقال، "آمل أن أتمكن يوماً ما من الشهادة في محاكمة جنائية" ضد بولتون، وذكر وزير الخارجية السابق أن علاقته مع بولتون كانت "سيئة"، وعلى رغم أنه "يحترم التزامه الدفاع عن أميركا" إلا أنه أشار إلى سمعة بولتون بوصفه "شخصاً يصعب التعامل معه"، مضيفاً، "لقد اهتم بنسب الفضل لنفسه ورعاية غروره أكثر بكثير من اهتمامه بتنفيذ توجيهات الرئيس".

وقارن بومبيو بين بولتون وإدوارد سنودن، الذي سرب معلومات سرية من وكالة الأمن القومي، مشيراً إلى أن سنودن لم يكذب في شأن دوافعه، في حين صور بولتون كتابه بأنه وجد لـ "إنقاذ أميركا من دونالد ترمب"، من دون أن يكشف حقيقة أنه "أراد كسب المال"، وقال إن نشر بولتون لقصص احتوت محادثات سرية وحساسة هو "تعريف الخيانة".

من جانبه، رد مستشار الأمن القومي السابق على انتقادات بومبيو في مقابلة هذا الأسبوع مع شبكة "سي أن أن"، ودافع عن كتابه وقال إنه خضع لمراجعة قانونية ما قبل النشر، إذ اطلع عليه مسؤول رفيع المستوى في مجلس الأمن القومي، ووجد أنه لا يحتوي على معلومات سرية.

نيكي هايلي حاولت إطاحة بنس

وزعم بومبيو بأن السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سابقاً نيكي هايلي خططت مع إيفانكا ترمب وزوجها جاريد كوشنر لإطاحة مايك بنس، وتسميتها نائبة للرئيس، مشيراً إلى أنه علم من خلال جون كيلي، رئيس موظفي ترمب آنذاك، أن هيلي حددت موعداً لعقد اجتماع مع الرئيس لمناقشة ما زعمت أنه مسألة شخصية، وبدلاً من لقاء الرئيس وحدها، التقته بحضور كوشنر وإيفانكا ترمب.

ولفت المسؤول السابق إلى احتمال أن الاجتماع كان يهدف لاستعراض وبحث إمكان تعيين هيلي نائبة للرئيس، وأن كيلي كان متأكدا أنه "تعرض للتلاعب، ولم يكن سعيدا بذلك"، وأضاف، "من الواضح أن هذه الزيارة لم تعكس جهداً جماعياً، لكن قوضت عملنا من أجل أميركا".

من جانبها انتقدت هايلي، التي يتوقع أن تنافس بومبيو على بطاقة الحزب الجمهوري في الانتخابات المقبلة في حال ترشحهما ما وصفته بـ "الأكاذيب والقيل والقال" لترويج الكتاب، وقالت، "لا أعرف لماذا قال ذلك، لكن هذا هو بالضبط سبب بقائي خارج العاصمة قدر الإمكان للابتعاد عن الدراما"، مشددةً على الصداقة الودية التي تجمعها بنائب الرئيس السابق.

ونشر بومبيو كتابه وسط تكهنات حول رغبته خوض الانتخابات الرئاسية في عام 2024، وقال بومبيو في مقابلة مع "سي بي أس نيوز" يوم الثلاثاء الماضي إنه يفكر في الترشح للرئاسة في عام 2024، لكنه لم يتخذ قراره بعد، مؤكداً أن ترشح ترمب من عدمه لن يؤثر في قراره.

المزيد من كتب