Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصة "ابتزاز" صحافيين فرنسيين الدولة المغربية

لوران وغراسيي ينكران تسجيلاً صوتياً لدى المملكة يتضمن تهديدهما بنشر كتاب تجاري عن البلاد ما لم يحصلا على مليوني دولار

وفود مغربية تحتفل بذكرى مراسم بيعة محمد السادس أمام القصر الملكي بالرباط   (أ ف ب)

"أين الابتزاز يا سيادة الرئيس؟"، بهذا التساؤل حاول المؤلف والصحافي الفرنسي السابق إيريك لوران الدفاع عن نفسه أمام المحكمة الجنائية لباريس حيال التهمة التي تلاحقه منذ أعوام وتتعلق بطلب رشوة مالية ضخمة تناهز مليوني يورو (2.16 مليون دولار) مقابل التخلي عن نشر كتاب محرج عن العاهل المغربي الملك محمد السادس.

ليس لوران (75 سنة)، المراسل السابق لـ"راديو فرنسا" وصحيفة "لو فيغارو"، في هذا الملف الساخن وحده، بل معه في قفص الاتهام نفسه الصحافية الفرنسية كاثرين غراسيي (48 سنة) مؤلفة كتب عدة عن البلدان المغاربية، وهما معاً متابعان بتهمة ابتزاز القصر الملكي المغربي منذ عام 2015.

وينتظر الصحافيان الفرنسيان موعد 14 مارس (آذار) المقبل لمعرفة مصير هذا الملف اللذين وجدا نفسيهما متورطين فيه بشكل كامل، في وقت التمست النيابة العامة في محكمة باريس الحكم عليهما بالسجن عاماً مع وقف التنفيذ وغرامة مالية تقدر بـ15 ألف يورو (16.2 ألف دولار).

اعتراف بأخطاء

وعلى رغم نفي إيريك لوران تعمده ارتكاب أي جريمة جنائية تتعلق بالابتزاز ضد ملك المغرب، غير أنه في المقابل أقر باقتراف "خطأ أخلاقي" وفق تعبيره وهو جالس على كرسي أمام القاضي الفرنسي لكونه "وافق" على "التورط في هذه القضية".

من جانبها ألقت الصحافية كاثرين غراسيي بالتهمة في ملعب المغرب وقالت أمام القاضي إن "مرسول الدولة المغربية أغواني بعرضه المالي السخي" قبل أن تعترف بقولها "لقد غطست في هذه القضية وأنا نادمة على هذا الأمر".

ويبدو أن كل طرف في هذه القضية ظل متمسكاً بموقفه، فالصحافيان الفرنسيان ينفيان تهمة ابتزاز الرباط مالياً مقابل التخلي عن مشروع كتاب يضم، وفقاً لهما، معطيات محرجة عن المملكة، بينما محامو الدولة المغربية يرون أن جرم الابتزاز متوافر بالنظر إلى تسجيلات في حوزة محامي البلاد هشام الناصري.

وتعود القصة لعام 2015 فبعد تأليف لوران وغراسيي عام 2012 كتاباً عن العاهل المغربي تحت عنوان "الملك المفترس" ظل نشره "محظوراً" في المغرب، ارتأيا أن يستكملاه بكتاب جديد عن المملكة بالاتفاق مع دار النشر "لوسوي" Le Seuil (العتبة)، يضم معطيات في شأن ما وصفها بأسرار داخل دواليب القصر الملكي.

اتهامات متبادلة

الصحافي لوران استحضر ما حدث أمام محكمة باريس عندما اتصل في صيف 2015 بالسكرتارية الخاصة للعاهل المغربي لترتيب موعد ولقاء تم في أحد مقاهي العاصمة باريس بين الصحافيين ومبعوث القصر حينها المحامي هشام الناصري.

وفق رواية لوران، فإنه خلال اللقاء عرض على مبعوث الدولة المغربية محتويات مشروع الكتاب الذي كان يعتزم تأليفه ونشره برفقة غراسيي، كما شرح له أنه يضم معطيات عن "توترات داخل العائلة الملكية" و"اختلاسات مالية لشركات عمومية في البلاد"، وفق لوران الذي يضيف إلى روايته تلك أمام القاضي الفرنسي أن "مبعوث القصر المحامي هشام الناصري قاطع حديثه وقال له ’إن كل هذا لا يناسبنا‘، وأنه بسرعة تحولت دفة الحديث إلى موضوع الصفقة لوقف نشر الكتاب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رواية الصحافي لوران سرعان ما دحضها رالف بوسيي، أحد محامي الدولة المغربية في هذا الملف، إذ صرح في قاعة المحكمة بأن "مشروع الكتاب لم يكن موجوداً أبداً، لأنه لم تكن لديهم أي عناصر لكتابة معطيات يمكن أن تهز أو ترعب المملكة المغربية. أين هي؟ لا يوجد شيء"، وفق المحامي.

ولم يقف بوسيي عند هذا الحد في نسف رواية لوران وشريكته في الكتابة و"تهمة الابتزاز"، بل قال إن محاولة الابتزاز التي قام بها الصحافيان المذكوران كانت فرصة لهما من أجل "تغيير حياتهما"، في إشارة إلى حاجتهما إلى المال وطلب مبلغ مليوني يورو (2.16 مليون دولار).

إغراء الكتابة عن المغرب

اللقاء الذي تم في يوليو (تموز) 2015 في "مكان ما" وسط باريس، تبعه لقاءان آخران يومي 21 و27 أغسطس (آب) من العام ذاته بين الصحافيين الفرنسيين ومبعوث المغرب حينها المحامي هشام الناصري، لكن تحت مراقبة محققين من الشرطة الفرنسية بعدما رفعت الرباط وقتها شكوى حول الموضوع.

وفي اللقاء ذاته، تورد تقارير إعلامية أن لوران وغراسيي وقعا على اتفاق مع الطرف المغربي بقيمة مليوني يورو مقابل التخلي عن نشر الكتاب المذكور ولكنهما أوقفا وفي حوزتهما 40 ألف يورو (43.2 ألف دولار) نقداً لكل واحد منهما بعد انتهاء اجتماعهما مع موفد القصر الملكي الذي سجل هذه اللقاءات من دون علم الصحافيين الفرنسيين، غير أن لوران لا يزال متشبثاً بزعمه أن "التسجيل مزيف".

وتخصص لوران وزميلته أيضاً في تأليف كتب عن المغرب، خصوصاً عن العائلة الملكية، باعتبارها مواضيع تحظى بمقروئية كبيرة في فرنسا وخارجها أيضاً، تجعل من مثل هذه الكتب رائجة تجارياً، لكن المغرب ظل ينتقد دائماً المزاعم والاتهامات من دون أدلة التي تحتويها مثل هذه الكتب.

وسبق لإيريك لوران أن ألف كتابه الشهير "ذاكرة ملك" عن الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان عبارة عن "جولة في عقل" الملك الراحل وآرائه حيال قضايا عدة وشهادته على ما عاصره من أحداث، خصوصاً محاولتي الانقلاب في 1971 و1972، بينما اشتهرت غراسيي بكتابها "حاكمة قرطاج" الذي خصصته لأسرار في حياة زوجة الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير