صرح نواب محافظون لـ"اندبندنت" أن العودة السياسية التي أشيع عنها لبوريس جونسون تلقت ضربة قاتلة من خلال الادعاءات بأن رئيس الوزراء آنذاك كان يطلق النكات بشأن حضور حفل "غير متباعد اجتماعياً" في "داونينغ ستريت" [مقر الحكومة] خلال القيود التي كانت مفروضة في ظل جائحة كورونا.
وقال عدد من النواب المحافظين إن التصريحات المزعومة التي نسبت لرئيس الوزراء السابق في الحدث الذي جرى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، التي لم ينفها المتحدث باسمه، تزيد من احتمالية إيجاده مذنباً في تضليل البرلمان بشأن التحقيق المرتقب في قضية "بارتي غيت" Partygate.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال جونسون لطاقم العمل في الحفل الذي أقيم على شرف مدير الاتصالات المنتهية ولايته لي كاين إن الحفل كان "أكثر حفل غير متباعد اجتماعياً في المملكة المتحدة حالياً" بحسب ما نقلت مدونة (بودكاست) "آي تي في" (ITV) التي حملت عنوان "بارتي غيت: ذا انسايد ستوري" (Partygate: The Inside Story).
وقال نائب ينتمي إلى حزب المحافظين إن الادعاء سيجعل من الصعب لجونسون الإفلات من العقاب عندما ينتهي التحقيق الذي تجريه لجنة الامتيازات. وصرح النائب لـ"اندبندنت" قائلاً: "إنه المسمار الأخير في نعش عودته الذي خلقه بنفسه".
وفي سياق متصل، قالت إحدى الشخصيات البارزة وهو وزير سابق: "سيجعل هذا الأمر التحقيق الذي تجريه لجنة الامتيازات أكثر صعوبة بالنسبة إلى بوريس، إذا تم تأكيد الأمر، من الواضح أنه كان يعلم ماذا يجري". وأضاف: "أشعر بالقلق من أن بعض مناصريه غافلون عن الحقيقة وقد يحاولون القيام ببعض الاضطرابات غير الضرورية من خلال الاستمرار بدعمه. لا أرى بأن عودته ستكون أمراً معقولاً".
ومن جهته، قال النائب في حزب المحافظين غاري ستريتر: "من غير المنطقي تصور أنه سيقودنا مجدداً. النواب المحافظون لا يريدونه، لقد حظينا بشخصية أفضل منه".
وعبر عديد من الشخصيات البارزة في حزب المحافظين عن قلقها أنه في حال نجح جونسون في تخطي تحقيق النواب وإتمام العودة إلى السلطة، فإن موجة "بارتي غيت" لن تنتهي أبداً. وقال أحد الوزراء الحاليين: "مزيد من القصص عن بوريس؟ إنها مفاجأة حتماً".
وستحظى لجنة الامتيازات بالفرصة لاستجواب جونسون بقسوة حول إذا ما كان ضلل البرلمان بشأن معرفته عن أحداث "بارتي غيت" في جلسات الاستماع المقبلة التي يتوقع أن تبدأ في شهر فبراير (شباط) المقبل.
وعندما سؤل جونسون عام 2021 عن الحفل الذي أقيم في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، قال أمام مجلس العموم، وكان مايزال حينها رئيساً للحكومة، إنه كان متأكداً بأن "التوجيهات والقواعد كانت متبعة بحذافيرها طوال الوقت".
وقال مصدر حضر الحفل لمدونة "آي تي في" الصوتية (بودكاست): "كنت أعمل لوقت متأخر... وسمعت رئيس الحكومة يتحدث وعندها سمعته يقول إنها أكثر مناسبة تحصل من دون أدنى تباعد اجتماعي في المملكة المتحدة حالياً، وكان الجميع يضحكون لكلامه".
وفي حال أصدرت لجنة الامتيازات المؤلفة من سبعة أعضاء حكمها ضد جونسون، قد توصي بتعليق عمله كنائب وهو أمر خطر من شأنه أن يهدد بإجراء انتخابات فرعية في دائرته الانتخابية أوكسبريدج ورويسليب. ولكن سيتوجب على النواب أن يصوتوا بشأن العقاب الذي ستتم التوصية به.
ولم يجب المتحدث باسم رئيس الوزراء السابق بشكل مباشر عندما سئل عما إذا كان جونسون قام بالمزاح بشأن الحفل واصفاً إياه بأنه "غير متباعد اجتماعياً".
وقال المتحدث باسم جونسون: "خلال جائحة كورونا، قاد بوريس جونسون بلدنا عبر أخطر أزمة واجهته في أوقات السلم في الذاكرة الحية. كونه رئيساً للوزراء خلال حالة طوارئ وطنية امتدت على مدار الساعة، عمل بشكل مستمر لضمان قيام حكومته بكل ما أمكنها ضمن السلطات الممنوحة لها لإنقاذ الأرواح وحماية سبل العيش".
وأشارت مصادر مقربة من جونسون إلى أنه اعتقد فعلاً بأنه تم الالتزام بالقواعد في حفل وداع كاين. رئيس الوزراء السابق كان قد تم تغريمه أيضاً لحضوره عيد ميلاده في قاعة مجلس الوزراء في يونيو (حزيران) 2020، لكن ذلك لم يشمل حفل 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
وأتى الكشف عن ذلك وسط عديد من الادعاءات الجديدة الدامغة، بما فيها ادعاءات بأن طاقم العمل في "داونينغ ستريت" دمر الأدلة المرتبطة بالحفل كما شوهد بعض منهم "يتسكعون" في حفل صاخب ومليء بالخمور عشية مراسم دفن الأمير فيليب في أبريل (نيسان) 2021.
وقال أحد المصادر للمدونة إنه تم التخلص من المستندات والأدلة الرئيسة المرتبطة بالحفلات قبل تحقيق مكتب الحكومة بقيادة كبيرة موظفي الخدمة المدنية سو غراي والتحقيق المحتمل الذي ستجريه الشرطة.
وقال المصدر: "انتشر شعور وتبعات أنه يجب علينا البدء في حذف الأدلة قبل أن يكون هناك تحقيق. وبدأ كثير من الناس في تمزيق المستندات والتخلص من الأشياء. وبدأ أي دليل على الأحداث يختفي".
وصرح المبلغون عن المخالفات للبودكاست بأن طاقم العمل "وحد القصص التي رواها" قبل ملء استجوابات الشرطة بشأن تورطهم المحتمل في حضور تجمعات تنتهك القانون والأنظمة.
وفي يناير (كانون الثاني)، كشفت "اندبندنت" عن أن المسؤولين في "داونينغ ستريت" أخفوا أدلة عن فريق غراي بعد أن شعروا بالخوف، كما تم حذف التسجيلات على مجموعات "واتساب".
واعتبر حزب العمال بأن آخر ادعاءات قضية "بارتي غيت" تظهر لما كان جونسون "غير ملائم تماماً لتولي منصبه" متهماً إياه بالكذب على الشعب حول كيفية كسره للقواعد "باستهتاره".
وفي هذا الإطار، قال متحدث باسم حزب العمال: "بينما كان الأشخاص عاجزين عن توديع أحبائهم... كان جونسون يكسر القواعد التي فرضها. ولدينا اليوم مزيد من الأدلة التي تظهر أنه قام بذلك باستهتار تام وكذب على الشعب البريطاني في هذا السياق".
وقال الحزب الديمقراطي الليبرالي بأنه يتوجب على رئيس الحكومة الحالي ريشي سوناك أن يقدم دليلاً حول "كل ما يعرفه بشأن انتهاك القواعد في ’داونينغ ستريت‘، بما في ذلك التقارير التي تفيد بأنه تم التخلص من الملفات وتمزيقها".
وقالت رئيسة الحزب، النائبة ويندي تشامبرلين: "تؤكد هذه الاكتشافات الصادمة بأن بوريس جونسون تجاهل بشكل كلي القوانين التي طلب منا الالتزام بها. بعد كل التضحيات التي قدمها الشعب البريطاني، أعتقد أنه يستحق سماع الحقيقة وليس مزيداً من الكذب والتستر".
في غضون ذلك، برز إلى العلن بأن جونسون كان يقيم في منزل تعود ملكيته إلى زوجة أحد المانحين الأثرياء في حزب المحافظين في إحدى أرقى المناطق في لندن.
وقالت صحيفة "ديلي ميرور" Daily Mirror إن رئيس الوزراء السابق كان يقيم في الشقة الواقعة في نايتسبريدج "على بعد خطوات من متاجر هارودز" الشهيرة، وتملكها الليدي بامفورد زوجة مالك شركة "جي سي بي" (JCB) اللورد بامفورد.
وفي معلوماته في سجل المصالح المالية للمسؤولين، أعلن جونسون استخدامه منزلاً قدمته الليدي بامفورد الذي تقدر قيمة تأجيره الشهرية بحوالى 10 آلاف جنيه استرليني (12 ألف دولار) لمدة ثلاثة أشهر منذ بداية سبتمبر (أيلول) الماضي.
ونفى مصدر قريب من جونسون مزاعم الصحيفة أنه كان يسكن في الشقة من دون مقابل ورفضت الإيحاء بأنه لم يصرح بشكل صحيح عن قيمة التبرع. وقال المتحدث: "إن مصالح بوريس جونسون كافة بما فيها أماكن السكن مسجلة بشكل مناسب ومنشورة في سجل مصالح المسؤولين المالية".