Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يصنع برلمان الـ800 ألف صوت مستقبل تونس؟

يرى متابعون أن المشاركة الضعيفة كشفت عن عمق الهوة بين النخب السياسية وعموم الشعب

تؤشر نسبة التصويت الهزيلة إلى بوادر أزمة سياسية ربما تربك المسار الذي وضعه الرئيس (أ ف ب)

أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت، السبت 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022، بلغت 8.8 في المئة واعتبرت أن هذه النسبة هي الأضعف في تاريخ الانتخابات بالبلاد وتؤشر إلى عمق الأزمة السياسية التي تتخبط فيها منذ 2011 إلى اليوم.

لم تنجح النخب السياسية في تونس بعد 2011 في رسم ملامح مشروع سياسي جديد يلتف حوله التونسيون ويقطع مع ما كان سائداً قبل 2011، وفقد معظم التونسيين الأمل في الطبقة السياسية التي حكمت البلاد بعد الثورة بمختلف مشاربها السياسية والفكرية.

اليوم تدشن تونس محطة جديدة في مسار 25 يوليو بنسبة مشاركة ضعيفة في الانتخابات التشريعية، فهل يكفي 800 ألف صوت لتشكيل برلمان يرسم ملامح تونس المستقبل ويضع ترسانة التشريعات الضرورية للنهوض ببلد تحاصره الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية؟ وهل تؤشر هذه النسبة إلى بوادر أزمة سياسية حقيقية ربما تربك المسار الذي وضعه رئيس الجمهورية؟

المشاركة الأضعف

ويجمع المتابعون للشأن العام في تونس على أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية 2022 هي الأضعف في تاريخ الانتخابات التشريعية بالبلاد وهو ما يؤكده العضو السابق في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عبدالجواد الحرازي في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، إذ قال إنه "كلما كانت نسبة المشاركة ضعيفة كلما تقلصت مشروعية البرلمان"، لافتاً إلى أن "القانون في تونس لا ينص على سقف محدد لنسبة المشاركة لتشكيل البرلمان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أن "المشاركة الضعيفة تعود لمقاطعة معظم الأحزاب للانتخابات وعدم وضوح رؤية المشهد السياسي في تونس بعد 25 يوليو، علاوة على ما تضمنه القانون الانتخابي من شروط وأيضاً الظرف السياسي والاجتماعي الذي جرت فيه عملية التصويت، إضافة إلى حال اليأس التي تسكن التونسيين إزاء النخبة السياسية، بخاصة من قبل الشباب"، مشيراً إلى "الإقبال الضعيف من النساء (270 ألف امرأة) فلم تتجاوز نسبة مشاركتهن خمسة في المئة من الجسم الانتخابي وهي نسبة ضعيفة جداً".

ويرى الحرازي أنه في "الدول الراسخة في الديمقراطية التي تضع سقفاً لنسبة المشاركة فإن هذه النسبة (8.8 في المئة) لا يمكن أن ينشأ عنها برلمان".

رسالة قوية

في السياق، يتبنى النائب السابق في البرلمان والكاتب الصحافي هشام الحاجي الرأي نفسه، معتبراً أن "نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية في تونس تؤشر إلى أزمة حقيقية بين الشعب التونسي والطبقة السياسية" ولافتاً إلى أن "نسبة المشاركة العالية تعطي دفعاً للبرلمان".

ويرى أن "العزوف عن المشاركة رسالة قوية لكل الطبقة السياسية التونسية تؤشر إلى قطيعة حقيقية بين التونسيين والنخب السياسية بينما تتنامى معاناة الشعب الذي يواجه ظروفاً صعبة اقتصادياً واجتماعياً".

وأكد الحاجي أن "عدداً من الأحزاب والشخصيات التي ظهرت منذ 2011 عجزت عن أن تلعب دوراً في المشهد السياسي وتبتكر حلولاً لمعضلات التونسيين الاقتصادية والاجتماعية، وبينها حركة النهضة وبقية الأحزاب التي تخسر قواعدها شيئاً فشيئاً".

ويعتبر الحاجي في "فتح حوار وطني شامل وإقالة الحكومة الحالية واعتذار رئيس الجمهورية وصياغة أجندة سياسية واقتصادية تتوج بعد سنة أو سنة ونصف السنة بانتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها، الحل للأزمة السياسية في تونس".

أمام ضعف المشاركة في الانتخابات التشريعية، دعت أحزاب سياسية معارضة في البلاد إلى تنحي رئيس الجمهورية قيس سعيد عن السلطة وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، لكن لم يصدر عن الجهات الرسمية في البلاد أي تعليق على هذه المطالب.

طبقة جديدة

في مقابل الشعور بعمق الأزمة السياسية في تونس، قال رئيس حزب "التحالف من أجل تونس" سرحان الناصري في تصريح خاص إن "الطبقة السياسية الجديدة التي بدأت تتشكل في البلاد ستقطع مع الممارسات التي كانت سائدة خلال العشرية الأخيرة والتي تعتمد المال السياسي والرشى الانتخابية".

ويحمل الناصري مسؤولية العزوف عن المشاركة السياسية للأحزاب التي حكمت تونس قبل 25 يوليو 2021 والتي عمقت الهوة بين الطبقة السياسية والتونسيين، معبراً عن أمله في أن "يتنامى الإقبال على صناديق الاقتراع في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية".

وشدد على أن "الطبقة السياسية الجديدة التي بدأت تتشكل في تونس ستواصل المسار الذي دشنه رئيس الجمهورية قيس سعيد وستعمل على إنقاذ البلاد اقتصادياً واجتماعياً".

من جهته يرجع رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات التشريعية إلى خلوها من المال السياسي، قائلاً إن "السبب الرئيس والواضح هو تغير نظام الاقتراع وانعدام المال السياسي في الحملات الانتخابية".

وأضاف خلال ندوة صحافية "للمرة الأولى نشهد انتخابات وحملات نقية من المال السياسي وخالية من الشوائب ونظيفة من الأموال الأجنبية والسياسية المشبوهة ومن توظيف وسائل الإعلام".

وأردف أن "المرشحين الـ1055 قاموا بجهود فردية لاستجلاب أصوات الناخبين المسجلين، استناداً إلى نظام الاقتراع على الأفراد، وفي ظل غياب مجموعات الضغط الحزبية والمالية واستعمال الموارد العمومية للدولة".

المزيد من تقارير