Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقاطعة الانتخابات التونسية نصر للمعارضة أم إدانة لانقسام السياسيين؟

نسبة المشاركة لم تتجاوز 8.8 في المئة وهيئة الاستحقاق البرلماني تشيد وخصوم سعيد يطالبونه بالاستقالة

رئيس الهيئة الانتخابية التونسية فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي عقب مقاطعة ساحقة لبرلمان بلا صلاحيات (أ ف ب)

أغلقت مكاتب الاقتراع في تونس أبوابها، السبت 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في انتخابات برلمانية مبكرة شهدت مقاطعة واسعة، مما يثير تساؤلات حول مصير الصراع بين الرئيس قيس سعيد والمعارضة.


وقال المتحدث الرسمي باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري، في مؤتمر صحافي عقب نهاية الاقتراع، إن "النسبة لم تتجاوز 8.8 في المئة بمعدل أكثر من 800 ألف مشارك في الاقتراع". فيما طالبت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس الرئيس قيس سعيد بالاستقالة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، وقالت إنه "فقد الشرعية بعد أن جاءت النسبة الأولية للإقبال في الانتخابات البرلمانية التي أجريت السبت أقل من تسعة في المئة".

والاقتراع جزء من سلسلة من التغييرات السياسية التي أجراها سعيد منذ أن حل البرلمان السابق العام الماضي وأعاد صياغة الدستور في تحركات وصفها منتقدوه بأنها انقلاب.

إشادة بالانتخابات

على رغم نسبة المقاطعة التي يرى البعض أنها كانت متوقعة نظراً إلى مقاطعة غالبية القوى السياسية للانتخابات فإن هيئة الانتخابات سارعت للإشادة بها، إذ أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، إنه "للمرة الأولى في تونس تجرى انتخابات نظيفة وخالية من الشوائب. الانتخابات التشريعية نقية من الأموال الأجنبية والمشبوهة والسياسية". ولفت إلى أنه لو "تم الإبقاء على الإطار القانوني السابق للتمويلات لكانت النسب مماثلة لنظيرتها التي تم تسجيلها في الاستحقاقات الانتخابية السابقة".

وكان الرئيس التونسي قد أصدر قانوناً انتخابياً جديداً قبل أشهر من الاستحقاق البرلماني في خطوة واجهت انتقادات حادة، خصوصاً بعد إلغائه التمويل العمومية للمرشحين للانتخابات وتغيير الاقتراع من على القوائم إلى الأفراد.

مواجهة ستستمر

تفتح نسب المشاركة في انتخابات السبت التي تعد المحطة السياسية الثانية في خريطة طريق شامل أطلقها الرئيس سعيد في وقت سابق الباب أمام التساؤلات في شأن مآلات المواجهة بين الرئيس سعيد والمعارضة المنقسمة على نفسها بشكل كبير.

ومن المرتقب أن ترحب المعارضة بمقاطعة غالبية المقترعين للاستحقاق البرلماني في محاولة للطعن بشرعية مجلس النواب المرتقب.

وقال الكاتب الصحافي المتخصص في الشأن السياسي صلاح الدين كريمي لـ"اندبندنت عربية"، إن "نتائج الانتخابات أضعف نسبة بعد الثورة التي شهدتها تونس في 2011، وتأتي في ظرف سياسي استثنائي وانتخابات مبكرة اتسمت بدعوات مقاطعة وعزوف واسع، إن لم نقل كل الأحزاب السياسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أن "هذه النسبة من الإقبال ضعيفة ستعزز أكثر التشكيك في مشروعية البرلمان المقبل، بخاصة أن كل الأحزاب المعارضة، وحتى جزء كبير من التونسيين، يعارضون مسار 25 يوليو". وأشار إلى أن "هذه الانتخابات أيضاً ستجعل المواجهة بين الرئيس قيس سعيد والمعارضة مستمرة، خصوصاً أنها ستشكك في شرعية البرلمان المقبل، وسيواصل بدوره تصعيده ضدها".

وكانت أحزاب "النهضة" و"الدستوري الحر" و"التيار الديمقراطي"، وغيرها، قد قاطعت استحقاق السبت، فيما شاركت أحزاب مؤيدة للرئيس سعيد على غرار التيار الشعبي وحركة الشعب، فيما سارعت جبهة الخلاص الوطني المعارضة التي تتألف من خمسة أحزاب إلى القول إن "نتائج الانتخابات أسدلت الستار عن الشرعية الزائفة لقيس سعيد".

وقال رئيس الجبهة، أحمد نجيب الشابي، في مؤتمر صحافي عقده عقب دقائق من غلق مراكز الاقتراع، "نعتقد جازمين أن نسبة الانتخابات لم تتجاوز ثلاثة في المئة". وبدأت منذ ساعات عمليات فرز نتائج الانتخابات في تونس على أمل إفراز برلمان جديد سيكون أمامه كثير من التحديات، بينما سيكون مجرداً بشكل كبير من الصلاحيات.


رسالة واضحة إلى الرئيس

ومن جانبه، اعتبر المتخصص السياسي التونسي هشام الحاجي أن "نسبة المشاركة في الانتخابات تشكل رسالة واضحة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد مفادها أن الرئيس في قطيعة مع الشعب، الذي يراه يسير في الطريق الخطأ والتصويت في هذا الاستحقاق كان يساوي تصويتاً على إنجازات. والواضح أن المنجز ضعيف للغاية في تونس خلال الأشهر الماضية، وهو منجز يكاد يكون منعدماً بالأساس".

وشدد على أن "هذه المقاطعة رسالة على حجم الهوة التي تفصله عن الشعب، وحين نستحضر الأرقام القياسية التي حققها هو بنفسه في الانتخابات الرئاسية السابقة، حيث صوت له قرابة ثلاثة ملايين تونسي نفهم أن الوضع غير مريح بالنسبة لشعبية رئيس الجمهورية".

واستنتج الحاجي أن "هناك رسالة أخرى أن العشرية الماضية التي لم تتقدم بالتونسيين قيد أنملة تعقبها مرحلة صعبة يتحمل وزرها قيس سعيد، وخصوصاً وزر تعنته".

نهاية مرحلة

ومن المرتقب أن تفتح هذه الانتخابات مرحلة جديدة في تونس، حيث سيكون هناك برلمان منتخب بصرف النظر عن نسب المشاركة في انتخاباته.

وقال الحاجي إن "انتخابات السبت تعني نهاية مرحلة وبداية أخرى السؤال هو كيف ستكون الأخيرة؟ أعتقد أن شرعية رئيس الجمهورية ضربت بشكل كبير، لكن هذا لا يعني أن المقاطعة انتصار للمعارضة".

وتابع، "اليوم أيضاً المعارضة مشتتة ومنقسمة والرأي العام في تونس له منها عظة تحفظات، لكن الآن هناك طريقان، إما أن نبقى في الوضع الحالي، وهو الدوران في حلقة مفرغة لا تقود إلى تغيير أو تكون بداية إعادة للنظر في الثقافة السياسية في تونس لفتح الباب أمام نخب جديدة".

يشار إلى أن الانتخابات التونسية تأتي في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية حادة، عمقها إعلان صندوق النقد الدولي تأجيل مناقشة ملفها للحصول على تمويل جديد.

المزيد من تقارير