Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حصار "يخنق" سكان حلب وطلاب يجمعون الحطب بدلا من الدراسة

العائلات تبحث عن أي مادة لحرقها في المدافئ مثل الأحذية المهترئة وقصاصات القماش

الحصار المفروض على سكان أحياء في مدينة حلب فاقم الواقع الصحي المتردي وزاد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية (أ ف ب)

مع انخفاض درجات الحرارة في ليالي ديسمبر (كانون الأول) الباردة، لجأ عديد من سكان حيي الشيخ مقصود والأشرفية داخل مدينة حلب إلى إحراق النفايات والمخلفات في مدافئهم، التماساً للدفء وطهي الطعام، بعد أن أن تعذر وصول المازوت والمشتقات النفطية.

وتتسلم "الإدارة الذاتية" منذ نحو 10 أعوام إدارة الحيين الواقعين شمال شرقي مدينة حلب، في حين تسيطر الحكومة السورية على المناطق المحيطة بالحيين، وتفرض بين الحين والآخر حصاراً عليهما ونصب الحواجز العسكرية.

ويقول الرئيس المشارك في مجلس حيي الشيخ مقصود والأشرفية التابعين لـ"الإدارة الذاتية"، ولات معمو، إن "الحي يعيش حصاراً من قبل عناصر الفرقة الرابعة التابعة لجيش النظام السوري، ويمنع وصول المحروقات المخصصة للحي والمواد الأساسية الأخرى". ويضيف، "الفرقة الرابعة تمنع حتى إدخال الحطب من قبل المدنيين وتفرض ضرائب على إدخال الأدوية التي يحملها المرضى في حقائبهم عند مدخل تلك الحواجز".

ساعات التشغيل

وترفض الحكومة السورية التعليق على مسألة إقامة الحواجز في هذه المناطق أو فرض حصار عليها.

الحصار الذي تفرضه القوات التي تربض عند الحواجز العسكرية على مداخل الحيين غير من شكل حياة عشرات آلاف المدنيين المقيمين هناك، فباتت العائلات تبحث عن أي مادة يمكن الاستفادة منها لحرقها في المدافئ، مثل الأحذية المهترئة وقصاصات القماش الزائدة من ورش الخياطة أو ما يتوفر من حطب وأشجار يمكن قطعها أو الاستفادة منها، بحسب ما أفاد سكان من الحي الحلبي.

معمو أشار في حديثه إلى أن "الحصار أصبح شاملاً بعد أن أن كان جزئياً"، وأن "الحكومة تنظر إلى المسائل الخدماتية المقدمة من زاوية سياسية وأمنية"، وأن الطحين أيضاً بات من ضمن المواد التي انقطعت عن الحيين "مما أجبرنا على تقنين تشغيل الأفران وصنع الخبز فيها بشكل متقطع"، كما اعتمدت "الإدارة الذاتية" نظاماً لتشغيل المولدات في الحيين وفق نظام الأمبيرات والساعات، وبسبب انقطاع المازوت تراجعت ساعات التشغيل، ومعها توقفت عجلة العمل والحياة بشكل تدريجي، بحسب المسؤول في "الإدارة الذاتية".

وعلى بعد كيلومترات قليلة من الحيين، وتحديداً في المنطقة المعروفة بالشهباء، حيث بلدة تل رفعت والمخيمات المحيطة بها التي يقطنها النازحون من عفرين إثر عملية "غصن الزيتون" العسكرية التركية، فإن وطأة الحصار أشد، لا سيما أن معظم المنطقة على تماس مباشر مع رقعة اشتباكات وعرضة لقصف المدفعية التركية والفصائل المدعومة من تركيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جمع أعواد الحطب بدلاً من الدراسة

وفي المسافة الفاصلة بين حلب ومنطقة الشهباء، تنتشر حواجز تابعة لفصائل تنتمي للنظام، كالفرقة الرابعة والأفرع الأمنية الحكومية، وهي بدورها تمنع وصول المواد الأساسية إلى سكان المخيمات والقرى والبلدات المحيطة بتل رفعت، الأمر الذي اضطرت هيئة التربية التابعة لـ"الإدارة الذاتية" إلى توقيف عملية التعليم في الرابع من ديسمبر الحالي، "بسبب انعدام توفر وسائل النقل وموارد التدفئة، هذا الإغلاق الذي طاول 72 مدرسة، حرم ما يقارب 15 ألف طالب وطالبة من حق التعليم"، بحسب بيان الهيئة.

في النهار وبدلاً من متابعة الدراسة داخل صفوف دافئة، ينصرف الأطفال من سكان الخيام إلى جمع عيدان وأغصان مكسورة من الساحات المجاورة لمخيمات الشهباء، لتأمين الدفء وطهي الطعام لعائلاتهم التي تتحسر على حيازة قارورة غاز أو ليترات قليلة من المازوت. وقد أفاد سكان محليون بأن المازوت ومع ندرته، وصل سعره إلى نحو 12 ألف ليرة سورية (دولارين أميركيين)، في حين أن ثمنه النظامي لقطاعي التجارة والصناعة يبلغ 5400 ليرة (0.90 دولار أميركي)، وفي الليل تنزوي العائلات داخل الخيام الباردة وهم غير قادرين على إشعال النار.

ولا يستبعد محمد حنان الرئيس العضو في مجلس تل رفعت المدني التابع لـ"الإدارة الذاتية"، "تواطؤ الحكومة السورية في الضغط على السكان الكرد في هذه المنطقة، بغية الضغط على "الإدارة الذاتية" وإثارة السكان على مؤسساتها وإظهار عجزها في تأمين المواد الأساسية للحياة اليومية"، مشيراً إلى أن "الحصار المفروض على السكان فاقم الواقع الصحي المتردي في المنطقة، وزاد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية".

تظاهرات رافضة للحصار

وأكد حنان أن المنطقة لم تشهد أية حركة نزوح للسكان إلى مدينة حلب أو المناطق المجاورة، وأن المؤسسات تقوم بعملها الاعتيادي بين السكان "على رغم التهديدات التركية باجتياحها، ووقوع الهجمات والقذائف المدفعية وبالطائرات المسيرة عليها بشكل يومي"، وفق تعبيره.

واستنكر المسؤول في "الإدارة الذاتية" فرض الحصار على المنطقة، قائلاً "من العار على الحكومة أن تفرض الحصار في الوقت الذي تعيش فيه سوريا حصاراً دولياً، فكيف تفرض الحكومة هذا الحصار على شعبها"، مشيراً إلى أن ما "يحصل الآن هو نتاج اجتماعات بين الدول الراعية لأستانا واتفاقية سوتشي ولقاءات الاستخبارات السورية والتركية الأخيرة".

ويقطن في منطقة الشهباء المحيطة ببلدة تل رفعت ما يقارب 140 ألف شخص، غالبيتهم من السكان الذين نزحوا من عفرين جراء عملية "غصن الزيتون" العسكرية التركية في شتاء 2018.

وخلال الأيام الماضية خرج السكان في هذه المنطقة في تظاهرات رافضة الحصار المفروض عليهم، وطالبوا المنظمات الدولية والإنسانية بممارسة الضغط لفك الحصار عنهم.

المزيد من تقارير