Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملك الأردن في الجزائر والغموض السمة البارزة للزيارة

رغبة في تمتين العلاقات الاقتصادية والتجارية والقضية الفلسطينية في مقدم الاهتمامات

الرئيس تبون يستقبل الملك عبدالله الثاني (رئاسة الجمهورية)

أحيت زيارة الملك الأردني عبدالله الثاني للجزائر علاقات كادت تنسى بسبب البرودة التي كانت تطبع خط الجزائر- عمان لاعتبارات عدة أهمها تراجع الدبلوماسية الجزائرية خلال النظام السابق ثم جائحة كورونا التي جعلت من العالم كتلة جامدة، وبالنظر لما جرى خلال وجود الملك عبدالله الثاني، مدة يومين، فإن عهداً جديداً متوقعاً بين البلدين بعيداً عن اختلاف الرؤى السياسية.

فجائية الزيارة

وعلى رغم أن فجائية الزيارة لم تترك مجالات لتقديم قراءات مسبقة وإثارة نقاشات واسعة، غير أن المدة التي قضاها الملك الأردني في الجزائر سمحت بفتح الأبواب أمام تأويلات لم تتمكن تصريحات مسؤولي البلدين من فك شيفراتها بشكل كامل، وقد أجابت على بعض الأسئلة وقدمت توضيحات بخصوص استفهامات، واستقرت الآراء حول بحث الأردن والجزائر في سبل وآليات تعزيز التعاون بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين، ترجمتها الاتفاقيات المبرمة في مجالات مختلفة.

وأفاد بيان للديوان الملكي الأردني بأن عبدالله الثاني أكد عمق العلاقات التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، والحرص على توطيدها في المجالات كافة، كما تم التطرق إلى مجمل الأوضاع الإقليمية والدولية، وفي مقدمها القضية الفلسطينية والأزمات التي تشهدها المنطقة.

في المقابل، تحدث بيان الجزائر عن تناول الطرفين المخرجات المهمة التي صدرت عن القمة لمواجهة التحديات الراهنة التي تواجهها الأمة العربية، وفي سبيل لم شملها وصون مصالحها وخدمة قضاياها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية الأولى، إضافة إلى تفعيل العمل العربي المشترك وتعزيز الجهود المبذولة لمعالجة الأزمات الإقليمية، وزيادة التعاون المشترك تحقيقاً للأمن والاستقرار والرخاء في المنطقة.

بين فلسطين والتعاون الاقتصادي الثنائي

واتفقت مختلف الجهات المتابعة للزيارة على أن القضية الفلسطينية كانت أولوية الملفات، على اعتبار أن الأردن عارض بشدة خطة السلام الأميركية أو ما عرف بـ"صفقة القرن" التي روج لها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بدعم من رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو، مقابل سعي الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لتحقيق مصالحة حقيقية بين الفصائل الفلسطينية سواء من خلال القمة الفلسطينية أو القمة العربية المنعقدتين في الجزائر من أجل دولة فلسطينية عاصمتها القدس.

لكن التعاون الثنائي، بخاصة الاقتصادي منه، كانت له حصة في الزيارة، وكشف البيان الختامي ضرورة اتخاذ الخطوات الكفيلة لتشجيع المستثمرين ورجال الأعمال على استكشاف الفرص والإمكانيات المتاحة في الميادين الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، واستكمال الاتفاقيات التي تتيح ذلك، وعلى أهمية توسيع التعاون المشترك ليشمل قطاعات أخرى، بما في ذلك الرعاية الصحية والطاقة والسياحة العلاجية والفندقة والنقل والتدريب في مجال الطيران والثقافة والتعليم العالي والتبادل الثقافي ما بين الجامعات وغيرها من القطاعات، بهدف تحقيق تنمية مشتركة ومتضامنة بما يحقق النمو والرفاه للبلدين والشعبين الشقيقين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأمل رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان فتحي الجغبير بزيارة ترافقها فرصة كبيرة ومساراً اقتصادياً وتجارياً، ودعا حكومة بلاده والقطاع الخاص إلى ترجمة الزيارة على أرض الواقع من خلال عقد شراكات تجارية تسهم في رفع وتيرة الإنتاج وحجم الصادرات والتبادل التجاري بشكل عام، مؤكداً أن القطاع الصناعي الأردني يملك قدرة تنافسية عالية وجاهزية لزيادة حجم الصادرات إلى الجزائر، وختم أن هذه الزيارة ذات أهمية كبيرة لتفعيل الشراكات بين البلدين بخاصة بعد انتهاء جائحة كورونا وإعادة المسارات إلى نصابها الطبيعي.

الطاقة والاستثمار

وقال أستاذ الاقتصاد علي حاجي، إن مجال الطاقة أخذ حيزاً وفيراً من المباحثات بين مسؤولي البلدين إضافة إلى ترقية التبادل التجاري والاستثمار، لا سيما أن الوضع الذي تعيشه الأردن في ظل تراجع التمويلات لا يبعث على الارتياح، مشيراً إلى ارتفاع مديونية الأردن إلى 41 مليار دولار بشكل بات يقلق السلطات بدليل تخوف رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة بقوله إنه "بعد 10 أعوام إذا لم نجد حلولاً، سيكون لدينا مليون أردني من دون وظائف"، وأوضح أن الزيارة تخفي وراءها أسراراً ستكشفها الأيام المقبلة.

وتابع حاجي أن هناك آفاقاً واسعة للتعاون في مجالات عديدة على غرار التعاون الاقتصادي والتجاري وكذلك الاستثماري والسياحي والتعليمي، ولعل الاتفاق على تشكيل فريق عمل يتشكّل من وزارتي خارجية البلدين تمهيداً لانخراط أوسع تشارك فيه كل الجهات المعنية بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات، إضافة إلى تفعيل المجموعة البرلمانية للأخوة والصداقة الجزائرية - الأردنية، خطوات من شأنها وضع العلاقات الثنائية على السكة الصحيحة لا سيما أن الأردن يعتبر الشريك السادس للجزائر على المستوى العربي بحجم إجمالي للتبادل التجاري بلغ حوالى 219.24 مليون دولار في 2021.

غموض ودلالات

وبالعودة إلى الاتفاقيات المبرمة، فإن الغموض السمة البارزة التي طبعت الزيارة وما دار بين مسؤولي البلدين، إذ تم التوقيع على خمس اتفاقيات ومذكرات تفاهم حول المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية في البلدين، واتفاقية إلغاء التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية، ومذكرة تفاهم للتعاون بين المعهدين الدبلوماسيين في البلدين، ومذكرة تفاهم للاعتراف المتبادل بالشهادات الأهلية للملاحين وبرامج التعليم ومستويات التدريب البحري، إضافة إلى برنامج مشترك للتعاون بين وكالة الأنباء الجزائرية ونظيرتها الأردنية. غير أن التأمل في نوعية ومستوى أعضاء الوفدين خلال مختلف اللقاءات يوحيان أن الأمر أكبر من خمس اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات "محدودة"، ورافق الملك الأردني كل من نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي ورئيس هيئة الأركان الأردنية المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي ووزير الصناعة والتجارة والعمل يوسف الشمالي.

وأشار أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ابراهيم بادي إلى أن الزيارة يمكن إدراجها في إطار التحالفات التي باتت تفرضها الحرب الروسية الأوكرانية بخاصة أن الأردن معني بما يعرف بـ"تكتل الشام" المكون من مصر والعراق والأردن، في حين أن الجزائر لم يعد خافياً تخندقها إلى جانب روسيا والصين، وطلبها الانضمام إلى مجموعة "بريكس" مشيراً إلى أن الزيارة يبدو أنها كانت مبرمجة من قبل لما بعد القمة العربية الأخيرة التي غاب عنها الملك عبدالله الثاني، ما يؤكد أهميتها الثنائية، وأبرز أن عقد الرئيس الجزائري والملك الأردني لقاء مغلقاً، وإسداء أوسمة متبادلة، والحرص على تصوير اللقاء بين رئيسي أركان البلدين ووزيري الخارجية، كلها رسائل لها دلالات لا يمكن قراءتها في الوقت الحالي.

المزيد من العالم العربي