Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أقاليم المصير المعلق بين الحكم الذاتي والاستفتاء

نمت الحركات الانفصالية خلال الـ100 عام الماضية نتيجة زيادة عدد الدول المستقلة التي كانت تقبع تحت استعمار قوى كبرى

قضت المحكمة العليا البريطانية في 23 نوفمبر بعدم أحقية اسكتلندا في تنظيم استفتاء حول استقلالها عن التاج البريطاني من دون موافقة البرلمان لبريطاني (غيتي)

تطور "تقرير المصير" من حق تطالب به الشعوب المستعمَرة لنيل استقلالها من قوى أو دول أجنبية، وتقوم به حركات النضال والتحرر الوطنية، إلى حق تطالب به مجموعة السكان الأصليين في منطقة معينة أو أقليات إثنية أو دينية أو قومية للانفصال عن الدولة الأم وتأسيس دولة ذات سيادة مستقلة، وتقوم على أمر المطالبة به الحركات ذات التوجهات الانفصالية. وربما تصل إلى هدفها ذاك أو تصل إلى "الحكم الذاتي" بحصول الإقليم على صلاحيات سياسية وإدارية واسعة منها انتخاب الحاكم وتمثيل في البرلمان يضمن حق التمثيل السياسي، ولكن هذا النموذج قد لا يكون مقنعاً وتتخذه بعض الحركات الانفصالية كخطوة أولى نحو الاستقلال الكامل.

وعلى رغم أن سيادة الدولة (الأمة) قامت على أساس نموذج "صلح وستفاليا" عام 1648، الذي أنهى حرب 30 عاماً في أوروبا وأرسى مبادئ جديدة تحكم العلاقات بين الدول وصولاً إلى "مؤتمر فيينا" 1814 الذي أرسى بدوره أسس توازن القوى الأوروبية وفق مبادئ جديدة على أثر الثورة الفرنسية (1789–1799). وعلى رغم تأكيده مبادئ "صلح وستفاليا" وارتباطه بوحدة أراضي الدولة وقدرة السلطة الشرعية على بسط سيطرتها وسلطتها على هذه الأراضي، فإن ميثاق الأمم المتحدة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، سمح لشعب الدولة بتحديد السيادة عن طريق الاستفتاء على حق تقرير المصير وتحديد الوضع السياسي للدولة.

وشاب تعريف مبدأ "تقرير المصير" في مواثيق الأمم المتحدة بداية عدم الدقة والوضوح، فألحق به كثير من التفاسير، ما بين اعتماده لمنح الاستقلال للدول والشعوب المستعمرة، وما بين حقوق الأفراد والجماعات الانفصالية في مطالبة بعض الأقاليم به لتكوين دولة داخل الدولة الأم.

دوافع الانفصال

ونمت الحركات الانفصالية خلال الـ100 عام الماضية إلى حوالى 60 حركة انفصالية، نتيجة لزيادة عدد الدول المستقلة التي كانت تقبع تحت استعمار قوى دولية كبرى، وكان الجامع بينها هو الكفاح ضد عدو أجنبي وبعد زواله نمت دوافع أخرى لحدوث الانقسامات وتفتت كيانات الدول، وأحياناً يكون الانقسام هو الحل لكثير من المشاكل في البلد الواحد. وكثير من المشاريع الانفصالية خلال هذه الفترة التي شجع منها الدعم والقانون الدولي والمنظمات الدولية أثبتت مقدرتها على الإيفاء بشروط اتفاقية "مونتيفيديو" لعام 1934 وهي وجود سكان دائمين وأرض محددة وحكومة، والقدرة على الدخول في علاقات مع الدول الأخرى.

ويظهر تفاقم الحركات الانفصالية لأسباب ودوافع ذاتية تلعب الهوية والمكون اللغوي دوراً محفزاً لتصاعد المطالب الانفصالية، فتعتمد المطالب القومية بإقامة إقليم ما دولة مستقلة ذات سيادة، على مدى وجود محاولات مختلفة للربط بين المكون اللغوي كجزء أساسي من هويتها ومطالبتها بالاستقلال، فمطلب إقليم ما بالسيادة يتأثر بعديد من المحددات، مثل العوامل التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها. کما أن الأسباب والمحفزات للانفصال لا تقتصر على أصول الانقسام اللغوي، فضلاً عن معرفة مدى تجذره وتطوراته. كما تعتمد بعض الدوافع على طبيعة تهيئة هذه المجتمعات للتعبئة السياسية لتحقيق هذا الغرض، من واقع التهميش السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو الهيمنة والقمع ومحاولة إذابتها في تكوينات أخرى أو الصراع بينها وبين المجتمعات المركزية بما فيها الطبقة الحاكمة.

ولا يقتصر خوف الأقليات من نظام الحكومات الديكتاتورية وحدها، وإنما يمكن أن يخشى حكم الأغلبية الديمقراطية التي ربما تؤدي إلى إخضاعها لسيطرة طويلة الأجل من قبل أغلبية تكون معادية لها، فتلجأ لتقرير مصيرها لتحصل على حماية خاصة حتى ولو بشكل من أشكال الحكم الذاتي. وهناك دوافع خارجية منها الدور الذي تلعبه الدول المنافسة التي يعتمد عليها الإقليم الانفصالي في تقديم الدعم لأهداف تتعلق بالمكانة والموقع الجيوسياسى من خلال الدعم المالي والعسكري واللوجيستي.

اسكتلندا اتحاد يتراجع

 منذ أن اتحدت مملكة اسكتلندا مع إنجلترا عام 1707 مكونة مملكة بريطانيا العظمى، ظل يراودها حلم الانفصال الذي قادته حركة الاستقلال الاسكتلندي في القرن الـ19، واكتسبت نفوذها في نهاية القرن الـ20، وحصلت على حق الحكم الذاتي ولكن من دون سيادة مطلقة منذ عام 1998، ولديها برلمان مع مجموعة واسعة من الصلاحيات خصوصاً في قطاعات التعليم والصحة والبيئة والعدالة، لكن قضايا الدبلوماسية والدفاع تبقى مسؤولية لندن. وعندما أجري الاستفتاء على استقلال الإقليم عام 2014، جاءت النتيجة برفض 55 في المئة من الاسكتلنديين الاستقلال، ولكن بعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016 ثم انسحاب المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية من الاتحاد الأوروبي والمجموعة الأوروبية للطاقة الذرية وفقاً لاتفاقية "بريكست" التي دخلت حيز التنفيذ  في 31 يناير (كانون الثاني) 2020، أحيي مشروع الاستقلال الذي يقوده الحزب الوطني الاسكتلندي، الذي أصبح قوة سياسية رئيسة بعد فوزه بأغلبية في البرلمان في انتخابات 2021.

أخيراً، قضت المحكمة العليا البريطانية في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) بعدم أحقية اسكتلندا في تنظيم استفتاء من دون موافقة البرلمان البريطاني، وذلك على خلفية إعلان رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجن في 28 يونيو (حزيران) الماضي عزمها على تنظيم استفتاء في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في شأن استقلال اسكتلندا عن "التاج البريطاني" وبناء "اسكتلندا الجديدة". جاء هذا في ظل أزمات متصاعدة تواجه المملكة المتحدة، وتحذير البنك الدولي من أنها ستواجه العام المقبل 2023 أبطأ نمو لاقتصادها الذي يعد الأغنى في مجموعة "السبع"، كما ستخسر أحد مصادرها للموارد الطبيعية والطاقة المتجددة.

كردستان العراق استفتاء مؤجل

أجرت "حكومة إقليم كردستان العراق" التي تتمتع بالحكم الذاتي وفقاً لاتفاقية مارس (آذار) 1970 بين الحكومة العراقية والمعارضة الكردية عقب سنوات من المعارك، استفتاء حول الاستقلال في 25 سبتمبر (أيلول) 2017 كانت نتيجته تصويت 93 في المئة لصالح الانفصال. وبينما دعم الاستفتاء الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، عارضه التركمان والعرب في محافظة كركوك، وهي من المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد وفق المادة 140 من الدستور العراقي. كما واجهت المطالب بالانفصال معارضة داخلية من الحكومة العراقية، وخارجية إذ لم تعترف الولايات المتحدة به، في وقت قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه سيصرف الانتباه عن الحاجة لهزيمة تنظيم "داعش" وإعادة بناء المناطق التي استعيدت من أيدي مسلحيه وعودة النازحين إليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن بعد انتهاء الاستفتاء، فرضت الحكومة العراقية إلى جانب تركيا وإيران عقوبات اقتصادية على كردستان. وتقدم الجيش العراقي وقوات "الحشد الشعبي" لاستعادة الأراضي المتنازع عليها التي سيطرت عليها قوات "البيشمركة" عام 2014، وبفقدان الأكراد هذه الأراضي الغنية بالنفط، تضاءلت المطالبة بالاستقلال.

وتأتي معارضة أنقرة لإقامة دولة كردية مستقلة لتأثيرها على الأمن القومي التركي، ما ينعكس على قضية الأكراد في الداخل التركي، فضلاً عن الخلاف العميق مع حزب العمال الكردستاني. أما إيران فإنها تخشى من استقلال كردستان العراق حيث يشكل الأمر تهديداً مباشراً ومحركاً لمطالب الانفصال لدى القومية الكردية في إيران.

إيران واتساع الرقعة

لأن إيران تموج بصراعات داخلية قائمة على أساس الهوية والأقليات القومية والإثنية، وإضافة إلى حراك انفصالي محتمل لقومية أكراد إيران لتحقيق حلمهم بالانفصال عن إيران وتأسيس دولة كردستان الكبرى، فإنه ربما يشمل قوميات إيرانية أخرى. ومن القوميات النشطة نحو الانفصال، عرب الأحواز التي كانت تسمى عربستان (بلد العرب)، قبل أن يطلق عليها الإيرانيون بعد ضمها اسم خوزستان، وكانت دولة مستقلة حتى سقوطها على يد الشاه رضا بهلوي عام 1920، بعد اتفاق بين بريطانيا وإيران على إقصاء أمير الأحواز وضم الإمارة الغنية بالنفط إلى إيران. وعمل النظام الإيراني على تفريس الإقليم ثقافياً واجتماعياً بتغيير الأسماء العربية الأصلية للمدن والقرى والأنهار إلى أسماء فارسية، كما اعتمد سياسة التهميش والإقصاء على مستوى التمثيل السياسي والتنمية. ويضاف إلى ذلك التهميش على مستوى التمثيل السياسي والتهجير والتغيير الديموغرافي في المنطقة بتقليص مساحة المحافظات التي تقطنها قوميات غير فارسية، وإلحاق أجزاء منها بالمحافظات الفارسية.

وهناك الأقلية الأذرية أو ما تعرف بأتراك إيران، والقومية البلوشية التي تقطن المنطقة بين باكستان وإيران وأفغانستان في إقليم بلوشستان، تطالب أيضاً بالانفصال. وهذه القوميات كلها يحظر عليها النظام الإيراني استخدام لغاتها الأصلية في التعليم والتحدث بها في مؤسسات الدولة، على رغم أن البند 15 من الفصل الثاني من الدستور الإيراني ينص على حق الأقليات في استعمال لغاتها في المجالات التعليمية والثقافية. وهناك قوميات أخرى في إيران ذات نشاط انفصالي كامن مثل اللور والسيستانيين والتركمان والغيلك والمازندرانيين.

"تيغراي" ودارفور وعنف المصير

هناك مناطق انفصالية تقودها الخلافات العميقة مع حكوماتها إلى المطالبة بالانفصال عن طريق العنف مثل إقليم "تيغراي" في إثيوبيا، إذ نشأ النزاع بين "جبهة تحرير تيغراى" الحاكمة منذ 1991 إلى 2018، وحكومة أديس أبابا بعد وصول آبى أحمد لرئاسة الوزراء في أبريل (نيسان) 2018. عندما أقدمت الجبهة على إجراء انتخابات منفردة في الإقليم في التاسع من سبتمبر 2020، عدته الحكومة الفيدرالية تحدياً لها لأنها قررت تأجيلها. وعلى إثرها قامت حرب إقليم "تيغراي" منذ الثالث من نوفمبر 2020 واستمرت عامين حتى وُقعت اتفاقية سلام إثيوبيا - "تيغراي" في الثاني من نوفمبر 2022.

وما ساعد على تصاعد هذه النزعة لدى الجبهة هو أن "التيغراي" مجموعة إثنية لا تتجاوز ستة في المئة من عدد السكان البالغ حوالى 5.7 مليون نسمة، لكن قوتها متجذرة في كيان الدولة الإثيوبية بقيادات عسكرية وسياسية حكمت خلال العقود الماضية، وتطمع في فرض سيطرتها بإقامة دولة "تيغراي" الكبرى بين إثيوبيا وإريتريا. ونشطت النزعة الانفصالية لدى جبهة "تيغراي" مستندة إلى مادة في دستور عام 1995 تجيز لشعوب إثيوبيا حق تقرير المصير والانفصال غير المشروط.

كذلك تنتهج الحركات المتمردة في دارفور أسلوباً عنيفاً للمطالبة بالانفصال منذ عام 2003، وشجعت على ذلك نتيجة الاستفتاء التي أتت لصالح انفصال إقليم جنوب السودان وتكوين دولة مستقلة. وعلى رغم أن هناك فوارق بين الإقليمين، فإن حركات دارفور تسير الآن على خطى الجنوب وتروج للاختلاف الإثني.

وأقيم استفتاء كأحد استحقاقات اتفاقية "أبوجا" 2006 حول وضع ولايات دارفور بين الإبقاء عليها كإقليم مكون من خمس ولايات منفصلة عن بعضها أو انضمام هذه الولايات لتشكيل منطقة واحدة. ورأت الحركات الدارفورية المسلحة أن قيام الاستفتاء بهذه الطريقة يعد نسفاً للاستحقاقات الأساسية التي ينبغي أن تلتزم بها الحكومة. وعقد الاستفتاء في أبريل 2016، وجاء بفوز خيار الولايات الخمس بنسبة 97 في المئة. وعندما أعلنت الحكومة السودانية السابقة النتيجة، اتهمت الحركات الحكومة بأن حرصها على إقامة الاستفتاء هو لتقسيم دارفور وإضعاف شوكتها وأن النتيجة ستقودها لتبني المناداة بحق تقرير المصير.

الباسك وكتالونيا وإحياء النزعة

بعد نهاية فترة الحرب الباردة، تكونت دول مستقلة في شرق أوروبا على أنقاض الاتحاد السوفياتي، بينما نشطت في غرب أوروبا قوميات السكان الأصليين، وتجددت مطالبها بانفصال أقاليمها عن الدولة الأم وتكوين دول مستقلة ومنها على سبيل المثال لا الحصر إقليما الباسك وكتالونيا الإسبانيان المطالبان بالحكم الذاتي، ويرتبطان بعلاقات وثيقة مع فرنسا. ويسعى زعماء الباسك الذين أحيوا النزعة الانفصالية القائمة منذ القرن الـ19 إلى إجراء استفتاء لهذا الغرض، وصوت عليه البرلمان الباسكي بالإيجاب ورفضه البرلمان الإسباني عام 2014. وتعود جذور المطالبة بالانفصال إلى أن فرانثيسكو فرانكو أحد قادة انقلاب عام 1936 للإطاحة بالجمهورية الإسبانية الثانية التي أدت إلى الحرب الأهلية الإسبانية القومية الباسكية، قد قمع هذه الأقلية، ولكن نشطت مجموعة صغيرة منها تحت منظمة "إيتا" بهدف إقامة دولة اشتراكية باسكية ومارست العنف على مدى خمسة عقود للوصول إلى الانفصال، وفي عام 2011، تعهدت بالتخلي عن العنف.

أما كتالونيا التي تعود فيها النزعة الانفصالية إلى ألف عام تقريباً، فقد شجع من تجددها ثراؤها واعتزازها بلغتها وهويتها الخاصة، إذ يعدون أنفسهم أمة مستقلة عن بقية إسبانيا، وعززت من ذلك ذكريات القمع التي مارسها على قوميتهم أيضاً فرانكو، ثم حصلت كتالونيا على الحكم الذاتي من الحكومة الإسبانية في أعقاب الحرب الأهلية، لكن ذلك لم يضمن لها الاستقرار.

ولعبت الأهداف الاقتصادية واتهام الدولة الإسبانية باستغلالهم دوراً في ذلك، خصوصاً أنهم وصلوا من خلاله إلى درجة من الاستقلال الثقافي والسياسي وتأسيس برلمانهم الخاص الذي أرسى قانوناً عام 2017 لتنظيم استفتاء حول تقرير المصير، إلا أن الحكومة الإسبانية عارضته. وفي سبتمبر الماضي، أعلن رئيس إقليم كتالونيا بيري أراغونيس أن الإقليم يضغط على الحكومة الإسبانية للتوصل إلى اتفاق جديد حول تنظيم استفتاء ملزم على الاستقلال باعتراف مدريد والمجتمع الدولي بالإقليم، ولكن الحكومة أبدت رفضها.

الصين وانقضاض على الأقاليم

لدى الأقاليم الانفصالية التابعة للصين علاقة معقدة بمبدأ سيادة الدولة، واضطرتها الدولة الأم للمطالبة بمزيد من الاستقلالية أو حق تقرير المصير. وهونغ كونغ وماكاو منطقتان إداريتان خاصتان تابعتان لجمهورية الصين الشعبية، تحكمان وفق مبدأ "دولة واحدة ونظامان" الذي يكرس لحكمهما الذاتي، وفق نظام قضائي وقانون أساسي مستقل في كل جوانب الدولة، باستثناء العلاقات الدبلوماسية الدولية والبنية العسكرية.

 في عام 2014 بدأت هونغ كونغ تطالب بقدر أكبر من الديمقراطية، ولكن تم قمعها من الصين، فنشأت مخاوف حول مستقبل الحكم والتحديات الاقتصادية دفعت إلى أعمال عنف. وبدأ الناشطون بالمطالبة بالاستقلال، وعام 2016، أعرب ما يقرب من 17 في المئة من المصوتين على الاستفتاء عن تأييدهم النسبي لاستقلال هونغ كونغ، ما أغضب بكين. في أغسطس 2019، قام 200 ألف من سكان هونغ كونغ بالاحتجاج بربط أيديهم لتشكيل سلاسل بشرية. وفي مايو (أيار) 2020، أعلنت الصين عن قانون جديد للأمن القومي فرض على الإقليم، ووضعت التشريعات ضد "الانفصال والتخريب والإرهاب والتواطؤ مع القوى الأجنبية" على رأس القانون الأساسي، ما يزيد من توقعات تعالي وتيرة المناداة بالانفصال.

وفي غرب البلاد ينادي إقليم تشينجيانغ ذاتي الحكم الذي تقطنه أقلية الإيغور وهم السكان الأصليون لهذه المنطقة وينحدرون من عرقية تركية مسلمة بالانفصال لإعادة تكوين دولة تركستان الشرقية، التي ظلت صامدة على مدى نحو 10 قرون قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني عام 1759 ثم عام 1876. ثم كونت دولة مستقلة وانهارت أخيراً ولحقت بالصين الشيوعية عام 1950. وتأجج العداء الصيني للإيغور مرة أخرى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي واستقلال بلدان تركستان الغربية، وخوفاً من مطالب الانفصال المتصاعدة في تشينجيانغ حمل الحزب الشيوعي الصيني منذ عام 1990، شعار القضاء على "الشرور الثلاثة" المتمثلة في "الانفصال والتطرف الإسلامي والإرهاب" للقضاء على الحلم الإيغوري.

وتنبع أهمية تشينجيانغ من أنه يغطي حوالى 80 في المئة من احتياجات الصين من النفط، وحوالى 90 في المئة من مناجم اليورانيوم والفحم. كما يربط الصين بحقول النفط والغاز في قرغيزستان وآسيا الوسطى وطريق الحرير.

المزيد من تحلیل