Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شهادات عن ممارسات تعذيب قام بها الروس في خيرسون الأوكرانية

قصص المعاناة طغت على فرحة زيارة النصر التي قام بها الرئيس زيلينسكي للمدينة المحررة

الرقيب سيرهي فولودكيتش خارج مقر شرطة خيرسون يوم الاثنين الفائت (بل ترو / اندبندنت)

أفاد مسؤولون عسكريون أوكرانيون عادوا إلى مدينة خيرسون المحررة التي انسحبت منها القوات الروسية، بأن جنود الاحتلال كانوا يجرون عمليات استجواب في الطابق السفلي من المقر الرئيسي لشرطة المدينة. 

وأوضحوا أن ميداناً للرماية تم تحويله إلى منطقة تعذيب، حيث كان جنود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقومون بعصب أعين المعتقلين وضربهم بشدة، حتى أنهم بالكاد كانوا يتمكنون من السير على أقدامهم، في حين أن بعض الأشخاص الذين دخلوا إلى ذلك القبو لم يخرجوا منه مرةً أخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف الشرطة أنها عثرت أيضاً على مقبرة جماعية، تضم جثثاً لعناصر من الدفاع الإقليمي الأوكراني كانوا قد قُتلوا في بداية الغزو، أثناء محاولتهم وقف التقدم الروسي.

وكما هي الحال في العديد من المدن التي تم تحريرها في الفترة الأخيرة في أوكرانيا، فإن تحديد القتلى والمفقودين سيكون مهمة شائكة في الأسابيع التي تلي ذلك.

ويقول دينيس زاهارتشينكو، مساعد رئيس قسم شرطة خيرسون، في الوقت الذي كانت تتردد فيه أصوات قصف في المدينة: "لا نعرف بالتحديد عدد القتلى أو المختفين، فالناس يأتون إلينا كل يوم طالبين البحث عن أقرباء أو أصدقاء لهم في عداد المفقودين".

ويضيف "عثرنا في إحدى الحدائق العامة، على 17 جثة تعود لعناصر الدفاع الإقليمي، وهم جزء من الأفراد الذين حاولوا الدفاع عن المدينة وقضوا في بداية الغزو".

 

تجدر الإشارة إلى أنه لم يُسمح لـ "اندبندنت" بدخول مبنى الشرطة، لأنه مزروع بألغام، أو ربما جرى تفخيخه، لكن السكان تحدثوا عن أقارب لهم وأصدقاء، اختفوا في مركز الشرطة بعدما تم أخذهم من منازلهم. وقالوا إن الذين رجعوا، كانوا محطمين جسدياً ونفسياً.

ومع نهوض خيرسون من جديد وعودتها إلى الحياة بعد نحو ثمانية أشهر من الاحتلال، تبدو عليها ندوب ممارسات التعذيب الدموية الممنهجة التي تمارسها روسيا.

وكان سكان المدينة قد تجمعوا يوم الاثنين الفائت في ميدانها الرئيسي ليرددوا النشيد الوطني ملوحين بالأعلام الأوكرانية التي قام الجنود بالتوقيع عليها، وذلك احتفاءً بزيارة الرئيس فولوديمير زيلينسكي، الذي قام برحلة مفاجئة إلى خيرسون من كييف العاصمة.

يُشار إلى أن مدينة خيرسون كانت آخر مركز إقليمي احتفظت به موسكو منذ غزوها لجارتها في فبراير (شباط). لكن على هامش الاحتفالات التي أقيمت لمناسبة استعادتها، برزت روايات عدة تصف عمق المعاناة التي سادت تحت ظل الحكم الروسي.

وفيما نفى الكرملين بشدة ارتكاب أي جرائم في أوكرانيا، متهماً كييف بتلفيق فظائع بحق روسيا بهدف كسب التأييد، إلا أن سكان خيرسون وصفوا كيف عمدت القوات الروسية إلى وضع قوائم بجنود أوكرانيين في الخدمة، أو محاربين قدامى، أو عناصر شرطة، أو مسؤولين فيها، ومن ثم القيام بتمشيط المدينة بشكل منهجي للبحث عنهم. وهي إجراءات كانت قد تكررت أيضاً في مناطق محتلة أخرى في أوكرانيا بما فيها كييف وخاركيف.

حتى المتطوعون الذين يعملون في المجال الإنساني لم يسلموا من الممارسات الروسية، فلقد تم اتهامهم بالتعاون مع الجيش الأوكراني والإفشاء عن مواقع تمركزهم العسكري. كما عمد الجنود الروس إلى اعتقال الأشخاص الذين رفضوا التصويت في الاستفتاء الصوري الذي أجري في سبتمبر (أيلول) الفائت من أجل ضم خيرسون إلى روسيا. ويصف السكان كيف أن عسكريين مدججين بالسلاح كانوا يتنقلون ضمن مجموعاتٍ من منزلٍ إلى آخر، لمطالبة الناس بالإدلاء بأصواتهم.

يوري، الشاب البالغ من العمر 38 سنة والذي كان يحتفل بالانسحاب الروسي في الساحة الرئيسية لمدينة خيرسون مع ابنته البالغة من العمر سبع سنوات، قال إن "الناس حاولوا تجنب المشاركة في الاستفتاء، لكن في ما يتعلق بنا، فقد قرع 4 جنود مسلحين باب منزلنا

ومعهم صندوق اقتراع". وتساءل: "ما الذي يمكن القيام به أمام هذا الواقع"؟

 

ووصف كيف أمضى الأشهر الثمانية الأخيرة مختبئاً فيما كان الجنود الروس يبحثون عنه بسبب وظيفته السابقة في الشرطة. وقال إن "السبب الوحيد الذي جنبني الاعتقال، هو كوني مسجلاً رسمياً على أنني أعيش في إحدى قرى منطقة خيرسون، لكنني كنت قد انتقلت إلى المدينة قبل وقوع الحرب". وأضاف: "كان الجنود يسألون عني في قريتي، ولم يكن أصدقائي محظوظين بمقدار ما كنت عليه أنا".

وأضاف يوري: "أخذ الجنود جارتي من أمامي. كان ذلك في يونيو (حزيران)، وما من أحدٍ يعرف مكانها حتى الآن. كل ما نأمله هو أن تكون ما زالت على قيد الحياة، داخل سجن في مكان ما".

وترددت روايات مماثلة في مختلف أنحاء المدينة الأوكرانية التي تم تحريرها من القوات الروسية يوم الجمعة، وهي لا تزال تتعرض للقصف من مواقع روسية توجد على الجانب الآخر من نهر دنيبرو، الذي يشكل حدود المدينة ويفصل المنطقة إلى نصفين.

 

وفيما كان يُسمع دوي انفجارات أثناء حديثنا، وصف أوليغ (40 سنة)، كيف قام صديقان له - وكلاهما شاركا في حرب العام 2014 مع روسيا ووكلائها في إقليم دونباس - بصنع هويات مزورة لمحاولة الفرار من المدينة. وقد تمكن شخص واحد فقط من عبور نقاط التفتيش في فاسيليفكا، على بعد نحو 200 كيلومتر شمال شرقي خيرسون، وهي كانت النقطة الأخيرة قبل المواقع التي تسيطر عليها القوات الأوكرانية. ويضيف: "ما زال الآخر مفقوداً حتى اليوم. ونحن نحاول التوصل إلى معرفة ما الذي حدث له، فالروس كانوا يتنقلون من منزل إلى آخر بحثاً عن الناس".

أما فيكتور (59 سنة) فأكد أن الروس اقتادوا أربعة من أصدقائه في سبتمبر، جميعهم أعضاء سابقون في الوحدة الموكلة بالدفاع عن المنطقة، ومن ثم تعرضوا للتعذيب لمدة ثمانية أيام داخل قبو. والذين قالوا بعد ذلك أنهم "أُجبروا على البقاء على قيد الحياة لمدة ثلاثة أيام من دون ماء أو طعام، حيث تم إعطاؤهم بضع قطع من البسكويت فقط". إلا أنه في النهاية، تم إطلاق سراحهم.

آنا (27 سنة) التي كانت حاملاً عندما اقتحم الروس مدينة خيرسون واضطُرت إلى وضع طفلها تحت قصفٍ عنيف في أواخر سبتمبر، تستذكر قيام الروس باعتقال شابين من الحي الذي تعيش فيه، كان برفقتهما فتى يبلغ من العمر 16 سنة، فيما كانوا في طريقهم لشراء مؤن. وتضيف إنهم "كانوا خارجين لجلب الطعام فقط حين تم اقتيادهم. وعندما أعيدوا كانت تظهر عليهم آثار الكدمات".

 

كان لدى كل من تحدثت "اندبندنت" إليه يوم الاثنين، قصةٌ عن صديق أو قريب أو جار، جرى اعتقاله أو فقدانه، فيما وصف أول الذين عادوا إلى المدينة، تقهقر القوات الروسية عبر نهر دنيبرو، بأنه فوضوي. لكن موسكو تصر على نفي ذلك.

سيرهي فولودكيتش الرقيب الذي يعمل في القوات الخاصة للشرطة، روى لـ "اندبندنت" أن الجنود الروس الذين تُركوا في المعركة، كانوا يقفزون من القوارب ويحاولون السباحة إلى الشاطئ بعدما فُجرت الجسور. وفي أحد المواقع الروسية السابقة، عُثر على أكوام من الزي العسكري الروسي، ما يشير إلى أن الروس قاموا بتبديلها بملابس مدنية.

ويُرجح أن يكون مئات من الجنود الروس أو المواطنين الذين يتعاونون معهم، ما زالوا موجودين في خيرسون، قائلاً إنه لا بد من العثور عليهم واستئصالهم، مردداً صدى ما قاله زاهارتشينكو عن أنه "بعد النصر فإن هناك الكثير من العمل الذي ينتظرنا".

بالعودة إلى مركز الشرطة، فلقد قام الضباط هناك بنصب مولدات كهربائية للسكان لشحن هواتفهم وإعادة الاتصال بالعائلة والأصدقاء.

قال زاهارتشينكو بتجهم: "نقوم بحل مشكلة الكهرباء والمياه أولاً ومن ثم نزيل الألغام. بعد ذلك، يمكن للشرطة أن تبدأ عملها الحقيقي".

© The Independent

المزيد من تقارير