أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مساء الخميس 15 سبتمبر (أيلول)، العثور على "مقبرة جماعية" في مدينة إيزيوم التي استعادتها قواته من الروس قبل أيام في إطار هجوم أوكراني مضاد في منطقة خاركيف في الشرق الأوكراني.
وقال زيلينسكي في رسالته اليومية التي يوجهها عبر الفيديو، "نريد أن يعرف العالم ما تسبب به الاحتلال الروسي". وإذ أكد فتح تحقيق في الواقعة، قال، "يُفترض أن نتلقى غداً مزيداً من المعلومات المؤكدة والواضحة".
وألقى زيلينسكي باللوم على روسيا، وقال إن الكشف يشبه إلى حد بعيد ما وجدته قوات بلاده في بوتشا بضواحي العاصمة كييف في المراحل الأولى من هجوم القوات الروسية في أواخر فبراير (شباط). وأضاف، "روسيا تترك الموت وراءها في كل مكان ولا بد من محاسبتها".
واعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، أن روسيا تتصرّف بشكل "مروّع" وارتكبت على الأرجح جرائم حرب.
وقال للصحافيين "هذا جزء مروّع من رواية متواصلة. كلما رأينا المد الروسي يتراجع من أجزاء احتلها في أوكرانيا، نرى ما الذي يتركه خلفه".
وتتهم أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون القوات الروسية بارتكاب جرائم حرب هناك، ونفت روسيا مراراً استهداف المدنيين أو ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.
وأكد المستشار الرئاسي الأوكراني ميخاييلو بودولياك اكتشاف أكثر من "450 قبراً" قرب مدينة إيزيوم. وكتب في تغريدة، "هذا واحد من مواقع دفن جماعية أخرى اكتشفت قرب إيزيوم. على مدى أشهر هيمن الرعب والعنف والتعذيب وعمليات القتل الجماعية في الأراضي المحتلة". ودعا مرة جديدة الأطراف الداعمة لأوكرانيا إلى إرسال أسلحة لكي "لا يترك المواطنون وحدهم في مواجهة الشر".
من جهته، قال مسؤول في الشرطة، إن السلطات الأوكرانية عثرت على مقبرة جماعية تضم أكثر من 440 جثة في مدينة إيزيوم، مضيفاً أن بعض الجثث تعود لأشخاص قتلوا في قصف وغارات جوية.
وقال سيرهي بولفينوف، كبير محققي الشرطة في إقليم خاركيف، لشبكة "سكاي نيوز"، إن كل جثة ستخضع لفحوصات من خبراء الطب الشرعي. وأضاف، "يمكنني القول إنه أحد أكبر مواقع الدفن في بلدة كبيرة في (المناطق) المحررة... هناك 440 جثة دُفنت في مكان واحد". وتابع قائلاً، "قتل البعض منهم بنيران المدفعية... والبعض الآخر قتل بسبب الضربات الجوية".
وكان آلاف الجنود الروس قد فروا من إيزيوم، مطلع هذا الأسبوع.
واستعادت أوكرانيا آلاف الكيلومترات المربعة من القوات الروسية منذ مطلع سبتمبر في إطار هجوم مضاد شنته على جبهات عدة. وسجلت أكبر المكاسب في منطقة خاركيف الحدودية مع روسيا.
وتوجه الرئيس الأوكراني الأربعاء إلى مدينة إيزيوم التي كان عدد سكانها 50 ألف نسمة قبل الهجوم الروسي. وشهدت هذه المدينة معارك طاحنة في الربيع قبل أن يستولي عليها الجيش الروسي ليحولها إلى نقطة استراتيجية لإمداداته. واستعاد الجيش الأوكراني السيطرة عليها الأسبوع الماضي.
وفي هذا السياق، قال الأمين العام لحلف الشمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الجمعة، إن الهجوم الأوكراني المضاد على القوات الروسية كان فعالاً للغاية، مضيفاً أن الدول يجب عليها الاستعداد لحرب طويلة لأن هذا لا يشير إلى بداية نهاية الصراع. وأبلغ ستولتنبرغ هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، "إنه بالطبع أمر مشجع للغاية أن نرى أن القوات المسلحة الأوكرانية قادرة على استعادة أرضها والهجوم أيضاً خلف الخطوط الروسية. ولكن في الوقت نفسه علينا أن نفهم أن هذه ليست بداية نهاية الحرب، علينا أن نكون مستعدين لحرب طويلة".
برلين لن تزود أوكرانيا بدبابات قتالية
أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريخت، أن بلادها ستمد أوكرانيا "قريباً جداً" بآليات مدرعة، لكنها لن تزودها في المرحلة الراهنة دبابات تطالب بها كييف.
وقالت لامبريخت في مؤتمر صحافي، إن "النجاحات التي تمكنت أوكرانيا من تحقيقها في الأيام الأخيرة، وخصوصاً بفضل الأسلحة الألمانية، مشجعة". وأضافت أن الهجوم المضاد الذي تشنه كييف "يظهر مدى أهمية أن نضع سريعاً في متناول أوكرانيا تجهيزات عسكرية أخرى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهته، دافع المستشار الألماني أولاف شولتز عن الدعم الذي توفره بلاده لأوكرانيا. وقال، "نحن نساعدهم... لأننا ندعم نضالهم"، معدداً الوسائل التي تقدم من خلالها برلين الدعم لكييف من الإمداد بالأسلحة إلى تدريب القوات. وتابع شولتز، "ما نمدهم به من أسلحة وما يمدهم به حلفاؤنا أسهم في تحول مجرى الأمور إلى خلاف ما كان الرئيس الروسي يتوقعه".
وأعلنت الوزيرة إرسال منظومتين جديدتين من راجمات الصواريخ من طراز "مارس 2" و200 صاروخ. كما ستتلقى أوكرانيا 50 آلية نقل لمختلف المسارات من نوع "دينغو".
ولا تعتزم ألمانيا في هذه المرحلة تزويد أوكرانيا دبابات من نوع "ليوبارد 2"، على الرغم من أن كييف تطالب بإلحاح بتسلم آليات من هذا النوع.
وتعتمد ألمانيا نظام تسليم دائرياً تتسلم بموجبه اليونان مدرعات من نوع "ماردر"، تطالب كييف أيضاً بتسلمها، على أن تسلم أثينا أوكرانيا "قريباً جداً"، وفق لامبريخت، مدرعات أقدم طرازاً.
وقالت لامبريخت، "من المهم بالنسبة إلي توضيح أن هذه الإمدادات لن تُضعف الجيش الألماني". وتابعت، "لا نزال قادرين على الدفاع عن التحالف (الأطلسي) والبلاد، ومن المهم بالنسبة إلي أن يكون بمقدور حلفائنا في الجناح الشرقي الاعتماد على وفائنا بوعودنا".
وتتعرض حكومة شولتز منذ أيام، سواء في كييف أو في برلين، لانتقادات لعدم تزويدها أوكرانيا دبابات قتالية قادرة على إحداث فرق في الحرب الدائرة على الأراضي الأوكرانية.
مساعدة عسكرية أميركية
وأعلن البيت الأبيض، الخميس، أنه وافق على منح أوكرانيا مساعدة عسكرية إضافية بقيمة 600 مليون دولار.
وقالت الرئاسة الأميركية في بيان، إن هذه المساعدة تشتمل على معدات وخدمات، إضافة كذلك إلى تدريب عسكري، من دون تفاصيل إضافية، لا سيما عن الأسلحة التي تتضمنها.
لكن تفاصيل هذه الحزمة الجديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا ما لبثت أن اتضحت في بيان أصدره "البنتاغون"، وقال فيه إن المساعدة الجديدة ستشتمل بشكل خاص على صواريخ لراجمات "هيمارس" الدقيقة التصويب، التي سبق لواشنطن أن زودت كييف بها، إضافة إلى قذائف لمدافع تمتلكها القوات الأوكرانية أساساً. وأضافت وزارة الدفاع الأميركية أن هذه الحزمة الجديدة من المساعدات تشتمل أيضاً على رادارات مضادة للمدفعية، وعربات مدرعة، وأنظمة مضادة للطائرات المسيرة، ومعدات لإزالة الألغام.
من جهته، أكد بلينكن أن كل هذه الأعتدة جرت "معايرتها" لتلبي احتياجات القوات الأوكرانية. وقال في بيان إنه "جنباً إلى جنب مع حلفائنا وشركائنا، نسلم القوات الأوكرانية الأسلحة والمعدات التي تستخدمها بشكل فعال للغاية بينما تواصل هجومها المضاد ضد روسيا"، وأضاف أن الرئيس "جو بايدن كان واضحاً: سندعم أوكرانيا ما دامت هناك حاجة لذلك".
ومنذ بدأت القوات الروسية هجومها قدمت الولايات المتحدة لهذا البلد أكثر من 15 مليار دولار من المساعدات العسكرية. ويأتي هذا الإعلان الأميركي الجديد في وقت يشن فيه الجيش الأوكراني منذ أسبوعين هجوماً مضاداً واسع النطاق.
البابا: تزويد أوكرانيا بالأسلحة مقبول أخلاقياً
من جانبه، قال البابا فرنسيس، الخميس، إن من المشروع أخلاقياً أن تزود الدول أوكرانيا بالأسلحة لمساعدتها في الدفاع عن نفسها من الهجوم الروسي.
وفي حديثه للصحافيين على متن الطائرة البابوية خلال رحلة العودة بعد زيارة استمرت ثلاثة أيام لكازاخستان، حث فرنسيس كييف أيضاً على الانفتاح على فكرة الحوار في نهاية المطاف حتى لو كانت فكرة "مكروهة" نظراً لأنه سيكون خياراً صعباً على الجانب الأوكراني.
وخيمت الحرب في أوكرانيا بظلالها على زيارة البابا لكازاخستان، حيث حضر مؤتمراً لزعماء دينيين من جميع أنحاء العالم.
وفي مؤتمر صحافي استمر 45 دقيقة على متن الطائرة، سأل أحد المراسلين عما إذا كان من الصائب أخلاقياً أن ترسل الدول أسلحة إلى أوكرانيا. ورد البابا، "هذا قرار سياسي يمكن أن يكون مقبولاً أخلاقياً إذا اتُخذ بمراعاة (قواعد) المسؤولية الأخلاقية".
وتطرق البابا لمبادئ "الحرب العادلة" للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، التي تسمح بالاستخدام المتناسب للأسلحة الفتاكة للدفاع عن النفس ضد دولة معتدية. وقال، "الدفاع عن النفس ليس مشروعاً فحسب بل هو تعبير عن حب الوطن، من لا يدافع عن نفسه أو أي شيء آخر فهو لا يحب هذا الشيء، ومن يدافع (عن شيء) فهو بالتأكيد يحبه".
دعوة إلى انسحاب روسي من زابوريجيا
تبنى مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس، قراراً دعا فيه روسيا إلى سحب قواتها من محطة زابوريجيا الأوكرانية التي تتعرض لقصف منتظم، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية.
وسيطرت القوات الروسية على المحطة في الرابع من مارس (آذار)، بعيد بدء الهجوم على أوكرانيا.
والقرار الذي طرحته بولندا وكندا وافقت عليه 26 من الدول الأعضاء الـ35، وصوتت روسيا والصين ضده، وفق ما قال دبلوماسي لوكالة الصحافة الفرنسية. وامتنعت سبع دول عن التصويت هي: جنوب أفريقيا وبوروندي ومصر والهند وباكستان والسنغال وفيتنام.
وعلق وزير الطاقة الأوكراني غيرمان غالوشتشنكو عبر "فيسبوك"، "أرحب بهذا القرار"، داعياً الدول التي امتنعت عن التصويت إلى تغيير موقفها حيال الدولة الروسية. وأضاف، "فلنوقف روسيا الآن قبل أن يحتذي بها طرف آخر".
ورأى السفير الأسترالي ريتشارد سادلير عبر "تويتر"، أن "مجلس الحكام وجه رسالة شديدة إلى روسيا مطالباً إياها بأن توقف فوراً كل الأعمال التي تهدد الأمن النووي وتعيد محطة زابوريجيا وأي أراض أوكرانية أخرى إلى كييف".
إلى ذلك، يدعم القرار جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي بدأت مشاورات مع أوكرانيا وروسيا لإقامة منطقة آمنة في محيط المحطة. وكان مجلس الحكام تبنى قراراً أول بداية مارس حذر فيه من "خطر وقوع حادث نووي يعرض سكان أوكرانيا والدول المجاورة والمجتمع الدولي للخطر".
وتقع محطة زابوريجيا، الأكبر في أوروبا، في جنوب أوكرانيا، وتعرضت مراراً للقصف في الأسابيع الأخيرة. وتبادلت موسكو وكييف الاتهامات بالمسؤولية عنه. وبعد سلسلة حوادث وتوقف ستة مفاعلات عن العمل، تحسن الوضع في شكل طفيف في الأيام الأخيرة مع إصلاح المهندسين الأوكرانيين ثلاثة خطوط احتياط كهربائية كانت أصيبت بأضرار، وفق ما ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي لها خبيران في المكان.