Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملف فلسطين في الأمم المتحدة مجدداً وتل أبيب تتوعد

الجمعية العامة توافق مبدئياً على إحالة القضية إلى "محكمة العدل" وسط رفض إسرائيلي أميركي أوروبي

جلسة تصويت اللجنة الرابعة في الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار الفلسطيني (أ ب)

على رغم الضغوط الأميركية على دول العالم لمنع التصويت على إحالة ملف فلسطين إلى محكمة العدل الدولية، تبنت لجنة في الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار فلسطيني يطلب من المحكمة رأيها الاستشاري حول "وجود الاحتلال الإسرائيلي، وحرمان الفلسطينيين من تقرير مصيرهم".

وفي خطوة اعتبرها الجانب الفلسطيني تاريخية، أقرت لجنة "المسائل السياسية وإنهاء الاستعمار" في الجميعة العامة مشروع قرار يطلب من أعلى جسم قضائي في العالم الرأي الاستشاري في "احتلال طال أمده، وحرمان الفلسطينيين من ممارسة حقهم في تقرير المصير بشكل كامل".

كما يطلب القرار الذي من المفترض أن تصوت عليه الجمعية العامة بكامل هيئتها بشكل نهائي في منتصف الشهر المقبل "تحديد أثر السياسات والممارسات الإسرائيلية على الوضع القانوني للاحتلال، والتبعات القانونية بالنسبة إلى جميع الدول والأمم المتحدة".

ترحيب ووعيد

وقالت مصادر فلسطينية لـ"اندبندنت عربية" إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هاتف الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أيام في محاولة لثنيه عن تقديم مشروع القرار، لكن الأخير رفض ذلك.

وأوضحت تلك المصادر أن تل أبيب وواشنطن ودول أوروبية عملت خلال الأسابيع الماضية على حشد دول العالم للتصويت ضد القرار بعد فشلها في منع الفلسطينيين من طرحه.

لذلك صوتت 98 دولة لصالح القرار، فيما عارضته 17 أخرى، وامتنعت عن التصويت 52 دولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر وزير وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن القرار يشكل "تغييراً جوهرياً مختلفاً عن قرارات الأمم المتحدة السابقة وانقلاباً حقيقياً عليها، كما يدشن مساراً قانونياً جديداً يسلكه الفلسطينيون لاستعادة حقوقهم".

في المقابل استنكر رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تنتهي ولايته خلال أسابيع يائير لبيد القرار. وقال إنه "خطوة أحادية الجانب تعمل ضد المبادئ الأساسية التي من شأنها حل الصراع"، محذراً من أنها "تضر بكل احتمالية للقيام بعملية سلمية في المستقبل".

لكن وزير الخارجية الفلسطيني رفض ذلك، مؤكداً أن القرار "ليس إجراء أحادياً بل عملاً متعدد الأطراف بامتياز، ومتسقاً مع القانون الدولي، وسيفتح حقبة جديدة لمساءلة إسرائيل عن جرائمها".

واتهم لبيد الفلسطينيين بمحاولة "تبديل المفاوضات بخطوات أحادية، واستخدام الأمم المتحدة مرة أخرى لمهاجمة إسرائيل"، مضيفاً أن تلك الخطوة "لن تغير الواقع على الأرض، ولن تقدم شيئاً للشعب الفلسطيني، وقد تتسبب في وقوع تصعيد".

واعتبر لبيد أن "دعم الخطوة الفلسطينية ليس إلا جائزة للتنظيمات الإرهابية وللحملة المعادية لإسرائيل".

وقال أوفير جندلمان المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إن لبيد "عقد لقاءات ومباحثات أمنية وسياسية عدة وأوعز في ختامها بتحضير صندوق أدوات أمنية وسياسية للرد على الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة".

وأضاف جندلمان في تغريدة على "تويتر" أن لابيد، الذي تنتهي ولايته خلال أسابيع، قال خلال الاجتماع "الطريق لحل الصراع لا يمر عبر دهاليز الأمم المتحدة أو عبر مؤسسات دولية أخرى، وسيكون هناك تداعيات للخطوة الفلسطينية".

ولم يكشف رئيس الوزراء الإسرائيلي عن طبيعة هذه التداعيات.

لذلك يتوقع الفلسطينيون حصول مواجهة حقيقية مع تل أبيب وواشنطن وعواصم أوروبية قبل التصويت على القرار نهائياً منتصف الشهر المقبل.

وقال المالكي إن تلك الدول ستفعل كل ما في وسعها لحشد الأصوات لعدم تمرير مشروع القرار، مشيراً إلى أن الدول العربية والإسلامية وحركة عدم الانحياز ستتصدى لذلك.

من جانبه أوضح نائب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز، الذي صوت ضد القرار، أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية "سيأتي بنتائج عكسية، ولن يؤدي إلا لإبعاد الطرفين عن الهدف الذي نريده جميعاً وهو تطبيق حل الدولتين عبر المفاوضات".

ضد التهديدات

ورفضت الرئاسة الفلسطينية تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي. وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس "التهديدات المستمرة من قبل قادة إسرائيل واتهام دولة فلسطين بأنها قامت بإجراء أحادي الجانب أمر يدعو إلى الاستغراب".

وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية أن "إسرائيل تقوم يومياً بكل الإجراءات الأحادية الجانب سواء عبر خرق الاتفاقات أو من خلال عدم الالتزام بها في كل المجالات".

وتابع "دولة فلسطين لها الحق باللجوء إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي، والشعب الفلسطيني وقيادته لن يتنازلوا عن حقوقهم التي كفلتها الشرعية الدولية والقانون الدولي".

وقالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيان الأحد إن "الهستيريا الإسرائيلية تجاه القرار الأممي تعكس الخوف من المحاسبة الدولية".

ومن المقرر أن يتم التصويت على مشروع القرار في اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة قبل منتصف الشهر القادم، وعادة ما تصوت الدول في الجمعية العامة مثلما صوتت على مشروع القرار في اللجنة.

وآخر مرة تناولت فيها محكمة العدل الدولية الصراع كانت عام 2004، عندما قضت بأن الجدار العازل الإسرائيلي غير قانوني. وتعارض إسرائيل هذا الرأي.

المشهد العربي

في جدة أشادت منظمة التعاون الإسلامي بمواقف الدول التي أسهمت في رعاية ودعم قرار طلب فلسطين بإصدار محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً، باعتباره "تأكيداً على التزامها بالقانون الدولي، وانسجاماً مع مواقفها التاريخية القائمة على مبادئ الحق والعدل والسلام".

وجددت المنظمة دعوتها المجتمع الدولي إلى "مضاعفة جهوده من أجل وضع الآليات الكفيلة بإنفاذ وتطبيق قرارات الأمم المتحدة وصولاً إلى تحقيق العدالة الدولية وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير، وتجسيد دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

وفي القاهرة رحبت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقرار، وقالت إنه "أتى مستقاً مع المواقف والقرارات الدولية التاريخية الصادرة عن الأمم المتحدة، والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير وممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف في بناء دولته المستقلة".

ودعا الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين بالجامعة سعيد أبو علي، جميع دول الأمم المتحدة بما فيها تلك التي امتنعت عن التصويت إلى "مواصلة ومضاعفة مساعيها وجهودها لتحقيق العدالة والسلام بإعادة فتح مسار سياسي يفضي إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة".

واعتبر مدير "مؤسسة الحق" الفلسطينية لحقوق الإنسان شعوان جبارين أن الطلب الفلسطيني يأتي بعد سنوات من التوصية به من مقرري الأمم المتحدة الخاصين بفلسطين ومؤسسات حقوقية دولية وفلسطينية.

وحول بداهة الإجابة عن سؤال في شأن قانونية الاحتلال بحسب القانون الدولي، أوضح جبارين أن ذلك "غير محسوم"، مشيراً إلى "وجود احتلال لأراضي الغير قد يكون نتيجة الدفاع النفس، أو بقرار من مجلس الأمن الدولي، بالتالي يكون مباحاً".

وتابع جبارين أن القانون الدولي "لم يحرم الاحتلال على إطلاقه، لكنه منع ضم الأراضي والاحتلال طويل الأمد".

وشدد جبارين على أهمية طلب رأي محكمة العدل الدولية الاستشاري حول "الحال القانونية لفلسطين، ومسألة حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، أهو بالاستقلال عن إسرائيل أو بالاندماج معها".

 كما اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت أحمد جميل أبو العزم أن قرار الأمم المتحدة "جزء من النضال القانوني والسياسي للفلسطينيين"، مشيراً إلى أنه ذو أهمية إضافية حالياً، لأنه يأتي "فيما يحاول العالم تنحية القضية الفلسطينية جانباً".

وقال أبو العزم إن اللجوء إلى القانون الدولي "فرصة أولاً للاستثمار الإيجابي للنضال الشعبي على الأرض، ولتذكير العالم بأن هناك مسارات سياسية وقانونية للتعامل مع الشأن الفلسطيني".

ووصف أبو العزم القرار الفلسطيني "بالخطوة الاستباقية" قبل أن تبدأ الحكومة الإسرائيلية المقبلة مشروعها اليميني الأكثر تطرفاً والمتوقع قريباً".

المسارات الأممية

في عام 2004 أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي رأياً غير ملزم في شأن الجدار الذي أقامته إسرائيل في الضفة الغربية.

وأشارت المحكمة إلى وجود مخاوف كبيرة من أن يؤدي مسار الجدار الفاصل إلى إيجاد "حقائق على الأرض" تؤدي إلى الضم الفعلي للمساحات والأراضي مما يؤثر في الحدود المستقبلية ما بين إسرائيل والدولة الفلسطينية.

وقالت المحكمة في القرار الذي رفضته إسرائيل إن "المقاطع من مسار الجدار التي تمر داخل الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، إضافة إلى نظام البوابات والتصاريح التي تمثل انتهاكاً للالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي".

وطالبت المحكمة إسرائيل "بوقف بناء الجدار بما في ذلك في القدس الشرقية وحولها، وتفكيك المقاطع التي تم بناؤها بالفعل، وأن تلغى أو تبطل على الفور كل الإجراءات التشريعية أو التنظيمية التي ارتبطت بإنشائه".

المزيد من تقارير