Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحوثي يستبدل بالدستور "مدونة سلوك"

أجبرت الميليشيات الموظفين على توقيع وثيقة تنظم ممارساتهم الحياتية والوظيفية بناءً على قيم الجماعة

أعلنت ميليشيات الحوثي في المناطق التي تخضع لسيطرتها شمال اليمن بدء سريان ما سمته "مدونة السلوك الوظيفي" بعد أن صادق عليها رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، وهي أعلى سلطة سياسية في الجماعة.

وتتكون المدونة من 36 صفحة تلزم كل الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتها بقواعد سلوك تفرض على الجميع.

وأثارت هذه المدونة انتقادات واسعة في أوساط الموظفين والسياسيين والناشطين داخل المناطق التي تسيطر عليها الجماعة وخارجها.

واعتبر ناشطون وسياسيون لمدونة "إعلان رسمي لإخضاع المجتمع بالقوة والإكراه لقيم الجماعة واستكمال تطييف الوظيفة والشأن العام وجعله لوناً واحداً"، وتجاوزاً للدستور الذي يتعارض معها. 

ما مضمون المدونة الحوثية؟

تستهل المدونة بآيات من القرآن، تليها صورة لزعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي، مرفقة بكلماته عن السلوك الوظيفي، يليها تبرير من مهدي المشاط لأسباب إصدارها، وهي "الاعتزاز بهويتنا الإيمانية وتعزيز مسار تصحيح أداء مؤسسات الدولة وكادرها الوظيفي في مختلف المستويات". 

وترتكز المدونة بحسب المشاط على "عهد الإمام علي لمالك الأشتر"، وهو رمز ديني تاريخي لدى الجماعة، وخطابات ومحاضرات زعيم الحوثيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب الوثيقة التي اطلعت "اندبندنت عربية" على نسخة منها، فإنها ملزمة لجميع الموظفين الحكوميين في كل المؤسسات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وتفرض المدونة عليهم توقيع تعهد خطي بالتزامها على أن يحفظ هذا التعهد في ملفه الوظيفي. وتنص على حظر تواصل الموظفين مع وسائل الإعلام أو نشر "أي إشكاليات إدارية وعملية أو بيانات ومواد على وسائل التواصل الاجتماعي". وتمنع المدونة الموظفين من التواصل مع وسائل الإعلام التي تعتبرها "معادية ومشبوهة".

أدلجة

وتطالب المدونة جميع العاملين بـ"حمل الروح الثورية والمشاركة في إحياء المناسبات الدينية والوطنية"، ويقصد بذلك تبني خطاب الميليشيات وحضور مناسباتهم الدينية. 

وبحسب الديباجة سيصبح كل موظف، بموجب (مدونة السلوك الوظيفي)، ملزماً بالاشتراك بكل احتفالاتهم ومسيراتهم.

 

وتبني كل مواقفهم السياسية مع الإيمان بالولاية والاشتراك في كل دوراتهم الثقافية، والالتزام بعدم ممارسة أي نقد، سواء في وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي.

غير دستوري

وقال إبراهيم الجرفي، وهو موظف في جامعة محلية، إنه لن يوقع على أي تعهد غير منصوص عليه في دستور الجمهورية اليمنية أو في قانون الخدمة المدنية، مضيفاً، "أنا على أتم الاستعداد للتخلي عن الوظيفة، ولا أوقع على صك العبودية الوظيفية الوارد في المدونة".

ويعد التوقيع على هذه المدونة شرطاً لتوظيف أي شخص أو لبقائه في وظيفته، ومن سيخالف سيتعرض للعقاب الرسمي.

 

وأشار نائب مدير مركز البحر الأحمر للدراسات الاستراتيجية حسين الصادر إلى أن "مدونة السلوك الوظيفي الحوثية تحمل عدة معانٍ، أولاً إلغاء الدولة واللوائح والقوانين والأنظمة، ثانياً وجود عبدالملك الحوثي على صورة الغلاف يعطي انطباعاً بالتبعية المطلقة والطاعة العمياء بعيداً من أي لوائح".

وأضاف، "مدونة السلوك تعطي انطباعاً عن الفاشية الجديدة والتبعية المطلقة، وهي ضمن برنامج مطول لأدلجة مناطق سيطرة الحوثي أدلجة كاملة وخضوعها لثقافة كهنوتية وطاعة عمياء". 

وأكد الصادر، "الميليشيات تمضي في زرع الأيديولوجيا الطائفية، بداية من التعليم والمناهج، وحتى الجامعة، مع أنشطة مكثفة للنشء والشباب ذكوراً وإناثاً تحت ما يسمى المعسكرات الصيفية، وما يطلق عليها الذكريات والموالد النبوية".

ولفت إلى أن هذا يطرح مزيداً من العبء في المستقبل على اليمنيين، و"سيرفع من كلفة إزاحة الانقلاب، ويضعنا أمام تحديات جديدة تتعلق باستعادة الدولة، وربما استدامة الصراع في البلاد". 

وتابع، "هناك جيل مؤدلج سيكتمل نضوجه بعد بضع سنوات، وسيكون في مواجهة مع اليمنيين، وسيرفع كلفة عودة اليمن إلى وضعه الطبيعي".

آخر مسمار في نعش الجمهورية

وقال رئيس المكتب السياسي السابق لجماعة الحوثي صالح هبرة على صفحته بـ"فيسبوك" إن مدونة السلوك الوظيفي بمثابة إعلان الوداع، وآخر مسمار في نعش النظام الجمهورية. 

وأضاف، "انتقد الحوثي بعض المضايقات في حرية التعبير فألغينا حرية التعبير كاملة، وكما كنا ننتقد التحصيلات والجبايات التي كان يقوم بها النظام السابق، أتينا وأخذنا الجبايات على صاحب (الآيس كريم) وفرضناها على (روث الحيوانات)، وأنشأنا قطاعاً يتاجر بأموال الدولة وموارد الشعب".

وفي أول تعليق رسمي من حكومة الميليشيات في صنعاء قال وزير إعلامها ضيف الله الشامي إن من يشنون هجوماً على المدونة إنما مشكلتهم "مع الله" وليس مع الجماعة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير