العام الدراسي الذي بدأ منذ أسابيع في اليمن غير كل الأعوام السابقة في مناطق سيطرة الحوثيين، فمع دخول الحرب عامها السابع، قامت سلطات الميليشيات بتعديلات جوهرية في الكتب المدرسية، خاصة مناهج المرحلة الابتدائية والأساسية، ولم يقف الأمر عند هذا، بل عملت الجماعة على حذف دروس تتعلق بذكرى 26 سبتمبر (أيلول)، وهي ذكرى الثورة اليمنية التي قامت ضد حكم الإمامة في 1962.
رافق تلك التغييرات صوت من السخط والاستياء الشعبي خوفاً من تحويل الكتاب المدرسي إلى ملازم لأفكار عقائدية منحازة ووسيلة لاستقطاب الطلاب وتجنيدهم.
وعمدت الجماعة منذ انقلابها في سبتمبر 2014، وسيطرتها على العاصمة صنعاء، إلى تغيير كل مناحي الحياة في المناطق الخاضعة لسيطرتها بما يتوافق مع سياستها وأفكارها، وأوكلت مهمة التعليم في البلاد إلى شقيق زعيم الميليشيات يحيى الحوثي، الذي بدوره عمل على تغييرات كبيرة شملت القطاع الإداري وقطاع المناهج في مؤسسات التعليم.
شقيق عبدالملك وزيراً للتعليم
عمل الحوثيون في أول حكومة لهم على تعيين شقيق عبدالملك الحوثي قائد التنظيم، يحيى بدر الدين وزيراً للتربية والتعليم، إذ يعد من أكثر الشخصيات في الميليشيات تعصباً لفكرة الفصيل الدينية.
وعملت الميليشيات عقب اجتياحها صنعاء على إلزام الطلاب ترديد شعاراتهم "الصرخة" في المدارس صبيحة كل يوم دراسي، وهو الشعار الذي تردده الجماعات الدعومة من إيران ويعبر عن الكراهية تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل، ونظمت في المدارس مناسبات الدينية كيوم عاشوراء، ويوم الولاية، ويوم القدس، وعيد الغدير، ويوم 21 سبتمبر، وهو ذكرى انقلابها على الشرعية اليمنية. وكذلك الفعاليات السياسية والعسكرية، إذ تبث داخل المجمعات الدراسية كلمات زعيم الميليشيات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب نموذج عملوا على توزيعه منذ بداية العام الدراسي، حصلت "اندبندنت عربية" على نسخة منه، تضمن النموذج فقرات إذاعية متنوعة تدعم خطاب الميليشيات في عملية التعبئة العامة، والترويج العميق لفكرة مشروعها، والدعوة لتحشيد المقاتلين إلى جبهات القتال، خصوصاً الجبهات الشمالية "الجهة الحدودية مع السعودية".
تصحيح أخطاء مطبعية
في المقابل، نفى وزير التربية والتعليم في كيان الميليشيات السياسي أي تغيير من هذا النوع، معتبراً أن ما تم استحداثه هو تصحيح لأخطاء في الطبعات السابقة.
وقال في لقاء تلفزيوني بثته القناة التعليمية التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء، "قمنا بعملية تصويب الأخطاء المطبعية والعلمية في المناهج الدراسية في السنوات السابقة، خاصة في التعديلات التي تمت بعد عام 2011، التي تمت بسرية تامة، ولم ينتقدها أحد على الرغم من الخطورة الكبيرة فيها".
وأضاف، "عملية التصحيح لتلك الأخطاء في المناهج الدراسية تم من قبل اللجنة العليا للمناهج التي تمثل كافة الأطراف السياسية، باستشارات من متخصصين وأكاديميين في جامعة صنعاء، ومركز البحوث والتطوير التربوي وكبار موجهي المواد في قطاع المناهج والتوجيه".
وتصف الأطراف المناوئة للحوثي التغييرات بـ"المنهجية والطائفية"، إذ يشدد يحيى اليناعي، المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين، على أن الحوثي "يعمل على تغيير المناهج الدراسية بمفاهيم طائفية وتعابير مذهبية ضيقة".
وأضاف، "من خلال عملية تغيير المناهج كل عام، تعاظم نفوذ السياسات الدينية المذهبية في التعليم، باتجاه تشكيل هوية طائفية عابرة للحدود الوطنية ومرتبطة بالسلطة الحاكمة في إيران".
وأكد أن الجماعة الحوثية عبر المناهج التعليمية تعيد كتابة التاريخ الذي تؤمن به، لا ما يؤمن به اليمنيون كالحديث عن دولة طبرستان، وهي دولة علوية قديمة شمال إيران، وتسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي، بحسب اليناعي.
واستطرد قائلاً، إن "الجماعة تسعى لإدخال أيديولوجية الفكر الخميني وعقيدة ولاية الفقيه إلى اليمن عبر التعليم ونشر توصيفهم المذهبي والطائفي للصراع والحرب التي فرضوها على اليمنيين منذ 7 أعوام فائتة، بما يضع الصراع في إطار حرب مقدسة ضد من يعدونهم أعداءً في الدين، وليسوا خصوماً في السياسة".
ويقول نائب وزير التربية والتعليم علي العباب، إن الوزارة في الحكومة الشرعية "تتابع بأسى بالغ ما تقوم به المليشيات من تحريف للمنهج بناء على أفكار طائفية ليس للمجتمع اليمني بها صلة مطلقاً"، وأضاف "قمنا بمخاطبة كل المنظمات الدولية المعنية ومنها منظمة اليونسكو والتي بدورها أدانت مع عدد من المنظمات المحلية والدولية ما أقدمت عليه المليشيات من تغييرات في المناهج التعليمية، واستبدالها بمناهج تكرس التوجهات الطائفية".