Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفاقم فضيحة "أطفال السرطان" في صنعاء

الحكومة الشرعية تحمل الحوثي مسؤولية الانتهاك وتدعو المنظمات الدولية للتحرك

الطفل إسماعيل الخولاني أحد ضحايا التسمم (عائلة الطفل)

كشفت مصادر طبية عن ارتفاع ضحايا الدواء المنتهي إلى 20 حالة وفاة حتى مساء الجمعة، فيما لايزال 30 آخرون في العناية المركزة يتلقون العلاج اللازم في عدد من مستشفيات صنعاء، في الوقت الذي لم تعترف الميليشيا الحوثية إلا بوفاة 10 أطفال فقط.

التلاعب بتاريخ الانتهاء

وفي اتهام رسمي صريح، حملت الحكومة الشرعية، اليوم السبت، ميليشيا الحوثي "المسؤولية الكاملة عن وفاة أكثر من 18 طفلاً من مرضى سرطان الدم".

وقالت الحكومة على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ"، "إن التقارير تؤكد أن ميليشيا الحوثي قامت بتوزيع جرعة من الأدوية منتهية الصلاحية، كانت قد حصلت عليها كمساعدة مجانية من منظمة الصحة العالمية وجهات مانحة أخرى، وباعت جزءاً منها وخزنت كميات أخرى لفترات طويلة، قبل أن تقوم بالتلاعب بتاريخ الانتهاء وتوزيعها على المستشفيات".

وحذر الوزير اليمني السكان القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا المدعومة من إيران من استمرار "ميليشيا الحوثي في وضع العراقيل أمام وصول الأدوية المقدمة مجاناً من المنظمات الدولية لعلاج الأمراض المستعصية بما فيها مرض السرطان وبيعها في السوق السوداء لجني أرباح طائلة، وفتح المجال لشركات الأدوية المهربة التي تملكها قيادات حوثية، الذي أدى لمضاعفة معاناة المرضى".

وطالب "المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية بفتح تحقيق عاجل في الحادثة، وملاحقة ومحاسبة المتورطين فيها، ووقف القيود والتلاعب الذي تمارسه ميليشيا الحوثي بالمنح العلاجية، وعمليات تهريب الأدوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية عبر شركات تملكها قيادات حوثية".

صيدلية خاصة

وفي أول رد فعل منهم، حمل الحوثيون المسؤولية لإحدى الصيدليات الخاصة التي اتهموها ببيع علاج مهرب لمرضى السرطان ملقين باللائمة على من هرب الدواء، مخلين مسؤوليتهم المباشرة عنها.

وقالت وزارة الصحة في حكومة الحوثيين المنقلبة (غير معترف بها)، أمس الأول الخميس، إن 19 طفلاً في مستشفى الكويت يعانون من سرطان الدم تتراوح أعمارهم بين ثلاث و15 سنة، تعرضوا لمضاعفات إثر تلقيهم دواء تم تهريبه إلى صيدلية خاصة.

10 أطفال فقط

وبعد مضي نحو ثلاثة أسابيع على حقن الأطفال بالعقار المميت وعقب بروز القضية على مستوى الرأي العام والإعلام، أعلنت وكالة أنباء "سبأ" المنتحلة من قبل الحوثيين، عن وزارة الصحة العامة والسكان في صنعاء، عن "وفاة 10 أطفال (تراوح أعمارهم بين ثلاث و15 سنة) من المصابين بأورام الدم" إثر "تلقيهم دواءً هرب إلى صيدلية خاصة" بعدما "شحت قدرات الوزارة على تأمين بعض الأدوية الحيوية لهم".

نتيجة طبيعية

وذكرت الوزارة الحوثية أن إجمالي الأطفال الذين حقنوا بالدواء المهرب وشعروا بأعراض جانبية هو 19 فقط، في حين أكد أهالي الضحايا وناشطون ووسائل إعلام محلية مستقلة بأن الحادث أسفر عن وفاة 18 إلى 20 طفلاً.

 فيما يرقد 45 طفلاً تلقوا العقار في غرف العناية المركزة وسط تأكيدات بأن أعراضاً جانبية قوية ظهرت على جميع الأطفال في اليوم التالي، بينها الصداع الشديد والتشنج والدخول في غيبوبة.

واعتبرت أن الحادث نتيجة طبيعية لسوء الإدارة والاستهتار بحياة اليمنيين من قبل مسؤولي الصحة في الحكومة الحوثية التي تدير مستشفى الكويت العام الحكومي.

والجمعة، زار وزير الصحة في حكومة الحوثيين، طه المتوكل، وعدد من قيادات الوزارة، مركز "اللوكيميا" في مستشفى الكويت لأول مرة منذ وقوع الحادث في محاولة لإظهار الاهتمام عقب تنامي حالة السخط الشعبي ضد الممارسات الحوثية التي بلغت حد "إزهاق أرواح اليمنيين بدم بارد" حد وصف الناشطين والحقوقيين.

تحقيق دولي

وعبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عن إدانتهم وحزنهم على الكارثة وحملوا الحوثيين مسؤولية الحال الإنسانية المريعة التي وصل لها ملايين اليمنيين على نحو لم يشهد له التاريخ مثيلاً، كما أعربوا عن حزن مضاعف كون الضحايا من الأطفال الذين يعانون بشكل إضافي جراء إصابتهم بالسرطان.

على الصعيد الحقوقي، طالبت ثلاث منظمات حقوقية يمنية، هي، منظمة سام للحقوق والحريات، والمركز الأميركي للعدالة، ومنظمة جسور، في بيان مشترك، بـ"تحقيق دولي عاجل" في "وفاة وإصابة عشرات الأطفال" المصابين بالسرطان بعد إعطائهم أدوية "منتهية الصلاحية وفاسدة" و"غير معلومة التركيبة" في مستشفى يديره الحوثيون.

وخاطب البيان الحقوقي المجتمع الدولي "لا سيما منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)" فحص ملابسات الحادث بالتعاون مع خبراء صحيين يمنيين يتمتعون بـ"الخبرة والاستقلالية"، معتبراً إلقاء مسؤولي الصحة الحوثيين اللوم على ما وصفوه بـ"العدوان" بمثابة "محاولة غير أخلاقية للتنصل من المسؤولية القانونية عن هذه الجريمة التي يجب أن يحقق فيها طرف محايد".

تعرض قرابة 19 طفلاً من مصابي سرطان الدم في صنعاء التي تخضع لسيطرة ميليشيات الحوثي للتسمم جراء جرعات علاج فاسدة.

وقالت مصادر طبية لـ"اندبندنت عربية"، إن أكثر من 12 مريضاً من إجمالي المرضى توفوا نتيجة الحقن غير الصالحة التي استخدمت معهم في مستشفى الكويت بالعاصمة اليمنية.

وأضافت المصادر، أن عشرات الأطفال المصابين بسرطان الدم تم حقنهم بأدوية منتهية ومهربة في مستشفى الكويت الجامعي، نقلوا على أثرها إلى قسم العناية المشددة في عدد من المشافي توفي منهم 12 طفلاً، فيما لا يزال البعض في تلك المشافي وبحالة حرجة.واعرفت ميليشيات الحوثي بالحادثة، إن الأطفال تتراوح أعمارهم بين 2 إلى 15 سنة، 10 منهم توفوا فيما ظل واحد في حالة حرجة، وثمانية يعانون من مضاعفات خفيفة.

تشتيت الكارثة

وقال أقرباء بعض الأطفال الضحايا لـ"اندبندنت عربية" فضلوا عدم ذكر أسمائهم، إنه بعد حقن أطفالهم بجرعات منتهية ومهربة "ساءت حالة الأطفال الصحية، فيما عملت السلطات الصحية الخاضعة لسلطة الحوثيين على توزيع الأطفال على جميع المشافي التي تخضع لسلطتها، بهدف تفريق الآباء وعدم لفت الرأي العام".

واطلعت "اندبندنت عربية" على تصاريح خروج بعض الأطفال من المشافي بعد وفاتهم.

وقالت الميليشيات إن عبوات الأدوية المستخدمة بها تلوث بكتيري.

الطفل إسماعيل أحد الضحايا

الطفل إسماعيل محمد صالح الخولاني "12عاماً" من محافظة إب، وسط اليمن، أحد الضحايا الأطفال الذين فارقوا الحياة بعد أن أخذ جرعة في الـ24 من سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد سنوات من تضحية أسرته بكامل ما لديها مقابل علاجه.

يقول والد الطفل إسماعيل لـ"اندبندنت عربية"، إن طفله الذي يعاني مرض سرطان الدم، كان "يتلقى العلاج في مستشفى الكويت منذ خمس سنوات وقد تماثل للشفاء وكانت حالته الصحية جيدة مكنته من العودة إلى المدرسة، وإنه تبقى له جرعة استكمالية واحدة فقط بحسب ما قاله الأطباء المشرفون على حالته". 

وأضاف "في الـ24 من الشهر الماضي وصل إلى العاصمة صنعاء بهدف عمل الجرعة الاستكمالية لطفله، إلا أن المضاعفات كانت على غير العادة، فأثناء طريقنا للعودة للبيت أصيب الطفل بصداع وغثيان شديدين على غير العادة، تواصلنا مع الطبيبة المعالجة وأخبرتها بالمضاعفات، لكنها ردت قد تكون بسبب الجرعة وسجلت له مهدئات وعلاجاً، ولكن حالته كانت تسوء يوماً بعد يوم، وبعد ثلاثة أيام من تناول الجرعة العلاجية للطفل اتصلت الطبيبة. وقالت لنا أرجعوا الطفل إلى المستشفى في صنعاء على وجه السرعة بينما نحن في محافظة إب، لتفاجئنا أن الجرعة التي أخذها ولدي منتهية". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن المشكلة كانت قد تفاقمت بعد أن تواصلوا بأولياء أمور الأطفال الذين كانوا قد غادروا المستشفى بعد حقنهم بتلك الجرعات المنتهية يومي 24 و25 من الشهر الماضي.

ويواصل والد الطفل إسماعيل حديثه، وصلنا المستشفى بينما الطفل كان قد دخل في غيبوبة، وفور وصولنا أخذوه إلى العناية المركزة، وبعدها تم تحويله مع عدد من الأطفال إلى مستشفيات مختلفة ومتفرقة، تفادياً لرد فعل أولياء الأمور، بحسب تفسيره.

تنصل من الكارثة 

ويوضح والد إسماعيل "في الـ28 من الشهر الماضي توفي طفلي إسماعيل في مستشفى فلسطين للأمومة بالعاصمة، وأصدروا لنا تصريح خروج مريض على الرغم من وفاة الطفل، ولم يكن تصريح خروج جثة في محاولة للالتواء على الوفاة وعدم الاعتراف بها، حتى لا يتحملوا التداعيات القانونية عن الوفاة وأسبابها، ولم يتخذوا أي إجراء ولم يصدروا تقريراً بسبب الوفاة، مما اضطررنا لأخذ الجثة ودفنها من دون أي اعتراف أو الحصول على تقرير عن حالة الوفاة أو حتى شهادة وفاة".

ويؤكد والد الطفل، الآن بعد أن بدأ الإعلام ينشر عن هذه الكارثة أنه تم التواصل مع الآباء من قبل مدير مكتب وزير الصحة في سلطة الميليشيات كل على حدة. وقال "لا ترفعوا قضية، القضية قضيتنا وسنحاسب المسؤولين، أنتم اذهبوا إلى بيوتكم من دون أن تثيروا القضية ونحن نقوم بالواجب".

مطالبات بالتحقيق 

المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، اتهمت سلطات الحوثيين في صنعاء بالتستر على الجريمة ومنع نشر أي معلومات عنها، مطالبة المنظمات الدولية بالنزول الميداني إلى مستشفى الكويت وإجراء تحقيق مستقل حول الجريمة، وإحالة المتورطين للقضاء ومحاكمتهم.

وفي ظل صمت الحوثيين على الحادثة، أصدرت الهيئة العليا للأدوية تعميماً بعد مرور أيام على الحادثة، ينص على منع استخدام الصنف methotrexate التابع لشركة Celon الهندية وهو الدواء المنتهي الذي تسبب في كارثة مركز اللوكيميا بمستشفى الكويت.

من جانبها قالت نقابة "ملاك الصيدليات"، إنها على علم بكارثة موت أطفال مصابين بالسرطان. 

واستغربت النقابة عدم شروع سلطة الميليشيات في صنعاء ممثلة في النيابة المتخصصة والنائب العام في التحقيقات.

وقالت النقابة، إن الملف لم يحل للنيابة بحكم أنها قضية مهنية، وهذا صحيح ما لم يكن هناك جريمة أو جناية، لكن بوفاة الأطفال أصبح المجلس التأديبي الصحي غير كاف، لذا لا بد من تحويل الملف للنائب العام ليوجه بالبدء بالتحقيقات.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي