عودة الغموض اللذيذ في الموسم الثاني من "وايت لوتس"

المشكلة في مشاهدة التلفاز كجزء من العمل الوظيفي أنها قد تخلو من المتعة أحياناً، لكن الحال مختلف مع مسلسل "وايت لوتس"، فعند عرض الموسم الأول من كوميديا مايك وايت السوداء في الصيف الماضي ذهل الناس وارتفع شأن ثيمة العمل التي ينظر إليها على أنها ثيمة مستهلكة (جريمة قتل في منتجع فاخر) ليحتل المسلسل مكانة التحفة الفنية الهجائية، والآن يعود العمل مع طاقم جديد بالكامل تقريباً ولينتقل التصوير من هاواي إلى الشواطئ المشمسة في صقلية، ولكن لا تقلقوا فلا يزال المسلسل يحافظ على طابعه الغامض اللذيذ (وغير المسالم) مثل نظيره مسلسل "الهادئ" Pacific.

وقصة المسلسل بسيطة تدور حول حدث فظيع تنجم عنه حالات موت عدة في فندق من فئة خمس نجوم، وتعود الأحداث في الموسم الجديد لمدة أسبوع سابق لنشاهد عائلات مختلفة وأزواجاً ينزلقون إلى الفوضى، فيما تبقى هواجسنا مشغولة بمعرفة من سينتهي به المطاف جثة. ويمكن أن نطلق على هذا النوع من الدراما التلفزيونية اسم "من الضحية التالية؟" والشخصيات الأبرز لهذا الموسم مجموعتان من الشباب المترفين، كاميرون (ثيو جيمس) وإيثان (ويل شارب)، وهما زميلا سكن في الكلية تحولا إلى رجلي أعمال ناجحين، وهما يقضيان عطلات مع زوجتيهما، دافني المبتسمة (ميغان فاهي) وهاربر الباردة والعصبية (أوبري بلازا). لكنهم ليسوا وحدهم في المسلسل، فهناك ثلاثة أجيال من آل دي غراسو (جد إف موراي أبراهام البطيء بيرت، ودومينيك مايكل إمبريولي المدمن على الجنس، وآلبي ابنة أخت آدم ديماركو خريجة ستانفورد، يعيدون الاتصال بجذورهم الصقلية ويتذوقون الثقافة المحلية، وبالطبع لدينا أيضاً شخصية تانيا التي تؤديها جينيفر كوليدج. 

"في كل مرة أنزل فيها في فندق وايت لوتس أقضي وقتاً لا ينسى"، تقول تانيا بنبرة تنذر بالخطر.

ولا تزال تانيا التي ظهرت سابقاً في هاواي تخطو متثاقلة بجانب غريغ (جون غريس) الذي تعيش معه الآن في زواج غير سعيد، وهناك أيضاً بورشيا (هالي لو ريتشاردسون) مساعدة تانيا. 

لقد أهدرت نصف عدد كلماتي حتى الآن ولم أذكر حتى السكان المحليين، سيمونا تاباسكو في شخصية لوسيا (منظور إيطالي للغاية لمومس بقلب من الذهب)، وصديقتها المغنية ميا (بياتريس غرانو)، ومديرة الفندق الهائل فالنتينا (سابرينا إمباكاتوري). 

خذوا نفساً الآن، إنه طاقم عبقري يجمع بين السطوة الكوميدية غير المشكوك فيها وبين القطع الدرامية، وأفضل إطراء يمكن تقديمه لمسلسل وايت لوتس هو أن المشاهد لا يكترث أبداً بأي خطوط الحبكة يوجد على الشاشة، سواء كان الأمر يتعلق بالباردين جنسياً هاربر وإيثان وهما يتساءلان "ما الأمر مع الانتصاب؟"، أو يتعلق بحديث بيرت عن العلاقة الحميمة لكبار السن (إنه قضيب وليس غروب شمس)، أو بفالنتينا وهي تطارد لوسيا في أرجاء الفندق قائلةً (إنها عاهرة سريعة)، فالعرض برمته بهجة محضة.

يمثل وايت لوتس تقريباً نوعاً درامياً في حد ذاته، على الأقل في التلفزيون الحديث، ولآلان آيكبورن آراء عن كيف تنحدر الكوميديا اللائقة إلى مستوى المهزلة، وهذا الموسم الجديد يحتضن المناظر الطبيعية الصقلية إلى درجة جديرة بالثناء. بكم من الطرق السلبية والعدوانية يمكن بها قول كلمة "بريغو" [تعني أهلاً وسهلاً بالإيطالية]؟ هل يتسبب مشروب البروسيكو بالغازات المعوية أكثر من الشمبانيا؟ هل هناك ما هو إيطالي أكثر من غصة جينيفر كوليدج بحشرة وركوب الجزء الخلفي من دراجة فيسبا للتنزه عبر جبال سيكاني؟ 

يقدم العرض أفضل هجاء لعصرنا الراهن بكل ما فيه من السياسات ذات الطابع الجنسي المحيرة لأولئك الذين هم في العشرينيات من العمر ("لا أعتقد أنك يمكن أن تجعل شخصاً ما يشعر بعدم الارتياح"، تقول بورشيا" للفتاة اللطيفة "ألبي"، ربما يمكنك الذهاب قليلاً في الاتجاه الآخر" إلى رهاب تغير المناخ (نحن جميعاً نسلي بعضنا بعضاً بينما يحترق العالم"، يقول هاربر)، من خلال تلميحات ترحيبية بأن مسلسل تيد لاسو Ted Lasso مخصص للحمقى.

 لا شيء يلتقط عبثية الخطاب الحديث أفضل من هذا المسلسل، وببساطة لا يوجد شيء أكثر متعة لمشاهدته على شاشة التلفزيون الآن من مشاهدة "وايت لوتس". لماح ومثير بمشاعر فنية تركز بلا هوادة على إرضاء الجمهور مثل تلفزيون الواقع، وهذا المسلسل يفيض باللذة مثل وعاء كبير من السباغيتي أل فونغولي. شكراً [بالإيطالية] (بريغو).