Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أغاني هزت جماهير كرة القدم في العالم

تعتبر الأعمال التي قدمتها الفنانة الكولومبية من الأعلى مشاهدة في التاريخ

شاكيرا خلال افتتاح كأس العالم في جنوب  افريقيا (أ ف ب)

لم تعد الملاعب الرياضية لكرة القدم داخل منتديات كأس العالم مجرد فضاءات رياضية، بقدر ما أضحت ذات دلالات فنية وجمالية ومختبراً حقيقياً، تلتقي فيه عديد من الفنون التي تتمازج في ما بينها لتكون خليطاً جمالياً يضاعف من حرارة الجمهور تجاه المباراة. 

ذلك أن الملاعب أصبحت متعددة الرؤى ويمزج فيها غالباً الرياضي بالتجاري والفني بالجمالي، مما يفسر الإقبال الجماهيري الكبير على مباريات كأس العالم والتطلع الدائم للمتفرجين، من أجل السفر صوب هذه الملاعب حيث تقام المباريات. 
فقد أضحت ملاعب كرة القدم كرنفالاً بصرياً زاخراً بالموسيقى والغناء والرقص واللوحات الفنية، يحضرها نجوم السينما وقدماء اللاعبين والمغنون والسياسيون من مختلف دول العالم.
لذلك تبدو اليوم أحداث كأس العالم في نظر بعض الرياضيين أشبه بصناعة فنية تقود الجماهير، صوب أمكنة ساحرة يختلط فيها المرئي باللامرئي. وتعكس في باطنها لحظات الفرح والانتصار والأمل. 
ولم يتوقف عامل الجمال والزينة البصرية على اللاعبين فقط، بل نعثر على الجماهير وقد تراصت على المدرجات في انتظام، وهي تنظر باهتمام صوب ملاعب خضراء بديعة في حلتها وترتدي ثياباً موحدة للفريق الوطني المفضل. 
انطلق أول كأس العالم عام 1930 بالأوروغواي، حيث اعتمد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، كل أغنية خاصة بالمونديال تتميز بخصائص محلية، مع إعطاء قيمة كبرى للغة الإنجليزية حتى يفهمها الناس ويسهل ذيوعها في العالم. 
حتى أصبحت هذه الجماهير العالمية تتوفر على مجموعة من الأغاني الخاصة بها. فاستمر هذا التقليد الرياضي طيلة مونديالات كأس العالم منذ عام 1962 في تشيلي، فغدت هذه الأغاني فولكلوراً فنياً مهماً، له طابع التداول والاهتمام والذيوع في مختلف دول العالم. 

المونديال... صناعة فنية

حظيت بعض أغاني المونديال بشهرة واسعة، جعلتها باقية في وجدان العالم. فبينما ينسى الجمهور نتيجة المقابلة وأهم فرقها وجماليات أهدافها في شباك الخصم، تظل هذه الأغاني الاحتفالية منطبعة في الذاكرة وتسمع على مدى سنوات. 
فمن لا يستمع بين الفينة والأخرى إلى أغنيتي "واكا واكا" و"بامبو" للمغنية الكولومبية شاكيرا بتعاون مع الملحن والمنتج والموسيقي المغربي ريدوان.

 


يقول الكاتب أحمد إبراهيم "مع مرور الوقت وتطور اللعبة بقوانينها ولوائحها التي زادت من روعتها وإثارتها... أصبح لكل بطولة أغنية رسمية وهي في الغالبية للدعاية قبل أي شيء، إلى جانب كونها ترفيهاً للجماهير وتزيد من الحماس والمتعة أثناء الرقص على أنغامها، ومنها ما خرج عن نطاق كونها أغنية لكأس العالم لتتحول أغنية جماهيرية يتغنى ويتراقص عليها محبو الفن".
إن هذه الأغاني تجاوزت كونها أغاني المونديال، بعد أن أصبحت تغنى في كل المناسبات وتسمع خارج السياق الرياضي الذي تبلورت فيه، مما يجعلها في طليعة الأغاني التي تترك أثراً في ذاكرة الناس ووجدانهم وتظلل سيرة وجودهم وفرحهم طيلة أطوار المباريات داخل عدد من الملاعب الرياضية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


والحق أن غالب هذه الأغاني كانت ناجحة وتتميز عن بعضها بعضاً من الناحية الموسيقية. فكل أغنية تصور عديداً من الإيقاعات الموسيقية الخاصة بالبلد المنظم لكأس العالم، حتى غدت هذه الموسيقى ذات ميسم نوعي متجدد، حيث كل دولة تعمل جاهدة من خلال أغنية كأس العالم على التعريف بشكلها الغنائي ونمطها الموسيقي وتشرع في تأسيس صورة مميزة لها، انطلاقاً من جماليات الأغنية وحدة موسيقاها. 

سيرة الغناء والرقص 

يعتبر بعض الباحثين أنه في الملعب يتحرر اللاعب من كل قيوده الواقعية، فيغدو وجوده أشبه بأيقونة ساحرة أو بطل فيلم سينمائي في نظر المتفرجين. 
ولا شك أن لبعض اللاعبين قوة تأثير مدهشة على مجريات المباراة، سواء على مستوى مظهرهم الخارجي أو عن طريق الأهداف أو الإكليشيهات البصرية أو حتى رقصاتهم الساحرة لحظة تسجيل بعض الأهداف. 
فكل هذه الصناعة الفنية تثير في الجماهير فتنة المجهول وتدفعها إلى البحث عن متعة دفينة وعيش حياة مزدوجة مع اللاعبين. 
هذا الأمر زاد في الآونة الأخيرة من درجات وعي المؤسسات وفطنتها إلى هذه العلاقة الآسرة التي تطبع سيرة المتفرج بمجريات كأس العالم، وذلك من خلال اختيار أفضل المؤلفين والمغنين والعازفين للاشتغال على أغنية، تعد رمزاً فنياً وجمالياً رسمياً للمونديال بمختلف فقراته ومبارياته وتطلعاته. 
يقول الصحافي سعيد جودة "منذ نسخة كأس العالم في تشيلي عام 1962 بدأت ترتبط كل بطولة من البطولات بأغنية تطلق قبيل بداية المنافسات وترتبط بشكل أو بآخر بالدولة المنظمة، سواء من حيث الموسيقى المستخدمة أو باللغة التي كتبت بها أو بالرسالة التي يود البلد المنظم إيصالها من خلال الأغنية، والتي تتحول في ما بعد إلى جزء من تاريخ هذه النسخة تماماً مثل الشعار أو الملصق الرسمي للبطولة". 
وحرص الاتحاد الدولي لكرة القدم المعروف اختصاراً بـ"فيفا" على العناية بشكل أكبر بالجانب الترفيهي للمونديال، فقام طيلة مونديالات فرنسا وألمانيا وجنوب أفريقيا وإسبانيا وقطر والبرازيل، على تأجيج الجانب الفني لكأس العالم، باعتبار أن كرة القدم قد غدت فناً في نظر المدرب الفرنسي أرسين فينغر. 
وبالتالي، ينبغي التعامل مع كأس العالم على أساس أنه صناعة فنية، تضمر في طياتها أبعاداً جمالية تتجاوز كونها مجرد مباريات لكرة القدم.

"وقت حياتنا" (2006)... أداء هادئ 

تعد أغنية "the time of Our Live" التي أدتها المغنية الأميركية توني براكستون في كأس العالم بألمانيا عام 2006 مع فرقة ديفو، من الأغاني الهادئة في تاريخ أغاني كأس العالم. على رغم أنها لم تحظ بأي اهتمام يذكر من وجهة نظر الموسيقيين.
بعد أن نشرت هذه الأغنية في ألبوم "ليبرا" الخاص بموسيقى البوب تعجب الجمهور في ذلك الوقت من عزم "فيفا" على اختيار الأغنية الرسمية من نوع "البوب" الخاص بالأغاني الرومانسية، بعد أن عملت توني براكستون على إعطائها نفساً أوبرالياً وصبغة رومانسية حالمة، بعد الجدل الذي رافق هذه النسخة من كأس العالم، حين فاز الفريق الإيطالي بضربات الترجيح على خصمه الفرنسي.
أما على مستوى الافتتاح الرسمي، فقد خطفت أغنية "بامبو" التي غنتها المغنية الكولومبية شاكيرا قلوب الجماهير، لدرجة جعلت الأجيال اللاحقة تعتقد أنها الأغنية الرسمية لكأس ألمانيا، فحصلت على اهتمام كبير من عشاق كرة القدم أكثر من الأغنية الرسمية نفسها. 
وقد فسر بعض النقاد بأن ذلك يعود أساساً إلى البعد الاحتفالي الذي شكل معالم أغنية "بامبو" بسبب إيقاعها الأفريقي المذهل، الذي جعل كل من يستمع لها يفكر في الرقص. 

"واكا واكا" (2010)... سحر الإيقاع

مرة أخرى أخرجت الفنانة الكولومبية شاكيرا أغنيتها "واكا واكا" بمونديال جنوب أفريقيا عام 2010 من الطابع الإنشادي، بعد أن جعلتها أغنية حقيقية تتجاوز كونها مخصصة لكرة القدم، إذ حققت أزيد من ثلاثة مليارات مشاهدة. 
فقد قدمت صاحبة "لوكا" أداءً مبهراً لهذه الأغنية، بل كلما ذكرت أغاني كأس العالم تتبادر إلى الذهن أغاني شاكيرا ذات النفس الأفريقي، بعد أن شاركت في هذه الأخيرة فرقة فريشلي غراوند الأفريقية. 
حققت "واكا واكا" مساراً غنائياً مميزاً، إذ على رغم تعقد الموسيقى الأفريقية وتشعبها فإن شاكيرا جعلتها تنساب بشكل هادئ.

 


كما حاولت من خلالها وضع رقصات مغايرة، بلباس قصير ملون يظهر جماليات الزي الأفريقي. تقول شاكيرا عن فرقة فريشلي غراوند "تعلمت الكثير منهم على المستوى العام وفي الموسيقى بشكل خاص ومطربتهم الرئيسة لها صوت باهر ومميز، وهو ما شجعني شخصياً على الغناء مع هذه الفرقة الموهوبة".
تكاد "بامبو" تكون حدثاً استثنائياً لا ينسى، بعد أن رسمت شاكيرا ملامح حضارة أفريقيا بأكملها، فقدمت الأغنية وفق أسلوب البوب الشعبي المستند بدوره على نمط الموسيقى الأفريقية الخارجة من الأدغال والمليئة في أصواتها وإيقاعاتها الموسيقية بالقوة والفرح. 
ولم تقتصر شاكيرا على الأغنية بشكل منفرد، وإنما عملت إلى جانب الفرقة على الاهتمام بالجانب التصويري عن طريق الكليب، وهو ما أسهم في ذيوع صورها، بعد أن ظهر في الكليب عديد من نجوم كرة القدم البارزين آنذاك مثل: بيكيه، وداني ألفيس، وليونيل ميسي، وكارلوس كاميني وغيرهم. 
غدت هذه المقاطع أشهر الأغاني في تاريخ مونديالات كرة القدم، بعد أن قامت شاكيرا بأدائها في اليوم الأول من افتتاح كأس العالم عام 2010 أمام الزعيم الأفريقي الشهير الراحل نيلسون مانديلا. أما النسخة العربية فكانت بعنوان "شجع بعلمك" وقد أدتها المغنية اللبنانية نانسي عجرم رفقة الفنان الصومالي العالمي كنعان. 


وتعتبر هذه المشاركة لنانسي عجرم أول مشاركة عربية منذ تأسيس كأس العالم عام 1930 بعد أن اختارتها شركة "كوكا كولا" الراعي الرسمي لكأس العالم لكرة القدم.
تقول مخرجة الأغاني المصورة اللبنانية ليلى كنعان (1981) التي أخرجت ديو الأغنية "إن الأغنية تصور عشق الشعوب لكرة القدم وحماس وتفاعل الجماهير معها، فهي تنقل لنا طقوس وأجواء تشجيع كرة القدم في كل بلدان العالم من خلال راقصين يؤدون رقصات فلكلورية متنوعة من أميركا والبرازيل والأرجنتين وجنوب أفريقيا والشرق الأوسط. وصورت الأغنية في خمس دول عربية: سوريا والسعودية واليمن والإمارات ومصر".

"لا لا لا" (2014)... جدل فني 

في أغنية "لا لا لا" الخاصة بكأس العالم للبرازيل عام 2014 والتي أدتها شاكيرا مرة أخرى تكرر النجاح الذي لقيته "بامبو"، مقارنة مع أغنية "نحن واحد" للمونديال نفسه التي أداها كل من مغني الراب الأميركي بيتبول والمغنية الأميركية جينفر لوبيز والمغنية البرازيلية كلاوديا لايته، بعد أن تم تصوير الأغنية في ملعب أرينا كورنثياس في ساو باولو.

 


لكن بمجرد صدور الأغنية تلقى الفنانون نقداً لاذعاً بسبب غياب الهوية المحلية للغة البرازيلية داخل الأغنية، بخاصة أن المخرج في نظر بعض اللاعبين قد ركز فقط على الجانب السلبي في الفيديو كليب من خلال تصوير فتيات يرقصن عاريات على موسيقى السامبا البرازيلية، مما جعل البرازيليين يطالبون بجعل أغنية شاكيرا حدثاً غنائياً رئيساً لكأس العالم في البرازيل. 
في أغنية "نحن واحد" يظهر المغنون وهم يرقصون على نمط موسيقي متنوع، حيث قام المخرج داخل الكليب باقتناص لقطات تاريخية من دورات سابقة للمونديال. 
هذا الأمر أسهم في جدل كبير هذه المرة بين شاكيرا وبيتبول حول من سيحقق أعلى مشاهدات للكليب. 

"عالم واحد" (2018)... جماليات الصورة

قدمت أغنية "عالم واحد" لكأس العالم التي نظمت في روسيا من تأليف وتلحين وغناء المغربي ريدوان برفقة المغنية أدلينا وفرقة البوب العالمية "ناو يونايتد". 
وحرص ريدوان في أغنيته على تصويرها ببعض المدن المغربية مظهراً الجانب السياحي للبلد. يقول "حرصت على تصويرها بالمغرب، حتى أظهر للعالم أن بلدي به مناظر خلابة تستحق زيارة الملايين للاستمتاع بها". 
ويطغى على الأغنية النمط الموسيقي الذي عرف به ريدوان، والمتمثل أساساً في الإيقاع السريع والمستند أحياناً إلى الموسيقى الإلكترونية، هذا مع حرصه على الخروج بالأغنية على مستوى الصورة من أجواء الملاعب والجماهير الشعبية، صوب فضاءات المدينة والتركيز على أجواء الفرح بين الأطفال. 
لم تحصل الأغنية على أي نقد في روسيا أو خارجها، على رغم أن ريدوان جعل المغرب في قلب كأس العالم، لكنها حققت نجاحاً كبيراً بسبب جماليات إيقاعها العالمي، ولا سيما أن كلماتها باللغة الإنجليزية تدعو إلى توحيد العالم وتوطيد العلاقات الإنسانية من خلال كرة القدم داخل مونديال روسيا.


أغنية مونديال قطر


في المقابل، طرح الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أغنية جديدة "light the sky" لمناسبة "كأس العالم 2022" في قطر، وشارك فيها أربع من أشهر الفنانات في الوطن العربي وهن المغنية الإماراتية بلقيس، والنجمة المغربية الكندية نورة فتحي، والعراقية رحمة رياض، إضافة إلى كاتبة الأغاني المغربية منال. 
كما احتفى فيديو الأغنية بأول مشاركة لحكام إناث في بطولة كأس العالم، وذلك بإظهاره الحكمات الست اللاتي سيدرن بعض مباريات مونديال قطر 2022 ويساعدن في تحكيمها. وهن الفرنسية ستيفاني فرابارت، والراوندية سليمة موكانسانغا، واليابانية يوشيمي ياماشيتا، والبرازيلية نيوزا باك، والمكسيكية كارين دياز، إضافة إلى الأميركية كاثرين نيسبيت.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات