Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لوحات جاذبية سري تزين قصر النيل القديم في القاهرة

معرض استعادي للرسامة الرائدة على ضفة النهر العظيم

جدارية الحياة على ضفاف النيل بريشة جاذبية سري (خدمة المعرض)

كان من اللافت رؤية الحضور الكثيف للجمهور في قصر عائشة فهمي الكائن على نيل القاهرة، جمهور من الأعمار كافة جاءوا لرؤية أعمال الفنانة الراحلة جاذبية سري والاستمتاع في الوقت نفسه بطبيعة المكان، كان القصر ملكاً لإحدى الأسر القريبة من البلاط الملكي في مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين، وتخصصه وزارة الثقافة المصرية حالياً كفضاء للعروض المميزة، ويحظى القصر بفضاء خارجي يتيح إطلالة خاصة على نيل القاهرة مما يسمح لزائريه بالتقاط الصور، ولا شك أن المعرض المستمر على مدار شهرين كاملين يضفي على أجواء هذا القصر البديع بعداً آخر، فمحتوى اللوحات المعروضة بين أروقته وممراته تشتبك بصرياً مع طبيعة البناء الكلاسيكية المزدانة جدرانه وأسقفه الداخلية بالنقوش والزخارف، فيفرض كلاهما حضوره على أجواء العرض ويزيده رصانة.

تنظم الجامعة الأميركية في القاهرة هذا المعرض بالشراكة مع وزارة الثقافة المصرية تخليداً لذكرى هذه الفنانة الرائدة، ويضم المعرض مجموعة نادرة من الأعمال الفنية تمثل مجموعة اللوحات الخاصة التي تقتنيها الجامعة الأميركية في القاهرة ووزارة الثقافة المصرية، وتعد هاتان المجموعتان هما الأكبر بين أعمال الفنانة جاذبية سري الموزعة على عدد من المؤسسات الفنية، وإلى جانب هاتين المجموعتين يضم المعرض كذلك عدداً من المقتنيات الخاصة المنتقاة بعناية كي تعبر عن مسيرة هذه الفنانة، وهي مسيرة ممتدة على مدى سبعين عاماً.

 

افتتحت المعرض وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني وأحمد دلّال رئيس الجامعة الأميركية في القاهرة، بحضور الفنان خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة، ولفيف من الوزراء والسفراء إلى جانب عديد من الشخصيات العامة والفنانين والنقاد.

وتعد جاذبية سري التي تمر ذكرى رحيلها الأولى هذه الأيام واحدة من أبرز الفنانات الرائدات في مجال التشكيل في مصر، وخلال مسيرتها الفنية نظمت جاذبية سري لأعمالها أكثر من ستين معرضاً فردياً في مصر وخارجها، ويعد هذا المعرض هو الأول الذي يقام لأعمالها بعد رحيلها.

 

بين الأعمال التي يضمها المعرض مجموعة لوحات كانت الفنانة الراحلة قد أهدتها إلى الجامعة الأميركية في القاهرة على فترات متفرقة، واحد من هذه الأعمال يمثل جدارية كبيرة بطول عشرة أمتار تعود إلى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، تحمل الجدارية عنوان "الحياة على ضفاف النيل"، وهو عنوان معبر عن جانب مهم من تجربتها التصويرية، هذه التجربة التي التزمت خلالها التعبير عن الطبيعة البصرية لمصر وأهلها.

روح المكان

إن أعمال جاذبية سري لم تبتعد عن روح المكان والبيئة التي عاشت فيها، وهي من بين أبرز الفنانين المصريين الذين عبروا عن طبيعة الحياة الريفية والشعبية، كما أن رصدها لمظاهر التحول في هذه البيئة يعد إحدى السمات التي تخصها، شُغلت جاذبية سري لفترة بالزحف العمراني والتشوهات التي تطال المدينة وأطرافها، وظهرت البيوت في أعمالها كما لو كانت حاملة لروح ساكنيها، أو أنها كائنات ترنو في صمت كالمراقب من بعيد لما يحدث، كما كانت الفنانة الراحلة مشغولة أيضاً بالابتكار والبحث عن صيغ مناسبة للتعبير والبناء البصري المستلهم من بيئتها المحلية، كل هذه السمات الخاصة التي تمتعت بها أعمال جاذبية سري تجسدها هذه الأعمال المعروضة في قصر عائشة فهمي، التي ترسم مساراً ممتداً على مدار عقود لهذه التجربة الملهمة.  

 

فى لوحتها التي رسمتها في الستينيات من القرن الماضي تحت عنوان "الإنسان العربي الجديد" وهي أحد مقتنيات متحف الفن الحديث في القاهرة، عبرت جاذبية سري عن رؤيتها للمرحلة وللنهضة العربية المرجوة من طريق الرمز، الذي تجسد في الرجل المسيطر على المشهد بملامحه العربية وسواعده الفتية. تناولت جاذبية سري فى هذه اللوحة الخير وخصوصاً النماء الذي ينتظر المجتمع العربي المتحرر لتوه من قيود الاستعمار، وتزخر اللوحة بعناصر كثيرة تحمل دلالات العمار والنمو من البيوت إلى النخيل إلى درجات اللون الأخضر الذي لونت به جسد الرجل، الذي تطاول قامته عنان السماء، ذلك الكم المتدفق من الدلالات والرموز الموحية التي كانت تستخدمها جاذبية سري في أعمالها، اختزل مع الوقت ونضجت التجربة حتى استقرت هذه العناصر والرموز كإشارات عنيدة في لوحاتها اللاحقة، وتلك الجرأة التي لونت بها جسد الرجل لم تفارق لوحاتها وتجاربها البصرية التي تتابعت عبر سنوات عمرها، كما أن البيوت التي طالما عالجتها في مراحل مبكرة من تجربتها ظلت تتقدم حتى استقرت في الصدارة في مرحلة مهمة من مراحل تجربتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الفنانة جاذبية سري من مواليد عام 1925، وهي من خريجي مدرسة الفنون الجميلة عام 1948، عملت بالتدريس لسنوات في كلية التربية الفنية والجامعة الأميركية في القاهرة، تم تناول أعمال الفنانة الراحلة بالنقد والدراسة في كثير من الكتب والدراسات المنشورة بلغات مختلفة، كما أفردت الجامعة الأميركية بالقاهرة كتابا كبيراً عن أعمالها عام 1998، وصنفت ضمن عشرة فنانين من العالم الإسلامي في موقع الفن الإسلامي المعاصر التابع لمتحف متروبوليتان، واحتفت بأعمال جاذبية سري مؤسسات دولية بارزة من بينها المتحف الوطني لفنون المرأة في واشنطن ومعهد العالم العربي في باريس، كما أنها أول فنانة مصرية تعرض أعمالها في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة